أكثر ما يخرج الشخص عن طوره في فضائنا العمراني أنه كلما ظهرت نظرية جديدة أو بالأصح فكرة جديدة عند الغير– الشرق أو الغرب- تلقفها سوقنا العمراني بشقيه «تخطيطا وتصميما» بكل ترحاب واهتمام دون أي مراجعة أو بحث لمضامين التجربة الحديثة وبالتالي ينتقل الفكر الى المسؤول عن الإدارة العمرانية بمدننا عن طريق قناعة بطانة هذا المسؤول بهذه التجارب، ويمكن أن نطلق عليها ما يسمى عمران الاستنساخ التي نلاحظها في معظم ما يشيد من عمران وينعكس على الطرق والميادين وفى الحدائق.. الخ من عناصر البنية التحتية والمرافق للمدينة وكذلك في المنتجعات الخاصة كبضاعة رخيصة تستهوى من عنده المال لجرنا إلى بيئة غريبة بعيدة عن حياتنا اليومية وجعلنا نتكيف معها «مجبر أخاك لا بطل». وفى هذا المقال هي محاولة لتقويم هذا الفكر الذي يتلقف الصالح والطالح ويعمل منه مدرسة حديثة من مدارس العمران دون رؤى تنبع من الواقع الحضاري والتراث التاريخي ومن القيم الإسلامية التي نتميز بها في المملكة والتي تدعو الى الوسطية والتكافل والتعاون بين البشر فيما يهدف الى تكامل حرية الفرد في الابداع في الفراغ الداخلي لمنزله واحترام حرمة الجماعة في اضفاء ثوب من التجانس على العمران الخارجي، بداية بعمارة الشارع أو عمارة المجتمع كما ينطلق عليها. وبهذا التوجه وضعت الأنظمة العمرانية ونظام البناء لتتناسب مع كل ما يلفظ لنا الغير من عمران يخص منطقته سواء من الشرق أو الغرب، حيث تكون الأنظمة متكاملة مترابطة تقوم على بناء هذا الفكر العمراني الجديد ويتم نسيان عمراننا وانعكاس احتياجاتنا عليه، كعملية مستمرة تتطور بشكل تلقائي عضوي من دخول عناصر حديثة للمدن في سبيل رفاهيتها الى التطور التقني الذي نتطلع له مستقبلاً، ولكن ليس من المعقول بين يوم وليلة نجد الأنظمة العمرانية تلزمنا بما ورد من استحداث بشكل كلي في عمراننا والمطلوب التقيد بها. من وجهة نظري هذا هو سبب عدم التزامنا على مستوى الأفراد او المؤسسات التطويرية بنظام البناء الحالي.. لأن التطور العمراني يتطور بتطور الابداع الفكري الملتزم بالشخصية المحلية.. لأن بهذه الصورة، سوف نصبح بلا فكر جديد أو تطوير يعيد الى عمراننا المحلي قيمه الثقافية والحضارية التي فقدت على مر سنين الاستنساخ منهم. ولاتزال تفقد بئتنا العمرانية التعليمية ما نستورده من مراجع اجنبية في مجال العمران والعمارة فقط يقتصر على تقليد العمران دون الرجوع لهذه المراجع والظروف التي كتبت بها.. وان كانت المراجع التعليمية الجيدة لم تجد لها طريقاً الى العملية التعليمية في كليات الهندسة لدينا الا أنني سوف اظل متفائلاً وسوف نقبل عمراننا الذي ينتجه فكرنا قبولاً حسناً.