وزارة الاستثمار تستعرض فرصًا استثمارية تقارب (50) مليار ريال في منتدى حائل للاستثمار 2025    الهلال أم فريق برازيلي.. رونالدو في مونديال الأندية    الشارقة بطلًا لدوري أبطال آسيا 2    الأمير سعود بن مشعل يستقبل مجلس إدارة ولاعبي الأهلي    محافظ الطائف يبحث تطوير الفرص التنافسية في مجال التشجير    «ولاية أموال القاصرين» تستعرض أعمالها أمام سعود بن جلوي    تحالف متجدد    ترمب يتحدث اليوم مع بوتين ل"وقف حمام الدم"    «البيضاء».. تنوّع بيولوجي يعزّز السياحة    نائب أمير عسير يستقبل القنصل الجزائري    فيصل بن مشعل يشيد بمنجزات الهلال الأحمر وأمانة القصيم    اختتام بطولة غرب المملكة للملاكمة والركل بمشاركة 197 لاعباً ولاعبة وحضور آسيوي بارز    أمير الجوف يُعزي أسرة الجلال    نائب أمير الشرقية يطّلع على برامج «المسؤولية الاجتماعية»    جوازات منفذ جديدة عرعر تستقبل حجاج العراق    الباحة في سجل الحجيج.. طرق تاريخية عمرها أكثر من ألفي عام    حفل جائزة فهد بن سلطان للتفوق العلمي والتميز.. الأربعاء    سعود بن نايف يهنئ الفائزين في «آيسف 2025»    سفير المملكة في «كوت ديفوار» يتفقد مبادرة «طريق مكة»    الشؤون الإسلامية تختتم الدورة التأصيلية الأولى في سريلانكا    6000 حاج يتلقون الرعاية الصحية بالجوف    1.28 مليار شخص مصابون بارتفاع ضغط الدم    "الصحة العالمية" تبحث العمل بدون التمويل الأميركي    قصائد فيصل بن تركي المغناة تتصدر الأكثر مشاهدة    9.5% تراجعا في تمويل واردات القطاع الخاص    النفط يتعافى مع مؤشرات بتراجع التوترات الجيوسياسية    محافظ جدة يستقبل مجلس إدارة الأهلي واللاعبين    نجوم الرياض وهوكي جدة يتوجان في بطولتي الهوكي للنساء والرجال بالمنطقة الغربية    الحجي متحدثاً رسمياً للنادي الأهلي    مبابي وبلينجهام يقودان ريال مدريد للفوز 2-0 على إشبيلية    مشائخ وأعيان وأهالي «الجرابية الكنانية» يهنئون أمير جازان ونائبه بالثقة الملكية    مراقبة التنوع الأحيائي بساحل البحر الأحمر    رئيس جمعية «مرفأ» الصفحي يهنئ أمير جازان ونائبه على الثقة الملكية    تعليم الطائف يستعرض خطة التحول في منظومة إدارات التعليم مع أكثر من 1700 مدرسة    وزير الخارجية ونظيره التركي يترأسان الاجتماع الثاني للمجلس التنسيقي    مخاوف بولندا تدفعها لاختيار رئيس    انطلاق مهرجان القراءة الحرة بمكتبة الملك عبدالعزيز العامة    تجاوز مستفيدي مبادرة طريق مكة مليون حاج منذ إطلاقها    أمير منطقة تبوك يرعى حفل جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز في عامها ال 38 الاربعاء المقبل القادم    برنامج الإقراء لتعليم القرآن    مستشفى أحد رفيدة يُنظّم عدداً من الفعاليات التوعوية    نجاح عملية دقيقة "بمستشفى المانع بالخبر" تُنهي معاناة سيدة من كسر وعدوى مزمنة في عظمة الفخذ    كوكب أورانوس يصل إلى الاقتران الشمسي اليوم    اعتدال: أكثر من 1.2 مليون رابطٍ للتحايل على آليات رصد المحتوى المتطرّف    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 125 شهيدًا    صحفيو مكة المكرمة يبحثون الدراسات الإعلامية بالحج    بدأ المرحلة الثانية من تقييم الأداء لشاغلي الوظائف التعليمية    الرئيس العراقي يدعو إلى تغليب الحلول السياسية    يبدأ زيارة رسمية إلى مصر.. رئيس مجلس الشورى: علاقات الرياض- القاهرة العريقة تنطلق من رؤية مشتركة    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    حراك شعبي متصاعد واحتجاجات في عدة مدن.. سحب الثقة من حكومة الوحدة يضع ليبيا في مفترق طرق    "الداخلية" تحذر من حملات الحج الوهمية    ترحيل 11.7 ألف مخالف وإحالة 17 ألفًا لبعثاتهم الدبلوماسية    بحضور ثقافي متميز.. المملكة تختتم مشاركتها في معرض الدوحة الدولي للكتاب 2025    وصول التوأم الملتصق الفلبيني إلى الرياض    تاسي يغلق مرتفعا للأسبوع الثالث    فهد بن سعد ومسيرة عطاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لبنان مصب الأنهار السياسية
نشر في الرياض يوم 02 - 08 - 2010

في لبنان كانت السياسة السعودية تعبر عن رغبتها الدائمة في استمرار موقفها الايجابي تجاه العرب وقضايا المصالحة العربية فالملك عبد الله صاحب المواقف الايجابية تاريخيا تجاه مصلحة العرب العليا والتي تقتضي دائما وجود رجل حكيم كخادم الحرمين الشريفين يتبنى تقريب وجهات النظر بين الأشقاء العرب وبشكل دائم وهكذا كانت وسوف تظل السياسة السعودية لدرء ما يمكن أن يحدث كنتيجة حتمية للازمات التي تمر بها الأمة العربية بشكل خاص.
