التحركات الشعبية اليومية التي ينظمها «التيار الوطني الحر» والتي يواكبها قطع للطرق الرئيسية لها قراءة واحدة: بدء العماد ميشال عون فكّ ارتباطه السياسي مع «حزب الله» عبر الباب الاجتماعي والمعيشي. مع اتساع رقعة النيران السورية، وبدء تفتت النظام السوري من الداخل، وقيام مفاوضات إيرانية أميركية، وتهديد إسرائيلي جدي بضرب ايران وخصوصا بعدما رددته أوساط مطلعة من أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون فشلت في إقناع المسؤولين الإسرائيليين بعدم توجيه ضربة الى إيران قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، ومع تبدّل قواعد الاشتباك ميدانيا مع سحب إسرائيل لجنودها من هضبة الجولان، واحتمال انفلات أمني في المنطقة برمتها إلا في حال سارعت إيران وأبرمت اتفاقا مع الولاياتالمتحدة، ومع انتقال خطاب «حزب الله» من «الإستراتيجية الدفاعية» الى استراتيجية «التحرير» توافقا مع السقف العالي إيرانيا المستمر لغاية اليوم، رأى العماد ميشال عون أنه لا يجوز له ولتياره أن يدفع ثمن التغيير في سوريا، تبين له أن التصاقه الحميم ب «حزب الله» سيكون وبالا عليه مع تبدّل النظام السوري، من هنا شرع بتوجيه الرسائل القاسية لحليفه السابق عبر الباب المعيشي والإصلاحي. وتذهب أوساط سياسية متابعة لحركة الجنرال عون الى القول « بأن تفكير الجنرال استراتيجيا وبهذه الطريقة هو نتيجة تحذير فرنسي له من مغبّة استمراره بسياسته السابقة، هذا التحذير الفرنسي جاء من أصدقاء عون الاشتراكيين الذين طالما احتضنوه سياسيا مذ كان قائدا للجيش ولغاية ترحيله من لبنان بعد حربه ضد «القوات اللبنانية» في تسعينيات القرن الفائت. بناء على هذه التحذيرات الفرنسية تقول هذه الأوساط السياسية «ان الجنرال عون فكّ فعليا ارتباطه القوي ب «حزب الله» ولم يتبق إلا تفاصيل صغيرة ستتبدد مع اشتداد الأزمة في المنطقة». وتقول هذه الأوساط ان «اكتشاف» العونيين أن ل «حزب الله» أولويات أخرى غير الإصلاح السياسي هو اكتشاف متأخر، والأرجح أنه اكتشاف قد تأخر الإعلان عنه لصالح سياسة استراتيجية وطنية لبنانية جديدة سوف ينتهجها «التيار الوطني الحر» مع انعطافة العماد عون على وقع التبدلات السورية.