أكاديمية الإعلام السعودية توقع 4 اتفاقيات لتعزيز التعاون في مجالات المحتوى الرقمي    النفط يرتفع بفضل آمال الطلب وتوقع المنتجين خفض إمداداتهم    علاّم    «قائمة العار».. دولة تقتل الأطفال    «مكافحة المخدرات» تُطيح بأربعة مروجين    إعلان نتائج جائزة الباحة للإبداع والتميز في دورتها التاسعة    جامعة الفيصل.. نموذج في التعليم الجامعي    إنقاذ حاج ستيني من جلطة قلبية    رونالدو يفوز بجائزة أفضل هداف عن موسم 2023-2024    أمير منطقة نجران يستقبل رئيس نادي الأخدود ويحثّ على الاستعداد الجيد للموسم المقبل    أمير حائل يرعى حفل خريجي التدريب التقني والمهني    الشورى يقر إنشاء مطارات منخفضة التكلفة حول مدينة الرياض    أمير الشرقية يتفقد إدارات بالإمارة.. ويدشن مبادرة «ليالي حاتم»    فهد بن سلطان يؤكد على دور برامج الإصلاح والتأهيل للسجون    بدء رحلات جوية بولندية إلى المملكة    «بينالي الدرعية» للفن المعاصر.. تختم النسخة الثانية    «الأمر بالمعروف» تسخِّر الذكاء الاصطناعي لخدمة الحجاج    وزير الداخلية يطلع على مبادرات إمارة نجران.. ويدشّن مشروعات أمنية    استئصال ناجح لورم بالكلية اليسرى في مستشفى المواساة بالرياض    نجاح زراعة أول سماعة عظمية إلكترونية لطفلة    المديرية العامة للسجون تحتفي بتخريج 283 مجنداً من دورة الفرد الأساسي ال 45 بالحدود الشمالية    مدرب الهلال جيسوس يتسلم جائزة أفضل مدرب لموسم 2023-2024 في دوري روشن    60 مبادرة رئيسية ومصاحبة بالمسجد النبوي    تركي آل الشيخ يعلن عن نزال بطل العالم بلا منازع "أوزيك" والبطل "فيوري".. ديسمبر المقبل    إعفاءات من الضريبة والرسوم للمستثمرين في القطاع السياحي    الاستثمارات العامة العلامة التجارية الأعلى بين الصناديق السيادية بالعالم    الإسعاف الجوي في خدمة ضيوف الرحمن في ⁧منفذ جديدة عرعر‬⁩    ب5000 مقاتل.. أوروبا تطلق قوة «الرد السريع»    وفد اللجنة الوزارية العربية الإسلامية يعقد جلسة مباحثات مع وزير الخارجية الإسباني    لودريان لا يحمل مبادرات جديدة.. ولا اختراق في جدار الأزمة اللبنانية    قطار الحرمين جاهز للحج ب1.6 مليون مقعد    إصدار صكوك دولية ب5 مليارات دولار    الدوسري يناقش عددا من البنود خلال اجتماع الدورة 19 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب    الصحة الفلسطينية تعلن انهيار المنظومة الصحية في غزة    رابطة العالم الإسلامي تُدين مجازر الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني    أمير المدينة يكرم الطلاب الحاصلين على جوائز محلية وعالمية    مع اقتراب موعدها..تعرف على غيوم الليل المضيئة    «منتدى الإعلام العربي»تأكيد على الخطاب المتوازن ومواجهة مخاطر التطور السريع    القادسية يتوج ب"دوري يلو"    مالكوم يواصل التأهيل قبل نهائي كأس الملك    إضافة خريطة محمية الإمام لخرائط قوقل    الأرصاد: ارتفاع ملموس في درجات الحرارة بشرق السعودية    طائرات "درون" في ضبط مخالفات المباني    «الشورى» يطالب «حقوق الإنسان» بالإسراع في تنفيذ خطتها الإستراتيجية    وزير الحرس الوطني يرأس اجتماع مجلس أمراء الأفواج    أمير المدينة يستقبل السديس ويتفقد الميقات    تتويج الهلال ببطولة الدوري الممتاز للشباب تحت 19 عاماً .. بمقر النادي في الرياض    الإسراع في بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد    مكتب تواصل المتحدثين الرسميين!    اختتام معرض جائزة أهالي جدة للمعلم المتميز    مثمنًا مواقفها ومبادراتها لتعزيز التضامن.. «البرلماني العربي» يشيد بدعم المملكة لقضايا الأمة    أخضر الصم يشارك في النسخة الثانية من البطولة العالمية لكرة القدم للصالات    الحسيني وحصاد السنين في الصحافة والتربية    شاشات عرض تعزز التوعية الصحية للحجاج    دعاهم للتوقف عن استخدام "العدسات".. استشاري للحجاج: احفظوا «قطرات العيون» بعيداً عن حرارة الطقس    عبدالعزيز بن سعود يلتقي القيادات الأمنية في نجران    تفقّد ميقات ذي الحليفة.. أمير المدينة: تهيئة الخدمات لتحسين تجربة الحجاج    القيادة تعزي حاكم عام بابوا غينيا الجديدة في ضحايا الانزلاق الترابي بإنغا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البحث عن بترول جنوب السودان (الحلقة الثالثة)

بدأت رحلة «الشرق» إلى دولة جنوب السودان بمعاناةٍ لازمت مراسليها منذ أن وصلوا إلى مقر سفارة جوبا في الخرطوم، ثم استمرت المصاعب في مطار العاصمة الجنوبية، مروراً بالبحث عن فندق ومحاولة التقاء المسؤولين الرسميين.
