انعقاد المؤتمر الصحفي الحكومي.. اليوم    مدرب نابولي: بلغنا النهائي بجدارة واستحقاق    خطط «الصحة» على طاولة أمير القصيم    الأسهم الأوروبية تحقق مكاسب أسبوعية وسط آمال خفض «الفائدة» ودعم البنوك    وزير الموارد البشرية يدشن «الغرف الإبداعية» في الجهات الحكومية    تنوع بيولوجي في محمية الملك سلمان    الأخضر خرج خالي الوفاض    شراكة نوعية لتعزيز الخدمات الصحية والمجتمعية في الباحة    سحب 5.5 ملايين متر مكعب من مياه الأمطار في الشرقية    روضة مهنا بالقصيم.. لوحة ربيعية    «الشؤون الإسلامية» في عسير تنفذ 30 ألف جولة رقابية    انطلاق تصفيات مسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن في جازان    الربيعة وسفير المملكة بالبوسنة يناقشان الموضوعات الإنسانية    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. سمو وزير الدفاع يُقلِّد قائد الجيش الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. وزير الدفاع يقلد قائد الجيش الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    في أولى جولات كأس أمم أفريقيا 2025.. مصر تواجه زيمبابوي.. ومالي تصطدم بزامبيا    «الآسيوي» يعتزم إطلاق «دوري الأمم»    في ظل دعم ولي العهد المتواصل ل«سدايا».. السعودية الأولى إقليمياً بمؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي    بناء القدرات وتبني الابتكار وتعزيز الشفافية.. السعودية تتقدم في مؤشر أداء الأجهزة الإحصائية    أمير نجران يستعرض فرص الاستثمار    هيئة «الشورى» تحيل تقارير جامعات لجلسة المجلس    جهود أمين جدة وسرعة الإنجاز لشبكة تصريف الأمطار    أين يبدأ التنمر الوظيفي وأين ينتهي؟    معرض جدة للكتاب 2025 يختتم فعالياته    القراءة.. الصديق الذي لا يخذل    من هن النسويات؟    تصريحات متطرفة بشأن لبنان.. توغل إسرائيلي جديد في الجنوب السوري    وسط تحذيرات أممية من التوسع القياسي.. 19 مستوطنة إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية    انطلاق تصفيات مسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن بجازان    1% انخفاض ودائع البنوك السعودية    9 طلبات توصيل كل ثانية عبر التطبيقات    دوري يلو 12.. العلا والدرعية يهددان صدارة أبها    المحسن يكتب.. وَهَبهم البطولة والإنتصار .. بأهدافه وتخطيطه المكّار    الانفصال.. خيار مستحيل جيوسياسيًا في اليمن    اليمن.. صراع النُخب مزّق الوطن    طربيات «موسم الخبر» تبرز فن تركي عبدالعزيز    أنغام تودع عاماً وتستقبل عاماً في «ليلة الحب»    الفن وأصوات النجوم يعيدان وادي صفار للواجهة    ألمانيا: إصدار أكثر من 100 ألف تأشيرة في إطار لم شمل عائلات اللاجئين في 2025    المغرب يهزم جزر القمر بثنائية في افتتاح كأس الأمم الأفريقية    معالي نائب وزير الرياضة يتوّج الأمريكي "تيين" بلقب بطولة الجيل القادم للتنس 2025    لغة نصفق لها ولغة نستخدمها    منهج الاحتلال.. استيطان وعنف    الصراع الإسرائيلي الإيراني بين الضربات العسكرية وحسابات الردع    قرارات تطويرية لتكامل المنظومة الدينية بالحرمين    أمير الرياض يستقبل سفيرة الجمهورية الهيلينية المعيَّنة حديثًا لدى المملكة    في كل شاب سعودي شيء من محمد بن سلمان    بر الشرقية تستعرض برامجها التنموية بمحافظة العديد    من «بيوت الموت» إلى منصات التوقيع… سعاد عسيري تدشّن روايتها الأولى في معرض جدة للكتاب 2025    مدرسة ابتدائية مصعب بن عمير تحتفي باليوم العالمي للغة العربية    وفد أعضاء مجلس الشورى يطلع على أعمال هيئة تطوير محافظة جدة    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل سفير خادم الحرمين في ماليزيا ومفتي رواندا    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يُنقذ مراجعاً مصاباً بانسداد حاد نسبته "99 %" بالشريان التاجي الأيسر    تشغيل نظام الأرشفة الإلكترونية بمستشفى الأسياح    بيان مديراً لمستشفى الأمير عبدالمحسن    مشلول يتحكم في روبوتات بإشارات الدماغ    أداة بالذكاء الاصطناعي للكشف عن سرطان الكلى    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تعيد توطين طائر الجمل بعد غياب 100 عام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شعراء الحب يبدعون حين يصدقون في تعبيرهم وتجسيد معاناتهم
أحاديث في الأدب الشعبي ..
