وزير البيئة والمياه والزراعة يلتقي أمين منطقة تبوك وعدد من قيادات الأمانة    رابطة العالم الإسلامي ترحّب بعزم أستراليا ودراسة نيوزيلندا الاعتراف بالدولة الفلسطينية    قرعة دوري أبطال الخليج تضع الشباب في المجموعة الثانية مع الريان القطري    "المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور" منصة عالمية للشراكات الإستراتيجية    نائب أمير الرياض يستقبل سفير إندونيسيا لدى المملكة    ملتقى أقرأ الإثرائي يستعرض أدوات الذكاء الاصطناعي وفن المناظرة    بعد هدفه الأول مع الهلال.. من الأوروغواي: نونيز ينسجم سريعًا مع قاهر السيتي    البركة الخيرية تواصل دعم الهجر وتوزع السلال الغذائية والأجهزة في هجرة الوسيع    أخصائي نفسي: نكد الزوجة يدفع الزوج لزيادة ساعات العمل 15%    وزير الشؤون الإسلامية يوجّه بتخصيص خطبة الجمعة القادمة عن بر الوالدين ووجوب الإحسان إليهما    النصر يحسم تعاقده مع كينجسلي كومان    القيادة تهنئ رئيس جمهورية تشاد رأس الدولة بذكرى استقلال بلاده    جامعة جازان تطلق برنامجًا تدريبيًا في الذكاء الاصطناعي    بدء استقبال الترشيحات لجائزة مكة للتميز في دورتها السابعة عشرة    المدينة الطبية بجامعة الملك سعود تجري أول زراعة لغرسة قوقعة صناعية ذكية بالشرق الأوسط وأفريقيا    أحداث تاريخية في جيزان.. معركة قاع الثور    تراجع أسعار الذهب    احتلال مدينة غزة جزء من خطة استراتيجية تنتهي بالتهجير    إنهاء معاناة مقيمة عشرينية باستئصال ورم وعائي نادر من فكها في الخرج    أمير تبوك يستقبل المواطن ناصر البلوي الذي تنازل عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى    الهولندي "ManuBachoore" يحرز بطولة "EA Sport FC 25"    أوروبا تعلن استعدادها لمواصلة تقديم الدعم لأوكرانيا    سعود بن بندر يستقبل مدير فرع رئاسة الإفتاء في الشرقية    النصر يسعى لضم لاعب إنتر ميلان    القادسية يعترض على مشاركة الأهلي في السوبر    ثنائي ريال مدريد على رادار دوري روشن    ارتفاع الرقم القياسي للإنتاج الصناعي 7.9 %    أميركا ومحاربة الفقر    النيابة العامة: رقابة وتفتيش على السجون ودور التوقيف    «منارة العلا» ترصد عجائب الفضاء    «الهلال الأحمر بجازان» يحقق المركز الأول في تجربة المستفيد    منى العجمي.. ثاني امرأة في منصب المتحدث باسم التعليم    تشغيل مركز الأطراف الصناعية في سيؤون.. مركز الملك سلمان يوزع سلالاً غذائية في درعا والبقاع    شدد الإجراءات الأمنية وسط توترات سياسية.. الجيش اللبناني يغلق مداخل الضاحية    مقتل واعتقال قيادات إرهابية بارزة في الصومال    مجهول يسرق طائرة مرتين ويصلحها ويعيدها    والدة مشارك بالمسابقة: أن يُتلى القرآن بصوت ابني في المسجد الحرام.. أعظم من الفوز    البدير يشارك في حفل مسابقة ماليزيا للقرآن الكريم    عبر 4 فرق من المرحلتين المتوسطة والثانوية.. طلاب السعودية ينافسون 40 فريقاً بأولمبياد المواصفات    رانيا منصور تصور مشاهدها في «وتر حساس 2»    كشف قواعد ترشيح السعودية لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم    أمير