ارتفاع مؤشرات الأسهم الأمريكية    القيادة تعزي رئيسة سورينام في وفاة الرئيس الأسبق رونالد فينيتيان    «محمية الإمام» تطلق تجربة المنطاد    أمير القصيم يكرّم الشباب المسوّقين في مزادات التمور ضمن مبادرة "أصوات الفجر"    3.6 مليار دولار للضيافة بجدة التاريخية    سيتي سكيب .. مستقبل المدن الذكية    أكد أن بلاده تستحق الاستقرار.. الشرع: رفع العقوبات الأمريكية يمنح سوريا فرصة للتعافي    وسط تعثر تنفيذ خطة ترمب.. تحذير أوروبي من تقسيم غزة    «أونروا»: هناك مدن دمرت بالكامل في غزة    لجنة التنسيق البرلماني والعلاقات الخارجية للمجالس التشريعية بدول مجلس التعاون تعقد اجتماعها ال 22 بالمنامة    المنتخب الوطني يواصل تحضيراته لودية ساحل العاج    الاتحاد يخطط للتعاقد مع مدرب فرنسا    رونالدو: السعودية بلدي وسأعيش هنا بعد الاعتزال    أشاد بالتميز الصحي وأكد أن الإنسان محور التنمية.. مجلس الوزراء: الدولة تعتني بشؤون الحج والعمرة والزيارة    نحو نظرية في التعليم    مجلس الوزراء يوافق على نظام حماية المؤشرات الجغرافية وإنشاء محميتين بحريتين    نهى عابدين تشارك في فيلم «طه الغريب»    تعزيز حضور السينما السعودية في السوق الأمريكي    معاناة ابن بطوطة في كتابه    المفتي يحث المسلمين على أداء صلاة الاستسقاء غداً    وزير الصحة: نعمل بتكامل وثيق لضمان سلامة الحجاج    وزير الحج يلتقي ب100 وزير ومفتي ورئيس مكتب شؤون حج ويحثهم على استكمال إجراءات التعاقد قبل 15 رجب    دراسة: فيروس شائع يحفز سرطان الجلد مباشرة    منطقة الحدود الشمالية الأقل في حالات النزيف والتمزق    "مدني الرياض" يكثّف "السلامة" في المباني العالية    أمير نجران يستعرض تقرير "التجارة"    أمير المدينة يتفقد محافظة المهد    الأمن العام يستعرض لزوّار جناح وزارة الداخلية بمؤتمر ومعرض الحج طائرة دون طيار لرصد المخالفين لأنظمة الحج    معايير تحديد سرقة رسومات الكاريكاتير    «أحمر الشرقية».. برامج تأهيلية ودورات تخصصية    وزير الدفاع يستعرض الشراكة السعودية - الأميركية مع وزيري الخارجية والحرب    العاصمة بأجواء إيطالية    الأقل جاذبية يتمتعون بشهرة أعلى    من أجل السلام    علاج جيني واحد يخفض الكوليسترول    أقراص تطيل العمر 150 عاما    اضطراب الأمعاء مؤشر خطير    تحسين متوسط العمر في ضوء رؤية 2030    أزمة قانونية تلاحق ChatGPT    3 آلاف وظيفة يولدها القطاع الصحي الخاص بالأحساء    248 ألف سعودي يعملون بالأنشطة السياحية    حالة من الاستياء في سانتوس البرازيلي بسبب تصرفات نيمار    فهد المسعود ينضم إلى لجنة كرة القدم بنادي الاتفاق    أرقام الجولة الثامنة.. 20 هدف ونجومية سيلا سو ومشعل المطيري    الفتح يعود للتدريبات بعد الإجازة استعداداً لاستئناف دوري روشن    الفيلم السعودي.. قوتنا الناعمة الجديدة    دارة الملك عبدالعزيز تطلق ملتقى «تاريخ الحج والحرمين الشريفين»    اتفاق حماس وإسرائيل بين الشك والتقسيم    "الشؤون الإسلامية" تعلن أوقات إقامة صلاة الاستسقاء بمدن المملكة يوم الخميس المقبل    مركز الحياة الفطرية: إدراج «الثقوب الزرقاء» و«رأس حاطبة» ضمن قائمة المحميات الوطنية يعزز الريادة السعودية في الحماية البيئية    "أشرقت" وذراعها التنفيذي "رحلات ومنافع" تحصدان جائزتي " مبدعون " في معرض ومؤتمر الحج 2025    أمير تبوك يطّلع على