أقدم وزير المالية الأردني الدكتور باسم عوض الله على تقديم استقالته من الحكومة وسط ظروف يلفها الغموض والتساؤل، إذ لم يبرر وزير المالية الذي استلم وزارة التخطيط في حكومة فيصل الفايز سلف حكومة الدكتور عدنان بدران استقالته ولم يتناه الى الإعلام الأردني أي أسباب واضحة غير أن الملك عبد الله الثاني وجه رسالة الى بدران وصف فيها استقالة عوض الله ب«االتضحية». وقال الملك عبد الله ان «كل المصالح مهما تكاثرت ومهما تنوعت عليها ان تنسحب امام مصلحة الوطن الذي لا مصلحة فوق مصلحته». واضاف ان «الاصلاح يستحق التضحيات وهو برنامج مستمر حتى يحقق كافة العوائد مثلما هو امانة في اعناقنا لصالح الأجيال المقبلة». لكن من اللافت أنه قد ثار حول عوض الله - وهو من أصل فلسطيني - كثير من اللغط شعبيا وبرلمانيا حتى أنه أصبح محط خلاف في الصالونات السياسية والشعبية، كما أن مجلس النواب الأردني كان هاجم عودة الفريق الاقتصادي الى حكومة بدران ومن بينهم عوض الله الذي تشن ضده حملة واسعة من البرلمان ومن الشرق أردنيين. لكن مراقبين آخرين عزوا استقالة عوض الله الى احتجاجه على منح عطاء تنفيذ مشروع مياه الديسي جنوب الأردن بقيمة 600 مليون دينار الى الجيش في الوقت الذي يصر عوض الله على تنفيذ العطاء من شركات دولية بالتعاون مع شركات محلية أردنية بهدف سد العجز المائي الأردني. غير أنه لا شك أن أسهم الحكومة قد ارتفعت حاليا لدى البرلمان الأردني الذي هدد 49 نائبا بحجب الثقة عنه، ومن المتوقع أن استقالة عوض الله ستمهد الى منح النواب الثقة للحكومة الى جانب عوامل أخرى ستساعد بدران على نيلها ومن بينها اللقاءات المرتقبة للملك عبد الله مع الحكومة ولقاءات بدران نفسه مع البرلمان واعلانه بأنه سيجري تعديلا على حكومته بما يسمح تمثيل الجنوب الأردني في حكومته. إذ أن عدم تمثيله أطلق الشرارة الأولى في توسيع معارضة البرلمان للحكومة والتهديد بحجب الثقة عنها. وتعتقد أوساط سياسية أن عوض الله حظي بنفوذ قوي داخل الحكومة الماضية وسيطر على بعض القرارات المهمة، وتعتبر استقالته خطوة أولى في إطار فكفكة الفريق الاقتصادي في حكومة بدران والذي يهاجمه النواب بشدة، إلا أن استقالة عوض الله تمثل من ناحية أخرى خطوة ضد معارضي الحكومة الذين رهنوا منح الثقة باستقالته لأنها هدأت أجواء المعارضة. ومن المفارقات أن نواب برلمان رفضوا ذكر أسمائهم عبر عن فرحتهم بالاستقالة واعتبروها إطاحة برجل غير مرغوب فيه. وكان الملك عبد الله انتقد في وقت سابق من يثيرون اللغط حول الفريق الوزاري وقال في تصريحات صحفية: «أنا لا أؤمن إطلاقا باسلوب المحاصصة.. والاصلاح هو خيارنا وليس مرتبطا بأشخاص بل هو برنامج أشخاص كما يتم تصويره في بعض وسائل الاعلام، ولن يكون الاصلاح لحساب جهة على أخرى فهو لمصلحة الجميع». والخطير في الأمر أن بعض الأوساط الشرق أردنية عارضت حكومة بدران لوجود ما يقارب ثلث أعضاء الفريق الوزاري من أصل فلسطيني في وقت غاب الجنوب الأردني عن التمثيل في فريق الحكومة ما اعتبره البعض انتقاصا لحقوقهم السياسية في سبيل منح المزيد من الحقوق والتمثيل السياسي للفلسطينيين في الأردن ولم يتورع البعض الآخر عن اعتبار ذلك من باب التوطين على حساب اصحاب البلاد الأصليين.