الإعلام آلة سحرية يمكنها توجيه الرأى العام، وتصوير ماليس له وجود على أنه واقع، واليوم نحن في عصر الإعلام التفاعلي «تويتر» فهو أداة للبروباجندا (Propaganda)، البروباجندا لمن لا يعرفها هي نشر المعلومات بطريقة تهدف إلى التلاعب بالرأي العام. وقد ارتبطت البروباجندا بالحياة الاجتماعية والسياسية والدينية، إن أخطر الناس وأشدهم صراخا وجلبة وتمسكا بالقضايا والحقوق الزائفة، هم الذين يرون جزءا من الحقيقة، وبكلمات أخرى، من لا يقرأ ولا يعيش الآراء المتباينة في القضايا ولكن يأخذها باختصار، بناء على أحداث سابقة أو تصفية حسابات. فالشخص الذي لا يقرأ أو يسمع في حياته عن الحدث الذي يتمسك ويدافع عنه دون دراية مسبقة، عليه بمراجعة نفسه. أحد الأصدقاء وهو بالتأكيد يقرأ كلماتي هنا، أعاد تغريدة لشخص معروف ببغضه للجامية، وسألت صديقي عن معنى الجامية، وماهي نظرته للجامي فقال: لا أعلم ولكن هذا الداعي يعجبني أسلوبه وقصفه للجبهات!! وكم من تغريدة تعاد دون العلم بمحتواها، وذات الأمر ينطبق على الحياة الاجتماعية والعملية، فبعضهم يتوافق مع رأي (س) دون النظر لرأي (ص) ليس لأن الرأي صحيح، ولكن فقط لأن (س) إما قريب أو صديق أو ماشابه ذلك ومع «الخيل يا شقراء». هذا الفعل يقودنا إلى رؤية الجانب الآخر من الأشخاص، فهم مُختلفون أمام الآخرين وليسوا هم عندما يكونون وحدهم، والعكس بالعكس في بعضٍ آخر، بالإضافة إلى تبني مثل أولئك المغردين القضايا الزائفة، التي تزيد من توتر الرأي العام، وقد يزداد الأمر سوءاً إذا كان مشهوراً مثل أحد المغردين المعروف توجهه ضد الدولة في باطنه وفي ظاهره الولاء كما يدعي، فمتابعوه كثيرون ورأسه فارغة. إن تويتر أكبر مسيل للعاب أصحاب الفتن، ومن مثل هؤلاء يسيل اللعاب، فجميع الحيل من سخرية وكذب وغير ذلك من أجل أن يتبنى الجمهور القضية أو يقبل الفكرة، فعلى سبيل المثال الأكاديمي السعودي المنخرط في خدمة بلاط الرئيس التركي الحالي أردوغان والجزيرة، فقبل أيام غرَّد عن إرسال تركيا إلى أهلنا في غزة 1000 منزل متحرك مؤقت، حتى تتمكن من بناء البيوت التي دمرها العدوان، وختم تغريدته بشكر السلطان أردوغان كما يعتقد، ولكن في الحقيقة أن الصورة التي نشرها هذا الأكاديمي، ماهي إلا مشروع تركي لتصدير النفط في العراق، فكذب المغرِّد وصدقه بعض المغردين وأعادوا التغريد! تقول الحكمة (ظلمة الجهل أشد من ظلمة الليل). وعديد من المغردين يضع نفسه مع الناس ضد الهدف الذي هو عدوهم ضد أي خصم يكون، ولكن حين يستحضر المغرد هذا القالب في ذهن القارئ، يمكنه حينئذ أن يصب فيه ما شاء من أفكار خاصة به واستغلال الظروف الاجتماعية والاقتصادية لذلك. والظريف أن عدداً معتبراً قد قرر أن يكون «ناشطا/ناشطة حقوقية» والناس أسرع شيء إلى التصديق، مع أنه كلام يحتمل الصواب والخطأ، بالإضافة إلى وجود قواعد نفسية تؤثر على ميل الإنسان للاستجابة لطلب ما عبر خطط تكتيكية يتبعها المتخصصون في الإقناع، لتقليل مقاومة الآخرين وإخضاعهم. كما أن عديدا من المغردين وبعض الصحف يتبعون ظاهرة نسيان المصدر (Source Amnesia) الناتجة عن اضطراب الذاكرة. فالشخص يتذكر بعض المعلومات، ولكن لا يعرف طريقة الحصول عليها أو مصدرها، ومن ذلك يتذكر الإنسان الأخبار الخاطئة على أنها صحيحة. ولا يجب أن يكون القارئ أداة في يد غيره بأن يلتفت لخبر يشك في صحته. همسة من قال ما لا ينبغي سمع ما لا يشتهي