ذهبت «الشرق» إلى جوبا لرصد تفاصيل دولة ناشئة تبحث عن فرص الاستثمار والظهور عبر وسائل الإعلام، كما يقول وزير الإعلام في حكومتها برنابا بنجامين.
وخلال هذه الرحلة اختلطت الجوانب الإنسانية والاجتماعية بما هو سياسي واقتصادي، كما لم يكن البُعد التاريخي غائباً، تحدثت «الشرق» إلى مسؤولين في الحكومة وإلى مواطنين، وتعرفت على حجم المشكلات والتحديات التي تواجه هذه الدولة، وحاولت استشراف مستقبلها القريب.
ونحن جالسون ليلة الأحد في مقهى «ست الشاي» بالعاصمة جوبا، جاء أحد المبشرين يحمل مكبرا للصوت ويقول: «إن المسيح حذركم من الزنا»، سألت من بجواري: «لماذا يقول ذلك؟» فردَّ: «الزنا منتشر هنا بشكل كبير وفي مثل هذه الليلة يزداد، فهي عطلة»، قلت: «وهل هناك مَن يحمل مكبر صوتٍ من المسلمين ليحذر كما فعل هذا المبشر؟»، قال: «لا أعتقد، فهم لا يجرؤون على ذلك، معظم الأهالي يرتادون الكنيسة لا المساجد».
عجبت من أن الدعوة الإسلامية ليس لها وجود في جوبا أو في غيرها من مناطق جنوب السودان، وعجبت أيضا من استغلال حملات التبشير الضعف الاقتصادي في دول إفريقيا والتحرك داخلها بترتيب ومنهجية.
وفي هذا الإطار، وجَّهت قيادات المسلمين في جنوب السودان نداءً لحكومة وشعب المملكة باعتبارهم حراسا للعقيدة الإسلامية حول العالم، بالعناية بأوضاع المسلمين في الدولة الوليدة من خلال شراء أراضٍ لإنشاء المدارس الإسلامية والمساجد عليها، فضلا عن العمل على زيادة حجم الأوقاف الإسلامية في الولايات والمدن الكبرى عبر شراء أراضٍ وتسجيلها في إدارة الأوقاف الإسلامية، وبناء عقارات ثم تأجيرها لإيجاد مصادر تمويلٍ لعدد من برامج ونشاطات المسلمين الجنوبيين وتقويتهم اقتصاديا.
وأكدت هذه القيادات، في تصريحاتٍ ل «الشرق»، أن الدولة لا تمنع الدعوة الإسلامية ولكنها في الوقت نفسه لا تمنح الأراضي المجانية لتشييد المساجد أو المدارس أو الأوقاف الإسلامية عليها، «لذلك على الخيِّرين من منظمات وجمعيات إسلامية سعودية وخليجية وعربية التواصل مع إخوانهم في الدولة الجديدة، وتقويتهم اقتصاديا من خلال شراء أراضٍ بِحُرِّ مالهم، وتسجيلها كأوقاف إسلامية في الدولة، لمنع أي تغول عليها من أي جهة كانت»، حسب قولهم.
