الميزان التجاري لأي دولة يعتبر هو المقياس الحقيقي للتصنيف، فبمقدار استيعابها لرؤوس الأموال يكون المؤشر الاقتصادي محددا لحجم وثقل دخلها القومي. من هنا تحرص الدول على فتح قنوات الاستثمار بتشريعات تمنح بموجبها تسهيلات واعفاءات ضريبية تكون حافزا ومشجعا يستنفر بها المستثمر لتشغيل أمواله في مشاريع تشملها الخطة. وبما أن عامل الربحية هو المهيمن فتجده يبحث عن الأمان والاستقرار في الأنظمة والقوانين التي تمكنه من الاستمرار فى عملية الإنتاج، ويهمه ما أنجز من مشروعات في البنية التحتية من: طرق، اتصالات، وخدمات التسويق؛ للاطمئنان على صحة توجهه. وبما أن العارض يبحث عن فئة محددة تستهدفهم خطة الاستثمار، فلا بد له من تدعيم عرضه بتشغيل موارده وتسخير امكانياته بكل الطاقات المتاحة له؛ ليقنع الآخرين بجدوى استثماراتهم لديه، فعليه أن يبدأ بالخطوات التأسيسية لأى مشروع استثماري بتسهيل مهمة المشاركة بالتخلص من البيروقراطية، وتهيئة البيئة الاقتصادية القادرة على استيعاب رؤوس الأموال؛ لتمكينها من التشغيل الفاعل بعد فرش أرضية للبنية التحتية وبناء قاعدة معلومات تكون ركيزة يعتمد عليها في اتخاذ القرار الصائب، وتسهيل مهمة التواصل مع متخذي القرار؛ لتذليل العقبات إن وجدت، وإعطاء مرونة لعمليات الائتمان لتكون عمليات الخصخصة بأوسع الطرق تجذب المستثمر بدون توسلات أو تنازلات. فالمستثمر يبحث عن ركائز اقتصادية تكون مدروسة وتسمح له بالحركة والتوسع، وعندما يجد مثل هذه الأرضية الممهدة سيتهافت عليها؛ للفوز بنصيب منها. ولقد شغلت المليارات في مدينتي الجبيل وينبع الصناعية، وكنا أصحاب المبادرة في وضع الاشتراطات التشغيلية وما حدث عندما خصصت الاتصالات فقد تقاطر المقاولون بكل امكانياتهم للفوز بهذه العقود، وكذلك عندما طرحت مناقصة مطار الملك فهد بالدمام، وأيضا مشروعات النقل بالرياض، وكذلك توسعة الحرم المكي. وهذا ما يدعونني إلى المطالبة بتهيئة المناطق الصناعية الجديدة في مختلف مناطق المملكة بالبنية التحتية من: ماء، كهرباء، سفلتة، وتخطيط الأراضي حسب التصنيف (كميائية، معدنية، خشبية، ورقية، ومواد غذائية)، وحاجة كل تخصص مستهدف في الخطة؛ كي نضمن انسيابية تقديم الخدمة دون عوائق مساحية أو بيئية لعدم تجانس المحيط؛ لنشجع أصحاب المصانع في المنطقة الصناعية الأولى بالدمام بسلاسة الانتقال مع تسهيلات صندوق الاستثمارات الصناعية، وسيكون ذلك بمثابة دعوة لرؤوس الأموال المحلية المهاجرة بالعودة للبدء في مشروعات اقتصادية ذات مردود مجز بدلا من التعويل وانتظار المستثمر الأجنبى ليستفز فينا القرار ولاعطائه الثقة باستقرارنا الاقتصادي؛ لنولد للجميع القناعة بفاعليتنا في المشاركة وجدوى مساهمته معنا؛ لنتمكن من التطوير للفكرة وتوسيعها بإضافة خبرة وتقنية المستثمر الأجنبى وتحميسه لضخ الأموال من أجل زيادة القدرة التنافسية، فالسعودية كما أشرنا سالفا قادرة على جذب الاستثمارات المنتجة. والمشاهد في هذا المضمار تؤكد هذه المقولة، فالإمارات عندما شرعت بإنشاء المنطقة الحرة بجبل علي وكيف تسابق عليها المستثمرون.. وكذلك جمهورية مصر العربية عندما هيأت منطقة توشكا تسارع المستهدفون لاقتطاع نصيبهم من الاستثمار في هذه الكعكة، أما أن نستعطف المستثمرين فالقضية لا تحتمل العواطف، فعلينا أن نجابه ذلك بعقلانية، فالمعطيات المتاحة أمامنا فعلية فهي توفر لنا الكثير أرضا وقرضا، وعيون الدولة راعية لكل مخلص، لا فوائد ضريبية ولا قيود على الأموال، فالمشروعات التنموية عديدة تنتظر من يبلور فكرتها إلى واقع ملموس يضاف إلى عربة الاقتصاد، ونلغي فكرة الركود التي يرددها المتشائمون. فهل لنا من صحوة رجال الأعمال بقفزة تنموية لتحريك الدم في شرياننا الاقتصادي.