فهد بن سعد ومسيرة عطاء    قلب الاستثمار.. حين تحدث محمد بن سلمان وأنصتت أميركا    فخر يُجسّد مكانة المملكة    السعودية.. أيقونة السلام وصناعة المستقبل    جمعية روماتيزم تستعرض خدماتها في معرض "إينا" في نسخته الثالثة    الرياض وصناعة القرار    الأهلي يتغلّب على الخلود برباعية    القبض على وافدَين لنشرهما إعلانات حملات حج وهمية ومضللة    القبض على مقيمين بجدة لترويجهم (1.6) كجم من (الشبو)    أمين الطائف يطلق مبادرة "راصد+ " لضبط تسرب لحوم الأضاحي من المشاعر    "الفيصل للبحوث" يناقش دور المملكة في المنظومات الإقليمية    وصول التوأم الملتصق الفلبيني "كليا وموريس آن" إلى الرياض    تعزيز سلامة الغذاء في موسم الحج    التعادل السلبي يحسم على لقاء الاتفاق وضمك في دوري روشن للمحترفين    برنامج "مداد" يثري مهارات كوادر السياحة والضيافة في جازان    البديوي يجدد موقف دول الخليج الداعم والمساند والثابت ل"الأونروا"    تجدد توترات ليبيا بعد اقتحام مقر الحكومة    110 آلاف حكم في القضايا العامة    ترمب يفشل في ترحيل الفنزويليين    المملكة تحصد (6) ميداليات فضية في أولمبياد الأحياء الدولي المفتوح 2025    أجياد تستعرض مشروع قاصد    71 عملية جراحية وقسطرة قلبية لضيوف الرحمن بالمدينة    أول مواجهة مباشرة بين الأمن السوري وداعش منذ سقوط الأسد    1.28 مليار نسمة مصابون بارتفاع ضغط الدم    إغلاق وضم مدارس بالمجاردة    التراث السعودي في المراسم الملكية: هوية ثقافية راسخة وقوة ناعمة عالمية    فلمبان يوثق مسيرة الفن السعودي    اختبارات نافس في 8 دول    السعودية: رفع العقوبات عن سوريا فرصة عظيمة لبناء التعافي    تايكوندو النصر والرياض يتقاسمان ذهب السيدات    كيف ترسم الصحة السكانية مستقبل المملكة    "أنعش قلبي".. نادي الشرق بالدلم يطلق مبادرة رياضية بمشاركة مشاة من مختلف المناطق    اختتام منافسات الجولة الأولى من بطولة السعودية تويوتا كسر الزمن 2025    غدًا.. الهلال يتوج باللقب في ختام الدوري الممتاز للكرة الطائرة    نائب وزير "البيئة": ارتفاع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج الإجمالي إلى (114) مليار ريال وحائل تساهم ب (10%)    سمو أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل تخريج 100 صحفي وإعلامي    وزارة الشؤون الإسلامية تبدأ باستقبال أول وفود الحجاج عبر منفذ البطحاء    توطين الصناعة خارطة طريق اقتصادي واعد    هلال جدة يتوج بلقب الغربية في دوري الحواري    وزير الصحة يكرم تجمع الرياض الصحي الأول نظير إنجازاته في الابتكار والجاهزية    رقم سلبي لياسين بونو مع الهلال    استشهاد 13 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة    أكثر من 6000 حاجاً يتلقون الخدمات الصحية بمدينة الحجاج بمركز الشقيق خلال يومين    جمعية نماء تنفذ برنامجًا شبابيًا توعويًا في بيت الثقافة بجازان    إطلاق النسخة التجريبية لأكبر مشروع للذكاء الاصطناعي في المسجد النبوي    اتفاقية تعاون بين قدرة للصناعات الدفاعية وفيلر الدفاعية لتعزيز الصناعات العسكرية بالمملكة    تشلسي يفوز على مانشستر يونايتد في الجولة ال (37) من الدوري الإنجليزي    الفريدي يحصل على الماجستير في الإعلام الرقمي    النفط يتجه لثاني أسبوع من المكاسب    جمعية تعظيم لعمارة المساجد بمكة تشارك في معرض "نسك هدايا الحاج"    زمزم الصحية تشارك في فرضية الطوارئ والكوارث    مبادرة طريق مكة والتقدير الدولي    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة ال 19 من طلاب وطالبات جامعة تبوك    أكد أن كثيرين يتابعون الفرص بالمنطقة… ترامب لقادة الخليج: دول التعاون مزدهرة.. ومحل إعجاب العالم    تحذيرات فلسطينية من كارثة مائية وصحية.. «أونروا» تتهم الاحتلال باستخدام الغذاء كسلاح في غزة    نائب أمير منطقة تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    مُحافظ الطائف يشهد استعداد صحة الطائف لاستقبال موسم الحج    ولي العهد والرئيس الأمريكي والرئيس السوري يعقدون لقاءً حول مستقبل الأوضاع في سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالوظيفة تكتمل الوطنية

عندما تطرح "الوطنية" كمرجع يحتكم إليه في نقاش، قد يصفعك أحدهم بجملة مأثورة لسياسي إنجليزي عتيق تقول "الوطنية الملجأ الأخير للأوغاد".. نعم هي كذلك عندما تتعدد الآراء وكلها يحتمل الصواب، فيكون استخدام "الوطنية" انتصارا للذات في غير مكانه.
