قال إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن محمد آل طالب: إن بلاد اليمن حافلة بالعلماء والصالحين أهلها أهل صبر وحكمة وحلم وقناعة وحنكة، حتى بلوا بطلاب دنيا ممن باعوا ذممهم وخذلوا أمتهم فتمالأوا مع العدو على أهلهم، وشذّ عن اليمنيين شرذمة باغية تدعمها قوى إقليمية كارهة للعرب حائدة عن الهدى والسنة، تهدف إلى بسط هيمنتها على اليمن وجعله منطلقا لنفوذها على بلاد العرب والمسلمين، وتحالفت الفئة الباغية مع جماعات باعت وطنها ودينها لاستجلاب مكاسب شخصية أو عائلية على حساب عروبة اليمن وعقيدتها، تحركهم وتمولهم في ذلك كتلة شر اعتادت على عداء العرب والمسلمين، وسعت لزراعة شوكة في خاصرة الجزيرة العربية مكررة نفس المشهد ونفس الزرع الذي غرسته في الشام، ولم يلق العرب والمسلمون من زرعهم خيرا، ففي الوقت الذي يطيل لسانه على اليهود تتوجه بنادقه لصدور العرب والمسلمين، وقد لقى منه جيرانه العرب أشر ما لقيه جار من جاره، وذلك بعد أن عاث في بلاده فسادا واغتيالا، وكتلة الشر تريد لوليدها الناشئ في اليمن أن يقوم بذات الدور الذي قام به في الشام. وأضاف فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام أمس: في سبيل ذلك لم تردعهم رحمة ولا دين، ولم يحترموا مواثيق أو قوانين، بل خرجوا باغين على سلطة نظامية، فلاحقوا الحاكم وحكومته التي عليها أهل اليمن واحتجزوا رئيس الدولة ومن معه من المسؤولين، وحاصروا المدن والقرى، وألحقوا بأهلها صنوف العذاب والهوان والأذى وعاثوا في البلاد قتلا ونهبا وسلبا وسعوا فيها فسادا وإرهابا وتخريبا، ودمروا المساكن والبيوت والمساجد والمدارس والجامعات، وقتلوا المسلمين المسالمين وشردوهم في داخل بلادهم يريدون إذلال اليمن وقهر أهله واستعباده للأعداء الغرباء، يعبثون بأمن الشعب اليمني، ويروجون للطائفية ويزرعون الإرهاب، بل تعالت أصواتهم مهددين المنطقة كلها مصرحين بالعدوان على بلاد الحرمين الشريفين ونشر الفوضى والإرهاب في بلاد الأمن والإيمان ومأرز الإسلام والسلام، قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر، مشيرا إلى أن المملكة العربية السعودية وأشقاءها بمعزل عن هذه الكارثة المحيطة منذ البداية. وأردف فضيلته: سعت المملكة بعقلها وحلمها لإطفاء نار الفتنة، وصناعة المبادرات ورعايتها، وجمع الفرقاء ودعم الحوار، وتجنيب اليمن أن ينزلق في حروب أهلية أو ينفلت في الفوضى والاضطراب، وصبرت طويلا وحلمت كثيرا، لكن نداء العقل ضاع في عماية الطائفية واستقوى البغاة في تدخلات الغرباء السافرة الرامية إلى زعزعة المنطقة ونشر الفوضى، وتكرر نقض الوعود وخفر العهود، فاجتمعت إرادة الغيورين من أمة الإسلام، فقلدوا أمرهم لله درهم، وقيض الله للحوادث الملك الحازم والشجاع العازم خادم الحرمين الشريفين وحارس بلاد العرب والمسلمين وناصر السنة والدين سلمان بن عبدالعزيز، فكانت «عاصفة الحزم» ومرام العزم تخضد شوكة من جلب العدو لدمار ديارهم وأذية جاره، فابتدأت «عاصفة الحزم» بسم الله وانطلقت على بركة الله لتقتلع الشر من أسه وتفلق هامة رأسه وتعيد اليمن لليمنيين، فلا رجعة لساسان بعد الإسلام ولا عجمة تطرأ على لسان اليعربيين لتبقى اليمن كما وصفها النبي صلى الله عليه وسلم محضنا للإيمان والحكمة، فهم للإسلام مدد وللعرب عدد وللشدائد وتد، وقام الملك متمثلا قول الأول (قوموا قياما على أمشاط أرجلكم، ثم افزعوا قد ينالوا الأمن من فزع). وأكد الشيخ آل طالب أن قرار الملك -نصره الله- كان شجاعا حكيما جاء في وقت أمس الحاجة، ولبى أمنية الأمة المحتاجة قياما بحق الأخوة وحق الجوار واستجابة لنداء الشعب اليمني المسلم وإغاثة للملهوف وحماية للدمار وإنقاذا لبلاد الإسلام من سيطرة المد الصفوي المحتل، فبارك الله خطى الملك وبارك في عمره وعمله وأيده بتأييده. وبين فضيلته أن «عاصفة الحزم» قد ردت للأمة روحها وأملها وجمعت الكلمة ووحدت الصف