التقرير السنوي لأعمال فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    أمير الشرقية يكرم مدارس المنطقة بدرع التميز والاعتماد المدرسي    الفقد والادعاء.. حين يساء فهم معنى القوة    الديوان الملكي: وفاة وفاء بنت بندر    القصيم: فرع الشؤون الإسلامية يُتعامل مع 1169 بلاغًا خلال الربع الثالث    برعاية ولي العهد.. وزارة العدل تُنظم المؤتمر العدلي الدولي الثاني    رجال أمن الحرمين قصص نجاح تروى للتاريخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جغرافية العواصف والأعاصير المدارية
نشر في الوكاد يوم 25 - 05 - 2010

:. في السنوات الأخيرة أصبح للحراك المناخي والتقلبات الجوية، بل وللكوارث الطبيعية حظوة وحضور في المجالس والمنتديات والإعلام، إذ باتت الأحداث الكونية والكوارث الطبيعية عاملاً مؤثراً في إيقاعات الحياة المعاصرة، والتي أصبحت حساسة جدّاً للتغيرات المناخية والكوارث الطبيعية، وما حادثة بركان أيسلندا التي شلت أوروبا وأجزاء من العالم عنا ببعيد، ولا التقلبات الجوية العنيفة التي شهدتها المملكة العربية السعودية في هذا الموسم تنسى عندما خلفت أكثر من 420 قتيلاً وفقاً لمتابعة جوال كون، وتعرضت المسطحات المائية جنوب الجزيرة العربية لإعصار مداري "باندو Bandu" خلال الأيام الماضية، والآن يلفظ أنفاسه الأخيرة، وإعصار باندو بات حديث الناس والإعلام، ومن أجل كشف جغرافية الأعاصير والعواصف المدارية ومدى خطورتها دونكم جانباً من النص والصورة في هذا السياق.
*****
س: ما هو وضع العاصفة الحالية وتوقعاتك للأيام القادمة؟
:. وفقاً للمعطيات الرقمية والأرضية (حتى مساء السبت 22 مايو) فأحسب أن بنية الإعصار أصبحت ضعيفة، بسبب انقطاع المدد الحراري والرطوبة الكافية عن مركز الإعصار، واصطدامه بالقرن الأفريقي، والسيناريو الذي أطمئن إليه هو أن تخف حدة سرعة الرياح في جرم الإعصار الأحد 23 مايو بشكل كبير لتصبح 65كم في الساعة أوأقل، ومتوقع مساء الأحد أو يوم الاثنين أن تتحول إلى منخفض جوي عميق بسرعة 55 كم في الساعة أو أقل تمهيداً لتلاشيه في رحاب خليج عدن حيث يحير في مسطح مائي ضيق نوعاً ما، وعلى الرغم من ذلك فمن المتوقع أن تؤثر بقايا الإعصار على اليمن اليوم وغداً وبالتحديد على السواحل اليمنية والصومالية على وجه الخصوص بأمطار قد تكون غزيرة، ورياحاً نشطة، وبأمواج بحرية عالية قد تبلغ 4 أمتار وربما تسبب ربكة في الملاحة البحرية في خليج عدن، بينما أطرافه متوقع أن تؤثر على منطقة نجران بغيوم وأمطار متفرقة ونشاط في الرياح السطحية، وتدفق الرطوبة الجوية إلى جنوب السعودية والله أعلم وأحكم.
س: وهل إعصار باندو Bandu أقوى من إعصار جونو Gonu؟
:. في الواقع أن الحالة الحالية باندو Bandu بلغت قوة الإعصار من الدرجة الأولى لفترة وجيزة ساعات محددة فقط، وبذلك يصبح إعصار جونو Gonu 2007 الأقوى، إذ إن المصادر العلمية وصور الأقمار الصناعية آنذاك كشفت أن جونو وصل إلى الدرجة الخامسة والأخيرة في إحدى مراحله وبهذا كان إعصاراً مدمراً، هو الأقوى منذ أكثر من ستة عقود، خلف أكثر من 50 قتيلاً.
س: ما هي الأعاصير المدارية؟
:. العواصف والأعاصير المدارية أو ما يسمى بالهوريكان Hurricanes storms عبارة عن مركز لمنخفض جوي عميق جدّاً، تحيط بها سحب هائلة وعظيمة ذات شكل مميز (حلزوني) تحمل بين طياتها أمطاراً غزيرة ورياحاً شديدة عاتية عاصفة.
