رغم أن النساء يشكلن نصف المجتمع، إحصائيا ومعنويا، إلا أنهن شبه محرومات من أماكن الترفيه الخاصة، والتي تتيح لهن هامشا من الحرية وممارسة الأنشطة الرياضية بعيدا عن أعين الرجال. وتفرض الضغوط الحياتية التي تتعرض لها المرأة وجود متنفس يتناسب مع خصوصيتها، إلا أنها تصطدم بواقع عدم توافر أماكن ترفيهية، وإن وجدت فهي محدودة من حيث توفير الخدمات الترفيهية والرياضية بشكل متكامل، مما يدفعها إلى أماكن المشي أو التسوق والتي لا تخلو من المضايقات. هذا الغياب جاء نتيجة غياب ثقافة ممارسة المرأة للرياضة. فيما يرى آخرون أن غيابها يأتي نتيجة لغياب الاستثمارات التي تتيحها للجميع، أو المغالاة بأسعار الاشتراك فيها بسبب قلة عددها. المرأة بحاجة إلى متنفس في هذا السياق، تؤكد المواطنة هيا الحويطي أن المرأة كالرجل بحاجة إلى متنفس لما تتعرض له من ضغوط في الحياة، كونها أما وزوجة وموظفة في ذات الوقت، وهي بحاجة لمثل هذه الأماكن للخروج من روتين الحياة، مشيرة إلى حاجة المرأة السعودية لمجمعات مخصصة لها تتوافر بها جميع متطلباتها وتتنوع بها أساليب الترفيه ويمكنها مزاولة الرياضة الحرة من دون قيود وبشتى أنواعها، ويجهز بجميع أنواع الرياضة المختلفة وألعاب للأطفال والمطاعم والكوفي شوب، بحيث يكون نسائيا بحتا. حصة المالكي لفتت إلى أن ندرة مراكز الترفيه النسائية التي تحتوي على صالات رياضية تسبب في ارتفاع أسعار الاشتراك فيها، مما جعل ممارسة الرياضة حصرا على المقتدرات وليست للجميع، فيما ترى مرام العنزي أن اقتناء بعض الآلات والأجهزة الرياضية بالمنزل أفضل بكثير من الالتحاق بناد رياضي ذي رسوم عالية واختيار بدائل عن الأندية كالذهاب للممشى مثلا. بدائل متاحة للترفيه وأوضحت أسماء الغامدي أن المرأة السعودية وجدت في الزيارات الاجتماعية نوعا من "كسر" للروتين، فأصبح اجتماع السيدات في منزل إحداهن ب"التناوب" هو البديل الوحيد للترفيه، في ظل غياب المراكز الترفيهية أو غلاء أسعارها. وأضافت أن بسبب قلة الخيارات المتاحة أصبح من الصعب اختيار النشاط أو البرامج الترفيهية النافعة. فيما ترى عبير أحمد "أن أكثر الفتيات يعتبرن التسوق وسيلة ناجحة وسهلة ل"الترفيه"، مشيرة إلى أن الرجال لا يؤيدون ذهاب المرأة المتكرر للأسواق، معتبرينه ضياعا للوقت، بينما يتجاهلون المغزى الرئيسي وهو حاجتها الماسة للترفيه عن نفسها مما يواجهها من ضغوطات الحياة. استثمارات صعبة ولكون توفير مراكز الترفيه النسائية يحتاج إلى استثمارات تجارية تتيحه على أرض الواقع، إلا أن ذلك يصطدم بعراقيل نظامية تتسبب في عزوف المستثمرين عن ذلك، حيث تؤكد سيدة الأعمال حنان الشهراني أن صعوبة الحصول على تراخيص لإنشاء مشاريع نسائية بعد أن يتم بذل الكثير من الموارد في المشروع هو ما دفع سيدات الأعمال إلى عدم التوجه إلى هذا المجال، وقالت "لاشك أن قطاع الترفيه بصفة عامة يشكو قلة الاهتمام لاسيما الترفيه المتعلق بالمرأة" وتضيف الشهراني "نحن بحاجة إلى أندية خاصة تتعلق بالرياضة كركوب الخيل والنشاطات الأخرى والتي تحقق للمرأة نوعا من الترفيه بدرجة عالية من الخصوصية". من جانبه، أكد مدير فرع وزارة التجارة بتبوك محمد الصايغ أن التراخيص الخاصة بمراكز الترفيه النسائية ليست تابعة لوزارة التجارة وليست من صلاحياتهم، وإنما تصدر من الجهات المختصة بها كلا حسب نشاطه، مؤكدا بأن وظيفة التجارة تنحصر في منح السجل التجاري. وعلى الجانب الآخر، ترجع هنادي البلوي قلة أماكن الترفيه إلى ثقافة المجتمع، وتقول "المرأة في مجتمعنا مغيبة تماما عن الأنشطة الترفيهية والرياضية والثقافية، وعندما نبحث عن الأسباب يعلق التقصير بكون المجتمع محافظا وكأن الترفيه والرياضة يتعارضان مع الدين". مؤكدة أن بعض العقول المحدودة وغير المنصفة تربط مطالبة المرأة بين الترفيه والثقافة والرياضة بالتجرد والانحلال الأخلاقي. مطالبة بتخصيص أماكن ترفيه وأندية نسائية وثقافية ورياضية. فيما ترى ليلى العنزي أن عدم إيمان الكثير من النساء بأهمية الرياضة هو أحد العوامل الرئيسية في غياب هذا النشاط، مؤكدة أن زيادة الإقبال على الرياضة سيفرض الاستثمار فيها. وقالت "زيادة الطلب على مراكز الترفيه التي تؤمن صالات رياضية للنساء سيؤكد نجاح المشاريع التي تتبنى هذا النشاط مما يساهم بالتالي في انتشارها وإتاحتها بشكل أكبر". الترفيه ضرورة من جهته ذكر الأخصائي الاجتماعي ماجد البغيق أن النساء السعوديات دائمات البحث عن أماكن ترفيهية تشعرهن باستقلاليتهن عن الرجل، إلا أنهن يصطدمن بعدم توفرها، مؤكدا بأن هموم الحياة والروتين القاتل في ظل الحياة المدنية التي نعيشها تجعل من الترفيه ضرورة ملحة لتجديد النشاط وإزالة رواسب الحياة الروتينية. وأضاف البغيق "يجب على الأمانات ومؤسسات المجتمع المدني إيجاد أماكن ترفيهية للمرأة تجد فيها الاستقلالية والأمان" مشيرا إلى أن مجتمعنا المحافظ يتطلب أماكن خاصة تتماشى مع التقاليد وتعاليم الدين، مثل نواد تمارس فيها هواياتها والأنشطة الرياضية في مجتمع نسائي، إضافة إلى توفر أماكن ترفيه للأطفال لتتمكن من ممارسة هوايتها دون أن تخشى على أطفالها، وتكون مزودة بالمطاعم والأسواق للراحة والاستجمام، لتصبح متنفسا لها بعيدا عن الضوضاء وعن أجواء المنزل. وبين أن المرأة في زمننا الحالي أصبحت كالرجل في حاجتها للترفيه لتستعيد نشاطها بعد يوم مليء بالعمل، مؤكدا أن لحظات الترفيه والراحة في الأماكن النسائية البحتة لها أثر كبير على نفسيات النساء وتزيد من نشاطهن إضافة لكونها عاملا مساعدا لتوليد طاقة داخلية يدفعها لمواصلة العمل بنشاط وإبداع سواء كان ذلك داخل عملها أو في منزلها.