الطائي يهزم الفتح بثلاثية ويهرب من منطقة الهبوط «مؤقتاً»    48 مشروعا في الهندسة الطبية الحيوية والطاقة والنقل والمرور    الاحتفال برفع علم السعودية كعضو جديد في الوكالة الدولية لأبحاث السرطان    رئيس وزراء الكويت يدعو مجلس الأمن لتبني قرار يمنح دولة فلسطين العضوية الكاملة بالأمم المتحدة    ارتفاع أسعار النفط وخام برنت يسجل 83.63 دولاراً للبرميل    السعودية للكهرباء تعمل على تصنيع قطع الغيار بالهندسة العكسية وتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد    ولي العهد يلتقي أمين الأمم المتحدة وملك الأردن ورئيس وزراء الكويت والرئيس السوري    وزير التعليم يشارك طلاب ثانوية الفيصل بالطائف يومهم الدراسي    جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تحتفي بجهات التدريب الميداني    رئاسة السعودية للقمة العربية 32.. قرارات حاسمة لحل قضايا الأمة ودعم السلام    المملكة والعراق توقعان مذكرة تفاهم في مجال منع الفساد ومكافحته    الرئيس الصيني يؤكد أن الحل في أوكرانيا سياسي    الشيخ بن حميد في منتدى "كاسيد": الإسلام يدعو للتسامح    أمير القصيم يرفع «عقاله» للخريجين ويسلم «بشت» التخرج لذوي طالب متوفى    " تطبيقية الرياض " تنظم المعرض السعودي للاختراع والابتكار التقني    ديربي النصر والهلال.. فوز أصفر غائب في الدوري منذ 3 سنوات    "كواي" ابتكارات عالية التقنية تعيد تعريف التفاعل عبر مقاطع الفيديو القصيرة    وقاية.. تقصّي الأمراض الخطرة وإعداد خطط الطوارئ    أمانة الشرقية تؤكد على المنشآت الغذائية بضرورة منع تحضير الصوصات داخل المنشأة    أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    اختتام الاجتماع الوزاري الثاني لمنتدى الحياد الصفري للمنتجين بمشاركة الدول الست الأعضاء بالرياض    الرياض تستضيف النسخة الثالثة من القمة العالمية للذكاء الاصطناعي    الكشافة تُدرب منسوبيها من الجوالة على "مهارات المراسم في العلاقات العامة"    ولي العهد يصل المنامة لرئاسة وفد المملكة في القمة العربية    السعودية: ندين محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا.. نرفض كافة أشكال العنف    نائب أمير الشرقية يستقبل وزير الاقتصاد والتخطيط    «الأرصاد»: رياح شديدة السرعة على عددٍ من محافظات منطقة مكة المكرمة    أمير المدينة يرعى تخريج البرامج الصحية ويترأس اجتماع المحافظين    مدرب الأهلي يخضع فيغا لاختبارات فنية تأهباً ل"أبها"    "الخطيب": السياحة عموداً رئيسيّاً في رؤية 2030    أمطار على أجزاء من 6 مناطق    سمو محافظ الطائف يرعى حفل افتتاح المجمع القرآني التعليمي النسائي    الأهلي يتحدى الهلال والاتحاد يبحث عن «النصر»    صفُّ الواهمين    «عكاظ» تنشر الترتيبات التنظيمية للهيئة السعودية للمياه    أمير تبوك يطلع على نسب إنجاز مبنى مجلس المنطقة    «الصحة» تدعو حجاج الداخل لاستكمال جرعات التطعيمات    «هاتريك» غريزمان تقود أتلتيكو مدريد للفوز على خيتافي في الدوري الإسباني    نريدها قمة القرارات لا التوصيات    71 فناناً وفنانة في معرض «كروما» بجدة    حل وسط مع الوزراء !    محاولة يائسة لاغتيال الشخصية السعودية !    