هذا التغول لاحظته عندما علمتُ بتحويل هيئة الإغاثة إلى مدرسة، وتحويل مسجد إلى كنيسة في جوبا، مع الأسف لم نستطع تصوير المدرسة ولا الكنيسة لأن الشرطة العسكرية استوقفتنا، ومنعتنا من إكمال التصوير، وأجبرتنا على مسح الصور دون أن تبدي أي سبب لذلك، كما تم سحب البطاقة الصحفية التي منحتنا إياها وزارة الإعلام.
في السياق نفسه، يدعو كبار المسلمين في جوبا المملكة وبقية الدول العربية والإسلامية إلى تقديم المنح الدراسية للطلاب المسلمين من أبناء جنوب السودان، وتدريب الدعاة الجنوبيين للعمل بين ذويهم، ويعتبر هؤلاء جنوب السودان موقعا مثاليا لنشر الإسلام بسهولة، نظرا للتسامح الديني لدى شعب الجنوب، إذ يوجد في البيت الواحد وداخل الأسرة الصغيرة مَن هو مسلم ومَن هو مسيحي.
الاشتراك في السلطة
على صعيدٍ آخر، يطالب المسلمون هنا حكومة جنوب السودان بإشراكهم في السلطة وإدارة الدولة، وعدم هضم حقوقهم السياسية، لكون دستور الدولة العلماني منح الجميع حقوق المواطنة وحرية العقيدة دون تمييز، لكنهم قالوا إن الدستور الحالي لا يضمن حقوق المسلمين، وأنهم لا يرون حقوقهم في الدستور المقبل «الدائم».
ويلفت المسلمون هنا إلى كون رئيس الدولة ونائبه ورئيس البرلمان والوزراء من المسيحيين في حين لا يوجد تمثيل للمسلمين، معتبرين ذلك تمييزا واضحا ضدهم رغم أنهم يمثلون، وبحسب تقديراتهم، نحو 30% من شعب جنوب السودان.
ويعتقد المسلمون أن هناك مَن يرى في الإسلام عدوا متبقّيا بعد التخلص من الشمال كعدو أول، ويؤكد المسلمون أن هذه الفئة تعمل على إهدار حقوقهم.
ويدعو كلٌ من مسؤول الأوقاف والحج والعمرة في المجلس الإسلامي لجنوب السودان الدكتور عبدالله دينق نيال، وأمين الاتصال الخارجي والتعليم في المجلس موسى المك كور، ونائب رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية الأمين العام للزكاة في المجلس الإسلامي حامدين شاكرين، إلى ضرورة تمثيل المسلمين الجنوبيين في الحكم، حفاظا على النسيج الاجتماعي والسياسي والتعايش السلمي في البلاد.
دولة علمانية
ويرى المسلمون في دولة الجنوب أنه إذا كانت الدولة علمانية فإنه ينبغي أن يتم تمثيل كل أصحاب الديانات فيها، كما هو حاصل في كينيا وأوغندا والدول الأوروبية، كما يدعو المسلمون إلى أن يكون في الدستور الجديد فقرة واضحة تفيد أن اللغة العربية هي اللغة الثانية في البلاد بعد اللغة الرسمية وهي الإنجليزية، على اعتبار أن العربية هي اللغة التي يتحدث بها ويفهمها كل شعب جنوب السودان، حتى أن قادة الدولة أنفسهم يستخدمونها في لقاءاتهم الجماهيرية.
وحول الأوقاف الإسلامية التي قيل إن الحكومة صادرتها، نفى الدكتور عبدالله دينق نيال، أن تكون حكومة الجنوب صادرت أياً من الأوقاف الإسلامية، مشيرا إلى أن ما يقال عن ذلك في الصحف ووسائل الإعلام غير صحيح، ولافتاً إلى أن المسلمين الجنوبيين القادمين من شمال السودان هم الذين هاجموا الأوقاف الإسلامية، واستولوا عليها، حتى إن بعضهم استقوى بدوائر أمنية معينة، استنادا على علاقاته الشخصية، والدولة بريئة من الاستيلاء على أوقاف المسلمين.
وطالب نيال، حكومة بلاده بإنشاء محاكم خاصة بالأحوال الشخصية لمسلمي جنوب السودان، مشيرا إلى أن المسلمين هنا قادرون على التعايش الديني بدرجة كبيرة قد لا تتوفر في أي دولة مجاورة، مضيفا «التعايش الديني موجود في الأسرة والقبيلة والدولة، وممارسة الشعائر الدينية المختلفة في البيت الواحد من الأمور المألوفة في الجنوب».
وشدد نيال، على أن المسلمين في جنوب السودان يرفضون التطرف الديني، وهم مستعدون للدفاع عن الحدود ضد أي مجموعة متطرفة تستهدف الدولة واستقرارها باسم الدين.
