كان الشيخ فهد الأحمد يرحمه الله ملك الإثارة الإعلامية في دورات كأس الخليج، كانت إثارة محببة ومؤدبة، وكان الأمير فيصل بن فهد يرحمه الله يمثل جانباً آخر مميزاً في هذا الجانب، وكذلك الحال مع شيوخ وأمراء الخليج من القيادات الرياضية، كانت الأجواء التي تلعب بها دورات الخليج مشحونة إعلامياً ولكنها أجواء صحية إذا قارناها بالوضع الحالي. الآن ماذا يحدث مع هذا التطور الكبير وخصوصاً في مجال البث الفضائي، أمر مؤسف جداً، عندما تشاهد الإثارة الرخيصة بكل معانيها، والتي دعت زميلنا خلدون السعيدان لمناشدة الأستاذ عبدالرحمن الهزاع للتدخل فيما يخص القناة الرياضية وأنا أضم صوتي إليه، ولكن ماذا عن فضائيات الخليج الرسمية والخاصة، ماذا يعني أن يكون الحديث وبتشنج وعصبية ضد صحيفة خليجية قلَّت أدبها بالاستهزاء بالمدرب الإماراتي واعتبار أن مهنته ككهربائي معيبة وهو يقود منتخب الإمارات، لقد فسر الأمر أنه استهزاء سافر من إعلام دولة خليجية ضد دولة خليجية أخرى، كيف سيتلقى المشجع والمشاهد هذا التأليب والانحطاط بمستوى الحوار والإثارة الرخيصة، كيف سيحكم على هذه الصحيفة وأبناء شعب هذا الصحيفة، ماذا يعني أن يخصص برنامج رياضي للحديث عن عنوان رخيص ومعيب لصحيفة رياضية خليجية ضد لاعبي منتخب دولة خليجية من المجنسين ونعتهم بالمرتزقة، كيف تتصورون ردة فعل أبناء هذه الدولة ضد الأخرى بسبب هذا التصرف غير المسؤول والمعيب حقاً. لم نعد في دورة خليجي 21 خصوصاً نشاهد مباريات كروية، وإنما مسرحيات فضائية تبث بصورة مباشرة خارج النص، ومتجاوزة الخطوط الحمراء من اللباقة والاحترام الإعلامي، كيف سيتلقى الشباب من الجيل الحالي الانفلات الممجوج في الخصام والتحاور بين الإعلاميين على القنوات المحترمة، لمجرد شد الانتباه وتحقيق نجاح عنوانه الرئيسي الوهم. احترم نفسك، أنت احترم نفسك، عيب عليك، أنا ما يشرفني.. ألفاظ تتكرر بشكل يومي نخجل أن ننطقها ونتحدث بها في مجالسنا الخاصة والعامة، فما بالنا ونحن نشاهدها في كل مساء والمصيبة الأدهى، تناقل وسائل الإعلام الأخرى لهذا السباب والشتائم عبر اليوتيوب وبتعليقات وهاشتاقات على تويتر بتضخيم أكثر غلياناً، فأضحت المقاطع الرخيصة والخارجة عن حدود الأدب هي الأكثر متابعة ومشاهدة، بين مختلف الأعمار ومختلف الثقافات، فتصبح درجة الغليان بين أبناء دول الخليج بفضل الإعلام وليس الكورة غير محمودة بالفعل. ما هي الحلول أمام هذا الانفلات في استغلال حدث لا تتجاوز مدته أسبوعاً، لتكون تبعاته لأعوام عديدة، الأمر ليس حرية إعلامية، ولكنها ببساطة حروب إعلامية بدافع الإثارة الرخيصة، تجعل من مقدمي بعض البرامج يتشدقون بالنجاح والفرح لمنجزهم الإعلامي، المتمثل بحالة الاشمئزاز بين المتابعين لزيادة النار على قضايا متنوعة، حاول البعض بثقافته المحدودة أن يلصق بعض الاختلافات بالمصطلحات والأفكار داخل حواراتهم للتطاول على شعوب بعض أبناء الخليج وتأجيج هذا الأمر بينهم!. كانت الإثارة سابقاً باتهام حكم بالتلاعب بالمباراة، أما الآن وأقولها بكل حزن الإثارة الموجودة حالياً هي اتهام شعب ضد شعب آخر، واتهام دول ضد أخرى، بدون أدنى مسؤولية أو شعور وطني تجاه أبناء دولة أخرى، المصيبة الأكبر أن الإثارة الإعلامية الحالية تدفع القنوات الفضائية الملايين لها من أجل حقوق البث، أمر غريب بالفعل وليس له حل، لأن الجميع يردد: العالم كورة.