القصيم أكد أهميته الإستراتيجية.. طريق التمور الدولي.. من السعودية إلى أسواق العالم    حساب المواطن: 3 مليارات ريال لدفعة شهر أغسطس    إطلاق مبادرة نقل المتوفين من وإلى بريدة مجاناً    ثمن جهود المملكة في تعزيز قيم الوسطية.. البدير: القرآن الكريم سبيل النجاة للأمة    استقبل المشاركين من «إخاء» في اللقاء الكشفي العالمي.. الراجحي: القيادة تدعم أبناء الوطن وتعزز تمكينهم بمختلف المجالات    حسام بن سعود يطلع على برامج جامعة الباحة    الإفراط في استخدام الشاشات .. تهديد لقلوب الأطفال والمراهقين    ضمادة ذكية تسرع التئام جروح مرضى السكري    ترامب يعلن خطة لخفض الجريمة في العاصمة الأمريكية    185% نموا بجمعيات الملاك    مجمع الملك عبدالله الطبي ينجح في استئصال ورم نادر عالي الخطورة أسفل قلب مريض بجدة    نائب أمير جازان يزور نادي منسوبي وزارة الداخلية في المنطقة    جمعية "نبض العطاء بجليل" تطلق مبادرة أداء مناسك العمرة    القيادة تعزّي رئيس غانا في وفاة وزير الدفاع ووزير البيئة ومسؤولين إثر حادث تحطم مروحية عسكرية    الشمراني عريساً    بمشاركة نخبة الرياضيين وحضور أمير عسير ومساعد وزير الرياضة:"حكايا الشباب"يختتم فعالياته في أبها    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب تدفع بسوريين إلى "التسول" بحثا عن "الحياة"
فاقمت أوضاع "الفقراء".. ومسحت الطبقات "المتوسطة".. واستنزفت أموال "الأغنياء"
نشر في الوطن يوم 01 - 08 - 2013

لم يكن التسول في مدينة دمشق وبقية المحافظات السورية، ظاهرة كما هي الآن، بل كانت انعكاسا لحياة طبقة معينة من الناس اعتادوا على هذه المهنة التي يديرها في بعض الأحيان متخصصون يقومون بتشغيل الأطفال والفتيات الصغيرات وبعض أصحاب العاهات والنسوة اللواتي يجدن في التسول مهنة رابحة ومريحة بذات الوقت، ولم يكن هناك من يحاربها إلا بالقدر الضئيل.
وتكاد تقتصر هذه المهنة على فئة معينة هم في الغالب غير سوريي الأصل ومن مكتومي القيد ويطلق عليهم اسم "الغجر" أو "النور" أو "القرباط". منهم من يملك المال والبيوت ويعتبر ثريا ويسكن في أطراف المدن، ويتركز غالبيتهم في أطراف مدينة حلب، ووسطها، وبعضهم يعيش في خيام من أكياس الخيش، وخلاف هؤلاء من المتسولين هم من السوريين الذين اعتادوا التسول وطلب المساعدة ويعتبرون فعلا من الطبقة الفقيرة جدا ولا يشكلون إلا نسبة ضئيلة من المتسولين الأساسيين الذين لا تملك الحكومة السورية إحصائية رسمية لهم أبدا.
المتسولون الجدد
أفرزت الأزمة السورية متسولين جددا، دفعتهم الحاجة لامتهان هذه الصنعة التي يمقتها المجتمع السوري في الأصل، ويحاول التخلص منها، لكن حالة الفقر المدقع، ونزوح غالبية الناس من بيوتهم، وضياع أموالهم، وبيوتهم، بسبب الحرب التي زادت في فقر الفقير، وأفقرت الطبقات المتوسطة، واستنزفت أموال الأغنياء طوال عامين ونيف، أجبرت البعض على التسول بطريقة مخفية ربما، وقد تصادف رجلا محترما يقوم بذلك أو سيدة لا ترتدي ثيابا رثة تطلب بعض المال، وهؤلاء هم من دفعتهم الأزمة إلى التسول إنما في خارج محافظاتهم، حتى يتواروا عمن يعرفهم.