لو اندلعت حرب في لبنان فلن يبقى لأحد من الأطراف مستقبل سياسي لان الحرب هذه المرة لن تكون نتائجها عادية ولن تتوقف حتى تقضي على كل شيء وهذا ما يريده أعداء لبنان وأعداء العرب بمن فيهم إسرائيل التي سوف تستفيد من حرب الأطراف الداخلية لتعيد تجربتها في تدمير المزيد من الدول العربية.
لقد كان جهدا ايجابيا من خادم الحرمين لم ينته بانتهاء مراسمه الرسمية فهناك الكثير من العمل المحلي والدولي في سبيل إكمال مهمة سياسية من أصعب المهام واعقدها نتيجة لارتباطها بمؤسسات دولية كالمحكمة الدولية وغيرها من الدول الكبرى كالولايات المتحدة، حيث إن المهمة ليست شأنا عربيا وحيدا ولكنها معقدة بشكل لا يمكن تصوره وخاصة إذا ما أصدرت المحكمة الدولية قراراتها حيث سيكون الضباب كثيفا في بيروت واحتمالات الرؤية السياسية ومداها منخفض للحالة الداخلية، لقد عمل خادم الحرمين ومستشاروه بجهد عظيم في سبيل انجاز مهمة تاريخية في لبنان سوف تكشف الأيام القادمة حجمها العظيم.
بالإضافة إلى كل القيادات اللبنانية لقد كان هناك ثلاثة رؤساء عرب يدعمون الاتجاه الداعي إلى تغيير مسار الأزمة في لبنان نحو الانفتاح السلمي وبسط سيادة المؤسسات الحكومية على هذه الدولة ، كما أن رحلات مكوكية نفذها مستشارو الملك وعلى رأسهم سمو الأمير عبدالعزيز بن عبدالله كما أشارت إلى ذلك الدوائر الإخبارية العربية ساهمت في تسهيل المهمة السياسية وتحضيراتها.
الحديث عن العالم العربي كعادته التاريخية يعاني وبشكل متراكم من أزمات متكررة ذات متغيرات ثابتة ومتغيرات متحركة ففي في هذا الوقت تحديدا يعاني العالم العربي أزمات في ثلاثة مواقع ساخنة في المنطقة حيث تمثل فلسطين الأهم فيها ثم العراق ثم الأزمة التي تطل على العرب من الخليج ، كما أن اليمن يعاني من أزمات تقود فيها القاعدة والمتمردون مشكلات كبيرة لن يكون من السهل السيطرة عليها في المستقبل، ولكن السؤال الحقيقي عن تلك العلاقة بين أزمات العرب جميعا وخاصة أن الأزمة اللبنانية هي الأكثر أهمية هذه الأيام..؟.
في الحقيقة أن المشاهد للساحة العربية يرى أن لبنان تبدو المهمة الأصعب أمام العرب وخاصة أن استقرار لبنان جزء أساسي في السياسة العربية وكذلك الدولية، والسعودية ممثلة بقيادتها ضلت وسوف تضل جزءا لا يتجزأ من كونها الساعية الدائمة من اجل مصلحة العرب محليا ودوليا ، فتجربة لبنان خلال الحرب الأهلية قاسية وتكرارها عملية انتحارية لو حدثت بل إنها ستفقد الجميع توازنه ، وبقدر ما يعتقد الكثير صعوبة تكرارها بقدر ماهي قريبة بشكل لا يمكن تصوره.
ولو اندلعت حرب في لبنان فلن يبقى لأحد من الأطراف مستقبل سياسي لان الحرب هذه المرة لن تكون نتائجها عادية ولن تتوقف حتى تقضي على كل شيء وهذا ما يريده أعداء لبنان وأعداء العرب بما فيهم إسرائيل التي سوف تستفيد من حرب الأطراف الداخلية لتعيد تجربتها في تدمير المزيد من الدول العربية وإشغال العالم العربي لسنوات قادمة في مهام سياسية تعيد القضية إلى نقطة الصفر.
في العودة إلى أزمات العرب الدائمة يمكن ملاحظة أن هناك متغيرات ثابتة أساسية لا تتحرك عن مكانها ودائما ما نجدها خلف معظم تلك الأزمات فجميع أزمات العرب مشتركة من حيث كونها مرتبطة وبشكل دائم بعوامل طائفية وعرقية ودينية وعلاقات تختفي فيها مصالح الدول وتحل محلها مصالح فردية سواء على مستوى الدول وعلى مستوى الأشخاص وهذا هو السر في كل أزمات العرب السياسية.
