يحدثنا التاريخ أن «سيارة الشعب» ألمانية الصنع الفاخرة، ما هي إلا مشروع وطني عالي الطراز بدأ بكلمة سر ونما ليكون سيارة «Volkswagen» وترجمتها «سيارة الشعب». هذا المشروع الاقتصادي التاريخي عبارة عن لقاءات سرية عقدت في أماكن سرية بين المستشار الألماني آنذاك أدولف هتلر وبين المهندس الألماني فيرديناند بورشة الذي كان يخطط لتحويل حلمه بصنع سيارة تحمل لمساته الحقيقية. هتلر الذي كان يرأس حزب العمال الاشتراكي الوطني المعروف بالحزب «النازي» وتعني «القومية الاشتراكية» كان ينظر بأفق اقتصادي كأي منتم لهذا الحزب الذي ولد من رحم ثورة الجياع عام 1919 في أعقاب الحرب العالمية الأولى التي تضررت منها ألمانيا تضررا كبيرا بعد توقيعها على معاهدة «فيرساي» وتحميلها مسؤولية الحرب ودفع تعويضات باهظة ساهمت في انكسار ألمانيا اقتصاديا ودخولها في موجة من الكساد الكبير. وألمانيا التي انكسرت مرتين بسبب اشعالها حربين عالميتين، «مرتين» كانت في كلتا المرتين تثور من أجل الاقتصاد وتهزم به وتعود للنهوض بسببه وهذا هو السر، فمشروع «سيارة الشعب، Volkswagen» هو أحد أسرار نهوض ألمانيا السريع، إنه التحدي من خلال التركيز على تطوير الصناعات الوطنية ونموها. بدا هتلر مهتما بمشروع صناعة سيارة «وطنية» يجعلها فخر الصناعة الألمانية، فراهن على هذه الصناعة لتكون أحد مرتكزات الصناعة الألمانية وقوامها، حيث أشرك نقابة السيارات في المشروع وأعلن عن مساهمة الدولة بتبنيها الكامل له وتمويله، وتحقق الحلم الذي تحمس له الجميع لا لشيء، فصناعة السيارات كانت رائجة آنذاك بألمانيا ك «المرسيدس، وأوتو يونيون (أودي)، وأوبل، بي أم دبليو» لكن هذه السيارة تختلف فهي «سيارة الشعب»، نلاحظ أن السيارات التي تم ذكرها تعد اليوم من السيارات الفارهة فقد تميزت الصناعة الألمانية بقوتها، وبالتالي بسعرها المرتفع، لاحظوا أنها تحمل اسم مموليها أو صانعيها، وحدها «الفكس ويجن» كانت خالية من فكرة الملكية الخاصة، إنها تنتمي لاسم الشعب الذي حرص هتلر على أن يعزز قيمته بهذه الطريقة، فكانت فكرة توفير سيارة تكون في متناول الجميع يستطيع الغالبية امتلاكها، وبمواصفات تجعلها مفضلة، فكرة جعلت للمنتج قبولا واسعا، بالطبع فإن الشرق كما الغرب حاربوا فكرة «فولكس واجن» كمشروع ينهض ليرتقي وايديولوجية مضى عليها أكثر من سبعة أجيال. اليوم باتت هذه السيارة التي عقدت من أجلها اللقاءات السرية وذللت لها العقبات لتكون المشروع الوطني، لا تعدو كونها مؤسسة تجارية كبيرة استحوذت بمرور السنوات على عدد من الشركات لتتوسع، وها هي اليوم ترتكب الأخطاء، لأنها تخلت عن مبدئها وصار همها الربح فقط. حين نكرس المبدأ في أي من مشاريعنا، فإننا نؤسس تأسيسا صحيحا لمشروع يسير بخطوات ناجحة، لنركز على جودته فنصنع منتجا يثق فيه الجميع ونحرص على أن يكون في متناولهم، هذا هو النجاح، والربح يأتي لاحقا.