س: وما مدى خطورة هذه الظواهر الطبيعية وعلى وجه التحديد الأعاصير؟
:. الأعاصير المدارية تعتبر الأعنف والأقوى تدميراً على وجه الأرض في حالة بلوغها الدرجة الخامسة، وتعد من أخطر الكوارث الطبيعية على الإنسان، إذ كل سنة يلقى المئات من الناس حتفهم جراء هذا النوع من الأعاصير، والتي تخلف خسائر تئن لها الدول المتقدمة فضلاً عن غيرها، ويكفي أن نشير أن الإعصار المداري الذي ضرب بنقلادش عام 1970م، قتل حوالي 300 ألف إنسان نتيجة لارتفاع موج البحر الناتج عن الإعصار.
س: وأين تكمن الخطورة في هذا النوع من الأعاصير؟
:. الأعاصير تتشكل وتتطور في مساحات واسعة من المسطحات المائية الدافئة كالمحيط الهندي على سبيل المثال ومن ثم تفقد قوتها عندما تتوغل في اليابس، لذا فإن السواحل تواجه الضربة الأقوى والأعنف من المناطق الداخلية، والأعاصير تتجلى خطورتها في ثلاث قوى؛
الأولى: موجات البحر العالية والعنيفة والتي تسبب فيضانات بحرية تمتد داخل اليابس أحياناً حتى عمق 40كم وتسبب أضراراً بالممتلكات في عرض البحر، كما على الساحل أيضاً، بل ويسقط ضحايا إذا لم يحذر الناس قبل وقت كاف لا سيما أن السكان يتمركزون غالباً على السواحل مما يفاقم من المشكلة ويرفع معدلات الدمار والخسائر.
القوة الثانية: قوة الرياح العاصفة والتي تتوغل إلى مئات الكيلومترات في اليابس بسرعة قد تصل إلى أكثر من 200 كم في الساعة في بعض الحالات.
القوة الثالثة: قوة المطر المصاحب لتلك الزوابع حيث يهطل المطر خلال يوم أو يومين بمعدل يناهز أحياناً كمية الأمطار التي سقطت طول السنة مما ينتج عنه فيضانات جارفة ومدمرة.
هذا من جهة ومن جهة أخرى قد تتولد أعاصير ثانوية من رحم الإعصار بما يسمى الترنادوTornado ، كل هذه المنظومة من التدمير تؤثر على السكان والبنية التحتية وتخلف خسائر فادحة، وقد تعلن بعض الدول حالة الطوارئ في المناطق التي تعرضت للإعصار، حيث تصبح مناطق منكوبة خاصة عندما يبلغ الإعصار الدرجة الخامسة أو الرابعة. وتبدأ الخطورة في الإعصار من وصول مقدمته حتى نهايته، وقد تستمر من ساعات إلى عدة أيام.
س: كيف ينشأ الإعصار؟
حرارة المسطحات المائية الواسعة والمتمثلة في مياه المحيطات المدارية تشكل حجر الزاوية في نشوء وتكون المنخفض الجوي العميق ومن ثم الإعصار، وبعبارة أخرى عندما يسخن الهواء الرطب الملاصق لسطح البحر يرتفع إلى أعلى فيتعرض إلى البرودة، ومن ثم تتحول الحالة الغازية إلى ذرات مائية (غيوم) بواسطة عملية التكثف، وفي هذه الحالة يتحرر 90% من الطاقة الكامنة في بخار الماء إلى الأجواء المحيطة، مما يجعل الهواء يسخن ويقل وزنه وكثافته فيصعد إلى أعلى بانياً جداراً من السحب الهائلة، وهذه العملية تجعل القمع الهوائي يسحب هواءً رطباً آخر من سطح البحر وبشكل سريع ويرفعه إلى أعلى، الأمر الذي يجعل الهواء يتحرك بسرعة، وعملية التكثف تتم بسرعة أيضاً، وينتج عن هذا الميكنة العملاقة آيات الله من الغيوم المخيفة التي هي كالجبال ومن البروق والأمطار الغزيرة جدّاً {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
وحتى تتولد وتنشأ هذه الأعاصير تتطلب تضافر عوامل منها:
- مياه دافئة على الأقل 27 درجة مئوية حتى عمق 46م.
- تبريد سريع في طبقات الجو العليا.
- مسافة كافية من خط الاستواء على الأقل 480 كم، حتى يحظى بقوة دوران الأرض Coriolis effect.
- توفر الرطوبة النسبية الكافية.
س: كيف يتشكل الإعصار المداري؟
:. تولد الأعاصير المدارية من رحم المنخفضات الجوية العميقة والتي تسجل فيها القيمة الأدنى للضغط الجوي على وجه الأرض، وعندما تبلغ سرعة الرياح الدوارة فيه حوالي 63كم يصبح عاصفة مدارية، وعندما تتطور إلى سرعة 119كم في الساعة فأكثر يصبح إعصاراً.