العالم العربي يفتقد إلى القوى والأحزاب السياسية القائمة على الاتجاهات التنموية والتطويرية الوطنية والمستقلة عن المتغيرات الثابتة التي ذكرتها (الطائفية العرقية الدينية ..الخ) كل ذلك يحدث نتيجة للطريقة التي تعمل فيها السياسة العربية ولذلك فإن أسهل وسيلة لعمل تلك الأحزاب هو استثمار المتغيرات السابقة لتشكيل القوى الاجتماعية وهذا ما حدث في لبنان وغيرها وهذا ما نعاني منه وهو سبب أساسي في تأخر العرب تاريخيا.
إن أهم العوامل السياسية للاستقرار في العالم العربي بشكله الحالي يتمثل في وجود الدول ذات الاتجاه السياسي والواحد وهذه اسلم طريقة يمكن للعرب أن يعيشوا بها في هذا الزمن لان متغيرات الهوية والطائفية والعرقية والدينية والقبلية تشكل جزءا من تكوينهم الثقافي ولذلك يصعب تجاوزها وهنا يمكن الإشارة إلى أزمة لبنان وعلاقتها بتلك المتغيرات الثابتة وكذلك العراق واليمن حيث القبلية المتغير الأكثر ثباتا في السياسة هناك.
هذه العوامل المشتركة في أزمات الدول العربية هي التي جعلت أعداء العالم العربي يدركون مفاهيم اللعبة السياسية في تلك الدول ويسعون إلى إشعال تلك العوامل كلما خفت نيرانها لذلك ظلت هذه الأزمات منهكة للقادة العرب الراغبين في ضمان الاستقرار العربي.
تجاوز هذه المتغيرات الثابتة ليس عملية سهلة أو قريبة المنال ولكنها مهمة لفهم الأزمات السياسية في عالمنا العربي حيث أنتجت هذه المتغيرات أفرادا ضاقت دوائرهم الوطنية إلى دوائر ثقافية ومجتمعية صغيره جعلت منهم أدوات سياسية سهلة حتى في عمليات يمكن أن تؤدي إلى خراب منازلهم هم أنفسهم وتدمير مكتسباتهم ، بمعنى آخر لقد أصبحت تلك المتغيرات الثابتة في المجتمعات والسياسية العربية معول هدم سهل للحياة الاجتماعية المستقلة عن تلك المتغيرات وخاصة في الدول المضطربة، لذلك لا يوجد في عالمنا العربي فرد بدون انتماء إلى واحد من تلك المتغيرات الثابتة (عرق أو طائفة أو قبيلة أو دين) وهذا تلقائيا ينتج فقدان الشكل السياسي الوطني الموحد مما يجعل الفرد في عالمنا العربي ينحصر في دوائر ضيقة في حياته تمثل المتغيرات مثل (الطائفية ، العرقية ، الدينية ، الخ..) مادة سهلة فيها للانتماء، والمشكلة الأكبر في هذه المتغيرات السياسية والاجتماعية إنها لا تقبل غيرها وهذه بشكل مختصر أزمة لبنان وغيرها فلا بديل عن الصراع لان ثقافة التعايش تتطلب ثقافة سياسية أخرى تضمن وجودها واستمرارها.
على مدى أربعة عقود مضت ظلت لبنان مصبا للأنهار السياسية القادمة من كل اتجاه ولكنها انهار لا يجري فيها الماء عصب الحياة ولكنها انهار تجري فيها متغيرات ثابتة تمثل فيها الطائفية والعرقية ..الخ، ابرز المكونات لهذه الأنهار وهي لا تقبل الاختلاط مع بعضها وتتصارع عند كل مصب.
الحياة في لبنان تشير إلى تلك الأنهار الكبيرة التي تتدفق من كل صوب وأكثر ما يخشاه سكان لبنان الحرب حيث قال لي صديق هناك أنت لا تعرف معنى الحرب وكيف يصبح جارك عدوا لك لمجرد اشتعالها ولو لم يكن بينكما ثأر قديم، ولكن لان كل منكما له متغير ثابت في حياته لا يستطيع التنازل عنه لأنه جزء من تركيبة قوية في شخصيته الاجتماعية السياسية.
جهود العرب في لبنان وخاصة جهود خادم الحرمين الشريفين الذي يدرك بكل وضوح تلك النتيجة الخطيرة التي يمكن أن تؤديها تلك الأزمة جعلته يتجاوز كل ما يمكن تجاوزه من عقبات من اجل قطع الطريق على كل فرصة يمكن أن تؤدي إلى اندلاع حرب أهلية في لبنان لأنه بدا واضحا أن انهارا سياسية محلية ودولية محملة بمتغيرات مختلفة أصبحت قريبة من مصبات طائفية يمكن أن يؤدي التقاؤها إلى اشتعال المجتمع اللبناني كما أن جماهير الأعداء القريبة والبعيدة أصبحت قريبة من تلك المصبات للمشاهدة والمشاركة في سبيل تدمير كل ما يمكن تدميره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.