وليس هناك أدنى شك في أن أبا القاسم المجريطي واسع الاطلاع، ومن علماء العرب والمسلمين الذين قدموا خدمة جليلة للحضارة الانسانية بجهوده الفريدة في جميع فروع المعرفة، فله رسالة عن الأسطرلاب ترجمها الى اللغة اللاتينية جون هسبا لينسيس، وكذلك تعليق على إنتاج بطليموس ترجمه الى اللغة اللاتينية رودلف أوف برجس في أوائل القرن العشرين الميلادي، وكتاب الحساب التجاري، وقد عرف المجريطي علماء الأندلس بإنتاج إخوان الصفا. ويقول نفيس أحمد في كتابه الفكر الجغرافي في التراث الاسلامي: إن أبا القاسم المجريطي قام بعمل مختصر لجداول البتاني الفلكية، فصار هذا المختصر مرجعا هاما لعلماء الفلك، إضافة الى كتبه الرائعة في تمام العدد، وتعديل الكواكب، والعمل في الأسطرلاب، وهكذا يقف أبو القاسم المجريطي عملاقا بين علماء المعمورة ليس فقط في العلوم البحتة ولكن ايضا في العلوم التطبيقية. وعندما درس المجريطي إنتاج علماء اليونان في حقل الرياضيات، وجد نفسه ملزما بالتعليق عليها ثم التأليف في هذا المجال، فكان بهذا من علماء العرب والمسلمين الذين طوروا نظريات الأعداد، وهندسة إقليدس، ثم كتب كتابا قيما في الحساب التجاري الذي صار متداولا في جميع أنحاء العالم. يقول فلورين كاجوري في كتابه تاريخ الرياضيات: إن ابا القاسم المجريطي نبغ في نظريات الأعداد، لا سيما فيما يتعلق بالأعداد المتحابة، وله مؤلفات قيمة في علمي الحساب والهندسة، والجدير بالذكر أن انتاج أبي القاسم المجريطي العلمي ظل لعدة سنوات يدرس في الجامعات الأوروبية، بل إن علماء الغرب هم أول من أبرزوا إنتاج المجريطي وعرفونا به. ويقول أ.ج. هولميارد في كتابه الكيمياء حتى عصر دالتون: إن أبا القاسم المجريطي يعتبر بحق من أذكى حكماء الأندلس، فكان له شأن في علمي الرياضيات والفلك، فنال شهرة عظيمة بمهارته العلمية. وتتلمذ على يد كثير من مشاهير علماء المشرق، واتصل مباشرة بإخوان الصفا الذين شملت رسائلهم مختلف جوانب العلوم التطبيقية والبحتة، لذا نجد أن المجريطي اول من أدخل موسوعة إخوان الصفا الإسلامية الى الأندلس ومنها الى أوروبا التي استمرت تعتمد عليها كمرجع علمي عبر العصور.