قبل ثلاث سنوات وتحديداً في 14/11/2002م كتبت مقالاً مطولاً بصفحة حروف وأفكار أسميته ستانفورد وجامعة الملك فيصل، وذكرت حينها القصة التي يقال إنها كانت خلف تأسيس جامعة ستانفورد حيث بدأت بعرض عائلة ستانفورد بناء معلم يخلد ذكرى ابنهم المتوفى بجامعة هارفارد، لكن جفاف مدير جامعة هارفارد وعدم عنايته بذلك العرض أدى إلى إلغاء فكرة التبرع من قبل العائلة واستبدالها ببناء جامعة جديدة، سميت ستانفورد، والتي تحولت إلى منافس لجامعة هارفارد مع الأيام. في الأيام الماضية قرأنا عن تبرع سمو الأمير الوليد بن طلال بمبلغ خمسة ملايين دولار لمركز دبي - هارفارد للبحوث الطبية والبيولوجية، ورغم أن البعض سيعتب على سموه بتوجيه ذلك التبرع إلى مركز خارج الحدود بدلاً من توجيهه إلى مركز بحثي داخل الحدود، إلا أنني أعذر سموه في ذلك لأن السؤال هو أين هي المراكز البحثية الطبية والبيولوجية القادرة على استيعاب مثل ذلك التبرع داخل المملكة؟ أرأيتم لماذا أستحضر مقالي السابق حول ستانفورد وجامعة الملك فيصل ولماذا أستحضر قصة عدم قدرة مدير جامعة هارفارد في استقطاب دعم عائلة ستانفورد ليتحول نحو إيجاد جامعة منافسة لهارفارد... هذه هي حال جامعاتنا البائسة في مجال البحث العلمي، فعلى سبيل المثال جامعة الملك فيصل، والتي تملك أفضل الكليات الطبية على مستوى المملكة، أعلنت إنشاء مركز الأمير محمد بن فهد للبحوث الطبية منذ ثمانية أعوام تقريباً أو أكثر، ومنذ أربع سنوات وهي عاجزة عن إكمال مبنى متواضع كمقر إداري لهذا المركز، رغم أنه مبنى لو أعطي لأحد المقاولين بنظام (القطعة) لتمكن من إنهائه خلال ستة أشهر وبتكاليف لا تزيد على تكاليف إنشاء فيلا سكنية متوسطة... هل رأيتم جامعة تقع بجوار أضخم شركة زيت في العالم وأضخم مشروع صناعي بالشرق الأوسط ووسط مجتمع تجاري متميز، تقف عاجزة عن إكمال (ما تسميه) مركز البحوث الطبية... معك حق يا سمو الأمير حينما تدعم مراكز أبحاث مجاورة تضمن استفادتها من مبلغ التبرع للبحث العلمي، فجامعاتنا تغرق في البيروقراطية والترهل الإداري الذي يجعلها قانعة بكونها مدرسة تعليم عال كبيرة تنتظر ميزانياتها السنوية مثلها مثل أية مدرسة أخرى... معك حق يا سمو الأمير فجامعاتنا مجرد مدارس تعليم عال، البحث العلمي لديها هو مجرد (شخبطات) فردية تقدم لأغراض الترقية وبالتالي جامعاتنا غير مؤهلة لاستقطاب دعم رجال المال والأعمال الداعمين أمثالكم...