شعوبنا العربية - بلا استثناء - بسيطة وبائسة ومحبطة، تذهب بها كلمة تخريف من أي «مجتهد» وتعود بها كلمة تخويف من أي بلطجي. تخلف هذه الشعوب، المزمن والكبير، هو الذي جعلها تُسلم رقابها لمن يضحك على دقونها ويوردها المهانات والمهالك والعيش الذليل المقيم، ونحن هنا في المملكة - كما أعلم وتعلمون - لم نزل نفتش في بطون الغيب عن ذلك المغرد (المجتهد) الذي قدم لنا نفسه على أنه الملاك الطاهر الذي يسجل أكثر من موقف مبدئي على حياتنا وحكومتنا ومستقبلنا المخيف، القريب والبعيد. يحاول أي (مجتهد) طارئ أن يضحك علينا كما ضحك علينا قبله مئات من المتكسبين من (غفلتنا) وسلامة نوايانا، يريدنا - أيا كان منبته ومصدره - أن نصدق إخلاصه لحياتنا ووطننا، وكأننا لم نتعلم المثل الذي يردده أجدادنا وآباؤنا بأن «كل يحوش النار لقريصه»، ولأننا لا نعلم شيئا عن حجم (القرص) الذي يحاول من (اجتهد) أن يكوم النار من أجل إنضاجه، فإننا سنكون إن استعرت النار أول حطبها وآخره. هذه هي الحقيقة التي تعلمناها ولم نزل نتعلمها من التاريخ القريب والبعيد، لذلك من المفترض ألا تغرنا الأجواء حين تهب بالريح الطيبة، فكم من ريح طيبة أعقبتها ريح تزكم الأنوف من عفانتها وغرائبية مطامعها ومطامحها، ويفترض أيضا، أن نستخدم عقولنا كلما كنا بإزاء حالة (اجتهاد) لنعرف صدقها من كذبها، فالكذابون في زماننا يتبارون في تزيين كذبهم وتصفيف (حقائقهم) ونظم أشعارهم التي تُطربنا لتنال منا، وعليه، فإن كل مواطن يتلقى رسائل (مجتهد) وكل مجتهد يحاول القبض على الحقيقة التي تكمن وراء هذه الرسائل ليكون بمقدوره - بعد ذلك - أن يقبض على المجتهدين المزيفين الذين يتوالدون في دهاليز تويتر مثل الأرانب التائهة.