تعاني الجماعات الإسلامية من تفسير توجهاتها فكثير منها يعتقد أنه يسيطر على المجتمع بمجرد التقائه مع المجتمع كون الجميع مسلمين ، ولكن النتيجة التي حصلنا عليها خلال أكثر من سبعة عقود مضت من ظهور مصطلح المشروع الإسلامي، هي انفعال المشروع الإسلامي في كل مرة يحاول استعادة نشاطه بعد موجة أو صفعة محلية أو دولية. هناك فرضية تغيب عن تلك المجموعات فتبني التوجه الإسلامي سياسياً في أي مجتمع عربي أو إسلامي لا يعني الإيمان به بل يعني دورة سياسية تمر كفصل مناخي محدد الزمن، والتنبؤ الذي يطرحه الإسلاميون المتشددون بعد أحداث سبتمبر ساهم في تسارع وتيرة الانفعال المؤدلج لديها نظراً لتأخر الدورة السياسية عليها؛ حيث إن مفاهيم الفصول السياسية تغيرت كثيراً فالإسلاميون المطلوب ظهورهم على الساحة اليوم لهم معايير مختلفة لم يدركها أرباب المشروع الإسلامي. كتب «لورانس رايت» في كتابه الجميل والخلاّب: «البروج المشيّدة - القاعدة والطريق إلى 11 سبتمبر» قصة من أجمل القصص التي ترصد ظروف ولادة تنظيم القاعدة، مستنداً على تتبع خيوط رموز الجماعات الإسلامية وتكويناتهم المختلفة والمشترَكات بينهم، وكانت قراءته لابن لادن، والترابي، وسيد قطب هي أكثر ما لفت نظري في هذا الكتاب. يعيد الكتاب القارئ إلى المفاهيم التي أخذت جزافاً على أنها من الأبجديات التي لا تقبل النقاش ، فأصحاب المشروع الإسلامي يسيرون في اتجاه معاكس للتاريخ والدليل هذا السؤال : ماهو المشروع الإسلامي المثال الذي يريدون تطبيقه على مر التاريخ..؟! كل ما هنالك مشروعات سياسية وليس أكثر ! ؛ حيث ولد الإسلام السياسي على قارعة الطريق والتقطته بعض السيّارة من الجماعات المتشددة، التي تدرك أنّ الدولة الإسلامية تشكّلت حسب ظروف شديدة التعقيد، منذ الصراع على الخلافة، وإلى الخلافات الإسلامية الأخرى. آخر الدلائل على وجود حماية لمفاهيم سلطوية من قبل الجماعات الإسلامية هو شعار جماعة الإخوان المعروف: «الإسلام هو الحل» ! ، ولكن أي إسلام وأي مشروع هو الحل ، السني أم الشيعي؟ لذلك فهذا المفهوم مخادع مثله مثل مفهوم الحاكمية، ذلك أن جميع العالم الإسلامي ينتمون إلى الإسلام بحسب الفهم والتأويل الذي ينتمون إليه والاجتهاد الذي يختطّونه. إنّ المشروع الإسلامي أصبح جزراً مشتتة في مسار التاريخ بينما كان محمد عليه الصلاة والسلام يأتي بالتوحيد لخالق الكون وحده ، الإسلام ليس مشروعاً بل هو عقيدة متاحة للجميع لا تفرض سوى العبادات والمعاملات وليس التوجهات السياسية. اللعب بالأفكار لتحقيق المآرب السياسية جعل المشروع الإسلامي بلا مصداقية خلال العقود الماضية وهذا يتنافى مع الدين الإسلامي الصادق المنزّه عن النقص لأنه من خالق الكون أما تسييس الإسلام وجعله مشروعاً فهذه مهمة خطيرة تلعب فيها أهواء البشر وحدهم..