أصحاب المهنة
من يعرف شوارع دمشق يعرف متسوليها قبل الأزمة، وهم حاليا متواجدون، إنما هناك متسولون جدد من محافظات أخرى، تجمعهم ساحة المرجة وبعض الحدائق العامة، والأماكن المكتظة بالناس، وهم من أصحاب المهنة الحقيقيين، هم ليسوا بسوريين في الأصل، بل عائلات من الغجر ينشرون أولادهم وبناتهم في المدينة، ويتسولون بطريقة مزعجة جدا، رجالهم أشداء وأصحاء لكنهم لا يعملون، بل يتسولون في أماكن معينة، وباقي أفراد العائلة يستدرون عطف الناس كل بطريقته.
حمص كانت خالية منهم
وتعتبر مدينة حمص قبل الأزمة، المدينة الوحيدة التي لا يوجد فيها متسولون مطلقا وتنفرد بهذه الخاصية من بين كل المحافظات السورية، نظرا لمحاربة هذه الظاهرة على الصعيدين الرسمي والشعبي ووجود الكثير من الجمعيات الخيرية فيها التي تساعد المحتاجين. ولكن حمص اليوم غير التي في الأمس، فقد بات السواد الأعظم من أهلها في المناطق الساخنة من المحتاجين وطالبي المساعدة، لكن أخبارا متضاربة تتحدث عن وصول تلك الظاهرة إليها.
أصحاب الحاجة لا يتسولون
وفي مكان آخر، لمحت سيدة تتجاوز الخمسين من عمرها تجلس قرب أحد جوامع العاصمة، لا تتحدث ولا تطلب شيئا، ولكن المصلين باتوا يعرفونها ويقدمون لها ما تجود به أياديهم، واستوقفت أحد المصلين لأساله عنها فقال: إنها من ريف المدينة، ومحتاجة جدا، فهي بلا معيل ولا مأوى.
وفي سوق باب سريجة سألت البائع "أبو أحمد" عن المتسولين هنا فقال: بتنا نعرف من هم المحتاجون فعلا ونعطيهم دون أن يطلبوا وهم يستحقون العطاء فعلا ولا نعطي البقية حيث يطلبون بوقاحة وأحيانا يسرقون من بعض المحلات في غفلة عنا، المحتاج فعلا لا يتسول وتعرفه من عيونه وملامحه.
وفي منطقة الحريقة حيث يكثر المتسولون، سألت صاحب محل الأقمشة عماد .ج الذي قال: لاحظنا كثرة المتسولين وهي ظاهرة لم نعتدها من قبل، البعض غرباء عن المدينة، نحاول مساعدتهم بطريقة ما للتخلص من التسول لكنهم يرفضون، أما من يلجأ إلينا من أصحاب الحاجة وغالبا ما تكون عائلات أو يأتون عن طريق شيخ الجامع أو من قبل الجمعيات فإننا نقدم لهم ما بوسعنا لأننا نعرف أن الأزمة قد أثرت على ظروفهم لكنهم لا يتسولون.
عاهات للعرض
الغريب في ظاهرة التسول أن المتسولين يأتون بكل أصحاب العاهات المستدامة، ويعرضونهم للناس، امرأة مشلولة بالكامل على عربة خشب لا تتحرك. شاب برجل مقطوعة. أخرى تسحب رجلا مسنا بكرسي متحرك وتطلب له الدواء. امرأة تعرض أبناءها على الرصيف وتطلب لهم ثمن الحليب، وأخرى مسنة تبكي بطريقة بشعة جدا، وامرأة سحنتها سمراء في العقد الرابع من العمر تستخدم صوتها الجهوري وتلحن كلماتها لتطلب الدواء والغذاء وهي تلفت الانتباه، وكل يوم تغير من النبرة والكلمات، بل وتحلفك بأغلظ الإيمان لتعطيها، شابة تضع مولودها الذي لم يتجاوز عمره إلا بضعة أيام لتستجدي عليه، ومناظر مختلفة وكثيرة لحالات من التشويه البصري للإنسانية لأناس استخدموا الأزمة قناعا لتسولهم.
