إن دراسة سير الأنبياء والمرسلين والأئمة المهتدين, والدعاة الصالحين الصادقين المخلصين وقراءتها والتأمل فيها, وبيان ما قاموا به من جهاد ومجاهدة متواصلين, ودعوة للناس من أجل تحقيق التوحيد, ورفع رايته وإعلاء كلمة الله وإخراج الناس من الظلمات إلى النور - بإذن الله - ونبذ البدع والخرافات والشركيات, وتطبيق شرع الله وأحكامه, وتنفيذ حدوده وأوامره باذلين في سبيل ذلك النفس والمال والولد, مرخصين الغالي والنفيس صابرين محتسبين متحملين الأذى والعنت والصدود, له من الفوائد والثمار وفيه من العبر والعظات للمطلع عليها والناظر فيها الشيء الكثير نورد ما ييسر الله لنا منها: أ: زيادة الإيمان, لأن حياة هؤلاء كلها أساسها الإيمان ومقصودهم من أعمالهم وما قاموا به الدعوة إلى الإيمان الخالص فقاعدتهم هي الإيمان وسبيل تحقيق غايتهم هو الإيمان, وهدفهم إخراج الناس من ظلمات الشرك والمعاصي إلى نور الإيمان ومن الضلال إلى الهدى ومن الجهل إلى العلم ومن سبيل المغضوب عليهم والضالين إلى سبيل الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والصالحين والشهداء وحسن أولئك رفيقا منطلقين في ذلك من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون) وقال: (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور). ب: القدوة الحسنة قال تعالى : (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) والرسول صلى الله عليه وسلم وغيره من الرسل كانوا قدوة في أقوالهم وأعمالهم وآدابهم وأخلاقهم ومعاملاتهم وتعاملاتهم وجميع أحوالهم, وكذلك من نهج نهجهم وأقتفى أثرهم, وسار على دربهم ودعا بدعوتهم وتتبع سيرهم ضربوا أروع الأمثلة وسطروا أعظم الشواهد وأقوى الحجج وأوضح البراهين على فضل القدوة وأهميتها وأثرها الواضح في جلب الناس والوصول إلى اعماقهم وكسب قلوبهم وتأليفهم وجمعهم على الخير والصلاح وتعاونهم على البر والتقوى. ج: الاعتبار بما جرى لمن آذاهم وخالفهم من أصحاب الشرك والبدع من الخذلان والذل والهوان وبما حقق الله لهم من العزة والنصرة والتمكين قال تعالى: (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور) وقال : (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم.). د: الاستفادة من منهجهم القويم وطريقهم السليم الذي من خلاله استطاعوا أن يصلوا إلى قلوب الناس ويمتلكوا عقولهم ويكسبوا محبتهم ويتأثروا بدعوتهم فيقفوا معهم ويناصرونهم ويتعاونون معهم ويدافعون عنهم. ه: التعرف على ما خلفوه من تراث عظيم وتاريخ قويم ومسيرة حميدة صار مضرب المثل, ومحط النظر وعبرة لمن يعتبر يستفاد منه كمنهج حياة وطريق سلامة وسبيل نجاة وفلاح وسعادة في الدنيا والآخرة. فإنه لم يخل قرن من القرون التي كثرت فيها البدع والشرك والخرافات والاستعانة بالأموات من علماء ربانيين ودعاة مصلحين يجددون لهذه الأمة أمر دينها بالدعوة والتعليم والقدوة الحسنة وينفون عنه تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين كما يقومون برد الشبه وقمع الملحدين وتأييد شريعة سيد المرسلين وذلك مصداقا لما ورد في الحديث الذي رواه أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها) ولقد كان الشيخ الكبير والمصلح الشهير الداعي إلى توحيد الله العلي الكبير محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - من أولئك العدول المجددين والمصلحين المخلصين الذين كان لهم الفضل بعد الله في تحقيق التوحيد في هذه البلاد المباركة ونشر العلم الصحيح المستمد من المنبعين الصافيين, والمصدرين الأصليين لهذا الدين كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى عادت شعائر الإسلام ومبادئ الدين الحنيف غضة ندية يتفيأ ظلالها ويعمل بها كل من عاش في هذه البلاد أو وطأت أقدامه أرضها. *وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية