الشمّام يُحلّي صيف المملكة بإنتاج وفير يتجاوز (63) ألف طن سنويًا    القبض على (3) باكستانيين في جدة لترويجهم (2.3) كيلوجرام (شبو)    اجتماع قطري - أمريكي في إسبانيا لبحث خطة شاملة لإنهاء حرب غزة    نجاح زيادة الهاطل المطري على شمال شرق الرياض    تحذيير من استمرار الأمطار الرعدية على مناطق عدة    بايرن ميونيخ يرد على عرض النصر لضم كينجسلي كومان    القادسية يطوي صفحة إسبانيا ويستعد لاختبار نوتنغهام فورست الودي    استعداداً لمواجهة أتلتيكو مدريد.. الفريق الفتحاوي يواصل تحضيراته بمُعسكر إسبانيا    لبنان يعود إلى الحاضنة العربية    مصر توقع صفقة ضخمة مع إسرائيل لتوريد الغاز    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. انطلاق التصفيات النهائية لمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية للقرآن الكريم في دورتها ال45    الداخلية : ضبط (22072) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    القيادة تهنئ رئيس سنغافورة بذكرى اليوم الوطني    النفط يستقر ويسجّل أكبر خسائر أسبوعية    أمير تبوك يدشّن ويضع حجر أساس (48) مشروعًا تنمويًا لمنظومة "البيئة" بالمنطقة بتكلفة إجمالية تتجاوز (4.4) مليارات ريال    كامكو إنفست تنقل مكاتبها في السعودية إلى مركز الملك عبدالله المالي "كافِد"    أمطار غزيرة وسيول متوقعة على عدة مناطق اليوم    استشهاد 6 فلسطينيين بقصف إسرائيلي وسط غزة    طالبة من "تعليم الطائف" تحقق الميدالية الفضية عالمياً    محافظ خميس مشيط يتفقد مركز الرعايه الصحية بالصناعية القديمة    معجم الحيوان الأليف عند العامة    فريق النجوم التطوعي ينفذ مبادرة صناعة الصابون لنزيلات دار رعاية الفتيات بجازان    قطر والإمارات والكويت تدين قرار إسرائيل احتلال قطاع غزة    المملكة ترحب بإعلان التوصل إلى اتفاق سلام بين أرمينيا وأذربيجان    الفيحاء يتعاقد مع "الخيبري"لمدة 3 سنوات    برشلونة يعيد شارة القيادة لتير شتيغن    بيع صقرين ب 180 ألف ريال في الليلة الأولى لمنصة المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور    وزير الخارجية يتحرك دبلوماسياً لوقف الانتهاكات في غزة    جمعية فضاء العالية للتنمية الشبابية تختتم برنامج ماهرون الصيفي    صقارون دوليون يثمنون تسهيلات نادي الصقور في نقل واستضافة الصقور    أمير جازان يرعى ملتقى أبحاث السرطان 2025 بجامعة جازان    الشيخ أسامة خياط: يدعو لغرس قيم البر والتقوى في الأسرة والمجتمع    الشيخ عبدالباري الثبيتي: سورة قريش تُجسّد أعظم النعم .. الطعام والأمان    "القرني" يختتم دورة تدريب المدربين    المصالح الوطنية السعودية    سفير جمهورية مالطا لدي المملكة يزور قرية جازان التراثية    الربيعة: تطبيق "نسك" متاح مجانًا دون استهلاك بيانات الإنترنت    أنواع فيتامين D وجرعاته الصحيحة    %83 من القراء هجروا المجلات    النصر يكسب ودية "رايو آفي" البرتغالي برباعية    بمشاركة نخبة الرياضيين وحضور أمير عسير ومساعد وزير الرياضة:"حكايا الشباب"يختتم فعالياته في أبها    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    سبعة آلاف خطوة تعزز الصحة    نائب وزير الحرس الوطني يطلع على برامج الإرشاد والتوجيه لتعزيز الوعي الديني والفكري    رئيس وزراء موريتانيا يغادر المدينة المنورة    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدرب    أمير جازان يستقبل سفير جمهورية مالطا لدى المملكة    المجلس الاستشاري لمركز صحي المرابي يناقش احتياجات الأهالي مع تجمع جازان الصحي لتعزيز الخدمات الطبية    استهداف (أبو سلة) بطائرات مسيّرة.. اشتباكات بين الجيش اللبناني ومطلوبين في بعلبك    البدير في ماليزيا لتعزيز رسالة التسامح والاعتدال    احتفال الفرا وعمران    فتح باب التقديم لدعم المشاريع السينمائية    الأرصاد: أمطار متفرقة حتى منتصف أغسطس    انقسام إسرائيلي حاد حولها.. تحذيرات دولية من «خطة الاحتلال»    إنجاز طبي في الأحساء.. زراعة منظم ضربات قلب لاسلكي لمريض    الأمير فهد بن سلطان يطلع على نتائج القبول بجامعة تبوك.    