التبرير تأكيد للفشل، وشماعة للهروب إلى الأمام، والأسوأ من الأول والثاني رميه على الآخرين. لا أعرف لماذا تغيب عنا ثقافة الاعتراف بالفشل في محطة ما أو بطولة ما أو قضية ما، فالإنسان معرض للاخفاق، والناجح من يتخذ فشله عنوانا لنهوضه وتألقه في المستقبل بعد اكتساب الخبرة والمعرفة والممارسة. وفي مجتمعنا الرياضي يبرز التبرير والهروب من رؤساء وصناع القرار في الأندية عندما يفشلون في محطة ما، وكأن الفشل عار والخطأ فضيحة في العمل الإداري، والأغرب في تصرفاتهم رمي حالات الإخفاق على الآخرين في محاولة (مكيجة) قراراتهم بالصواب والتعذر بالظروف أو الصافرة أو المدرب أو محاولة الاسقاط على من يختلفون معهم في الرأي والتوجه. لا أتذكر مسئولا في أحد الأندية اعتذر لجمهور ناديه بعد خسارة لقب، أو فشل صفقة، أو عدم تجديد للاعب فذ، أو أخفق في ملف الأجانب والمدربين إلا ما ندر، فالصورة المتعارف عليها في وسطنا الرياضي هي رمي الاتهامات على الآخرين حتى لو كانت تجنيا، فالمهم هو التبرير وعدم الاعتراف بالفشل. نحتاج في عملنا الإداري لتعزيز ثقافة الاعتراف بالفشل واعتباره أمر اعتياديا لا فضائحيا كما يتصور البعض، فقد تنجح في موسم وتفشل في اخر، وهذا الواقع هو حال الرياضة في كل مجالاتها. وبصراحة ما كان يمرر في الماضي على الجمهور من تبرير واللعب على وتر الميول ومحاربة الآخرين، لا يمكن تبريره في الوقت الراهن جراء الحالة الانفتاحية للوصول إلى المعلومة والوقوف على الحقيقة. ما كان صالحا من ألاعيب في الماضي لا يمكن العمل به في الحاضر؛ لأن الجمهور أصبح أكثر وعيا مما يتصور صناع القرار في الاتحادات والأندية، وأكثر فهما وفطنة مما يتصور الإعلام بكل جوانبه مكتوبا أو مسموعا أو مرئيا. ثمة خلل نواجهه في تعاملنا مع الآخر سواء كان هذا الآخر جمهورا أو إعلاما، والسبب أننا لم نغير من مفاهيمنا التي يجب تحديثها أو إلغاؤها مع تقدم الزمن، فالبقاء في ركن الماضي لا يدفع بنا إلى الأمام، لاسيما ذلك المسئول الذي لا يتطور ويعتقد أن الآخرين يعيشون نفس أزمته. التبرير لم يعد مجديا، واللعب على وتر الميول وان نجح في خداع البعض، إلا أن هناك من يواجهه ممن يحمل نفس الميول، وهذا ما يبرز لنا في الوقت الراهن جبهة (الموالاة والمعارضة) في معظم الأندية، وهذا التصنيف لم يكن موجودا في السابق، فالأندية وجماهيرها كانت تسير على رأي واحد مهما كانت الأخطاء، أما وقتنا الحاضر فهناك أصوات ترتفع ضد الأخطاء وترفض التبرير.