خادم الحرمين الشريفين يصدر عدداً من الأوامر الملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    السفير الإيراني يزور «الرياض»    السلطات الفرنسية تطارد «الذبابة»    استمرار الجسر الجوي الإغاثي إلى غزة    «الحر» يقتل 150 ألف شخص سنوياً    "الدرعية" تُعزز شراكاتها الاقتصادية والسياحية    أمين العسيري يحتفل بزفاف نجله عبد المجيد    تعزيز التعاون العدلي مع فرنسا وأستراليا    رحالة فرنسي يقطع ثمانية آلاف كلم مشياً على الأقدام لأداء مناسك الحج    رعاية ضيوف الرحمن    سقيا الحاج    عبدالملك الزهراني ينال البكالوريوس    معرض"سيريدو العقاري"أحدث المشاريع السكنية للمواطنين    «حلبة النار»… النزال الأهم في تاريخ الملاكمة    « سعود الطبية»: زراعة PEEK لمريض عانى من كسور الجبهة    لقاح جديد ضد حمى الضنك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أدباء يترجمون موسم الحجّ إبداعاً
نشر في اليوم يوم 15 - 10 - 2013

المكان: مكة المكرمة، والزمان: هو ذو الحجة، والمقصد: بيت الله، والفعل: حركة تطوف بالأجساد في بقاع مقدّسة وبالأرواح في عالم الملكوت، فكيف لا يلتقط الأدب زاده من هذه العوالم الباهرة.. هنا وقفات مع أدباء وشعراء ورحالة استوقفهم ثراء المناسبة من نواح عدة، نعرضها لكم..
تراث وتاريخ
الروائية الدكتورة هند باعفار، المهتمة بتراث المملكة، سردت جزءا مما تتذكره عن تاريخ الحج قائلة: من المؤسف أن العادات والتقاليد المصاحبة لمواسم الحج لم تحفظ في الأدبيات العربية، وكتب عنها بعض الرحالة والمصاحبين للبعثات الخديوية المصرية، بينما ظلت العادات النسائية بمعزل تام عن جميع ما كتب .. أذكر منها على سبيل المثال: المجتمع المكي الذي كان مجتمعا بسيطا ومحدود الكثافة السكانية، ويشتهر معظم العائلات بمهن محددة يتوارثونها جيلا بعد جيل.
وتوضح باغفار أنّ للكسوة تاريخا طويلا، فعادة ما يدخل موكب المحمل جدة من باب البنط البحري بعد وصوله من مصر بحرا، ويمتاز هذا الباب بارتفاع كبير في منتصفه حتى يتمكن جمل المحمل من الدخول بالكسوة، وهذا ما يجعله مميزا عن باقي أبواب سور جدة ثم ينطلق قاصدا مكة المكرمة برا فيدخلها وسط احتفال شعبي ورسمي مهيب حيث يتجمع حوله الأهالي والناس يطوفون الأحياء حتى يصل إلى (دار كبير آل الشيبي سادن الكعبة المشرفة) فيتسلم منهم الكسوة الجديدة استعدادا لتغييرها في مراسيم تقليدية رسمية وبحضور الحاكم وأعيان وسادات مكة المكرمة، ويسلم أمير المحمل الكسوة القديمة التي تنقل لمصر أو الشام أو اسطامبول بحسب وضع مقاليد الحكم في تلك الأزمنة.
صدى الذكريات
الناقد جبران سحّاري، المحاضر بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ومؤسس مدرسة الميزان للنقد الأدبي، فتح باب الذكرى قائلا: لما قادني الشوق إلى حج بيت الله الحرام قبل سنوات، ورسخ في ذهني شريط الذكريات، حاولت أن أستحضر هنا بعضا من تلك المواقف الراسخة، حينما ارتحلت مع رفقتي، وقد وجدت للشعر والأدب الجميل حضوراً بروحانية مختلفة، ومشاعر قوية تنتشي في تلك المشاعر، وكان مما قلت فيه:
صحا القلبُ وانزاح الظلام وأشرقت
شموس الهدى والناس حولي تحلقوا
وللواحد الباري تُصعِّدُ أعينٌ
وأيدٍ ودمع العين للجمع يغرق
شرقت بذاك الدمع فانهلّ ممطراً
فكاد بي الدمع الذي هلّ يشرقُ.