متسولة منذ الصغر
فتاة اعتدت أن أراها قبل أكثر من عشر سنوات أمام مبنى المحافظة مع والدتها، تستوقفك بأدب طالبة أن تعطيها دقيقة من الوقت لتشرح لك أن والدتها ستجري عملية بالدماغ ومحتاجة لبعض المال، مظهر الفتاة لا يوحي بالتسول مطلقا، وهي تختار من تريد التحدث معهم ممن لا يعرفها، الآن وبعد كل تلك السنوات لم تغادر المنطقة كثيرا بل نزلت جانب البحصة إنما مع أختها التي كبرت، أستوقفتها للسؤال: ألم تجر والدتها العملية وألم تجمع ثمنها؟ رمقتني بنظرة حادة وقالت: ابتعد قبل أن أجمع عليك الناس.
دور الجمعيات
حاولت أن التقي بعدد من القائمين على الجمعيات الخيرية لمعرفة ما يقدمونه للأسر المحتاجة حتى لا تجد نفسها مدفوعة للتسول واستطعت التحدث مع "أبو أيمن" المشرف على إحداها بدمشق، فقال: لسنا الوحيدين الذين نقدم خدمات للأسر الفقيرة، ونعمل ما بوسعنا لتوفير الحاجيات الأساسية لكل عائلة وحتى إيواء البعض منهم، ونوفر لبعضهم القوت اليومي من أصحاب الأيادي البيضاء، ولدينا معايير لكل أسرة من أجل تقدير حاجتها، والأولوية للأسر المهجرة من بيوتها ومحافظاتها، وفي دمشق أكثر من 100 جمعية خيرية تقوم بذلك.
وحول ظاهرة التسول أجاب أبو أيمن: من يتسولون في الشوارع ليسوا من أصحاب الحاجة، وحتى في عز الأزمة لا يلجأ السوريون للتسول، وأنت تعرف من هم هؤلاء، ربما هناك بعض الاستثناءات ممن دفعتهم الحياة القاسية للتسول، ولكنهم لو لجؤوا لأي جمعية خيرية لاكتفوا وامتنعوا عن السؤال.
خطورة الظاهرة
أحد المختصين في علم الاجتماع أشار إلى سبب تنامي هذه الظاهرة بقوله: الأزمة سببت فلتانا في قمع هذه الظاهرة التي تشوه المجتمع بشكل عام وهناك من يستخدمها لمآرب كثيرة، وهناك من يستثمرها لخلق جو من الاضطراب المبرمج، بل إن بعض الكبار والنساء من المتسولين يتم استخدامهم للتلصص على الناس وسماع أحاديثهم، إضافة إلى أن هذه الظاهرة خطيرة جدا كونها تعود العاملين فيها على كسب المال حتى لو اضطر إلى استخدام العنف أو السرقة، عدا عن انتشار المخدرات بينهم وسهولة اصطياد الطفل من ضعاف النفوس في أعمال التخريب وتحت عناوين مشبوهة، وتحول المتسول إلى أداة تخريب في أيادي المخربين.
تقرير رسمي
يؤكد برنامج الأغذية التابع للأمم المتحدة، إن مسحا أجراه في أبريل ومايو الماضيين، وشمل 105 عائلات في سبع محافظات من بينها محافظتا حمص وحلب المشتعلتان، أفاد بأن كثيرين تحولوا إلى أطعمة من نوعية أقل لتقليل الإنفاق على الطعام.
ومع ارتفاع الأسعار فإن العائلات تخصص أكثر من 50% من ميزانياتها للإنفاق على الطعام، بحسب فريق البرنامج. وقالت المتحدثة باسم البرنامج إليزابيث بيرز للصحفيين في جنيف إن «من آليات التأقلم الأخرى هي ويا للأسف التسول. ففي مارس الماضي اختار 5% من السكان التسول للبقاء على قيد الحياة، وفي أبريل ومايو ارتفعت هذه النسبة إلى 9%.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.