مبادرة تصنع أجيالا تفتخر    بنك الجزيرة يدعم نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة في ملتقى بيبان 2025    مطالبات بربطٌ رقمي بين الورش والمرور يوثق للإصلاح وإنهاءٌ لفوضى التسليم    وزير الإعلام سلمان الدوسري يقدّم العزاء للمستشار فهد الجميعة في وفاة والده    من التقويم إلى التميز الحقيقي: رؤية أعمق للمدرسة المبدعة    المملكة تشارك في اليوم العالمي للاحتضان عبر أكثر من 11 ألف أسرة محتضنة    فيما كنتم تتفرجون    السعودية تستضيف المؤتمر الوزاري ال11 للدول الأقل نموا LDCMC11    الشرع يصل واشنطن في أول زيارة رسمية لرئيس سوري.. يلتقي مع ترامب غدًا    إطلاق مبادرة الاستدامة السياحية في عسير    وزارة الشؤون الإسلامية تواصل حراكها النوعي داخلياً وخارجياً وتُتوَّج بتكريم دولي لمعالي الوزير "    بعد النفط.. السعودية أكبر مُصدِّر للبيانات في العالم    الفرصة ماتزال مهيأة لهطول أمطار خفيفة    قوات الاحتلال الإسرائيلي تتوغل في الجنوب السوري    الفلبين تستعد لعاصفة جديدة بعد إعصار كالمايجي    83 فيلما منتجا بالمملكة والقصيرة تتفوق    اختتام فعاليات ملتقى الترجمة الدولي 2025    واتساب يطلق ميزة لوقف الرسائل المزعجة    العراق يدخل الصمت الانتخابي تمهيداً لاقتراع نيابي    النصر يعبر نيوم بثلاثية ويحافظ على صدارة روشن    حسم ديربي جدة.. الأهلي يهزم الاتحاد بهدف محرز    في المرحلة ال 11 من الدوري الإيطالي.. نابولي ضيفاً على بولونيا.. وروما وإنتر في مواجهة أودينيزي ولاتسيو    الأخضر يدشن معسكر جدة    هنأت رئيس أذربيجان بذكرى يومي «النصر» و«العلم».. القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة صباح جابر    اتفاقيات وابتكارات ترسم مستقبل البناء    285 مليار دولار استثمارات أوروبية بدول «التعاون»    التسجيل في «ألف ميل»    الإطاحة ب«لص» نام أثناء السرقة    «المنافذ الجمركية» تسجل 1441 حالة ضبط    بودي يتلقى التعازي في والدته    83 قضية تجارية يوميا    سمو ولي العهد يعزّي ولي عهد دولة الكويت في وفاة الشيخ صباح جابر فهد المالك الصباح    القيادة تعزّي رئيس جمهورية الفلبين في ضحايا إعصار (كالمايجي)    تحت رعاية الملك ونيابةً عن ولي العهد.. أمير الرياض يحضر دورة ألعاب التضامن الإسلامي    عمليات نسف واسعة في خان يونس.. تجدد القصف الإسرائيلي على غزة    إحالة طليقة السقا للمحاكمة ب«تهمة السرقة»    السجن لبريطاني مفتون ب«أفلام التجسس»    قصص الرياضيين العظماء.. حين تتحوّل السيرة إلى مدرسة    مجتمع متسامح    المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    ديوانية الأطباء تكرم القحطاني    مدرب الأهلي: فخور بجميع اللاعبين والانتصار يُنسب للجميع    خطيب المسجد الحرام: الإيمان بالله دواء للروح وغذاء للقلب    كيسي نجم الأهلي: مباريات الديربي تكسب ولا تلعب    الأهلي يتغلب على الاتحاد بهدف في دوري روشن للمحترفين    «أمن الحج والعمرة».. الإنسانية بكل اللغات    موسم الزيتون ملطخ بالدم    الشؤون الإسلامية في جازان تنفّذ أكثر من (40) ألف جولة رقابية على الجوامع والمساجد خلال شهر ربيع الثاني 1447ه    حب المظاهر آفة اجتماعية    الفيصل رئيسًا لاتحاد اللجان الأولمبية الوطنية العربية حتى 2029    رئيس وزراء النيجر يزور المسجد النبوي    التحول الصحي.. من العلاج للوقاية    دفعة جديدة من المساعدات السعودية لقطاع غزة    المملكة تعزي تركيا في ضحايا الحريق بولاية كوجالي    وحدة الأورام المتنقلة.. نقلة نوعية في الرعاية الصحية المتنقلة بوزارة الداخلية    انطلاق أعمال مؤتمر ومعرض الحج في نسخته ال 5 غدا الأحد    محافظ القطيف يدشّن مبادرة «سكرك بأمان» للتوعية بالسكري    نائب امير مكة يستقبل القنصل العام لجمهورية أفغانستان الإسلامية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لو لم أكن غنياً..لكنت رجلاً طيباً!