مغامرة رحالة
أما الكاتب عبد الله الرستم، المهتم بأدب الرحلات، فتحدّث عن رحلة من الرحلات المهمة التي وصفت الحج بعيون أوروبية، وهي رحلة (دومنجو باديا) المغامر الذي أخذه الفضول المعرفي فأسمى نفسه (علي باي العبّاسي) عام 1221ه، والتي أصدرتها دارة الملك عبدالعزيز تحت عنوان (رحالة إسباني في الجزيرة العربية)، وترجمها وعلق عليها الدكتور صالح بن محمد السنيدي.
ويضيف: تبدأ فكرة الرحلة حين دخل هذا الرحالة الإسباني البلاد العربية متنكراً بالزي العربي، ومدعياً أنه من الأسرة العباسية، ولذا اختار اسماً يتناسب مع البيئة العربية وهو (علي باي العباسي)، موحياً في الوقت نفسه أنه من أصل عربي اضطرت الظروف عائلته للهجرة إلى أوربا إلا أنه ما زال محافظاً على تعاليم دينه الإسلامي رغم تنقله بين بلدان أوربا.
وبين الرستم أن رحلةً بهذا الحجم احتوت محطات مهمة لرحالة جريء مرّ في رحلته على بلاد المغرب وقبرص ومصر، عابراً من خلالها البحر الأحمر ليصل إلى جدة ثم مكة المكرمة؛ لتأدية الحج، ويختمها بالمدينة المنورة ثم يرجع إلى حيث أتى، مصوراً كل مشاهداته وآرائه تجاه كل ما يراه في هذه الرحلة من قضايا سياسية واجتماعية وعادات وتقاليد بوصف دقيق لتلك المشاهدات على طول الطريق.
ويذكر الرستم بعض الأخطار التي واجهته في هذه الرحلة كهيجان البحر الأحمر الذي أوصلهم إلى مرحلة وصفها بالاحتضار. وبعد أن لبس الإحرام وأدى التلبية، يصور لنا كيفية دخوله مكة والجدال الذي صدر من بعض الشخصيات المكية في استضافته، حيث يقول: (كان في انتظاري كذلك عدد من شخصيات المدينة – يقصد مدينة مكة – وقد دخلوا في جدال فيما بينهم حول من سيستضيفني).
وقد حظي علي باي العباسي بتزويده بشكل مستمر بماء زمزم من قبل بعض العاملين في الحرم المكي. ومن ضمن تصويراته في الحج ذلك الازدحام الشديد والارتباك والغموض حول تشرف الحجيج بتقبيل الحجر الأسود.
أشهر الأركان
الروائي ماجد السليمان قال: لا تخلو النفس عن الحديث عما خالجها حتى في العبادة. فقد كان الحج أحد أشهر الأركان مواقف مع الشعراء بالذات. لقد أخذ الكثير من الأدباء في كتابة أعمال إبداعية عما لقوه في الحج، وكنت أحد من قام بذلك حين عدت محموما من أثر السفر والمشقة متذكرا عناء الزحام وخوف الضياع حيث إنني حججت وعمري 17 عاما.
ويضيف: بدأت أدون مذكرات صغيرة اسميتها «ذكريات الحج»، كانت وليدة إحساس طبيعي لكل حاج ومتعبد. كانت على شكل فصول قصيرة بعدد أيام الحج وواجباته. كما ذكرت فيها طرائف ومواقف تلك الأيام مع رفاق تلك السنة. والحمد لله على نعمه كلها.
نقطة تحوّل
القاصة عقيلة آل حريز، عبرت عن تجربتها الشخصية في الحج قائلة: الحياة التي نلجها بوضوح هي من تتحفنا بالضوء، فهذا العمر كله لا يكفي لأن نمضيه منفردين بل نحتاج لما يُقوّم دعائم الرحلة. الحج بالنسبة لي كل ذلك، فقد ولجته أول مرة وكان نقطة تحول بحياتي عامة والأدبية خاصة.
