تراجع الديمقراطية في أمريكا يهدد صورتها الدولية    الفتح يكرم وفادة الشباب بثلاثية ويقفز للمركز ال11    الصيام المتقطع علاج أم موضة    تأثير تناول الأطعمة فائقة المعالجة    صندوق الاستثمارات العامة يعلن إتمام تسعير طرحه لصكوك بقيمة 1.25 مليار دولار    ميداليتان برونزيتان للربّاع السعودي العجيان في بطولة العالم للناشئين لرفع الأثقال    القبض على 5 إثيوبيين في جازان لتهريبهم 306 كجم "قات"    "آل شامي" يحتفلون بتخرج نجلهم    نائب أمير الرياض يشيد بجهود لجنة السلامة المرورية بالمنطقة    على مدى يومين.. انطلاق بطولة الجامعات لكرة المناورة في 3 مدن    وزير الخارجية يناقش مع وزير خارجية البيرو عددًا من القضايا الدولية        أمانة الشرقية تفعل اليوم العالمي للتراث بالظهران    تاتسويا ايتو يكشف سر فوز كاوازاكي على النصر ب "نخبة آسيا"    ضربة موجعة في برشلونة عنوانها كوندي    الحقيل يشكر القيادة لموافقة مجلس الوزراء على تعديلات نظام رسوم الأراضي البيضاء    نيوم بطلًا لدوري يلو    "رالي السعودية 2025" ينطلق في جدة    تسع سنوات من التحول والإنجازات    هيئة الصحفيين السعوديين في جازان تستضيف "حديث الإعلاميات" وتُبرز رائدات العمل الصحفي        نائب أمير المنطقة الشرقية يدشّن قاعة الشيخ عبداللطيف بن حمد الجبر -رحمه الله- بالمكتبة المركزية بجامعة الملك فيصل    العقود الآجلة للأسهم الأمريكية تواصل المكاسب مع التفاؤل بمتانة الاقتصاد    مركز الملك سلمان للإغاثة يُوقِّع برنامج تعاون مشترك مع مستشفى جريت أورموند ستريت للأطفال ببريطانيا    محافظ الجبيل يستقبل القنصل الأميركي    استشهاد ستة فلسطينيين في قصف إسرائيلي على غزة    سكرتير الأديان في بوينس آيرس: المملكة نموذج عالمي في التسامح والاعتدال    تكريم 26 فائزاً في حفل جائزة المحتوى المحلي بنسختها الثالثة تحت شعار "نحتفي بإسهامك"    الذهب يعوض خسائره مع ترقب الفائدة    بتوجيه من أمير منطقة مكة المكرمة.. سعود بن مشعل يستعرض خطط الجهات المشاركة في الحج    المشروع خطوة مهمة لتنويع الغطاء النباتي في المنطقة .. أمير الرياض: مشروع زراعة أشجار العود والصندل يعزز الاستدامة البيئية    إطلاق 22 كائنًا فطريًا مهددًا بالانقراض في متنزه البيضاء    أمير الشرقية يثمن جهود الموارد في إطلاق 6 فرص تنموية    البكالوريوس ل عبدالله الحميضان    يوسف إلى القفص الذهبي    أمير تبوك: خدمة الحجاج والزائرين شرف عظيم ومسؤولية كبيرة    "الرؤية".. يوم ثالث يحتفي به الوطن    قوات أميركية وبريطانية تقصف مصنعاً للمسيرات في اليمن    عدوان لا يتوقف وسلاح لا يُسلم.. لبنان بين فكّي إسرائيل و»حزب الله»    مجمع الملك سلمان.. نموذجٌ وطني في دعم اللغة العربية    الخضري يستعرض محطات تاريخ الرواية السعودية    الحميري ينثر إبداعه في سماء الشرقية    .. والمربع يستقبل أولى رحلات "مبادرة طريق مكة" بجدة    حراسة القلب    رحبت بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو ورواندا.. السعودية تدعو لخفض التوتر بين الهند وباكستان    ليبيا.. توافق "اللافي" و"تيتيه" على إحياء مسار برلين    جمعية الزهايمر تستقبل خبيرة أممية لبحث جودة الحياة لكبار السن    العلا تستقبل 286 ألف سائح خلال عام    جامعة الملك سعود تسجل براءة اختراع طبية عالمية    مؤتمر عالمي لأمراض الدم ينطلق في القطيف    اعتماد برنامج طب الأمراض المعدية للكبار بتجمع القصيم الصحي    أمير تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج بالمنطقة    واشنطن تبرر الحصار الإسرائيلي وتغض الطرف عن انهيار غزة    جاهزية خطة إرشاد حافلات حجاج الخارج    أمير منطقة جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية إثيوبيا بجدة    "مبادرة طريق مكة" تنطلق رحلتها الأولى من كراتشي    آل جابر يزور ويشيد بجهود جمعيه "سلام"    نائب أمير مكة يطلع على التقرير السنوي لمحافظة الطائف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شكراً للإقصاء
نشر في الشرق يوم 04 - 08 - 2012

نشرتُ الأسبوع الماضي مقالا بعنوان «الانتماء الإماراتي» وكان مقالا موجها للداخل الإماراتي، ولو أنه وُجّه لمجتمع آخر لكُتب بطريقة وأفكار أخرى؛ فالمجتمعات تتباين وتختلف وتحدد حاجاتها حسب ما يلائمها لا ما يلائم الآخرين. تحدثتُ في المقال عن بعض منجزات الإمارات ودعوتُ فيه إلى أمرين مهمين. الأول هو التلاحم وجمع الكلمة وتعزيز الوطنية ونبذ الاصطفاف بكل أشكاله، الديني والسياسي والاجتماعي. والثاني هو عدم توجيه التهم إلى أي شخص أو أي فئة طالما أننا نؤمن بالقانون والعدالة التي تعد مبدأ رئيساً من مبادئنا الدستورية، وقيمة إنسانية عظمى لا يمكن لكاتب أو مثقف إلا أن يطالب بها للجميع، بمختلف طوائفهم ومعتقداتهم وانتماءاتهم. ومن ربط توقيت مقالي بقضية الموقوفين في الإمارات مؤخراً، واستغل الفرصة لاستثارة مشاعر الجمهور فإنه قد أخطأ الظن والتفسير، ولقد كان بإمكاني إدانتهم واتهامهم، ولكنني لستُ قاضياً لأفعل ذلك، وليس من حقي أو من مبادئي إدانة أحد. ولكنني أعترف أنني قد خانني التعبير حين قلتُ إنني أرفض الانتماءات الأيديولوجية، وكان الأحرى بي أن أقف عند رفض الانتماءات الحزبية السياسية الخارجية. وأنا هنا لا أتحدث عن الإمارات فقط، بل عن المنطقة بشكل عام، فكما أن بعضنا يعتب على بعض الشيعة انتماءاتهم السياسية لإيران، والعابرة للحدود، وما يترتب على ذلك من أخطار ومشكلات، فلا بد أن نجعل من هذا الرفض مبدأ عاما نطبقه على كل الانتماءات الحزبية السياسية الخارجية الأخرى. أما الانتماءات الأيديولوجية فإنها تسافر عبر الزمن، وتنتشر رغم الجغرافيا، ورغم تباين اللغات والأديان، ومن حق كل إنسان أن ينتمي لأي فكر يشاء طالما أن انتماءه لوطنه يسبق كل انتماء آخر.
