يحضر أبو صالح مبكرا للعمل ويستقبل المدير بشكل يومي وكأنه آلة تسجيل رقمية تحفظ الكثير من المعلومات وخاصة عن الموظفين والمراجعين . ويبدأ المدير يومه العملي بتقرير إخباري من ابي صالح وبموجب هذا التقرير الإخباري تتحدد علاقة المدير بالشخصيات المتوافدة على مكتبه . مدير الشؤون الادارية لم تعجبه هذه الشخصية الاخبارية التي تفسد عليه يومه العملي فاشتكى لزميله المدير المالي هذا الوضع فرد عليه: انت تستخف بشخصية ها "المخفوق" ولكنه عرف اكثر مني ومنك الطريقة الاتصالية المثلى للتعامل مع المدير . فكما يقول اهل الاعلام والاتصال ان وسائل الإعلام تحدد اجندة المجتمع واحاديث افراده ، لذلك كوّن ابوصالح من نفسه وسيلة إعلامية مميزة تحدد اجندة المدير اليومية . وهذه الطريقة هي " مسك الرسن " بحيث يسحب المدير من اذنه ويصب فيها ما يريد من احاديث وبالتالي يوسوس له سوء عمله ويستفيد هو ، بل اصبح مع القرب اليومي من المدير مثل الوكالة الاعلانية التي توصل رسائل الآخرين بمقابل مادي او خدمات للمدير وبالتالي اصبح ابو صالح وسيلة متعددة الوظائف الاعلامية من إخبارية لإعلانية لتثقيفية واحيانا ترفيهية ، وهذه الأخيرة اصبح مجيدا فيها حيث اصبح ينتقي من النكت والطرائف ما يخفف عن المدير ضغط العمل وثقل دم بعض المراجعين ويبثها اثناء فترة استراحة المدير. طبعا ابو صالح يؤمن بشكل واضح بحكم من الشعر وخاصة بيت الشعر المميز للامير خالد الفيصل والذي يقول فيه : أشبهه باللي عسيف من الخيل تلعب وانا حبل الرسن في يديا وفعلا اصبح المدير غالي الأثمان على الموظفين والمراجعين اما على ابي صالح فهو يلعب وهو عسيف اداري في يده . واصبحت قرارات المدير مثل اللعب المسلي لأبي صالح من حيث اصبح عنق زجاجة للآخرين ويمارس معهم العسف الاداري المؤقت . طبعا الذي ذكّرني بشخصية رسن المدير ما أثاره المقال قبل السابق "الإدارة بالترزز " حيث ذكر اكثر من زميل انه اثار بطحاء الكثير من الادارات واصبح البحث عن المترززين في جنباتها ، و اليوم اعتقد انهم سيبحثون عن من يملك "رسن المدير " . طبعا بعض الشيبان من خبراء السلوك الانساني المبني على التجربة يدركون معنى "ماسك الرسن" لأنهم يبحثون عنه قبل الدخول على المدير . وهناك من يظن ان من يجيب عن السؤال التقليدي : كيف مزاج المدير اليوم ؟ هو مالك الرسن فهو مخطئ، لأن الرسن قد يكون في يد شخصية قد لا تبدو للآخرين ذات اهمية تذكر ولكنها بكل تاكيد تؤثر في قرارات السيد المدير .وهناك نظريات من مدرسة السلوك الإنساني والمبنية على نظرية التملق وتعزيز الذات تحاول تفسير شخصيات الظل الاداري مثل "ماسك الرسن" ولكن دون جدوى ، والسبب في نظري هو خصوصية الثقافات الفرعية التي ينتمي لها المدير او يسعى للتسلق اليها . ولكل واحدة منها " رسن "خاص تمسك به شخصية الظل فتحرك بها شخصية الضوء ولعل ابرزها شخصية متعددة المواهب مثل شخصية ابي صالح التي اصبحت فعليا شخصية اعلامية اتصالية رقمية مباشرة . فهي لا تسوق المعلومات وانما تبهرها برش الدموع والمشاعر على الاخبار فتتم صياغتها بلغة سهلة التفكيك الرمزي في جمجمة المدير المعسوف . فإذا كنت مديرا فتنبه حتى لاتصبح كالعسيف من الخيل تلعب وحبل الرسن في يد غيرك . الغريب الآن اننا لم نجد بعد السيرة الذاتية والمواقف الادارية "لماسك رسن " يحكي لنا فيها عن مغامراته مع المدير والسبب يعود في نظري إلى ان المدير بعد ترك الكرسي لم يعد حصانا جامحا يستحق العسف او السماح له باللعب بالرسن ، وإنما يستحق طلقة هواء تريحه من اكتشاف حقيقة عسفه اداريا في غفلة من خبرة او حكمة ولانشغاله بإذاعة العسف الإخباري يوميا..