وتضيف: لا أستطيع أن أعطي شيئاً ملموسا غير سكون حلّ بي، فبدت الأشياء الأخرى مزيفة ومفرغة من محتواها عدا ما هو حقيقي بالفعل. إنه يشبه رحلة التماثل والامتزاج مع السماء والكون، فنصبح ممهورين بالفوز حين نلج أبواب الرحمن نطرقها بصدق فتفتح لنا بخيرات كثيرة. كان نصيبي قبول ورضا فقد بدأت بالكتابة بتدفق كما لم أفعل من قبل. ووجدت بركات ضيافة الله لي وما زلت ألمس أثرها بروحي وقلمي.
وتواصل: كتبت أشياء كثيرة عن مكة ما بين المقطوعات النثرية والمواضيع والقصة متأثرة ببهجة الطواف ومنظومة الناس واتساق حركتها ومشاعر حنين جارفة تأخذني لمكة والإنسان فيها. (أؤلام على حبك مكة، حين يقف بك الشوق، النسيم المبارك، وسط الضجيج ... وغيرها). وبظني، مكة مختلفة لأن لها سحرا لا يقاوم كمدينة متفردة، تجمع أطيافا عدة من البشر، وتنسق اختلافهم وتوحد حركتهم وتجمع قلوبهم المتفرقة على هدف واحد ورجاء واحد هو الرحمة والعفو والقبول. توقيت الرحلة والزمن والحركة وتوحد الهدف والإنسان. كل هذه الأمور كانت بدايتي لأكتب ما يشغلني عن الهم الإنساني ومعاناة الناس ودقائق حياتهم، وأحسبني وجدت ضالتي من خلال تواجدي فيها.
فردٌ وجموع
القاص والكاتب كاظم الخليفة قال: الجموع والحشود الكبيرة، وكذلك وحدة الحركة من خلال خط الزمن لا يلغي الفردانية في تعلق الذات وتواصلها مع الحق سبحانه. بل المؤكد أن تجاور الأجساد على صعيد عرفة هو ما يمنحها الشعور بالتكامل والتماثل من ناحية، والنقص البشري بإزاء الخالق في الناحية الأخرى.
وأضاف: ذلك المزيج من التماثل والنقص، الفردانية والمجموع، هو ما يصبح المادة الخام والمعين الذي لا ينضب في إمداده للمخيلة الأدبية والإبداعية في تعبيرها عن ذلك المشهد.
ويؤكّد: واقع التجربة والخبرة هو رافد آخر للذات الأدبية عندما تتحدث عن المشهد العظيم يوم عرفة، فهي تصف الشعور الذاتي مؤطراً بالمشهد العام لتلك الجموع مما يعزز الإحساس بسمو الموقف وفرادته.
ويختم الخليفة قائلاً: إذن يشكل الحج، وعلى المستوى الإبداعي، مواد تحرض المخيلة لمراقبة شوق الروح وترقيها في سلم النفحات الإلهية.
محفل النور
أما الشاعر جاسم عساكر ففضّل أن يكون الشعر معراجه « في رحاب الطهر وساحة الفداء والكرامة / مكة المكرمة (شرفها الله وزادها رفعة ومكانة) حيث شارك بأبيات من قصيدته «محفل من نسيج النور» قال فيها:
سعياً قَصَدْتُكِ للهدايةِ مصدرَا
تحدو بيَ الآمالُ :يا أمَّ القرى
وعَقَدتُ حبلاً من حبالِ عقيدتي
حولي ، لأغدوَ بالكمالِ مخصَّرَا
يتشوّقُ الإيمانُ بينَ جوانحي
عزماً يرمّمُ ما تفصّمَ من عُرَى
ووطأتُ تربَكِ فاستحلتُ بأكملي
قلباً من الهدْي الرشيدِ مُجوهرَا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.