مع دخول فصل الصيف تشهد بعض مناطق المملكة العربية السعودية تقلبات جوية تؤدي إلى اندلاع حرائق في المساحات العشبية، خصوصًا في المنطقة الجنوبية ومنطقة الدبدبة بالصمان، وتُعد الصواعق الرعدية أحد الأسباب الرئيسية لهذه الحرائق، إلى جانب بعض السلوكيات البشرية الخاطئة، ما يشكل تهديدًا حقيقيًا للغطاء النباتي والتنوع البيولوجي. أعشاب المحميات الجافة، التي تُعد مخزونًا بذريًا مهمًا، أصبحت عرضة للاحتراق سنويًا، مما يدعو إلى ضرورة تدخل منظم يوازن بين حماية البيئة واستثمارها، من بين الحلول المطروحة، فتح بعض المحميات للرعي الموسمي للحد من كثافة الأعشاب الجافة، إلا أن هذا الخيار معوقات، أبرزها الاعتداءات على الحيونات البرية والحياة الفطرية من بعض ملاك المواشي. في المقابل، تشير الدراسات إلى أن الرعي المنظم يمكن أن يسهم في تعزيز الغطاء النباتي، من خلال فرط البذور ودفنها، بالإضافة إلى أن مخلفات المواشي تعمل كسماد طبيعي، ومع ذلك لا يمكن الاستفادة من هذه الفوائد دون وجود خطة بيئية محكمة تنظم عملية الرعي وتراقب تنفيذها. ولتقليل خطر الحرائق، يُقترح إنشاء فواصل بين المساحات العشبية باستخدام المحاريث أو المعدات الثقيلة، لتقسيم المناطق إلى قطاعات تمنع انتشار النار في حال اندلاعها، كما يمكن دراسة جدوى استخدام معدات مخصصة لجمع بذور الأعشاب الجافة ونثرها لاحقًا في نفس المواقع أو في مناطق أخرى مستهدفة بالنباتات البرية. أن ما تم إنجازه خلال السنوات الماضية من جهود في حماية المحميات يجب ألا يُهدَر بسبب ظروف مناخية أو سوء إدارة، فالتوازن بين الحفاظ على البيئة واستثمارها ممكن، إذا كان قائمًا على المعرفة والتخطيط العلمي. ولا بد أن ندرك جميعًا بأن حماية البيئة مسؤولية جماعية، تتطلب تنسيقًا بين الجهات الحكومية والمجتمع، والتعامل مع المخاطر البيئية بخطط وقائية، لا بردود أفعال بعد فوات الأوان، ما بُني في سنوات قد يُفقد في ساعات، إن لم يُصَن بالوعي والتنظيم.