ولكن الوطنية أساس أي عمل يهدف إلى توطين الوظائف، ورفع دخل المواطن. فتوفير الوظائف أهم مهام الدولة، والناس منذ القدم يرتحلون من أرض إلى أرض، يستبدلون وطنا بوطن من أجل لقمة العيش، أي من أجل الوظيفة، إذن "الوطنية" في صلب موضوع الوظائف وتوطينها الذي يتداخل مع أمن الوطن واستقراره.
ولكن يمكن أن تكون عاملا سلبيا إذا استخدمت من غير أهلها، يمكن أن تكون دعوة للعنصرية، وكراهية الأجانب. إن زيارة واحدة لبعض المواقع المعنية بالوظائف وهي مواقع تستحق الدراسة والتأمل تخبرك بما تضج به من معلومات ومشاعر وآراء، وكذلك قدر من العنصرية واختصار البطالة في جملة "الأجنبي يأكل خيرنا ويسرق وظائفنا".
بالتأكيد لن يتحمس الشاب العاطل ولا رب العمل للزج بالوطنية في موضوع البطالة والعمل، ناهيك عن استخدام مصطلحات مثل "جهاد العمل والبناء"، فكل ما يريده العاطل، وظيفة وراتب، وليس الانخراط في حركة سياسية، إنه لا يرى "جهاداً" و"وطنية" في سوق العمل، إنه يرى رب عمل حريصا على المكسب، مستعدا أن يستبدله فورا بمن يوفر له نفس الخدمة بتكلفة أقل.
وكذلك رب العمل، أكبر مشروع وطني مستعد أن ينخرط فيه هو نشر إعلان على صفحة كاملة للتهنئة باليوم الوطني، حسنا، لقد بالغت بعض الشيء، ثمة قصص عن رجال أعمال أنشؤوا معاهد تدريب، وشجعوا شبابا وشابات في تملك أعمال صغيرة ولكن كل ذلك لم يحل مشكلة البطالة والخلل المتفاقم في سوق العمل.
المشكلة ليست في الشباب، وإنما في البيئة المحيطة بهم، بيئة العمل التي يريدون دخولها والبيئة "التعليمية" التي جاؤوا منها، وهنا ساحتان لا يملك طرفا المعادلة حولا فيهما ولا قوة، وإنما يقبلان بشروط اللعبة كما هي، الدولة فقط هي القادرة على تغيير واقع التعليم وبيئة العمل، وذلك لبعدهما السياسي والاستراتيجي. فهل نحن مستعدون لعمل هائل كهذا؟ هل نملك اختيارا آخر؟ لننظر إلى الصورة المخيفة التالية، شاب في منتصف العشرين، لم يعمل طيلة حياته إلا بضعة أسابيع قليلة، منذ أن تخرج من الجامعة لم يجد وظيفة، هل يمكن لهذا الشاب وهو يطرق أبواب الثلاثينات أن يحصل على وظيفة وهو لم يتزود بمقتضياتها وهي الخبرة والتخرج من مدرسة الحياة قبل التخرج من المدرسة؟ قد يحصل على وظيفة مجاملة، ولكن وفق قانون السوق لن ينجح فيها، فهو غير مؤهل، حتى تعليمه الضعيف وشهادته الجامعية بينه وبينها عدة سنوات، لن يصمد بجوار الأجنبي الأقل تكلفة والأقدر والأجلد!
