تناغمًا مع رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وحرص القيادة الرشيدة على تلمس احتياجات المجتمع وتوحيد جهود الأفراد والقطاعات؛ لبناء مجتمع متكامل ينعم بالحضارة، والاستقرار، والرخاء. من خلاله كشفت صاحبة السمو الأميرة عبير بنت فيصل بن تركي آل سعود حرم أمير المنطقة الشرقية، رئيسة مجلس الأمناء بمجلس المنطقة الشرقية للمسؤولية الاجتماعية عن الحرص الكبير من الرئيس الفخري لمجلس المنطقة الشرقية للمسؤولية الاجتماعية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية، وسمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن فهد بن سلمان -حفظهما الله-، لأن تكون المنطقة الشرقية نموذجًا ملهمًا للعمل الاجتماعي التنموي المتكامل المتفاعل، ومكانًا لإيجاد بيئة مؤسسية تدعم أفضل الممارسات في مجال المسؤولية الاجتماعية للنهوض بالعمل المجتمعي، وتطوير قدرات أبناء وبنات المنطقة، بما يحقق الصالح العام للمنطقة الشرقية بصفة الخصوص وللوطن بصفة العموم. * وكانت بداية الحوار مع ضيفتنا صاحبة السمو الأميرة عبير بنت فيصل بن تركي -حفظها الله- بالسؤال عن الرؤية التي يتطلع لها المجلس، والرسالة التي بُنيت عليه، والفئة التي يستهدفها؟ رؤية المجلس تأتي في ريادته في التكامل والعمل المشترك في مجال المسؤولية الاجتماعية، خاصةً وأن رسالته الرئيسية تأتي لتحفيز القطاع العام والخاص والخيري على التكامل، وبناء الشراكات وتبني المبادرات والنشاطات القائمة بالمنطقة الشرقية، ويستهدف المجلس جميع القطاعات الثلاثة "الحكومي، الخاص، والقطاع الثالث" وبطبيعة الحال كل فرد، فلا قوة للكيانات الإدارية المسؤولة ما لم يكن الفرد مسؤولًا في المقام الأول. * سمو الأميرة هل قدم المجلس تعريفًا محددًا لمعنى المسؤولية الاجتماعية بعيدًا عن البعد التنظيري والدعائي؟ - في الحقيقة منذ إطلاق الفكرة من سمو أمير المنطقة الشرقية أخذنا على عاتقنا أن يكون للمجلس هدف سامٍ، وهو الحرص على الشفافية والمصداقية والانفتاح على جميع العاملين في المجال الاجتماعي، وتطوير قدرات الشباب والشابات بما يخدم الحياة الاجتماعية والعملية، ويعزز من الترابط والتعايش بين أفراد المجتمع عامة بجميع أطيافه. إضافةً إلى الاهتمام بالعمل وفق مبدأ الشراكة والتعاون مع مؤسسات العمل المدني، والفرق التطوعية ومع من يمتلك طاقة يفيد من خلالها مجتمعه ومدينته. وقد بذلنا وما زلنا نبذل كافة الجهود للوصول إلى أعلى معايير التميز، ونتطلع لنشر مفهوم المسؤولية الاجتماعية بلغة مبسطة ومفهومة من خلال العديد من المبادرات والمشاركات والتواجد القريب من المجتمع المحلي. كما أننا نسعى دومًا لأن يكون المجلس أداة فاعلة ومفعّلة لآراء ومقترحات أبناء المنطقة، وأن يكون مكانًا لتحقيق تطلعاتهم التي تساهم في رفع مستوى فهم المسؤولية الاجتماعية في مختلف المجالات. *ماذا عن الأهداف التي عمل المجلس عليها طيلة العامين الماضيين، وهل كان لتأخر وتصحيح بعض أنظمة مؤسسات المجتمع المدني سبب في ظهور المجلس؟ - سأجيب أولًا عن الجزء الأخير من السؤال، في الحقيقة المؤسسات وأنظمتها لا تحتاج لتصحيح، وليست سببًا في ظهور المجلس. المجلس كفكرة طُرِحت ونُفِّذت في الوقت المناسب، خاصةً مع تنامي ثقافة العمل الاجتماعي والتطوعي خلال الفترة الماضية ونتحدث عما يقارب العامين، ونحن نرى أن طريق النجاح يعتمد قبل التشريعات على قدرات العاملين في المجلس والمتعاونين معه من نشطاء المجتمع والمبادرين. في حين يؤازر المجلس الجهات المعنية لتطوير الآليات التي تساهم في دفع عجلة التنمية، كما أن المجلس حريص على تحقيق التفاعل والتكامل بين القطاعات الثلاثة؛ لتقديم عمل مجتمعي مؤسسي يخدم الشرائح المستهدفة ويُنمّي مفاهيم جودة الحياة. أما الأهداف، فلدينا الكثير من الطموحات والأفكار التي عملنا عليها الفترة الماضية، والتي تبين الجهد المبذول من جميع القطاعات بأيادٍ مخلصة ومعطاءة، ووفقنا في بناء جسور وشراكات واتفاقيات تخدم طموح المجتمع، حيث إننا نركز في تعزيز كفاءة الأداء المؤسسي للمجلس، وثقافة المسؤولية الاجتماعية في الجهات الحكومية والخاصة، كما نسعى لإقامة شراكات استراتيجية بين المجلس والجهات المماثلة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي والعالمي، ومن جهة نشارك في اقتراح المبادرات ذات العلاقة ببرامج المسؤولية الاجتماعية والتي تلبّي احتياجات المجتمع، خصوصًا ما يتعلق بالبرامج الاجتماعية، البيئية، الاقتصادية والمعرفية. برأيك هل المسؤولية الاجتماعية إلزام أم التزام؟ وهل كان لعدم وضوح مفهوم المسؤولية الاجتماعية لدى الجهات الحكومية والخاصة وغير الربحية دور في إطلاق المجلس لدراسة مطولة حول تلك المفاهيم؟ -الإلزام والالتزام هما تكاملية الدين والخلق. وطننا ومجتمعنا يستحقون الكثير، وسنعمل سويًا لنشر مفاهيم خدمة المجتمع بشكل أوسع. أما فيما يتعلق بإطلاق دراسة واقع المسؤولية الاجتماعية في المنطقة الشرقية، فكانت لإيماننا بضرورة التعرف على احتياجات المنطقة من المشروعات التي تتحقق بالمسؤولية الاجتماعية، وحصر أولويات الاحتياج المجتمعي والحضاري للمنطقة الشرقية في مدنها الصغيرة ومحافظاتها، والسعي لترجمة تلك المبادرات التي تطرحها المؤسسات والشركات بمختلف أنواعها؛ لتلبية تلك الاحتياجات وتسليط الضوء عليها بشكل أوسع. قدم المجلس دراسة واقع المسؤولية الاجتماعية في المنطقة الشرقية كزكاة إلزامية منه للمجتمع المحلي وهي النسخة الأولى والمدخل الأولي لعلم المسؤولية الاجتماعية، الذي يتطلب أن تليه العديد من الدراسات التخصصية في مجال المسؤولية الاجتماعية والتنمية المستدامة. اجتهدنا بتقديم لغة علمية مقننة من خلال هذه الدراسة، وبالعمل بها مع رؤية المملكة 2030 سنتمكن بحول الله من تقديم ما يتوافق مع رؤى القيادة الرشيدة في تحقيق التنمية المستدامة. * ما التغيير الاستراتيجي الذي تعملون عليه في مضمار المسؤولية الاجتماعية؟ -إذا كان هنالك تغيير للأفضل فهو بفضل الله أولًا ثم نتاج حراك مجتمعي بإرادته. مجتمع المنطقة الشرقية بجميع شرائحه مجتمع واعٍ، ذكي وخير، وهذه المقومات كفيلة بصنع حراك موجَب في مضمار المسؤولية الاجتماعية، ولا أُخفيك أن المجلس غير راضٍ عن ما قدمه حتى الآن، ويسعى لتحقيق المزيد من الأثر والريادة. وأكرر إن كانت هنالك تغيرات واضحة أمامكم فهي كما قلنا بفضل الله أولًا ثم طبيعة المجتمع الذي جُبِل على حب العمل الخيري والمجتمعي، ولا ننسى الدور الكبير الذي لعبه شركاؤنا في تقديم خدمات مجتمعية جليلة. *في واحدة من قيم المجلس العملية نجد مفهوم الشفافية حاضرًا بقوة فما المقصد منه، وهل يعني هذا أن ثمة قصورًا في مسار ومنهج هذا المشروع في نظرة الجهات تجاهه؟ - بالعكس أنا أجد أن أغلب الأعمال الحكومية والخاصة تعمل على مبدأ الشفافية في كل ما تقدمه. المرحلة الحالية تحتم الشفافية لكل جاد مخلص في تقديم خدمة مجتمعية. المجلس يؤمن إيمانًا قويًا في مبدأ الشفافية، فهي العامل الرئيسي في نجاح أي مشروع لأي منشأة، كما أن التوجهات الجديدة المتمثلة في رؤية المملكة 2030 قائمة على مبادئ وقيم أهمها الوضوح والشفافية. *سمو الأميرة هل تبنى المجلس مُبادرات، وإذا كانت ما هي حدود إمكاناته لتطبيقها والإشراف على تنفيذها؟ - دعيني أؤكد للجميع أن مجلس المنطقة الشرقية للمسؤولية الاجتماعية لن يتوانى مطلقًا عن دعم أي مبادرة تخدم المجتمع وتخدم أفراده، وأننا سنُسخر كل الإمكانيات لتنفيذ أي مبادرة نرى فيها هدفًا ساميًا للفرد وللأسرة السعودية، وسنعمل على تطويرها لتحقق ما نصبو له جميعًا، فلدينا في المجلس لجنة استشارية يرأسها الأستاذ عبدالله العسكر وبعضوية كل من د.شاهر الشهري و أ.سعد القحطاني و م.أحمد الرماح و أ.سليمان أباحسين و أ.خالد الجوهر و لهم دور فاعل في رسم السياسات العليا، وإبداء المرئيات الخبيرة والناصحة تجاه العديد من المبادرات والمشاريع. أضيفي إلى ذلك تعاون كافة الجهات الحكومية والقطاع الخاص والأسر المقتدرة والكيانات الناشطة في مجال المسؤولية وخدمة المجتمع. كما أن هنالك عددًا كبيرًا من الأفراد المخلصين الذين منحوا المجلس الكثير من وقتهم وجهدهم؛ لإثراء ونشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية، ومتى ما وُجِدت الرغبة الجادة لدى جميع الأطراف المعنية في تقديم مبادرات تخدم المنطقة فإن جميع التحديات - بإذن الله - سنتغلب عليها. *هل ثمة تصنيف مقنن وآلية عمل تحكم مضمون هذه المبادرات ومدى فاعليتها داخل المجتمع؟ -نحن نعمل سويًا مع فريق عمل المجلس، وأعضاء اللجنة الاستشارية، والجهات المتعاونة معنا على تقديم المبادرات التي تلامس احتياجات المجتمع، وتعالج قضايا مجتمعية مُلِحّة، ومن هذا المنطلق فإننا نعمل وفق خطة معينة، بدراسة أي مبادرة بقياس علمي متقن ومن ثم نحدد الأهداف منها، ومدى فاعليتها وتأثيرها على المجتمع، من خلال أداة قياس علمية وهي دراسة واقع المسؤولية الاجتماعية، ومتى ما تحققت جميع المواصفات والشروط للمبادرة باشرنا عملية التخطيط والتسويق والتنفيذ مع الجهات ذات العلاقة. *في ثقافات الشعوب نجد الفرد يعمل جزءًا من المسؤولية داخل مجتمعه، بيد أننا نرى بعض القصور في تفعيل هذا الدور داخل مجتمعنا المحلي، برأيك سمو الأميرة من يتحمل هذا القصور؟ -أنا أتمنى ألا نُقارَن بأي مجتمع آخر، واسمحي لي بالقول إننا وجدنا والحمد لله شعورًا عاليًا في مجتمعنا على مختلف أطيافه بأهمية المسؤولية الاجتماعية، سواء كان شعورًا للأفراد أو الشركات أو المؤسسات الحكومية والخاصة، هي فقط توثيقها بلغة علمية مقننة، ناهيك عن أن المسؤولية مطلب ديني في المقام الأول، وممارسة هذه المسؤولية استجابة لتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف. *مبادرة "نقوش الشرقية" ما هي صورتها الضوئية ؟ وإلى أين وصلت، وما تطورات هذا المشروع؟ -"نقوش الشرقية" منظومة متكاملة، هدفها الجوهري صنع هوية للمنطقة من خلال تأصيل الموروث الثقافي والفني في المنطقة الشرقية، وعكسه على المجتمع الخارجي. المملكة العربية السعودية تزخر بالكثير من الثقافات والفنون، ومن الممكن استغلالها وتوظيفها في تجميل المنطقة، ورفع مستوى الوعي تجاه المحافظة على المرافق العامة، " نقوش الشرقية " حَظِيت برعاية كريمة من قبل أمير المنطقة الشرقية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف؛ إيمانًا منه بأن كل منطقة من مناطق المملكة العربية السعودية لا بُد وأن تكون لها هوية خاصة مُستقاة من موروث المنطقة الثقافي والفني. كما حظِيَت بالتبني من الهيئة العليا لتطوير المنطقة الشرقية، وهذا يعتبر أعلى طموح يمكن أن تصل إليه أي مبادرة. نقوش الشرقية ستُترجم على الشارع المحلي؛ لتصبح شوارعنا تتكلم عن هويتنا السعودية الجميلة، وذلك من خلال متابعة واعتماد أي مَعلَم أو ميدان أو مُجسم أو منحوت الهدف منه تجميل المنطقة من قِبل " نقوش الشرقية " وذلك للتحقق من اجتيازه مواصفات ومعايير المبادرة. * ضمن مشروع سفراء المسؤولية الاجتماعية، ما الأهداف المرجوة من هذا المشروع ؟ - ترجمةً لدراسة واقع المسؤولية الاجتماعية في المنطقة الشرقية كان لا بُد من تفعيل اللغة العلمية في المسؤولية الاجتماعية، والتمييز بينها وبين العمل التطوعي والخيري. مشروع سفراء المسؤولية الاجتماعية نشأت فكرته بصياغة برنامج إثرائي عن المسؤولية الاجتماعية، وقام المجلس بتطبيقه من خلال مشاريع نشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية هذا العام، وتزامنًا مع اليوم العالمي للمسؤولية الاجتماعية سيطلق المجلس برنامجًا تدريبيًا – سفراء المسؤولية الاجتماعية- بنسخته الثانية المطورة وهو برنامج تطبيقي متقدم لتأهيل مختصين ومختصات في المسؤولية الاجتماعية؛ للقيام بدور سفراء مؤهلين؛ لنشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية، يهدف هذا البرنامج إلى تعزيز وتحفيز القطاعات لتبني مشاريع التنمية المستدامة وإيجاد ربط إيجابي بين المجتمع وبرامج التنمية المستدامة، أضيفي إلى ذلك برنامج -سفراء- يؤكد على دور الفرد كشريك هام لتنمية المجتمع ودور المسؤولية الاجتماعية للفرد لبناء شراكة مجتمعية. * "التنمية المستدامة"، دائمًا ما تتكرر في الحديث عن المشاريع التنموية وما إلى ذلك، في الحديث عنها عندما تُذكر المسؤولية الاجتماعية فما القاسم المشترك بينهما ؟ -التنمية المستدامة والمسؤولية الاجتماعية بينهما قاسم مشترك كبير، فكلاهما محاذاة في نفس الخط، ونحن نعمل في مجلس المنطقة الشرقية للمسؤولية الاجتماعية على جعل مفهوم الاستدامة في مبادراتنا وبرامجنا حاضرًا بأفضل الطرق، فالمسؤولية الاجتماعية لن تتحقق دون شرط الاستدامة. *بصراحة سمو الأميرة هل ثمة خوف يساورك من الإخفاق في مشروع المجلس؟ وبالمُقابل هل من قصة نجاح يشار إليها بالبنان من داخل أروقة العمل؟ - قوة المجلس تكمن في ثراء طرح هذا المجتمع الخير، والمجلس مجتهد في تقديم عمل مؤسسي يعمل وفق خطط واستراتيجيات بدأنا في جني ثمارها حاليًا، وقصص نجاح كبيرة أبطالها المجتمع بجميع أطيافه، شبابنا وبناتنا ورجالنا وسيداتنا، جهاتنا الحكومية والخاصة، وسنعمل مستقبلًا بإذن الله على توثيقها وتسليط الضوء عليها. أما ما يُشار إليه بالبنان من إنجاز المجلس فهذا السؤال يوجه للمجتمع المحلي، وهل استطاع المجلس أن يضع بصمته المُحِبّة على جبين هذا الوطن الغالي؟ *هل ثمة كلمة تودين ذكرها في ختام هذا الحوار؟ -أسأل الله أن يحفظ بلادنا وولاة أمرنا، وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان والاستقرار، وأن يعيننا على ترجمة تطلعات القيادة الرشيدة بأن تكون بلادنا نموذجًا ناصحًا ورائدًا في العالم على كافة الأصعدة. لدي طموح كبير بأن تكون المنطقة الشرقية وجهة للمسؤولية الاجتماعية، وأن تعمم تجربتنا على المستوى الإقليمي والعربي، كما أطمح أن يساهم الجميع كل في مجاله وعمله على نشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية، وأن يكون هدفنا في هذا الجانب المهم من حياتنا اليومية هو خدمة ديننا الإسلامي العظيم ومصدر الالهام للعمل الاجتماعي. مملكتنا تستحق منا التضحيات والعمل من أجل رفع رايتها في مختلف المحافل العالمية.