طرح أدونيس في عمل شعري - ليس من شعره هذه المرة - كتاباً مهماً بعد إصداره "ديوان الشعر العربي" بأجزائه الأربعة ويقدم للقارئ فضلاً عن المتعة الفنية "خدمة معرفية" ومرجعاً مهماً. كتاب أدونيس (علي أحمد سعيد) حمل عنوان "ديوان البيت الواحد في الشعر العربي" وجاء في 245 صفحة متوسطة القطع مع مقدمة مهمة في مدلولاتها الفكرية وما تشير إليه من قيم جمالية. قال أدونيس في المقدمة "هذه محاولة أخرى لبناء سياق مشترك بين ماضي الشعر العربي وحاضره". تنهض هذه المحاولة على قاعدة البيت الواحد وهو بيت يقوم على الفكرة الومضة، أو (الصورة - اللمحة) أو (المعنى - الصورة). وأضاف "هنا في البيت الواحد يصفو الإيجاز وتتكثف حكمة البداهة وبداهة الحكمة. هنا كذلك يرتجل العميق الغامض وتتعانق الروية والشفوية. هكذا ينفتح مجال آخر لامتحان التجربة رؤية وكشفاً". وتابع "هي إذن بعد "ديوان الشعر العربي بأجزائه الأربعة" محاولة أخرى لبناء سياق إبداعي مشترك بين ماض عربي تؤرجحه النزعات والمعتقدات تارة في اتجاه ذاكرة ملتبسة عدا أنها موضع صراع وتنازع واقتتال أحياناً، وتارة في اتجاه مستقبل لا ذاكرة له وليس في الحاضر مستند راسخ". ورأى أدونيس أنه من الناحية العملية فإن هذه المحاولة تتيح للقارئ "الذي يحب السفر في اتجاه الذاكرة والتاريخ والماضي أن يسير خفيفاً في دروب الفكر والمخيلة حيث تتبجس أشعة مفردة مفاجئة وتتموج ينابيع شاهقة من اللذة والغبطة: غبطة الفكر ولذة الحس والمخيلة. أقول ذلك وأعرف أن الشعر ليس ذاكرة بل حضور أيضاً.