من جليد دافوس إلى دفء الرياض    القبيلة.. وتعدد الهويات الوطنية    عضوية فلسطين بالأمم المتحدة.. طريق الاستقلال !    لا تظلموا التعصب    أنقذوا «سلة الحقيقة»    معالي الفاسد !    «كاكا» الصباغ صرخة سينمائية مقيمة    مجلس الشؤون الاقتصادية يشيد بالنمو المتسارع للاقتصاد الوطني    أبعاد تنموية    مليون وظيفة في «السياحة» عام 2030    رعى حفل التخرج الجامعي.. أمير الرياض يدشن مشروعات تنموية في شقراء    وفاة صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل سعود    نيابةً عن خادم الحرمين الشريفين.. وزير الخارجية يرأس وفد المملكة في القمة الإسلامية بجامبيا    مفاوضات هدنة غزة.. ترقب لنتائج مختلفة    «الأوروبي» يدين هجمات موسكو السيبرانية    الأمم المتحدة تغلق ممر المساعدات إلى دارفور    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية    تحت رعاية ولي العهد.. وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل ويشهد حفل التخرج    الذهب يتأرجح مع تزايد المخاوف بشأن أسعار الفائدة    الهلال يستأنف تدريباته استعداداً لمواجهة الأهلي    رونالدو: لا أركض وراء الأرقام القياسية    الطائي يتعادل مع الخليج سلبياً في دوري روشن    بتنظيم وزارة الرياضة .. "الأحد" إقامة المؤتمر الدوري للقطاع الرياضي    القيادة تعزي رئيس الإمارات وتهنئ رئيس بولندا    الطائي يتعادل مع الخليج سلبيًا    تقدير الجهود السعودية لاستقرار السوق العالمية.. المملكة تعزز تعاونها مع أوزبكستان وأذربيجان في الطاقة    أمر ملكي بتعيين (261) عضوًا بالنيابة العامة    منح تصاريح دخول العاصمة المقدسة    اليوسف يتفقد محاكم «المظالم» بالمدينة    ضبط 19662 مخالفاً للعمل وأمن الحدود    شمس منتصف الليل ظاهرة طبيعية    70 % نسبة المدفوعات الإلكترونية بقطاع التجزئة    غياب "البدر" يكسّر قوافي الشعر    "زرقاء اليمامة".. أول أوبرا سعودية تقدم تفسيراً لإحدى أقدم الأساطير    ملتقى الصقارين ينطلق في الرياض بهدف استدامة هواية الصقارة    رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء    المضمون    يجنبهم التعرض ل «التنمر».. مختصون: التدخل المبكر ينقذ «قصار القامة»    انطلاق فعاليات «شهر التصلب المتعدد» بمسيرة أرفى    سفير خادم الحرمين في الفلبين يستقبل التوءم السيامي وأسرتهما    طريقة عمل بسكويت النشا الناعم بحشو كريمة التوفي    «ذبلت أنوار الشوارع.. وانطفى ضيّ الحروف»    النملة والهدهد    هيئة الأفلام تشارك في الدورة العاشرة لمهرجان أفلام السعودية    رئيس الإمارات: رحم الله الشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن.. رحل بعد رحلة طويلة من الإبداع    ضبط مواطن في حائل لترويجه مادة الإمفيتامين المخدر    تعيين 261 مُلازم تحقيق بالنيابة العامة    لا توجد حسابات لأئمة الحرمين في مواقع التواصل... ولا صحة لما ينشر فيها    أمير الجوف يعزي معرّف جماعة الشلهوب بوفاة شقيقه    الديوان الملكي ينعى الأمير بدر بن عبدالمحسن    السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة منظمة التعاون الإسلامي وتطويرها    وزير الخارجية: السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة «التعاون الإسلامي» وتطويرها    160 ألف سيارة واردات المملكة خلال عامين    بيان «الصحة» عكس الشفافية الكبيرة التي تتمتع بها الأجهزة الحكومية في المملكة    محمية عروق بني معارض.. لوحات طبيعية بألوان الحياة الفطرية    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    كيفية «حلب» الحبيب !    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قُبلة اعتذار على جبينِ ميت
نشر في الوطن يوم 15 - 12 - 2021

لست أدري كيف سأخبر نفسي عن نفسي، فمن يضمن لي بأن رواية الحقيقة قد توقف قصة الألم، ومن سيقلب يقيني بأن حياتنا ليست سوى مجرد كلمات تترادف إلى حد الضجيج، نمضغها ونبتلعها ونشترّها بلا هوادة، نقرأها من ماضٍ بقيت كلماته تتشبث ببعض حجارته خوفًا من الرحيل، ونتلاسنها الآن فيما بيننا ربما لعيش حلمٍ زائف، أو لغاية الولوج إلى ملجأ يبعدنا عن إدراك الخوف، ثم نتركها مجبرين ونحن نتوهم الخلود بها. لست أدري إن كانت تلك الحروف المتراصّة مجدية للتخفيف عن عمرنا التائه، أم أنها قد فقدت معناها ومغزاها شئنا أم أبينا، لدرجة أن الأشياء الجميلة التي تملّكتنا الخشية بأن لا تتكرر، تكاد لا تعنينا ونحن نستعد للرحيل.