نشر في الرياض يوم 10 - 04 - 2013


قال أحد شعراء الفصحى يعاتب من يحب:
ما لي مرضت فلم يعدني عائد
منكم ويمرض كلبكم فأعود؟
وأشد من مرضي علي صدودكم
وصدود عبدكم علي شديد
يبدو أن هذا الشاعر أحب من ليست من طبقته، فهو المولع الفقير الذي لا يتطلع لغير محادثة عبدها عله يسمع من أخبارها ما يسره، وكغيره من المحبين الواهمين كان يتطلع لإشفاقها أسوة بما يجد من تعلق بها، فادعى المرض عله يحظى بزيارتها له، للاطمئنان عليه، ولكنها لم تجد له بذلك، هل حالت أسباب دون ذلك أم أنه حب شاعر؟ يقتطف منه جميل التعبير عن جمال المحبوبة وعذاب الشاعر الذي يشعل القريحة فيحترق احتراق الصندل لتضوع رائحته ويفنى العود. وبناء على ما يكن وجدانه من حب، وما يعانى من ألم عاتبها وكان موقنا بأنها تشاركه اللوعة والألم لمرضه، كيف لا وهو الذي لا يكف عن عيادتها عندما يمرض كلبها، وهو الذي يجد لوعة شديدة عندما لا يواصله عبدها.
هذه حال المحبين:
لا يعرف الشوق إلا من يكابده
ولا الصبابة إلا من يعانيها
وأشد أنواع المحبة ألماً ما كان نقياً، بعيدا عن المصالح الذاتية وصعب المنال، وبه من اللعب بمشاعر الآخر ما يولد الألم ويزيد من التعلق والتلذذ بذلك وانكار الظن بالتلويع. وقد يكتفى المحب بما اكتفى به جميل بثينة منها:
وإني لأرضى من بثينة بالذي
لو ابصره الواشي لقرت بلابله
بلا، وبألا أستطيع، وبالمنى
وبالوعد حتى يسأم الوعد آمله
وبالنظرة العجلى وبالحول تنقضى
أواخره لا نلتقى وأوائله
هكذا يكون الحب العذري.
وقد يكون المحب غير منصف حين لا يعذر من لا يستطيع الإبانة عن مكنونات وجدانه لأسباب اجتماعية يجدها قاهرة ولا مجال لتجاوزها، مثل ما حدث لشاعر من أهل الخليج أحب فتاة وأحبته وعندما مرض لم يعد يمارس حياته الاجتماعية حتى تراه فاحتضنه المستشفى، وأخذت الفتاة تتلقف أخباره بواسطة الصبية الذين لا يفطنون لأبعاد ما يجري من أحاديثها معهم وهي تلتقي بهم يوميا عند داره، والشاعر يضيق ذرعاً بعدم سؤالها عنه فقال على نهج المواويل الخليجية:
من طحت ميهود ما مروا عليّه أحد
حتى الحسب والنسب الكل مر وجحد
الله لا قرا سورة قريش وقل هو الله أحد
إن قمت من طيحتي ما عاد أعرف أحد
وعندما سمعت هذه الأبيات أجابت:
أمر بالدار حجّة وانت مقصودي
والنار في ضامري كالنار في العودِ
وحياة منشي السحاب ودارز العودِ
مخلوق لو ينعبد كان انت معبودي
وقد صدقت لا يمكن ولا تصح عبادة المخلوق مهما بلغ من مودته، وبهذا نلمس الصدق في الرد والتجني في العتاب.