والأعاصير تحتاج إلى طاقة حرارية هائلة حتى تتخلق بإذن الله تعالى وتتطور، لذا فهي تتشكل وتنشأ فقط في المحيطات الاستوائية الواسعة، حينما يتوفر عنصران الأول حرارة مياه مرتفعة (أعلى من 27 درجة مئوية)، والثاني الرطوبة العالية، وهذه العوامل تهيئ الظروف الدينامكية لتولد الإعصار وتطوره ليغطي مساحة قد تتراوح بين 500 – 1200كم تقريباً. والأعاصير المدارية عبارة عن قمع عملاق وساخن، ومركز لمنخفض جوي عميق غير مصحوب بجبهات هوائية.
س: ما المقصود بالقمع العملاق؟
:. القمع الذي يمثل جرم الإعصار وتكمن فيه الخطورة قد يبلغ ارتفاعه ما بين 8 إلى 12 كم في السماء، وعرضه على الأرض يصل ما بين 480كم إلى 650كم وأحياناً أكبر، وتزداد الرياح سرعة والمطر غزارة كلما اقتربنا من الحزام الداخلي المحيط بالمركز أو عين الإعصار، وتكون الرياح في عين الإعصار هادئة (15- 25كم في الساعة)، بينما البحر من تحتها يكون هائجاً، وفي عين الإعصار تكون السماء صافية ويتراوح عرضها بين 15 إلى 50 كم، وتبقى عين الإعصار وما حولها الأشد حرارة، حيث يطلق الإعصار كمّاً هائلاً من الطاقة الحرارية المتحررة من بخار الماء منتجة حالة من التكثف العظيم عبر السحب الركامية. وعندما يكون الإعصار قريباً من خط الاستواء يكون قطره تقريباً 100كم، وكلما ابتعد إلى العروض العليا اتسع حتى يصل أحياناً ما بين 1000كم إلى 2000كم.
س: متى يضعف ويموت؟
:. عندما يدخل الإعصار منطقة بحرية باردة، أو يضرب اليابسة يبدأ بفقدان طاقته ومنها يبدأ بالضعف التدريجي ومن ثم يتلاشى، وتستمر دورة الأعاصير بين يوم إلى عشرة أيام على وجه التقريب.
س: وهل للإعصار آلية معينة في الحركة والتنقل؟
:. نعم يدور الإعصار حول نفسه عكس عقارب الساعة في النصف الشمالي للكرة الأرضية، ومع عقارب الساعة في النصف الجنوبي للكرة الأرضية، ومع دورانه حول نفسه يتحرك أيضاً أفقيّاً بسرعة قد تصل إلى 65كم في الساعة، وقد تقطع الأعاصير يوميّاً مسافة تصل ما بين 480 إلى 640 كم، وقد يقطع الإعصار ما مسافته 4800 كم خلال دورة حياته وقبل أن يتلاشى.
س: ولماذا سميت بالأعاصير المدارية؟
:. سميت بالأعاصير المدارية Tropical cyclones لأنها تنشأ في تلك المنطقة الواقعة بين مداري السرطان Tropic of Cancer والجدي Tropic of Capricorn، وبالتحديد الرقمي تنشأ بين درجتي 5 و 30 شمال أو جنوب خط الاستواء. ويطلق على هذه المنظومة الضخمة من الأعاصير أسماء مختلفة حسب مكان النشوء فعلى سبيل المثال في المحيط الهندي تدعى بالعواصف الدوارة storms Cyclones ، وفي المحيط الأطلسي وشرق المحيط الهادي هوريكين Hurricanes ، وفي غرب المحيط الهادي التيفون Typhoons
س: وهل تنشأ الأعاصير في البحر الأحمر أو الخليج العربي؟
:. على الرغم من كون مدار السرطان يقسم البحر الأحمر إلى قسمين شمالي وجنوبي، وعلى الرغم من كونه أشد البحار حرارة ورطوبة، إلا أنه غير مناسب لنشوء الأعاصير كونه مسرحاً ضيقاً، والأعاصير تحتاج إلى مسرح مائي واسع جدّاً كالمحيطات.
و أشير هنا إلى أن العلماء ومن خلال المتابعة والاستقراء تبين لهم أن الأعاصير المدارية لها سبعة أحواض Tropical Cyclone Basins، وهي: الحوض الأول شمال المحيط الهندي بما فيه بحر العرب وخليج البنقال، الثاني حوض شمال المحيط الأطلسي، الثالث حوض شمال شرق المحيط الهادي، الرابع حوض شمال غرب المحيط الهادي، وهذه أربعة أحواض تقع كلها شمال خط الاستواء، بينما حوض جنوب المحيط الهندي، وحوض جنوب غرب المحيط الهادي، وحوض شمال أستراليا فثلاثتها تقع إلى الجنوب من خط الاستواء.