نشر في الشرق يوم 20 - 10 - 2012

إلى أي مدى يرتبط الغنى بالأخلاق؟ والثروة بالفساد؟ هل من الضروري أن يكون الغني مستبداً وشريراً؟ وهل بالفعل يصنع الأغنياء ثرواتهم على حساب الضعفاء دائماً؟
لماذا يملك الناس بشكل عام ذلك الشعور السلبي تجاه الأغنياء وفاحشي الثراء؟ وهل ذلك الشعور له أسباب منطقية أم إنه رد فعل طبيعي في أي مجتمع يملك طبقة عريضة من الأغنياء؟ كيف يمكن أن تفسر تبرعات سخية لرجل أعمال في مجالات البر في الوقت نفسه الذي تمارس شركته أعمالاً احتكارية أو غير قانونية هل الأمر مجرد ازدواجية في المعايير أم أكبر من ذلك؟ بعيداً عن حساسية النطاق المحلي لنأخذ مثالاً عالمياً. كلنا يعرف الملياردير (بيل جيتس) رئيس مايكروسوفت السابق. بيل جيتس الآن يدير مؤسسة خيرية ينفق فيها جزءاً كبيراً من ثروته التي قدرت في يوم من الأيام بأكبر ثروة في العالم، يتبنى مشاريع خيرية لمكافحة الجهل والفقر في إفريقيا وينفق عليها بسخاء. لكن المثير للتأمل أن (بيل جيتس) عندما كان يقود شركة مايكروسوفت خاض محاكمة طويلة كادت أن تنتهي بتقسيم شركته بتهمة الاحتكار والممارسات غير النزيهة، كما أن سمعة شركته لم تسلم من اتهامات كثيرة من شركات صغرى بالسطو على منتجاتها دون أخذ موافقتها القانونية. فكيف يمكن التوفيق بين الوجهين؟ وجه الشرير في الإدارة والمتبرع السخي لإنقاذ العالم بعد التقاعد؟
ثمة مشهد مؤثر في فيلم (المواطن كين) أحد أجمل الأفلام في تاريخ السينما، عندما يستنكر أحد الإقطاعيين الأغنياء سياسة صديقه المليونير وصاحب الإمبراطورية الإعلامية الضخمة (شارلز كين) فيقول له (لا تنس أنك واحد من الأغنياء الذين تنتقدهم في صحفك) فيجيبه في لحظة صراحة نادرة في شخصيته ( ربما لو لم أكن غنياً لكنت شخصاً طيباً) هذه العبارة البسيطة تعبر بصدق عن لب الثقافة الرأسمالية التي تفصل بحزم بين (المصالح) و(الأخلاق) ولا ترى حرجاً في هذا الفصل. فالسوق وحده يصنع قيمه الخاصة به التي تقوده لمنفعة أطراف التجارة سواء كانوا بائعين ومشترين أو عمالاً وأصحاب عمل. هذه القيمة هي التي تبنتها الشركات الكبرى بشكل أكثر تعقيداً لتصبح ماهي عليه اليوم. فالشركات الكبرى أصبحت كيانات ذات شخصية وهوية خاصة بها، وظيفتها الوحيدة هي الربح ولا شيء سواه. الشركات لا مالك وحيد أو ثابت لها، بل إن قائمة مالكيها تتغير كل ساعة حسب حركة أسهمها في البورصة، وهي كذلك لا تخضع لشخصية مديرها أو رئيس مجلس إدارتها بل تُخضعه هو وفريقه لخدمتها وابتكار المزيد من الطرق لزيادة أرباحها. الشركات العملاقة تحولت لتصبح كيانات أشبه بديناصورات عملاقة نهمة بشكل دائم لمزيد من الربح ومزيد من المال ولا يهمها في سبيل تحقيق هذا الربح إن جاء بطريقة أخلاقية أو لا. بل حتى الشركات التي تكون بداياتها رومانسية وتروى كقصص عن مكافحة الاحتكار سرعان ما تتحول لتصبح كائنات مفترسة كي تستطيع الاستمرار، يروي صاحب كتاب (قصة جوجل) أن أهم مصادر دخل جوجل وهو الإعلانات المتزامنة مع البحث قد تمت سرقة فكرته من شركة (ياهوو) وأن(جوجل) اضطرت لدفع تسوية مالية ضخمة لشركة (ياهوو) بعد صراع قضائي عنيف. لاحظ أن الجميع وحتى زمن قريب كان يتغنى بقصة ظهور شركة جوجل على يد طلبة دراسات عليا مكافحين لا يملكون المال الكافي لبدء مشروعهم التجاري!. ولو عدنا للماضي فلا شك أن المهتمين بقطاع النفط يعرفون جيداً قصة شركة (ستاندرد أويل) التي سيطرت على قطاع النفط في أمريكا بشكل كامل في القرن الماضي مما جعل المحكمة العليا الأمريكية تصدر قراراً تاريخيا بتقسيمها إلى 34 شركة مختلفة حمايةً للاقتصاد من ضررها الاحتكاري. هذه القوانين الصارمة هي أهم أداة لحماية المجتمع والدولة من افتراس تلك الشركات للناس، فهي تؤدي دور لسعة السوط التي تردع الحيوان المفترس في السيرك عن الخروج عن دوره المرسوم له عندما يفكر في مهاجمة المتفرجين أو حتى الحيوانات الأخرى المشاركة معه في العرض. القوانين والضرائب والرقابة المجتمعية الصارمة هي البديل عن غياب عامل الأخلاق في مفهوم الشركات العملاقة وهي ما يدفعها للالتزام بالحد الأدنى من احترام الحقوق وحتى المشاركة في الخدمة الاجتماعية. للمال دائماً بريق يعمي الأبصار، وقوة تغري بالبطش، ولا ينفع معها مخاطبة ضمير صاحب المال بقدر ما يجب تقييده بقوة القانون كي لا يحيد عن الطريق وهلاك المجتمعات يبدأ عندما تجتمع سلطة المال والتشريع في يد واحدة. عندها يصبح الفقراء أشبه بجمهور سيرك ترك ليواجه فرقة الأسود دون حواجز!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.