وكثير من الناس من لا يهب المشاعر الودية قدرها مهما احترق من لوعتها، فكان الله في عون المحبين، وعصمهم من الخطل.
يذكر المعدان المحققان على الفياض وعلي المناعي في كتابهما «ذاكرة الذخيرة» من رواية على المهندي كثيراً من الأحداث والاشعار القديمة عن منطقة «الذخيرة» في قطر، يذكران أن الشاعر المشهور محمد الفيحاني مرض وأدخل المستشفى الأمريكي في البحرين، وتذكر من يحب خلف جبل الغارية وأنه قبل السفر إلى البحرين لم يغادرر دياره قبل أن يرى من يحب:
ما سمح قلبي يروح ولايرى
زَوْل محبوبه ولو هو من بعيد
لو يبين من الجبل لي من ورا
ديرته تطفي ضمير به وقيد
آه وا ويلاه يا ليته درى
كيف وده في حشا روحى يزيد
أو درى انى منه حالي قد برى
ذايب قلبي بعد ما هو حديد
واننى في البعد ناصي المقبرا
يحفرونه لي وموقن بالوعيد
ثم يوصي ذويه بالعناية بقبره ووضع علامة بارزة عليه ليعرفه الحبيب لو كتب له زيارته:
حط من فوق القبر حتى يرى
بنيتين كالنصايب له شهيد
يعرفون القبر من جا ينظرا
يعرفونه قبر مذبوح الوديد
قبر من صان المودة واسترا
قبر من لا خان عهدٍ للعهيد
من صبر للحب حتى بتَّرا
زرع قلبه واتركه حبٍ حصيد
إلى قوله من القصيدة الرثائية:
كيف اجل لو مات وانا له أرى
كان طريت السلب طر العنيد
واحترق قلبي بعد ما قد ورى
شبه نار كنّها نار الوعيد
والشعراء يبدعون حين يصدقون في تعبيرهم وتجسيد معاناتهم، ويفرون سواهم حينما يحلمون ويحبون إغاظة سواهم من وصف التلذذ بملاقاة من يحبون، وذلك التعبير أكثره من نسيج الخيال. والذي يؤكد لنا ذلك صرامة المجتمع وضوابطه الاجتماعية، والرقابة الذاتية التي يمارسها المرء على نفسه ليقينه بسوء المنقلب في مجتمعه أولا عقابا أو سمعة وكلاهما أمر يصعب احتماله، فأقرب ما يكون للمبالغة في الوصف أن ذلك يعود إلى الآمال والاحلام والتصورات ليس إلا، وندر أن يخضع الحرائر والأحرار لهوى النفس. والأدب العالمي مليء بمثل ذلك. ثم أن المجتمع الواحد في القرية أو البادية متماسك ويعرف كل فرد فيه الآخرين فكيف للمرء أن ينفذ من تقاليده، لا سيما وأن أكثر الشعراء المبدعين الذين تناقل الناس أشعارهم لهم حضور مع الأعيان ويشار إليهم بالبنان مما يجعلنا نبعد عنهم انهم يقولون ما يفعلون. هذا من جانب سطوة التقاليد وضوابط المجتمع فكيف إذا كان المجتمع مسلماً فإنه يكتسب حصانة مثلى.
والله المستعان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.