كم مرة أغرانا الشوق المجنون نحو البدايات، وأطبق الفضول الجامح على أهوائنا، وتناسينا رؤية الضوء المهدور في أرواحنا بحجة الطموح، وأغمضنا العيون عن النصف المبتور في آمالنا بحجة الرضى، وعشقنا يومنا، وانتظرنا غدنا بمنتهى البراءة، ثم تُسدل تلك الستائر الصامتة فوق مسرح النهايات، وكل ما يبقى منها لغيرنا مجرد أشباه ذكريات..
أما المشاعر فتولد معنا وتدركنا قبل أن ندركها.. تبدأ بسُمك شعرة ليّنة، ديدنها الطفولة الرابضة على ثرى الخوف والضعف، ثم تأخذ أشكالها وتكتسي بألوانها، وترفرف فينا وحولنا ما أن لمسنا مقبض ذلك الباب، وما أن رقصنا تحت كلّ السحاب، لا شيء يهزّنا، ولا كآبة تثنينا، فنحن غارقون في نشوة الشباب.. كل مقام لنا نحسبه عنوانا، وكل فورة فينا نظنها بركانا، وبعدها تبدأ قطرات أرواحنا بالتساقط دون أن نراها، ننشد حينها الراحة ونبتسم فيها لأول قطعةٍ من النسيان، ويتعاظم الحزن ونحن نفقد مزيدا من الأحبة، وتزداد الكآبة ونحن نودع مزيدا من الغايات، ندّعي الذكاء ونحن ننشد الحيلة لتجميل تلك اللوحة الباهتة، ثم تغمرنا الخيبة ويجافينا الأمل.
فأيادينا المرتعشة لم تعد تقوى على الإمساك بريشة رسام صغير، وآذاننا القديمة بالكاد تطربها بعض بقايا الألحان، لا نعرف حينها هل تعبت القلوب أم هل آن الأوان! لا أدري لماذا تطيل دواخلنا المكوث على أرصفة محطات العمر أكثر مما يجب، فتتأخر عمدا عن مواكبة تلك العربات عديمة الكوابح.
فمن منا تجرأ على تقديم وردة في حينها بدل الهرولة لتقديم كل ما يملك بعد فوات الأوان، ومن منا عقد العزم على إحياء كلمة جميلة بدل محاولةٍ عابثةٍ لبثّ الروح في قصيدة خُلقت بعد فناء المشاعر واحتضار الشاعر.. ومن منا استبدل سباق المكان ومناكفة الزمان بحقيقةٍ مفادها أننا عابرون.
ثم من منا سيأسر الفضيلة بين القلب والضلوع، وهو يعلم أنّ لا فرصة تتجدد ولا رجوع، ومن منا سيعرف مبكراً أن إيقاد الشموع لاحقاً قد لا يمسح الدموع.
مسكين دستويفسكي فقد رحل وهو يردد «الزهور التي ستحضرها عند زيارتك لقبري لا داع لها، ولا داعي أن تبكي فوق رأسي، أعطي درهما لحارس المقبرة»، فكل ما فينا يشغلنا حتى عن فهم أنفسنا، وخلاصة أحلامنا لا تنفكّ عن مراوغة لذة أوهامنا، وفي النهاية نأتي متأخرين، كقُبلة اعتذارٍ على جبينِ ميت!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.