محافظ تيماء يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة تبوك    نائب أمير الرياض يؤدي الصلاة على والدة جواهر بنت مساعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإرجاف والإرهاب وجهان لعملة واحدة
نشر في الوطن يوم 23 - 03 - 2025

قد لا يختلف أهل الوطن الواحد على خطورة الإرهاب الذي يهدد الجميع، حكومةً وشعبًا، ولكن الأخطر منه هو الإرجاف؛ لأن الأخير يُساق إلى الناس في شكل معسول، فيه تلبيس وتضليل؛ كأن صاحبه الناصح الأمين الذي يخاف على المسلمين، وينصح للمسؤولين، ويحمل هم الوطن والمواطنين، في حين أنه يضمر الشر المستطيل؛ لأنه يشكل خطورة على أهم ما يملكه الإنسان، وهو عقله ومشاعره، فيلعب في منظومة الثوابت، ويسعى بخبث إلى زعزعة الثقة بين أفراد المجتمع من ناحية، وبينهم وبين الحاكم من ناحية أخرى، ولربما قدر على إقناع العقول بما قد يكون غيرَ معقول، ويتجه إلى العواطف، للسيطرة على المشاعر، فيتمكن من قيادة الناس وتوجيههم، فينتج عن هذا التوجيه، وتلك السيطرة السلوكيات المدمرة، ويكون الإرهاب.
ويزداد الأمر خطرًا حين يكون بوق الإرجاف صادرًا عمّن يُظن به أنه من أهل الثقة، فيكون لإرجافه أثر في القلوب والأسماع، ولمكانه وسمته نتائج مرعبة في الأفاق والأصقاع على من يقع تحت تخديره وتوجيهه، ولربما كان هذا المرجف من يملك بلاغة القول والبيان، ويحسن في بناء الحجج وإقامة البرهان، فتختلط الأمور، ويزيد الأمر شرًا، ويتسع الخرق على الراقع.
فإذا أضيف إلى هذا أن في العوام فئامًا كثيرين ممّن لا عقل لهم يزنون به الأمور، أو ممن لا علم عندهم يحصنهم من الاسترسال في متابعة أهل الشرور، ولا يملكون من الحكمة ما يجعلهم يستبصرون مُرادات القول ومقاصد الكلام المقول أو المسطور، فيجتمع الناس على الفهم المأفون، تحركهم العواطف المغلوطة، والأفكار المذمومة المسمومة، ويتحول أبناء الوطن إلى معاول هدم وتفتيت، وأدوات تستخدم في التخريب والتشتيت.
ومن مكامن إدراك خطورة الإرجاف أنه قد يتلبس به أيُّ شخص، وقد يكون دون أن يدري أنه يمارس الإرجاف، فقد تُعجِب المرءَ فكرةٌ فيتحدث عنها غير مبالٍ بالأضرار الناجمة عن طريقة نقده، أو ينتقدُ سلوكًا خاطئًا صادرًا عن بعض المسؤولين أو أبناء الوطن، لكنَّ الطريقة التي انتقد بها السلوك من التزيد أو التشهير أو وضع الكلام بين يدي من لا يعقل الأمور ويزنها، ويتفهم المصالح العامة، قد تساعد على خلخلة التوازن الاجتماعي، وشق النسيج واللحمة الوطنية بين أبناء الوطن أو بينهم وبين ولاة أمرهم، ويكون المستفيد من ذلك الفئة الضالة التي لا تلوي على شيء غير أن تحقق أهدافها.
لكن -ولله الحمد- أبناء المملكة يملكون من اتساع الأفق وعمق الفهم وحصافة الرأي، والتفافهم حول قادتهم، وانتمائهم لمليكهم ووطنهم ما يجعلهم حائط سد منيعا أمام كل مُرجف ومُنحرف، وأَسْهُمًا نافذة في نحور كل مَن تُسوّل له نفسه أن يرجف بالوطن وأهله، وما يملكه الوطن من علماء عاملين ألبَّاء معتدلين ومفكرين يضعون مصلحة الوطن والمواطن فوق كل مصلحة. كل أولئك لا يجعل الوطن اللقمة السائغة لمن أراد طعمتها، بل يكون هو الغُصة التي تقف في حلق كل معتدٍ حتى يلفظ أنفاسه، أو ينتهي في الناس شره ووسواسه.
