حذرت هيئة كبار العلماء في بيانٍ لها أمس من جماعات «داعش» و «القاعدة» و «عصائب أهل الحق» و «حزب الله» و «الحوثيين» وبعض الفرق والجماعات المنتسبة للإسلام، واعتبرت ما ترتكبه هذه الجماعات من إرهاب «أعمالاً محرمة ومجرمة لما فيها من هتك للحرمات المعلومة بالضرورة». ووصفت الهيئة مَنْ يزعم بأن الإرهاب، الذي يعرِّض مصالح الأمة لأعظم الأخطار من الجهاد ب «جاهل ضال»، لافتةً إلى براءة الإسلام من «هذا الفكر الضال المنحرف بما جره على بعض البلدان من سفك للدماء وتفجير للمساكن والمركبات والمرافق العامة والخاصة، فهو محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة». وضمَّت الهيئة إلى الأعمال المحرّمة والمجرّمة ما سمَّته «جرائم الإرهاب التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي». وفي بيانها الصادر في نهاية دورتها ال 80، التي انعقدت في الرياض، استنكرت هيئة كبار العلماء ما وصفته ب «فتاوى وآراء تسوِّغ الإجرام أو تشجّع عليه تحت أي ذريعة»، وشددت على أن «الإرهاب جريمة نكراء، وظلم وعدوان تأباه الشريعة والفطرة بصوره وأشكاله كافة»، مؤكدةً أن «مرتكبه مستحق للعقوبات الزاجرة الرادعة عملاً بنصوص الشريعة الإسلامية ومقتضيات حفظ سلطانها وتحريم الخروج على ولي الأمر». وقالت الهيئة إن على ولي الأمر إحالة مَنْ تصدر عنه هذه الفتاوى أو الآراء، التي تسوّغ الإرهاب بأي وسيلة كانت إلى القضاء ليجري نحوه ما يقتضيه الشرع نصحاً للأمة وإبراءً للذمة وحمايةً للدين، ودعت مَنْ آتاه الله العلم إلى التحذير من الأقاويل الباطلة وبيان فسادها وكشف زورها. وجاء في البيان «يعظم خطر تلك الفتاوى إذا كان المقصود بها زعزعة الأمن وزرع الفتن والقلاقل، لأن ذلك استهداف للإغرار بالشباب، ومن لا علم عنده بحقيقة هذه الفتاوى، والتدليس عليهم بحججها الواهية، والتمويه على عقولهم بمقاصدها الباطلة، وكل هذا شنيع وعظيم في دين الإسلام، ولا يرتضيه أحد من المسلمين ممن عرف حدود الشريعة وعقل أهدافها السامية ومقاصدها الكريمة، وعمل هؤلاء المتقولين على العلم من أعظم أسباب تفريق الأمة ونشر العداوات بينها». وذكَّرت «كبار العلماء» أن الدين الإسلامي حرَّم التفرق والتحزب، وأوجب لزوم الجماعة وطاعة مَنْ تولى إمامة المسلمين في طاعة الله، وقالت «سار على هذا سلف الأمة من الصحابة ومَنْ جاء بعدهم في وجوب السمع والطاعة واجتماع الكلمة». وشددت الهيئة على تحريم الخروج إلى مناطق الصراع والفتنة، ورأت ذلك خروجاً عن موجب البيعة لولي الأمر محذِّرة صاحبه من مغبة فعله ووقوعه فيما لا تحمد عقباه. ودعت الهيئة الدولة إلى تعقب المحرضين على الخروج إلى مواطن الصراع والفتنة ووصفتهم ب «دعاة ضلالة وفرقة وتحريض على معصية ولاة الأمر والخروج عليهم، وذلك من أعظم المحرمات». في سياقٍ متصل، قالت «كبار العلماء» في بيانها إن «على ولي الأمر منع الذين يتجرأون على الدين والعلماء ويزينون للناس التساهل في أمور الدين والجرأة عليه ويربطون ما وقع بالتدين والمؤسسات الدينية». وأضافت «أن هيئة كبار العلماء لتستنكر ما يتفوه به بعض الكتَّاب من ربط أفكار الإرهاب بالمناهج التعليمية أو بمؤلفات أهل العلم المعتبرة، كما تستنكر توظيف هذه الأحداث للنيل من ثوابت هذه الدولة المباركة القائمة على عقيدة السلف الصالح». وفي بيانها، بيَّنت الهيئة أنها استعرضت كلمة خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، الموجَّهة قبل أسابيع إلى الأمتين العربية والإسلامية والمجتمع الدولي وما تضمنته من تحذير وإنذار تجاه ما يواجه العالم أجمع من خطر الإرهاب، الذي اتُخِذَ ذريعة لتشويه صورة الإسلام بنقائه وصفائه وإنسانيته. ونوّهت الهيئة بما نبَّه إليه خادم الحرمين الشريفين من أن للإرهاب أشكالاً مختلفة سواءً ما كان منها من جماعات أو منظمات أو دول، وهي الأخطر بإمكاناتها ونياتها ومكائدها. وتابع البيان «قد أخَذَ (خادم الحرمين الشريفين) على المجتمع الدولي صمته وحمَّله مسؤوليته تجاه ما حدث لأهل فلسطين من نكاية العدو وغطرسته، محذراً من نتائج ذلك وأن مَنْ يصمتون عن جرائم الإرهاب سيكونون أول ضحاياه في المستقبل القريب». إلى ذلك، أوصت «كبار العلماء» الجميع بالتمسك بهذا الدين القويم والسير فيه على الصراط المستقيم المبني على الكتاب والسنة وفق فهم السلف الصالح ومَنْ تبعهم بإحسان، ونبَّهت إلى وجوب تربية النشء والشباب على هذا المنهاج القويم والصراط المستقيم حتى يسلَموا من التيارات الفاسدة ومن تأثير دعاة الضلالة والفتنة والفرقة. وأكدت الهيئة وجوب الالتفاف حول قيادة هذه البلاد وعلمائها و «يزداد الأمر تأكيداً في مثل هذه الأوقات، أوقات الفتن»، وحذرت الجميع حكاماً ومحكومين من المعاصي والتساهل في أمر الله «فشأن المعاصي خطير وليحذروا ذنوبهم وليستقيموا على أمر الله، ويقيموا شعائر دينهم ويأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر»، بحسب البيان.