سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د.عبدالرزاق العصماني : صحفنا اليومية تحولت لكشكول تعبير لكل من أراد أن يجرّب قلمه في موضوع ما تأنيث رئاسة التحرير سيبوء بالفشل بالتأكيد فالإعلام السعودي ذاته متعثر
بطاقة الضيف : عبدالرزاق صالح العصماني من مواليد أضم عام 1367 التحق بالثانوية الليلة بمكة وتخرج منها عام 1394 عمل قارئ للعدادات ثم كاتب في مصلحة عين زبيدة والعزيزة بمكة من عام 1388ه – 1394ه عمل مراسل وكاتب في عدة صحف سعودية كالندوة والبلاد وعكاظ تعاون مع الإذاعة السعودية في البرنامج الثاني من جده في إعداد المجلة الثقافية التحق بجامعة الملك سعود وحصل على البكالوريوس في الصحافة عام 1398ه ابتعث إلى بريطاني في برنامج إعلامي تدريبي في كل من صحيفة القارديان البريطانية وهيئة الإذاعة البريطانية BBC القسم العربي عام 1977م عمل معيد في قسم الإعلام بجامعة الملك عبدالعزيز بجده ابتعث إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية فحصل على الماجستير في الصحافة من جامعة وسكنسوين حصل على الدكتوراه في الفلسفة من قسم فنون الاتصال بجامعة وسكنسوين عام 1984م عمل أستاذ في الإعلام الدولي في جامعة الملك عبدالعزيز بجده من عام 1405 ه إلى عام 1427ه حيث أحيل على التقاعد - اتهمت الإعلام السعودي بأنه إعلام سطحي في معالجته للقضايا الاجتماعية ؟ ما هو الحل في نظرك من الناحية الإعلامية؟ السطحية تأتي من عدم وجود الإعلاميين المتخصصين والمؤهلين تأهيلاً عالياً وحتى أولئك الذين تخرجوا من أقسام الإعلام مالبثوا أن تأقلموا مع الوضع السائد بدلاً من أن يحدثوا هم التأثير المطلوب بدفع الإعلام إلى الأمام . الصحف السعودية اليوم مليئة بأطروحات الكتّاب الذين ينضمون إلى الكتابة يومياً حتى تحولت بعض الصحف إلى كشكول تعبير لكل من أراد أن يجرّب قلمه في موضوع ما . حتى أن أقلامهم تكون الموضوع الواحد بالتناوب وبنفس الرؤية نعم هناك تيارات تبدو في الظاهر متباينة ولكن في الحقيقة غير ذلك تماماً هناك محاولات في التلفزيون وفي الصحافة للدخول إلى عمق المشكلات ولكن هذه المحاولات تفاجأ دائماً بفريق التصدي الذي يلتزم بالتصدي لأي شي يحاول زعزعة الواقع السلبي تحت شعار مناهضة الدفاع عن المجتمع . للأسف صحفنا تمتلئ يومياً بأخبار وموضوعات سطحية لا طائل منها ابتداءً من مواطن يشق ثوبه بينما تصوره الكاميرا وسيارة إسعاف تقل شخصاً إلى مستشفى الأمراض النفسية وانتهاء بشخص مسن يعبر الشارع . القارئ يُقّلب الصفحات من أولها إلى آخرها فلا يكاد يجد ما يستوقفه ومع ذلك فأعداد الصفحات تتزايد باستمرار أما الحل في إيجاد البدائل التي يمكن أن تحدث على المنافسة فنحن بحاجة إلى صحف شبابية وصحف صغيرة بميزانيات متواضعة في القرى والأرياف ومثل ذلك في إنشاء محطات إذاعية وتلفزيونية مستقلة في المناطق المختلفة إذ أريد للإعلام أن يقترب من مشكلات الناس وحاجاتهم فالزمن تجاوز مرحلة المحطة الوطنية الواحدة والصحيفة الوطنية الواحدة وإن تعددت الأسماء. - وهل مشكلة الإعلام السعودي أنه لا يعرف ماذا يريد ؟ أتصور أنه يعرف ما يريد ولكن ليس لديه الآليات ولا الدماء المتجددة التي تأخذه في وثبات سريعة متتالية نحو الأفضل أضف إلى ذلك الإعلام السعودي تتقاذفه تيارات متصارعة لا طائل من ورائها وأعتقد أن لديه مشكلة في الولاء فهو لا يعرف كيف يكون مواليا للدين وللعروبة وللوطن ولنزعة التحديث الغربية في آن واحد بل أنه يطلع علينا أحيانا بما يمكن أن يعتبر ولاءً للشيطان لقد فقد مرجعيته وفقد معها هويته إلا ما رحم ربي . - ألا تعتقد أن هامش الحرية في الإعلام السعودي في تطور ؟ نعم هو في تطور ولكن هذا التطور ليس من منجزات الإعلام نفسه ولا يحسب له لقد أتى من طريقين الأول التكنولوجيا فلقد أصبح الفضاء بعرضه وطوله ميداناً متاحاً للتعبير إذ بوسع الإنسان أن يكتب ما يشاء ويقذف به شبكات الاتصال الدولي لقد أصبح منتجاً بعد أن ظل مستهلكاً وأرغمت هذه الانجازات التقنية وسائل الإعلام على أن تتنازل عن بعض امتيازاتها للمتلفظين ففتحت أبواب المشاركة على مصاريعها أما الطريق الثاني فقد جاء من القيادة نفسها التي أحست أن وسائل الأعلام يمكن أن تكون عوناً لها وليست عدواً يخشى منه وهذه خطوة مباركة تحسب لولاة الأمر أما الأعلام السعودي فإنه لايتحرك عادة إلا على وقه المآسي أو الكوارث رأيناه خلال كارثة السيول التي اجتاحت جده يستميت في الطرح ويبحث عن ضحايا وأخطاء هنا وهناك ولكنه لم يكن موجوداً منذ عشرين عاماً حيث كان بوسعه أن يناقش الخطط الحكومية ويوجه انتقاداته لها بدلاً من الإشادة والتلميع الصحفي لقد كان بوسعه أن يشارك في منع حدوث الكارثة ولكنه تقاعس ولم تكن لديه رؤية تميزه عدا رؤية الحكومة التي كان يستميت في الدفاع عنها. - هناك إجماعا أن وسائل الإعلام تؤثر ولكن إلى أي حد ؟ عندما توظف وسائل الإعلام لخدمة أهداف محددة وفق خطط مدروسة فإنها تؤثر بلاشك ولا أدل على ذلك من الإعلان التلفزيوني فرسالته واضحة وجمهوره واضحة وجمهوره واضح والغرض من الإعلان هو التأثير على سلوك المستهلكين وإحداث تغيير في نظام الخيارات وعلى هذا فهو يؤثر تأثيراً مباشراً ولكن في أحايين أخرى تصل وسائل الإعلام إلى المتلقي وتؤثر وذلك بالتأثير على القناعات ولكن المحطة النهائية لهذا التأثير وهي إحداث تغيير ملموس أما غالبية مانراه من تأثير وسائل الإعلام اليوم فهو ما يعرف بتأثير الطوفان وهو تغيير شامل الضّحية فيه المتلقي والثقافة بأسرها والدم مشاع بين القبائل لا نعرف من الذي بدأ ولمصلحة من ؟ لاندري هل التأثير من القنوات الفضائية نفسها أو من النظام الاقتصادي العالمي الذي أضح العالم يئن تحت وطأته أو من الثقافة المحلية نفسها التي أصبحت أكثر هشاشة في مقاومته السيل العارم للثقافة الوافدة أو من صنّاع التكنولوجيا الذين يواصلون ليلهم بنهارهم لتكون العالم ميدانهم وقد أصبح إلى حد كبير ونحن دائما نقول دائما مادامت هناك وسيلة سيكون هناك من يتأثر - هل ثقافة المجتمع السعودي مهيأة لأي تغيير اجتماعي سيحدث في المستقبل ؟ ليس هناك ثقافة سعودية بل نحن جزء من الثقافة العربية بأسرها لكن إذا أخذنا المجتمع السعودي على سبيل المثال نجده منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وظهور البترول وهو في تغير مستمر وعندما تدخل دوامة التغيير فإن خياراتك تتراجع تدريجياً تتسع بوابة القبول أكثر فأكثر وتنحسر بوابة الرفض شيئاً فشيئاً هناك فرق بين أن تتغير وفقاً لقناعتك وطموحاتك وبين أن تتغير وفقاً لمتغيرات تتحرك حولك فتجبرك على التغيير وأعتقد أن هذه مشكلة معظم المجتمعات العربية التي أصبحت تتغير شاءت أم أبت فالجميع حولها يتحركون . - خطت المرأة السعودية خطوات كبيرة في المجال الإعلامي ما تقييمكم لدورها ؟ وماذا ينقصها ؟ ما قامت به المرأة السعودية إلى حد الآن هو اجتهادات فردية من قبيل التواجد والمنافسة مع الرجل لكني شخصياً لم أجد لها أي إضافات إلى مفهوم العمل الإعلامي كل إعلامية تريد أن تأخذ مكان إعلامي ليس إلا بمعنى ليست هناك بصمات واضحة للمرأة ومن المعروف إن المرأة حتى في الغرب هي أقل كفاءة من الرجل في العمل الإعلامي أما في ما يخص التلفزيون فالمرأة لا تعدو إلا أن تكون قارئة للأخبار أو مقدمة برامج يتم اختيارها في معظم الأحيان لتكون أداة جذب للمشاهد وهذا لاينفي أن هناك إعلاميات لا بأس بهن ولكن أعدادهن أقل من القليل . - وما رأيك بالمطالبة النسوية بتأنيث رئاسة التحرير في الصحف اليومية ؟ ستبوء بالفشل بالتأكيد فالإعلام السعودي ذاته متعثر مقارنة مع الدول العربية الأخرى وقد ألمحت آنفا إلى أنه يعاني من مشكلات عديدة إن عقدة مايسمى بالمساواة مع الرجل هي التي تجعل المرأة لا تترك مجالاً إلا وأقحمت نفسها فيه وكل ذلك على حساب البيت والأسرة وهما البيئة الطبيعية للمرأة والمكان الذي يتناسب مع فطرتها ومقوماتها خروج المرأة السعودية للعمل كان له انعكاساً سلبياً على الطفل وعلى الأسرة فلاهي بقيت في المنزل وحافظت علية وفي ذات الوقت لم تحقق الكثير في سعيها في منافسة الرجل وأخشى ما أخشاه أن تصل منافستها إلى ما وصلت إالية الدعوة إلى السعودة منذ أكثر من عشرين عاماً حيث لازالت أعداد العمالة الأجنبية في تزايد - لو عاد بك الزمن للوراء ما القرار اللي تتخذه في حياتك ؟ لو عاد الزمن إلى الوراء لما درست الإعلام ولبحثت عن علم آخر أكثر واقعية وأشرف هوية ولكن الزمن لا يرجع إلى الوراء الإعلام طاغوت هذا العصر لهذا اكفرت به وكان يمكن أن أكون في وضع أفضل لو أنني درست الأدب أو الأديان أو القانون . - وماذا حققت حتى الآن ؟ وما لم تحققه ؟ يموت الإنسان عادة وهناك أهداف لم يحققها فالإنسان يتطلع دائما إلى المزيد والمزيد ولا يوقفه إلا القناعة والطمأنينة وإنا ولله الحمد قانع بما حققت ومطمئن أنني سأستوفي كل ماكتبه الله لي والأهم من هذا كله أن يكون المرء مع الله . - أين تجد نفسك اليوم وماهي مشاريعك المستقبلية ؟ أجد نفسي على مسافة واحدة من قلوب الآخرين أحسستها وأنعم بدفئها وأتقاسم معها حلاوة الحياة ومرارتها أتطلع إلى تأليف كتاب جديد ربما لخصت فيه فلسفتي ورؤيتي للحياة من خلال تجربتي المتواضعة عدا من ذلك لا أدري ما الذي سأقوم به ولا أميل إلى التخطيط عادة بل نتركها لتوفيق الله وتدبيره إذ أن جل شقاء الإنسان يأتي من اعتداده بنفسه واعتماده عليها بشكل مفرط .