وشاركه في الرأي الأمين العام للزكاة في المجلس الإسلامي لجنوب السودان، حامدين شاكرين، إذ قال إنه لا خوف على الإسلام في الجنوب فهناك تسامح وتعايش عميق وقبول للآخر بسبب التنوع والتداخل الكبير، الذي يبدأ من الأسرة، لكن هذا لا يمنع أن يكون هناك بعض المضايقات والمشاحنات لكن هذا ليس ممنهجاً أو صادراً من سلطة أو غير ذلك بل حالات فردية، ولكن على وجه الجملة الحياة هنا فيها تسامح وتعايش، والإسلام يمكن أن ينمو في الجنوب.
من جهته، قال أمين الاتصال الخارجي والتعليم في المجلس الإسلامي، موسى المك كور، ل «الشرق»: «طلبنا مقابلة رئيس الجمهورية ونائبه لعقد اجتماع موحد بيننا كجهة تمثل المسلمين وهم كحكومة، لأننا لا نرى حقوقنا وأنفسنا في الدستور القائم وربما في الدستور المقبل».
قضايا أسرية
وأضاف موسى المك كور، قائلا «أكبر مشكلة نراها الآن هو عدم وجود قانون يفسر كيفية معالجة القضايا الأسرية، أضف إلى ذلك عدم ورود نصوص توضح حقوقنا كمسلمين في الدستور كقانون الأحوال الشخصية، حيث لا توجد محاكم شرعية في البلاد للفصل في قضايا الزواج والطلاق، والميراث، وتنظيم الأوقاف التي نراها في دولٍ مثل كينيا، وأوغندا، وتنزانيا وغيرها من الدول الإفريقية، التي فطنت لهذا الأمر، فقامت بتأسيس محاكم خاصة بها».
وأكمل كور «إما أن تعترف الحكومة بأننا مسلمون موجودون هنا ولسنا مستوردين من الخارج ومن ثمَّ تعترف بحقوقنا، أو أن تتنكر لنا وهذا بالتأكيد سيُدخِل البلاد في نفق مظلم معنا، وربما مع منظمات حقوق الإنسان الدولية التي تعترف بحقوق الأقليات الدينية حتى ولو كانت تتألف من 100 شخص، وسنرفع كل ذلك للرئيس ونائبه إذا أتيحت لنا فرصة مقابلتهما، فالتصالح والتعافي لا يمكن تجزئتهما. كيف أصالح الآخرين وأنا أيضا مظلوم؟».
بدوره، شدد محدثنا الأول نيال، على مطالبة مسلمي الجنوب بإنشاء محاكم للأحوال الشخصية خاصة بالمسلمين، وتابع: «لكن اللجنة الدستورية رفضت إلا أننا سنستمر في هذه المطالبة، وسنحاججهم بالدستور الكيني، الذي ينص على تنظيم الأحوال الشخصية للمسلمين».
وحول مشروعه الخاص بترجمة القرآن الكريم إلى لغة (الدينكا) أكبر قبائل جنوب السودان باعتباره أحد أبنائها، أوضح نيال «بدأت في ترجمة معاني القرآن بطلب من دار مصحف إفريقيا في الخرطوم بالتعاون مع جامعة إفريقيا العالمية، حيث قمت بترجمة معاني القرآن لجزء (عم) بلغة الدينكا، وهناك ترجمات للغات (النوير) و(الباري)، ونسعى إلى مواصلة ترجمة بقية أجزاء القرآن الكريم تدريجياً وهذا يحتاج إلى مشروع ليكتمل».
ويعتبر المسلمون أن صورة الحرب الجهادية التي أعلنتها الخرطوم خلال النزاع الأهلي بين الشمال والجنوب خلال الفترة من 1989 إلى 2005 عكست نظرة سيئة عن الإسلام لدى الجنوبيين من غير أتباع الإسلام، كادت أن تنسف صورة التعايش الديني الذي يشتهر به المجتمع في الجنوب.
موسى المك كور في حديث مع موفد «الشرق»
عبدالله دينق نيال
طبيبة بريطانية تعمل في منظمة غربية تقدم خدماتها في قريةٍ بأدغال الجنوب (الشرق)
قوات حكومية تتعقب المتمردين على السلطة المركزية
جنوبية من قبيلة الدينكا ويبدو وشم القبيلة على وجهها
البحث عن الماء وعن الحقوق
مطالبات المسلمين (جرافيك الشرق)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.