المملكة بوابة "السياحة الكورية" للتوسع بالشرق الأوسط    وزير الإسكان يشهد توقيع "الوطنية للإسكان" 5 مذكرات تفاهم    النفط يتراجع والذهب في ارتفاع    انخفاض قياسي لتكلفة الكهرباء من الرياح بالغاط ووعد الشمال    أجهزة كمبيوتر من مايكروسوفت مزودة بالذكاء    سيطرة سعودية على جوائز "الفضاء مداك"    الربيعة يدعو لتأسيس "مجلس طيران إنساني عالمي"    ولي العهد يطمئن الجميع على صحة الملك    700 ألف صك عبر البورصة العقارية    إطلاق "مانجا إنترناشونال" للأسواق الدولية    نائب أمير الرياض يستقبل نائب وزير الحرس الوطني المكلف    أمير حائل يخص جلسته للحديث عن الميز النسبية التي تمتلكها المنطقة    وزير "البيئة" يعقد اجتماعات ثنائية مع الجزائر وكينيا    طلاب الاحساء يحصدون 173 جائزة لوزارة الثقافة    أكثر من 5.5 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» في أبريل الماضي    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقاء الأسبوعي    «تبريز» تشيّع الرئيس الإيراني ومرافقيه.. الدفن «الخميس»    الشباب يتوصل لاتفاق مع لاعب بنفيكا رافا سيلفا    حرس الحدود يحبط تهريب 295 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    استمرار هطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    موعد مباراة الهلال والطائي..والقنوات الناقلة    عرض سعودي يقرب ماكسيمان من الرحيل عن الأهلي    القضاء على الفقر وليس القضاء على الفقراء    الأمير خالد بن سطام مساء اليوم يفتتح معرض صنع في عسير    رسميًا.. الاتحاد يعلن رحيل رومارينهو وغروهي    6.7 مليار دولار مساعدات سعودية ل 99 دولة    أمير الجوف يعزّي أسرة الحموان    القوات المسلحة تواصل تمرين «الأسد المتأهب 2024»    الاتحاد بطلاً لهوكي الغربية    استقبال حافل ل «علماء المستقبل».. أبطال «ISEF»    5 فوائد للمشي اليومي    القيادة تعزي في وفاة رئيس إيران ومرافقيه    معابر مغلقة ومجازر متواصلة    8 مواجهات في الجولة قبل الأخيرة لدوري" يلو".. " الخلود والعروبة والعربي والعدالة" للمحافظة على آمال الصعود    أنديتنا وبرنامج الاستقطاب    في الرياضة.. انتظار الحقائق والتطوير    خادم الحرمين الشريفين يخضع لبرنامج علاجي    أمير القصيم يكرم «براعم» القرآن الكريم    مكعّب روبيك.. الطفل العبقري    المسألةُ اليهوديةُ مجدداً    إجازة لمكافحة التعاسة    ابحث عن قيمتك الحقيقية    مواجهة الظلام    مبادرة الأديب العطوي    نائب أمير جازان يكرم متفوقي التعليم    زلة الحبيب    وقتك من ذهب    لا عذر لخائن    تسهيل وصول أمتعة الحجاج لمقار سكنهم    العجب    10522 خريجًا وخريجة في مختلف التخصصات.. نائب أمير مكة المكرمة يشرف حفل التخرج بجامعة جدة    علاقة معقدة بين ارتفاع ضغط الدم والصحة النفسية    الحامل و الركود الصفراوي    أخصائية تغذية: وصايا لتجنب التسمم الغذائي في الحج    خرج من «البحر» وهو أصغر بعشر سنوات    أمير الرياض يرعى حفل تخرج طلبة الجامعة السعودية الإلكترونية    القيادة تعزّي دولة رئيس السلطة التنفيذية بالإنابة السيد محمد مخبر في وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    أمير القصيم يرعى حفل تكريم الفائزين بمسابقة براعم القرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيلم «لون أعالي النهر»: غموض مقصود للدخول في عالم الحواس
نشر في الرياض يوم 27 - 07 - 2013

إذا كانت أفلام الخيال العلمي دائماً ما تدخل مشاهديها في عالم خاص بمنطقها الخاص من حيث استعانتها بالخيال بشكل كبير، ففيلم "لون أعالي النهر" Upstream Color يستدعي ما هو أكثر من الخيال، حيث تمتزج أشياء مختلفة وغريبة عن بعضها البعض وهناك تداع وترابط غريب ولكنه غير واضح بين عدة أمور. كأنها تكشف نظرة كونية لترابط الأشياء واتصالها ببعضها البعض مما حدا بكثير من النقاد لتشبيهه بفيلم "شجرة الحياة" The Tree of Life لماليك تيرينس. لكن الحقيقة انه رغم وجود رابط بسيط بين الاثنين ورغم تعقيد وغرابة كل منهما, إلا أن "لون أعالي النهر" له طابع أصيل خاص به وحده. ولا عجب في ذلك فمخرج الفيلم شين كاروث هو كاتبه ومنتجه ومؤلف الموسيقى التصويرية وصوره ومثل فيه وشارك في مونتاجه.