وعرفت الأمة بعدوها، داعيا الله أن تكون فاتحة خير على أمة الإسلام وتجتمع كلمتها وتزداد نصرتها للسنة والدين. وأشار إمام المسجد الحرام إلى أن التمدد الطائفي في اليمن هو امتداد لما فعله أصحاب الجرائم في العراق وفي سورية، إذ أن المد الصفوي الطائفي الذي انتشر في الأمة يعمد إلى العمل المسلح ونشر الفوضى والقتل، وكم ذاق الناس على مختلف مذاهبهم في العراق وسورية من ويلات الحروب التي غذاها هؤلاء وأداروا رحاها تطحن المدنيين من الأطفال والشيوخ والرجال والنساء بلا رحمة ولا شفقة ولا حياء، وإن التصدي إلى المد الطائفي في اليمن واجب على القادرين، فهو عدو للدين عدو لأهل بلده وشعبه، كما هو عدو لجيرانه، كما أنه لا يمثل إلا نسبة ضئيلة منهم، ومع ذلك يحمل أهل اليمن كلهم على معتقداته وأفكاره، آلته في ذلك الحديد والنار والقتل والسجن والتهجير، فكان استنقاذ اليمن من براثن الاحتلال الصفوي واجب شرعي، والقتال في سبيله جهاد في سبيل الله، والدفاع عن اليمن هو الدفاع عن الركن اليماني الذي يجاهر الأعداء باحتلاله ويهددون أمن الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين. وقال إمام وخطيب المسجد الحرام للشعب اليمني: "أمامكم فرصة تاريخية سنحت، وأيد إخوة كرام امتدت، وقلوب مليار مسلم تعاطفت، فأجمعوا أمركم ورأيكم واحزموا أمركم ووحدوا كلمتكم وغلبوا مصلحة الإسلام والعروبة وكونوا صفا واحدا لاقتلاع الشوك من جسد اليمن المثخن. وخاطب فضيلته الجنود البواسل من المقاتلين والمرابطين داخل اليمن وخارجه قائلا: أنتم في جهاد ما دمتم تدفعون الباغي من ورائه تدفعون الصائل، وتجالدون الباطل وتكفون الشر عن بلاد المسلمين، نداء لعامة المسلمين بالالتفاف حول ولاة الأمر من الأمراء والعلماء وجمع الكلمة ووحدة الصف اليوم هو يوم اجتماع الكلمة ووحدة الصف. واستطرد قائلا: إن نصرة المظلوم والدفاع عن الدين وقتال البغاة وحماية الديار من أعظم القربات وأوجب الواجبات، والحمد لله الذي وفق خادم الحرمين الشريفين لهذا القرار التاريخي الحازم والذي بادرت القيادات العربية والإسلامية مشكورة بالتحالف معه، ولقي تأييدا كبيرا من العلماء والمنظمات الإسلامية والهيئات الشرعية في أقطار الأرض، كما حظي بالتأييد الكبير من العقلاء في العالم، وما كان للمملكة أن تضطر لهذا القرار إلا بعد أن استنفدت كل الجهود للنصح والإصلاح التي ذهبت مع طغيان الباغين أدراج الرياح، وقد رأت الشر يحيط بها وباليمن فكان لا بد من الحزم والعزم. وفي المدينةالمنورة تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس قائلا: إن اليمن قد جرت على ولاته قديماً وحديثاً سنن الله كغيره من الأقطار، فمن أحسن إلى أهله وعدل وأقام الدين نال كل خير وعز، ومن أساء وظلم وطغى وأذل أهله أخزاه الله وأهانه. وأوضح أن هذه الطائفة المنحرفة المتآمرة على اليمن تريد أن تغير هوية اليمن ودينه ومكارم أخلاقه، وتهين أهله، وهي طائفة معروفة بالعدوان والدسائس، وقد عرف بالتفصيل من يقف وراءها في داخل اليمن وخارجه وأصبحت أهدافهم ونواياهم مكشوفة للعيان من تخريب وإفساد. مردفا القول: وهذه الطائفة أصبحت عدوة للسلم مزعزعة للأمن وخطرا على أمن المنطقة واستقرارها وحرباً على جيرانها. وتابع فضيلته: فكانت رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- في محاربة هذه الشرذمة الخطيرة، وأنهم لن يكفوا عن الإفساد، وطلبت الجمهورية اليمنية من جيرانها ومن دول التحالف التدخل لكف شر هذه الزمرة وإفشال انقلابها على الحكومة المنتخبة، ولبت المملكة النداء ونصرت بلداً جاراً مظلوماً اغتصبت سيادته وانتهكت حقوق أهله، فأنقذ خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- بلداً جاراً مظلوماً بهذا القرار الصائب بتوفيق من الله تبارك وتعالى، مؤكدًا أن قرار «عاصفة الحزم» جاء في وقت أحوج ما تكون إليه الأمة لكف شر هذه الزمرة التي أضرت بكل شيء.