في تصعيد جديد للحرب الروسية - الأوكرانية، أعلنت كييف تنفيذ سلسلة من الضربات الجوية والصاروخية البعيدة المدى، استهدفت منشآت عسكرية وصناعية روسية في العمق، من بينها مصنع ذخيرة رئيسي، ومحطة نفطية، ومستودع أسلحة تابع للجيش الروسي، في إطار إستراتيجية تهدف إلى تقويض القدرات اللوجستية لموسكو. وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إن طائرات مسيّرة وصواريخ محلية الصنع قصفت مصنع سفيردلوف للذخيرة في منطقة نيجني نوفغورود غرب روسيا، ما تسبب في انفجارات متتالية وحريق كبير، مؤكدة أن المصنع يعد أحد أهم مصادر الذخيرة الجوية والمدفعية والمضادة للدبابات للقوات الروسية. كما أشارت إلى استهداف محطة نفطية في شبه جزيرة القرم، ومستودع ذخيرة تابع للجيش الروسي الثامن عشر للأسلحة المشتركة. أكبر الهجمات أقرت السلطات الروسية بوقوع هجمات واسعة النطاق بطائرات مسيرة، طالت 14 منطقة روسية، إلى جانب القرم وبحري آزوف والأسود، مشيرة إلى أن الدفاعات الجوية أسقطت 251 طائرة مسيرة أوكرانية في ما وصفته موسكو بأحد أكبر الهجمات منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من ثلاث سنوات. غير أن حاكم منطقة نيجني نوفغورود، غليب نيكيتين، نفى وقوع أضرار في المنشآت الصناعية، مؤكدا أن الدفاعات تصدت لهجوم شنته 20 طائرة مسيرة. وتأتي هذه التطورات في وقت تواجه فيه روسيا نقصًا في الوقود بمحطاتها منذ أغسطس الماضي نتيجة الهجمات الأوكرانية المتكررة على منشآت النفط والتكرير. صناعة دفاعية محلية تسعى أوكرانيا، وفق تصريحات مسؤوليها، إلى تعويض محدودية الدعم العسكري الغربي عبر تطوير صناعة دفاعية محلية متقدمة. وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إن الهجمات الأخيرة نُفذت باستخدام أسلحة أوكرانية الصنع بالكامل، مضيفًا أن بلاده باتت تعتمد على طائرات مسيّرة وصواريخ محلية بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى عمق الأراضي الروسية. وأوضح زيلينسكي خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الهولندي ديك شوف في كييف: «الشيء الرئيسي هو أن الأسلحة التي استخدمناها أخيرًا مصنوعة في أوكرانيا حصريًا»، مشيرًا إلى أن بلاده تسعى لتوسيع هذه القدرات إذا توافّر التمويل الخارجي اللازم. كما ألمح إلى رغبة كييف في الحصول على صواريخ «توماهوك كروز» من الولاياتالمتحدة، لتوسيع نطاق عملياتها ضد الأهداف الروسية الإستراتيجية. تعويض الفارق يأتي ذلك ضمن مساعي كييف لتعويض الفارق الكبير في الحجم الاقتصادي والعسكري بينها وبين موسكو من خلال الاعتماد على تكنولوجيا المسيّرات، لتقليل النقص في الجنود وتحقيق مكاسب ميدانية. وأكد زيلينسكي، خلال منتدى صناعة الدفاع في كييف، أن أوكرانيا حققت تقدمًا كبيرًا في مجال إنتاج الأسلحة محليًا، حيث تمكّنت خلال العام الماضي من تصنيع وتسليم 2.4 مليون قذيفة إلى الخطوط الأمامية. كما أشار إلى أن بلاده تنتج حاليًا 40 منظومة مدفعية ذاتية الحركة من طراز «بوهدانا» شهريًا، مقارنة بعشر وحدات فقط في أبريل 2024، ما يعكس تسارع وتيرة الإنتاج العسكري. وأضاف الرئيس الأوكراني أن أكثر من 40 % من الأسلحة المستخدمة على الجبهة تُصنع محليًا أو بالشراكة مع شركات أوكرانية، موضحًا أن بلاده تخطط لتوفير نصف احتياجاتها الدفاعية من الإنتاج الوطني بنهاية العام الجاري. خطط للتصدير أعلن زيلينسكي أن كييف تدرس بدء تصدير فائض إنتاجها من الأسلحة بحلول نهاية العام، بهدف توليد إيرادات تُمكّنها من شراء أنظمة دفاعية متقدمة، مثل منظومات باتريوت الأمريكية. وأشار إلى أن أوكرانيا وقّعت اتفاقيات مبدئية لتصدير الأسلحة إلى أوروبا والولاياتالمتحدة والشرق الأوسط، متوقعًا أن تبدأ عمليات الشراء في غضون أشهر. ويرى محللون أن التوجه الأوكراني لتوسيع صناعتها الدفاعية يهدف إلى تقليل الاعتماد على المساعدات الغربية، التي تشهد تراجعًا سياسيًا في بعض الدول الأوروبية والولاياتالمتحدة.