لم يستخدم شين كاروث في فيلمه السرد الكلاسيكي المعتاد بل يبدأ خيوط مختلفة تتداخل ثم تتفكك من جديد لتشكل قصة هلامية غير واضحة تماماً، لأنه وكما يبدو واضحاً من البداية يريد أن يبحر معه المشاهد بشكل مفتوح دون أفكار مسبقة وأن يستمتع بعالم بصري سمعي مختلف. وهي تجربة ليست لكل المشاهدين فمن يريد أن يفهم كل مشهد ويطالب بالوضوح التام للقصة سوف لن يعجب أبداً بالفيلم.
القصة الهلامية تبدأ بشكل فعلي عندما نرى بطلة الفيلم كريس (قامت بدورها أيمي سيميتز) تتلقى ضربة وتلقى على الأرض ويوضع عليها جهاز تستنشقه يحتوي على مخدر ما, ثم تنهض بعد ذلك لتصبح أسيرة بالكامل لشخص يتحكم بالكامل بتصرفاتها وهي لا تستطيع النظر إليه لأنه قال لها ان وجهه مثل نور الشمس لا يمكن النظر إليه مباشرة. ومن توجيهاته أن يجعلها تقرأ كتاب اسمه "والدن أو الحياة في الغابات" Walden, Life in the Woods وهو كتاب للمؤلف الأمريكي هنري ديفيد ثوريو, يروي فيه تجربته في العيش لمدة سنتين في غابة يملكها صديقه في بيت بناه هو بالقرب من بحيرة والدن.
في الفيلم تعيد كريس مقاطع من الكتاب يطلب منها خاطفها حفظها. وخلال هذه الفترة يستولي الخاطف على أموالها ويتركها بعد ذلك, فتكتشف أنها كانت مخدرة وأن هناك طفيليات في جسدها. ينقذها شخص يعمل كراع للخنازير وفي نفس الوقت موسيقي وذلك بنقل الطفيليات منها إلى أحد الخنازير وبذلك تحيا ولكن تصبح هناك بينها وبين الكائنات الأخرى وخاصة الخنازير رابطة قوية. تلتقي بجيف (قام بدوره شين كاروث نفسه) في القطار ويرتبطان بعلاقة حب تنتهي بالزواج ولكن طريقة التعبير عن العلاقة وتفاصيلها غريبة ومختلفة, حيث نشعر أنهما مرا بنفس التجارب، وأن هناك شيئاً غير واضح ولكن متين يجعل قدريهما متشاركين وهنا عمق الفيلم في الخوض في البعد الميتافيزيقي ثم هذا المزيج من الرومانسية والخيال العلمي واللغز الغريب الذي يجعل كريس منذ شفائها وهي تشعر بمشاعر غريبة تجرها إلى أماكن غريبة.
الأماكن في الفيلم متداخلة والأصوات أيضاً. هناك علاقة كلية وكأن الحواجز وهمية وأن كل شيء في النهاية متداخل ومتشابك مع شيء آخر بين الأشخاص والكائنات والأحداث والأماكن. بعض المشاهد التي تسبح فيها كريس كي تستعيد وعيها تذكر بمشاهد شبيهه لجولييت بينوش في "أزرق" الفيلم الشهير من ثلاثية كيسلوفسكي. كما أن تداخل الكائنات وصور النباتات ومشاهد أخرى تجعلنا نشعر أننا داخل الجسد البشري تذكر أحياناً بفيلم "شجرة الحياة" لمالك تيرينس. فهناك رغبة في الغوص بما هو وراء الظاهر والمعتاد ومحاولة سبر أغوار ما هو خفي وغامض وداخلي.
المجال في هذا الفيلم مفتوح لتأويلات مختلفة وهو بتصويره الجميل وأداءات ممثليه الجيدة وخاصة أيمي سيميتز ومونتاجه الغريب السلس أحياناً أو المتقطع بشكل مفاجئ أحياناً أخرى يجعل مشاهدة الفيلم تجربة خاصة. هناك صورة تتكرر كثيراً لشخصيات الفيلم وهي تصنع دوائر متصلة ببعضها البعض، كما أن اختيار كتاب "والدن أو حياة الغابات" كما هو واضح يحمل دلالة معينة, فمؤلف الكتاب قد كتبه متأثراً بصديقه رالف والدو إميرسون وفلسفته ذات النزعة الصوفية الفردية.
كذلك فإن الفيلم من خلال تجاور الصور يحاول خلق علاقة بين البشر والحيوانات والنباتات في تداخل مقصود. وبذلك فإن دورة الحياة هي ثيمة واضحة في الفيلم وإن كان من الصعب توضيح نوعية هذه العلاقة بشكل واضح.
الجدير بالذكر أن شين كاروث قد سبق له أن صنع فيلماً روائياً طويلاً واحداً فقط قبل هذا في عام 2004 بعنوان "Primer"، وقد حاز جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان صندانس. ولذلك فقد كان من الطبيعي أن يبدأ فيلمه هذا في مهرجان صندانس لهذا العام أولاً. وقد ذكر الناقد كيث كيمبل "أن النقاد لم يتوقفوا عن الحديث عن هذا الفيلم" خلال المهرجان رغم فوزه بجائزة هندسة الصوت فقط.
"لون أعالي النهر" بالتأكيد لم يُصنع ليحقق إيرادات عالية وهو بالتأكيد أيضاً لا يشبه هوليوود أبداً بل أبعد ما يكون عنها، فهو ينتمي لسينما نخبوية، يذكر فيها بالسينما الفنية الخالصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.