س: وهل لظهورها مواسم معينة؟
:. بالتأكيد للأعاصير فوق حوض المحيط الهندي الشمالي على سبيل المثال موسمان، الأول يبدأ من شهر أبريل حتى يونيو، والموسم الثاني من شهر سبتمبر حتى ديسمبر، وعلى وجه العموم في نصف الكرة الشمالي معظم الأعاصير تنشأ بين يونيو ونوفمبر، وأكثر ما تكون في سبتمبر، بينما في نصف الكرة الجنوبي تظهر الأعاصير بين نوفمبر إلى أبريل ولله في خلقه شؤون.
س: كيف يتم تصنيف الأعاصير ووفق أي عنصر؟
:. يتم تصنيف الأعاصير وفقاً لدرجة سرعة الرياح، فعندما تبلغ سرعة الرياح من 63 إلى 118 كم في الساعة يطلق عليه عاصفة مدارية، ومن 119 إلى 153 كم في الساعة يطلق عليه إعصار من الدرجة الأولى، ثم إذا بلغت سرعة الرياح من 154 إلى 177 كم في الساعة أصبح من الدرجة الثانية، ومن 178 إلى 210 كم في الساعة الدرجة الثالثة، ومن 211 إلى 250 كم في الساعة الدرجة الرابعة، فإذا بلغت سرعة الرياح أكثر من 250 كم في الساعة أصبح الإعصار في كامل قوته وخطورته وصنف من الدرجة الخامسة وهي الأخيرة.
س: لماذا يتم تسمية الأعاصير وهل لها مناسبة؟
:. لأن الأعاصير جزء من تاريخ الأرض الطبيعي، ومن التاريخ الإنساني كذلك، وما تحدثه الأعاصير من آثار ودمار على الإنسان ومنجزاته العصرية يحتم على الإنسان أن يتعاطي مع هذه الظواهر العنيفة بالمراقبة والرصد والتحذير والدراسة وتقويم النتائج المترتبة ... كل هذا يحتاج ابتداءً إلى إطلاق اسم يميز كل إعصار عن الآخر، أيضاً من أجل أن تسهل عملية المقارنة بين الأعاصير عند الدراسة والتحليل، وإلا لأصبحنا ننسب إلى مجهول؟ وهذه بالمناسبة سُنّة جرى عليها الآباء والأجداد في جزيرة العرب فقد أطلقوا سنة الغرقة وسنة الهدامة وسنة الرحمة وقبل هذا عام الرمادة وعام الفيل إلخ... لتميزها عن بقية السنوات بما جرى فيها من أحداث وأخبار.
س: وما الحكمة في تقدير وخلق الأعاصير بهذا الشكل المخيف؟
:. الظاهر والله أعلم بخلقه أن الأعاصير هي عنصر أساسي في النظام المناخي الأرضي، لأن المسطحات البحرية المدارية نالت الكثير من حرارة الشمس حتى بلغت حدها، لذا يقوم الإعصار بعملية نقل الطاقة الحرارية من هذه المسطحات المدارية عبر الرياح العلوية إلى قريب من المناطق القطبية الباردة، وذلك من أجل إحداث التوازن المطلوب على وجه الأرض لتكون صالحة للحياة جمعاء {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا}، والأعاصير المدارية ظاهرة إيجابية للنظام المناخي الأرضي وإن كان في ظاهرها الهلاك والدمار {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}.
س: وهل يمكن للإنسان أن يؤثر على مسار الأعاصير؟.
:. حتى الآن هي نظريات على الورق، تتمثل في التفكير من أجل التخفيف أو تغيير مسار الإعصار، وذلك عبر آلية الاستمطار والتي يتوقع نظريّاً أن تخفف من قوته، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك وهو التفكير في استخدام القنبلة النووية من أجل إرباك أو إجهاض دورة الإعصار!، وأزعم أن أي تدخل بشري في منظومة المناخ كإجهاض إعصار مداري مثلاً، سيؤدي إلى تراكم الحرارة في المحيطات مما سيضاعف احتمالية نشوء إعصار عملاق لا قبل لهم به، فيقوم قسراً بتأدية وظيفته، وهي نقل الحرارة الكامنة فوق المحيطات المدارية إلى المناطق القطبية ليحدث التوازن في المناخ {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ}.
وفي الختام لا نقول إلا كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به.
*عضو هيئة التدريس بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم، والمشرف على جوال كون.
جمادى الآخرة 1431ه
مايو 2010م
www.almisnid.com
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.