«وداعية» عبدالكريم.. صراع مع اليأس وإبقاء الأمل من ضمن العوامل المساعدة في توهج الأغنية في الزمن الماضي القريب هو استنباط قيمتها الفنية من خلال بعض الآراء التي تؤخذ من محيط الفنان نفسه بعد تكرارها أو طلبها منه، كما يقول المطرب سعد جمعة: إنه يتعرف إلى نجاح أي عمل من خلال ترديد الأغنية من عدة أطراف قبل طرحها في سوق الكاسيت، بعد ان أغنيها لهم لمرة واحدة وهؤلاء المستمعون، إما ان يكونوا من أهل البيت او الأقرباء او المحيطين منه وعادة يأخذ الرأي في حال ترديد الأطفال للعمل». يقول: «لأنهم يقدمون رأيهم دون مصلحة». هو نفس الأسلوب الذي يتبعه كثير من النجوم في الوقت الماضي، من ضمنهم النجمة الكويتية نوال التي تؤكد هذا المبدأ من خلال سماعها العمل أول مرة، وفي حال تذكرها والدندنة عليها فيما بعد! ربما قد يعطيها مؤشراً على نجاح العمل وأحيانا تستمد الرأي من القريبين منها». الأمثلة كثيرة في هذا الشأن حتى بعد «تفكك» المحيط الفني وابتعاده عن الجلسة الفنية» الورش الفنية «التي تكتب من خلالها سجلات الأعمال المتميزة. في متوسط التسعينيات الميلادية من القرن الماضي بدأت تتغير ملامح الأغنية وطرائق صناعتها عن طريق التواصل الفني بين الملحن والمغني والشاعر عبر وسائل الإعلام الحديثة.!؟ حتى أنه مازالت بقايا الاختيار لها سُبل ساعد على هبوط الأغنية وانفرادية الرأي. تغير النهج في الاختيار والتواصل الفني بين الأعمدة في الأغنية كالشاعر والملحن والمغني، أحياناً تاتي (3/1) بمعني أن يكون شخص واحد يقوم بهذه الادوار!، في حالة تكون نادرة في الوسط الفني، لكنها لا تستمر!. في شق آخر على تميز هذه الأعمال الخالدة، ربما يكون عربياً، الثلاثي الأنجح (الشاعر محمد حمزة، والملحن بليغ حمدي، والمطرب عبدالحليم حافظ - رحمهم الله) يقدمون هذه المدرسة العظيمة في التعاطي الفني وتقديم ورشة العمل التي تكون نتائجها اعمالا عظيمة. اسطوانة درب المدينة ل طلال مداح قال محمد حمزة 1940-2010م ل «الرياض» إبان تكريمة في مهرجان الدوحة الغنائي 2008م: «كانت ورشة العمل تنقل في أي مكان يحط فيه عبدالحليم»، يتذكر أن إحدى الأغنيات - حاول تفتكرني - كُتبت ولحُنِتَ في ثلاثة عواصم»الرياض، بيروت، باريس»، كان عبدالحليم حافظ مهتما أن يكون العمل متكاملا تحت ورشة عملية فنية بين الاعضاء، بل انه كان يدفع من حسابه مبالغ مادية على سفريات المجموعة معه. في هذا العمل بالذات، كانت «الراحلة» عتاب بارقة أمل أن تنشط قريحة محمد حمزة كما يقول، عندما سمعها تغني في أحدى الحفلات الخاصة - بالرياض- أغنية «سافروا ما ودعوني» لتشعل عبدالحليم ويسأله - هل باستطاعتك ان تكتب جملة شبيه مثلها - وعلى الفور محمد حمزة يكتب «سافر من غير وداع، فات في قلبي جراحه، دبت في ليل السهر، والعيون ما ارتاحوا». لتكتمل بنفس الجملة اللحنية عندما دونها «نوطة» بليغ حمدي، هذا الثلاثي «بليغ، محمد، عبدالحليم» قدم مجموعة من الأعمال الناجحة في عقد الزمن الجميل. الامثلة تتكرر.. هناك، مثال «طلال مداح ولطفي زيني- رحمهم الله» ساهما في صناعة الاغنية السعودية وأوج عطائها من خلال ورش العمل والتعاطي مع القصيدة الغنائية الخارجة من أزقة جدة ومكة، واللحن ومناقشة ما يناسب طرحه، ومثلها ما كان بين «الفالح وطلال مداح» رحمهم الله، وقدما مجموعة من الاعمال النجدية «قولوا للغالي قولوا له» و»أحلى الليالي تراها» وغيرها، عندما كانا ثورة نشاط في الاغنية الحديثة بالستينيات الميلادية والسبعينيات. «وداعية» كانت ضمن هذا القالب الفني مشتركة لتصارع اليأس وتبقي الأمل، عبدالكريم عبدالقادر وثنائية يوسف المهنا امتزجت تلك الادمغة في دخولها قصراً عبر «وداعية» عبداللطيف البناي «رحمه الله». ماذكر.. بعض من الشواهد على طرائق وصناعة الأغنية في زمنها الجميل. طلال مداح - رحمه الله - 1383