تتحدث وسائل اعلامنا بشكل يومي عن آفة المجتمع الجديدة، وهي الأجهزة المتضمنة وسائل التواصل الاجتماعي مثل "آيفون" و"بلاك بيري"، وغيرها من أجهزة مماثلة أحدثت عزلة في المجتمع إلى حد ما، وشرخاً في العلاقات باعد بين أفراده، ولم تقف على العلاقة بين أفراد المجتمع في مجالسهم واجتماعاتهم، بل عزلت الأسرة في البيت الواحد وحولّت اجتماعهم إلى أجساد بلا أرواح، وصارت هذه اللقاءات لا قيمة لها ولا طعم، وبالتالي حرمت الجيل الصاعد الجديد من فوائد "مدرسة المجالس"، وتحولت هذه الأجهزة بأيدينا من حاجة إلى وسائل إدمان للكبير والصغير في مجالسهم، وسياراتهم، وعلى موائد طعامهم، حتى على أسرة نومهم، وفي مناسبات السراء والضراء. دردشة عزاء! يحدثني من أثق به أنه ذهب يوماً لتقديم واجب العزاء لجيرانه الذين توفي والدهم في حادث مروري مفاجئ، فوُجد الابن الأكبر وهو شاب دون العشرين عاماً غارقاً في متابعة جهازه الجوال، ومنفصلاً تماماً عن حشود المعزين، يعبس تارةً، ويقهقه أحياناً دون اكتراث بالمصيبة، ولا جموع المعزين، وعندما قام له أحد المتواجدين وانتقد تصرفه؛ أبعد الجهاز عن وجهه، إلاّ أنه استخدم خلسةً السماعة اللاسلكية واستمر في قهقهته!. حوادث مرورية هذه الأجهزة، ووفقاً لتقارير مرورية، وحالات تَمّرُ علينا يومياً تكاد لا تسلم منها أي أسرة، ثبت سببها في العديد من الحوادث المرورية، خصوصاً بين الشباب وصغار السن، حيث يغرقون في أجهزتهم أثناء قيادة السيارة على الطريق؛ فتجنح السيارة وتحصل الكارثة التي لا يقتصر خطرها على الشخص نفسه، بل طالت أُسر وأبرياء آخرون اقتحمتهم سيارة مراهق كان منشغلاً لحظتها بمراسلات لا قيمة لها، وأعرف حالات كثيرة من هذا النوع خلفت وفيات أو إعاقات وتلفيات كبيرة كان السبب وقوعها نظرة سريعة على شاشة الجهاز اثر صوت رسالة كان القدر أسرع منها. ظواهر سلبية الخطر الآخر، ربما يؤسس لسلوك في مجتمعنا نهمله حتى نفقد السيطرة عليه مثل كثير من الظواهر والسلبيات المستوطنة حياتنا حتى قبلنا بها كأمر واقع لا مفر منه، وهي وجود هذه الأجهزة مع الموظفين داخل إداراتهم، وفي مكاتبهم، وانشغالهم بهذه الاجهزة جُلّ أوقاتهم؛ مما انعكس على أداء العمل، ومستوى الانتاجية، وهو ما لمسه وبدأ يتذمر منه المراجعون لبعض الدوائر الحكومية، بعد كثرة المماطلة وتأخر انجاز معاملاتهم دون سبب معروف يذكر، إلى حد لاحظت معه بعض الإدارات نفسها هذه المشكلة، فأخذت تعهدات على موظفيها بعدم استخدام الأجهزة وقت ساعات الدوام، وحددت عقوبات لغير الملتزمين. تعدد البرامج على أجهزة الاتصال الحديثة زاد من حوادث الغفلة مخالفات مرورية وإذا كان موضوع الحوادث المرورية التي تحدث بسبب انشغال السائق بهذه الأجهزة أثناء السير على الطريق العام، فيمكن أن يحدُ منها عن طريق التوعية عبر وسائل الإعلام، وعبر بث رسائل توعوية إلى هذه الأجهزة نفسها، وفرض مخالفات مرورية لمن يعثر عليه يستخدمها أثناء القيادة، ومُحاكمة كل من يتسبب في حوادث ينتج عنها إزهاق أرواح بريئة، يثبت أن السبب كان مخالفة استخدام جهاز الجوال وهو يقود سيارته، فإن موضوع الأداء الوظيفي فيمكن إصدار قرار من الجهات صاحبة الشأن، بمنع استخدام هذه الأجهزة منعا باتاً داخل المكاتب أو في ميدان العمل، وفرض عقوبات صارمة لمن لا يتقيد بالأوامر والتعليمات، ويدخل الموضوع ضمن تقييم الأداء الوظيفي في حساب الترقيات. سلبيات الأجهزة العزلة التي أحدثتها هذه الأجهزة والسلبيات الأخرى على الرغم من أنها لا تزال في بداياتها، إلاّ أن الجميع بدأ يشعر بها ويعاني خلفياتها حتى تناولها الكتاب، ورسامو الكاركاتير والمسرحيون والشعراء، وقال في وصفهم أحد الشعراء: بالواتس اب وناس بالهاوزبن هير واللي مهمل زوجته مع عياله لاجيت أسير في محل المناعير كلن على الجوال يقرا الرساله هذاك يضحك مايحسب المخاسير وهذاك ماندري بعد وش جراله وهذا يسولف ماحكوله مع الغير وهذا يدور للغرام ووصاله