تتدحرج أزمات الوقت عبر العالم، متضخمة حينا، وخانقة، غير مقتصرة على بلاد مصنفة ضمن العالم الثالث وحده، بل واصلة حتى إلى أبرز الدول العالمية، مع تباين الأسباب التي أدت إلى تفجرها. ولم يعد مشهد الطوابير للسيارات خارج محطات الوقود مشهدًا غريبًا، بل كاد يقترب من كونه مشهدًا تقليديًا اعتياديًا. ففي سورية حين تعاني البلاد من أزمات بدأ التقنين يصل حتى مراحل خانقة، حيث يسمح للسيارات بتعبئة 25 لترًا بعد أن كانت 20 لترًا حتى مايو الماضي بعدما خفضت الكمية منذ منتصف العام الفائت من 200 ليتر شهريًّا، حيث كان يحق للمواطن أن يملأ خزان سيارته من البنزين 40 لترًا كل 4 أيام، إلى 100 لتر كل أسبوع قبل أن يحول ملء الوقود عبر نظام «البطاقة الذكية». وفي لبنان أغلق مواطنون غاضبون، طرقًا عدة في لبنان واكتظت محطات الوقود بالسيارات عقب قرار رفع أسعار الوقود، قبل أن تتراجع الحكومة وتبقي على دعمها للوقود. الأزمة أوروبية مع توفر الوقود في دول أوروبا بكميات معقولة إلا أن أسعاره بدأت تثير قلق المستهلكين، ففي السويد مثلا وصل سعر لتر البنزين إلى 1.68 يورو، وسعر لتر الديزل إلى 1.87 يورو. في المقابل، واجهت بريطانيا أزمة نقص وقود حادة، حيث تشكلت طوابير المركبات والسيارات الطويلة، خارج محطات الوقود في جميع أنحاء بريطانيا، وسط شح البنزين فيها، وذلك منذ مطلع الأسبوع الحالي، حيث بدأت الأزمة في التصاعد ابتداء من السبت الماضي. وتصاعدت أزمة الوقود هذه بريطانيا، لعدم وجود عدد كاف من سائقي الصهاريج والشاحنات الثقيلة المخصصة لتغطية نقل مشتقات الوقود، حيث تسبب النقص الكبير في السائقين، في عرقلة عمليات تزويد المحطات بالوقود اللازم. إعلانات متشائمة أعلنت كبريات شركات الطاقة، مثل بريتش بتروليوم، وبي بي وايسو، أن مئات محطات تعبئة الوقود التابعة لها، قد أغلقت أو تأثرت بنقص البنزين أو بنفاد بعض أنواعه، ما جعل كثيرًا من المحطات تلجأ غلى تقنين عمليات التزويد بالوقود، كي تتمكن من تزويد أكبر عدد ممكن من السيارات بمادة البنزين. ويقدر النقص في عدد سائقي الصهاريج والشاحنات، الذي تسبب في خلق هذه الأزمة، وفق إحصاءات جمعية النقل البري في بريطانيا، بأكثر من 100 ألف سائق، وبحسب أرقام مكتب الإحصاء الوطني، غادر حوالى 14 ألف سائق من الدول الأوروبية بريطانيا في العام الأخير فقط. ويعود النقص في أعداد سائقي الشاحنات لعدة أسباب، منها عدم توافر سائقين من خارج بريطانيا بسبب التعقيدات التي رافقت انتشار وباء كورونا في البلاد، وبسبب خروجها من الاتحاد الأوروبي. محاولة إسعافية بذلت بريطانيا جهدها في محاولة إسعافية لإدارة الأزمة والسيطرة ولو جزئيا عليها، لتطبيق خطة منح تأشيرات مؤقتة لتسهيل عمل سائقي الشاحنات الأجانب، لمواجهة العجز الكبير في عدد السائقين، الذي أثر على قطاعات حيوية مختلفة، كقطاع مبيعات البنزين والغاز، ومحلات التجزئة. وتشير تقارير الصحف البريطانية، في هذا الصدد، إلى أنه سيتم اصدار 5 آلاف تأشيرة مؤقتة كمرحلة أولى، لاستقدام سائقين. وتنتشر صور وفيديوهات لمضخات وقود مغلقة، وأمامها طوابير السيارات المصطفة خوفا من نفاد البنزين، فيما عد نموذجا حيا على صعوبات الإمداد والتوريد، التي يقاسيها البريطانيون، نتيجة تفشي فيروس كوفيد19، وخروج بلادهم من المنظومة الأوروبية. كساد في بريطانيا وتبدو معاناة الوقود استكمالا لسلسلة من المتاعب التي تعانيها منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي، حيث انكمش اقتصادها للربع الثاني هذا العام بنسبة 20.4 %، حيث دخلت حالة ركود اقتصادية هي الأسوأ منذ 2009. وتسبب الركود في أضرار اجتماعية جسيمة للغاية، إذ انخفض عدد الأشخاص العاملين بين مارس ويوليو بمقدار 730 ألفًا، ولا يمر يوم تقريبا دون الإعلان عن إلغاء آلاف الوظائف في شركات تشعر بالقلق من وقف برنامج حكومي للبطالة الجزئية يدعم أجور الموظفين في نهاية أكتوبر. أزمات الوقود نقص في سورية ولبنان تحديد كميات البنزين المتاحة للمستهلك ارتفاع الأسعار إلى أرقام قياسية في السويد أزمة توزيع في بريطانيا