أحمد الزايدي إحداث التحول التربوي وقيادة التغيير تستدعي الوقوف على التجارب العالمية الرائدة، وتبني أفضل الممارسات، واستخدم أسلوب المقارنة المرجعية ؛ للاستفادة من خبرات الآخرين، واستيراد تلك التجارب ومواءمتها مع البيئة السعودية، والبدء من حيث انتهى الآخرون. وتعد خطة وزارة التعليم في إعادة النظر في برامج إعداد المعلم، ودور كليات التربية أول خطوة في الاتجاه الصحيح، فلم تعد برامج إعداد المعلم ملبية للاتجاهات الحديثة، كما أنها لم تعد منسجمه مع متطلبات التحول الوطني ورؤية المملكة 2030. ولا غرو فإن تبني الجامعات السعودية للأنموذج المستقبلي لكليات التربية؛ لتكون موجهةً نحو الدراسات العليا والبحث العلمي، كما هو المأمول من إنشاء كلية الدراسات العليا التربوية في جامعة الملك عبدالعزيز، وهو توجه عالمي تتبناه أكثر الجامعات عراقة ومكانة علمية على مستوى العالم مثل جامعة ستانفورد، وجامعة هارفرد ، وجامعة أكسفورد والتي احتلت المراتب الثلاثة الأول في تصنيف التايمز لعام 2018 ، وما يلفت النظر ويستحق التأمل ضمن أفضل الممارسات العالمية أنموذج كلية التربية بجامعة هونج كونج والتي احتلت المرتبة الرابعة ضمن أفضل عشر جامعات في العالم في ذات التصنيف، وتحديداً في تخصص التربية. وما يستدعي التوقف والتأمل في المكانة العالمية التي حققتها كلية التربية بجامعة هونج كونج هي تلك الرؤية والرسالة والالتزامات التي تعهدت والتزمت بها الكلية، والتي وجهت ممارساتها الأكاديمية نحو التميز، والعالمية، إذ سعت الكلية من خلال رؤيتها إلى أن تكون قائدة في الدراسات والممارسات التربوية، والتأثير على السياسة التربوية العامة ، وتطوير المجتمع بواسطة التعليم ، وتأهيل الخريجين الملتزمين بشدة بمهنتهم.وفي مسعى الكلية لتحقيق هذه الرؤية التزمت في رسالتها بأن تنخرط في البحوث ذات التأثير العالي عالمياً، ووطنياً، ومحلياً، والاندماج في شراكات بناءة مع الأوساط الأكاديمية، والمهنية؛ لتوليد المعرفة، ونشرها، وتطبيقها، وتبادلها، وبناء القدرات التربوية. وتبنت الكلية ستة التزامات رئيسة؛ لتحقيق رؤيتها، ورسالتها، وترجمتها إلى سياسات، وممارسات حقيقية تمثلت في الالتزام الأول التميز: والتي سعت لتحقيقه بتبني أفضل المعايير العالمية للابتكار، والإبداع في التدريس، والبحث وتبادل المعرفة، والالتزام الثاني : تحقيق الاستدامة ببناء علاقات طويلة الأمد مع شركائها من الخريجين، و المجتمع؛ لضمان استدامة التطوير، والالتزام الثالث: تعزيز قيم الزمالة المهنية والعمل الجماعي، وتقديم الدعم وترسيخ الثقافة التعاونية، والاحترام المتبادل، والالتزام الرابع: تحقيق العدل باستخدام معايير موضوعية، وشفافة في التعامل مع الطلاب، وأعضاء هيئة التدريس، والالتزام الخامس: إرساء الممارسات القائمة على المساواة بتوفير فرص متكافئة، والعدالة الاجتماعية، والالتزام السادس: تعزيز الحرية الأكاديمية بحماية حرية تدفق الأفكار دون خوف أو محاباة مع احترام أراء الأخرين . إن تحقيق الريادة والعالمية لكليات التربية بالمملكة ينطلق من تبني أفضل الممارسات العالمية، وعقد الشراكات مع الجامعات العالمية المرموقة، ومحاكاة التجارب العالمية الرائدة، واستقطاب الكفاءات العلمية المتميزة عالمياً، وجعل ( التميز، والاستدامة، والزمالة، والعدل، والمساواة، والحرية الأكاديمية ) قيم راسخة في ثقافتها، وموجهة لممارساتها الأكاديمية، والخروج من الأدوار التقليدية، وإعطاء اهتمام أكثر بالبحث العلمي، وبمراكز التميز البحثي، والعناية باختيار القيادات الأكاديمية المتخصصة، والمدركة لمتطلبات التحول التربوي، والقادرة على قيادة التغيير المؤسسي، والمتصلة فكرياً وعلمياً مع مثل هذه المؤسسات العالمية الرائدة؛ لنقل مثل هذه الممارسات الأكاديمية وتوطينها في كليات التربية بالمملكة.