سرطان عنق الرحم هو نمو غير طبيعي لخلايا عنق الرحم؛ وهو يعتبر النوع الثاني الأكثر انتشاراً بعد سرطان الثدي بين النساء، هذا السرطان لا ينتقل بالوراثة ولكن ينتقل بمسببات خارجية منها الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري التناسلي (HPV)، ورغم انتشار هذا المرض في العالم إلا أنه يمكن السيطرة عليه بالكشف المبكر ومعرفة طرق الوقاية، وقد قدّرت احصائيات منظمة الصحة العالمية أن هناك حوالي 530,000 حالة جديدة و270,000 حالة وفاة تسجل سنوياً في جميع أنحاء العالم، والجدير بالذكر أن برامج التوعية والتثقيف في الدول الغربية مرتفعة جداً مما أدى الى تناقص حالات الوفاة في الفترة الأخيرة، على العكس من الوضع في دول العالم النامية حيث تنعدم برامج التوعية، والكشف المبكر، وصعوبة الوصول الى مراكز الرعاية الصحية فتزيد نسبة الإصابة بسرطان عنق الرحم، وعلى الرغم من ضآلة نسبة الإصابة بسرطان عنق الرحم في المملكة العربية السعودية، إلا أن الحالات غالباً ما تشخّص في مراحل متأخرة يصعب علاجها. سرطان عنق الرحم لا يتكون في وقت وجيز بل يحتاج سنين طويلة تتراوح بين (10-15 سنة) حتى تظهر علاماته الأولية، لذلك أثبتت الأبحاث العلمية أن سرطان عنق الرحم يمكن السيطرة عليه بسهولة في حالة الكشف المبكر حيث إن الفحص الروتيني لعنق الرحم (Pap smear) يساهم بشكل كبير في التعرف على وضع الخلايا في هذه المنطقة، غالباً هناك تغيرات تطرأ على خلايا عنق الرحم وهذه التغيرات قد تستمر تدريجياً إلى أن تتطور إلى سرطان، لذلك فإن التعرف عليها مبكراً يساهم في معالجتها والتخلص من المشكلة، هنالك ايضاً تطعيمات ضد فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) حيث توفر الحماية من سرطان عنق الرحم بنسبة 70%. فيروس الورم الحليمي البشري التناسلي ينتقل من الرجل إلى المرأة لذلك التوعية للجنسين حول خطورة الإصابة بهذا الفيروس مهمّة جداً، ونحتاج إلى وضع العديد من التوصيات للحد والوقاية من سرطان عنق الرحم، تتضمن التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري للإناث، ابتداء من عمر13 سنة، وكذلك تطعيم الأولاد من عمر 13 سنة حيث يعتبرون الناقل لهذا الفيروس. التشخيص المبكّر لعنق الرحم هو الحل حيث أنه يتيح أفضل الفرص للعلاج والشفاء مع اتخاذ الإجراءات اللازمة لتلافي نقل المرض إلى الغير وذلك في حالة ثبوت الإصابة بعدوى فيروس الورم الحليمي، ويجب على الجميع أن يعرف أنه لا عيب في الإصابة بالفيروسات الجنسية (فيروس الورم الحليمي البشري التناسلي مثلاً) والمصابون بها كغيرهم من المرضى يستحقون العلاج الشامل والرعاية الصحية. ونتمنى أن تقوم وزراة الصحة بتهيئة الظروف والأوضاع المناسبة لكي تُشارك المستشفيات والمراكز الصحيّة في المملكة العربية السعودية في حملات التوعية التثقيفيّة بتوفير فحص مجاني للراغبين مع توفير الدعم الطبّي الفعّال في حالة ثبوت الإصابة بالعدوى الفيروسية أو في حالة ملاحظة خلايا متغيّرة في عنق الرحم، كذلك يجب دعم الأبحاث والدراسات العلمية والتطبيقية للتعرف أكثر على طبيعة هذا المرض في مجتمعنا والحد من انتشاره. * قسم الالتهابات والمناعة - مركز الأبحاث