نحن -ولله الحمد- في المملكة العربية السعودية نتمتع بقوانين ومبادئ لم ترَ الدنيا في عدالتها، ولم تشرق شمس أرض على أجلَّ ولا أعظمَ منها، تربط أبناء الوطن فيه علاقات متينة ووشائج عظيمة، تقوم على أسس وثوابت وتشريعات ربانية، منها حفظ الحقوق ورعاية الواجبات، فللمواطن حق وللراعي حق، ولكل مَن يعيش معنا حق، وقد دعت شريعتنا الغراء على إعطاء كل ذي حق حقه بلا جور أو إفراط، بل بمقاييس تحفظ على الناس أمنهم واستقرارهم، ومِن ثم يستطيعون حفظ دينهم وأنفسهم وأعراضهم وأموالهم وذراريهم، ومن هذه القيم أن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة، وأن النظر في الأمور يجب ألا يجهل المآلات وما تصير إليه، ومن خطورة الإرجاف أنه قد يخرج من بعض المسلمين أو المتأسلمين، أو بعض المهزومين بدرجة جعلتْهم أبواقًا لنصرة أعداء الأمة، فيقومون بتخذيل الأمة وتثبيطها عن مواجهة عدوِّها، ويثيرون الرعب في أبناء الوطن، وذلك بالمبالغة في وصف قوة الأعداء. وفريق منهم يقومون بدور معكوس، إذ يشيطنون كل ما يفعله المسؤولون وولاة الأمر، ويشككون أبناء الوطن في قادتهم، وينتقدون المواقف بفهمهم المنقوص أو الماكر، حتى يثيروا الفتن ويقلبوا الناس، وقد حذر الله من أمثال هؤلاء المنافقين المرجفين في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – واليوم نسمعهم ما قاله الله: ﴿ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الأحزاب: 60].
ليعلم كل مُرجف ومنافق أضر بهذا الوطن، أو حاول الإضرار به أن يَدَ العدالة سوف تطالُ منه، وأنه ليس ببعيد من إقامة الحق عليه، والأخذ على يديه ليكون عبرة لغيره.
وهذا الإرجاف ممتد ومتواصل، وهم كما يقول صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل موجودون على طول الوقت، وليس من الآونة الأخيرة، ولكن منذ أن نشأت المملكة العربية السعودية كانت دائمًا تُتهم باتهامات باطلة في كثير من المجالات، ونحن لا يعيرنا هذا الشيء، وكما يقول المثل «القافلة السعودية تسير والكلاب تنبح، فدعها تنبح لكن القافلة سائرة».
لكن ربما يؤثر هذا النباح على العوام، أو أصحاب النفوس الضعيفة، لذا وجب على كل منا أن يبذل الجهد في الكشف عن هذا الإرجاف، لمنعه والوقوف أمامه، وتعريته وأهله ومروجيه في كل نادٍ وعلى كل وسيلة تواصل، وأن نكون أعينا ساهرة، وقلوبا صادقة، وعقولا مفكرة نيرة، ننصح بني قومنا، ونفي بالعهد والميثاق لولاة أمرنا في خير البلاد والعباد.
لقد لفت الانتباه الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز، أمير منطقة القصيم، في الندوة التي دعا إليه وعقدها لمحاربة الإرجاف، إلى خطورة مواقع التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي، وكيف يستخدمه المرجفون في إشاعة الفتنة ونشر الكذب، لذلك يجب تصدي المتخصصين باللسانيات وتحليل الخطاب، وعلم النفس اللغوي وعلم اللغة الاجتماعي، لهذا النوع من الانحراف عند تحليل لغة القوم؛ لأن الإرجاف في اللسان العربي يدور حول إحداث الخوف ونشر الرعب وزلزلة الناس، وإيقاعهم في الاضطراب، والخوض في الفتن بالأخبار السيئة أو الكاذبة؛ حتى إنهم ليولدونها ويختلقونها اختلاقًا، لإحداث الاضطراب في الناس وإيقاع الرجفة بهم إما بالقول وإما بالفعل، ولذلك قالوا: الأراجيف ملاقيح الفتن. والمنتمون لهذا الوطن بصدق يجب ألا يقفوا مكتوفي الأيدي في مواجهة هؤلاء، فنحن يمكننا باستخدام تقنيات علم اللسانيات، الجنائية والنفسية والاجتماعية، الكشف عن طرائق هؤلاء وهوياتهم وأيديولوجياتهم، والربط بين أرباب الفكر الواحد، وتعرية هؤلاء وإبطال مزاعمهم، وتفنيد حججهم ومغالطاتهم حتى نحمي وطننا وأبناءه من براثن هؤلاء، فلن نسمح لهؤلاء ولا لأمثالهم أن يصيب الوطن بأي مكروه وفينا عين تطرف وقلب ينبض، فقد علمنا ديننا أن نكون أذكياء حصفاء ونحن نحارب هذا الفكر المنحرف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.