ولا أُخفي القارئ أنني استأتُ ولكنني لم أستغرب من الحملة الشعواء التي شنّها البعض ضدي وقاموا بتحوير ما قلتُ، وزوّروا كلاما على لساني ونشروه في الفضاء الإلكتروني، كمقولة: «قال ياسر حارب ماذا تريد فالحكومة وفرت لك الأكل والشرب والسكن والأمان» وهو كلام لم أقله ولم أشِر إليه، بل إنني أشرت إلى بعض ما تحقق في الإمارات بسواعد أبنائها من الجنسين الذين يشكلون في مجملهم نسيج الحكومة. ولكن ذلك لا يعني أنني لا أنتقد تردي مخرجات التعليم، وترهل كثير من المؤسسات الصحية، وسأظل أطالب برفع سقف الحريات الإعلامية، وتوسيع مشاركة المواطنين في المجلس الوطني الاتحادي ومنحه صلاحيات أوسع. وطالبتُ، ولا زلتُ أطالب بوضع قوانين تضبط التركيبة السكانية التي أعتقد أن حلها لن يكون بالتخلص من الأجانب ولكن بضمان حقوق المواطن وتعزيز الهوية الوطنية. كما أننا لا زلنا في حاجة لمزيد من التنمية المعرفية.
ولكنني أيضاً سأظل أفاخر وأتحدث عن منجزاتنا الحضارية وأطالب بالحفاظ عليها وتنميتها أكثر، كإنجاز إحدى أفضل البنى التحتية في العالم، وإحدى أفضل شبكات النقل الجوي والبحري والبري. وكتنويع مصادر الدخل، وكإيجاد مشاريع عملاقة لتوليد الطاقة البديلة. وكارتفاع أداء المؤسسات الحكومية وتميز موظفيها المواطنين عربيا ودوليا. ونعم، يجب أن أتحدث عن مستوى الرفاه الاقتصادي والخدمات المقدمة، لأنها إحدى الغايات التي تسعى الحكومات لتحقيقها.
إلا أن هناك من يحب ممارسة الإقصاء الفكري لأنه أسهل شيء يمكن لأحد ممارسته، والناظر إلى مجتمعاتنا الخليجية على وجه الخصوص يجد احتقاناً عالياً وجاهزية قصوى للفهم الخاطئ والهجوم المباغت تجاه من أخطأ، أو مَن صُوّر للناس بأنه أخطأ. وكما قال أحدهم: «اخترعنا نحن العرب علماً جديداً هو علم النوايا» حيث أقرأ كثيراً أن فلاناً كان يقصد كذا وكذا، وعندما أرجع لكلامه أجده بعيداً جداً عما قيل. ولكنني أشكر الإقصاء لأنه زادني إصرارا لتحييد الإرهاب والتخويف الفكري ومحاربته. وسأبقى متفائلاً، رغم كل هذا العنف، أن التسامح والعقلانية سينتصران في النهاية، حيث ستدفع النتائج السلبية لهذا النوع من الإرهاب بالجيل القادم إلى نبذه وتجريمه. لا أرفض النقد والنصح بل أستفيد منهما لتطوير نفسي، إلا أنني أرفض التزوير والتشهير. وأنا هنا لا أتحدث عن نفسي فقط، فلا زلتُ كاتبا في طور التعلم، ولكنني أتحدث عن ظاهرة عامة استشرت في المجتمع الخليجي بصورة خاصة. تذكّروا الآن كم عالم جليل، وكم كاتب قدير، أهينوا وانتقصت كرامتهم، واتهموا في صدقهم وفي أعراضهم زوراً وبهتاناً، في مشاهد تراجيدية تذكرنا بعصور الظلام الأوروبية عندما أهين جاليليو وأجبر على ثني ركبتيه أمام الكنيسة والاعتذار وهو على حق، أو كما أهين ابن رشد وأحرقت كتبه. إن المنصف يناقشك، أما الإقصائي فإنه يحكم عليك ثم يشهر بك. ولقد علمتني الحياة أن من يشتم لا يمكن أن يكون على حق، ومَن يكون على حق لا يمكنه أن يشتم.
شكرًا لكل إقصائي لأنه دفعني للثبات على مبادئي والتمسك بثوابتي أكثر، وعلمني أن لذلة التسامح والتجاوز عن شتائمه هي نعمة معجلة في الدنيا. يقول الفُضَيْل بن عِياض : «المؤمن يَستر ويَعظ ويَنصح، والفاجر يَهتك ويُعيّر ويُفْشي».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.