الوظيفة يجب أن تبدأ خلال سنوات الجامعة، بل حتى من الثانوية، إنها مدرسة الحياة الموازية للتعليم، لذلك لا بد من "حملة وطنية جهادية" تحفز في الشاب إيمانه العميق وحب الوطن والأهل، فتفتق حينها قدراته، لا تمنعه عادة سقيمة، أو عيب، لا قبيلة أو عائلة، بل عمل وعرق مع إيمان خالص كالأجداد، إنها السلفية الإيجابية التي حولت العامة بدوا وحضرا إلى منتجين وصناعيين وتجاريين وزراعيين، فبنت هذا الوطن ثم نسيناها في زمن النفط، وحلت محلها دروشة وتحزب، وتقديس أشخاص، فأقفلت الأبواب دون الأفكار الإيجابية التي هزت هذه الأرض في زمن ما قبل النفط، في زمن الجدب والفقر، كان الإيمان بالله، وسواعد الرجال وعرقهم هو من بنى الرياض القديمة وجعلها وزعيمها قبلة النهضويين العرب القادمين من بلاد أغنى وأعلم، ولكنها بدون روح وإيمان حي وزعيم ذي رؤية ثاقبة مع القدرة والفعل.
لقد جربت هذه المشاريع الوطنية في دول عدة عندما ادلهمت عليها الخطوب، هناك قصص إيجابية وسلبية، تستحق التأمل والتدبر، عندما ضرب الكساد العظيم الولايات المتحدة، في العشرينات الميلادية، ساد الفقر والبطالة، غلقت المصانع والمصالح وبلغت القلوب الحناجر، فقيض الله للأميركيين شخصية فذة، هو الرئيس المقعد روزفلت، ومن المفارقات أنه والملك المؤسس عبدالعزيز قرآ معا المستقبل لأمتيهما فصاغا علاقة الصداقة السعودية الأميركية، والتي رغم ما قيل فيها لا تزال صداقة ناجحة خدمت الشعب السعودي والأميركي.. أقدار عجيبة تجمع الأفذاذ في مفارق طرق التاريخ.
أطلق روزفلت أكبر حملة وطنية للتوظيف والعمل في أميركا، وضع قاعدة بسيطة، المال مقابل العمل، قصة تستحق أن تروى بتفصيل أكثر، نتيجة الحملة أن خلقت الجيل الذي بنى الرخاء الأميركي بعد الحرب الثانية.
في الجهة المقابلة، أطلق هتلر حملة مماثلة، حول خلال سنوات قليلة ألمانيا المهزومة إلى أكبر اقتصاد إنتاجي في العالم، حررها من فقر ما بعد الحرب الأولى، والديون، والبطالة ولكنه انحرف إلى التعصب والشوفونية واحتقار الآخر، وبقية القصة معروفة.
تجارب الآخرين أمامنا، ومن الضروري أن نستفيد منها، كل الحلول الحالية مجربة، كلما وظفنا سعوديا وصل إلى مطارات المملكة عشرة عمال أجانب، السوق ينمو، ورجل الأعمال يشكو وزارة العمل إن تأخرت في منحه التأشيرات التي يريد حتى بات معالي الوزير حائرا من يرضي، رجل الأعمال أم الطابور الذي لا يتوقف نموه من الخريجين السعوديين. الأرقام والمعادلات هي نفسها، الحلول القديمة أثمرت الوضع القائم، واستخدامها سيعطينا نفس النتيجة، والنتيجة باتت متفجرة.
قبل سنوات، وفي إحدى كلماته الجامعة التي دأب على توجيهها لنا من خلال مجلس الشورى، لحل معضلات الحياة السعودية، دعا الملك عبدالله يحفظه الله إلى ضرورة "نشر ثقافة العمل"، لم يحصل شيء يذكر على هذا الصعيد، نشر ثقافة العمل لن يتم بمقالة، أو خطبة جمعة، وإنما عمل مشترك تقوم به أكثر من جهة في تناغم وتخطيط وتدبير، هنا يكمن الحل.
لنبحث إذن عن فكرة جديدة ومعادلة مختلفة، لنطلق حملة وطنية لتوطين الوظائف وخلق فرص العمل لجيل سعودي كامل تتحول به المملكة إلى اقتصاد إنتاجي أغنى، وشعب ينساب إليه هذا الغنى والرخاء في شراكة كاملة، من خلال العمل، والعمل فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.