الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
الأصيل
الأنباء السعودية
الأولى
البطولة
البلاد
التميز
الجزيرة
الحياة
الخرج اليوم
الداير
الرأي
الرياض
الشرق
الطائف
المدينة
المواطن
الندوة
الوطن
الوكاد
الوئام
اليوم
إخبارية عفيف
أزد
أملج
أنباؤكم
تواصل
جازان نيوز
ذات الخبر
سبق
سبورت السعودية
سعودي عاجل
شبرقة
شرق
شمس
صوت حائل
عاجل
عكاظ
عناوين
عناية
مسارات
مكة الآن
نجران نيوز
وكالة الأنباء السعودية
موضوع
كاتب
منطقة
Sauress
قتلى وجرحى إثر هجوم روسي كبير على كييف
بلدية الدلم تضبط 13 مخالفة جسيمة وتغلق منشآة تجارية
توخيل يشيد بعقلية لاعبي المنتخب الإنجليزي
مدرب منتخب البرتغال يدافع عن رونالدو: الطرد كان قاسياً
«الأرصاد» يراقب تطورات الحالة المطرية من خلال تقنيات أرصادية تغطي أكثر من 90% من مساحة المملكة
اختتام دورة "فن احتراف الديكور الداخلي" ضمن "انطلاقة نماء" بجازان
شاهين شرورة ب 351 ألف ريال
حرم ولي العهد تتبرع لصندوق دعم الأطفال المصابين بداء السكري من النوع الأول ب10 ملايين ريال
اختتام فعالية التطوع الاحترافي بمشاركة 24 خبيراً و250 مستفيد في جدة
غيابات منتخب السعودية عن مواجهة كوت ديفوار
من النص إلى النشر".. نادي مداد وبيت الثقافة بجيزان يناقشان تجربة الكاتب وقارئه الأول
جمعية عين لطب العيون تنظم فعالية توعوية بمناسبة اليوم العالمي للسكري في جازان تحت شعار "فحصك اليوم
ديوان المظالم يفوز بجائزتين دوليّتَين في تجربة العميل 2025
الأسهم العالمية تتراجع بشدة مع تبدد آمال خفض أسعار الفائدة
الدوسري: برّ الوالدين من أعظم القربات إلى الله
البعيجان: الإخلاص أصل القبول وميزان صلاح الأعمال
«زاتكا» تضبط 33.5 ألف كبتاجون و21 كغم شبو في محاولتي تهريب
جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تعزز الوعي بداء السكري في سكرك بأمان
النفط يرتفع 1% وسط مخاوف نقص الإمدادات الروسية
152 توأماً من 28 دولة.. والمملكة تحتفل بالإنجاز الجراحي رقم 67
جامعة محمد بن فهد تستذكر مؤسسها في احتفالية تخريج أبنائها وبناتها
موسم الدرعية 25/26 يستعد لإطلاق مهرجان الدرعية للرواية الأحد المقبل
تراجع أسعار الذهب من أعلى مستوى لها في أكثر من ثلاثة أسابيع
مصرع طيار تركي إثر تحطم طائرة إطفاء في كرواتيا بعد انقطاع الاتصال بها
الفن يُعالج... معارض تشكيلية في المستشفيات تعيد للمرضى الأمل
أفضل خمس خدمات بث فيديو
%48 من القوى العاملة في المنشآت العائلية
«الأرصاد» في إنذار أحمر : أمطار غزيرة على جدة اليوم الجمعة
اللاعب السعودي خارج الصورة
الأخضر السعودي يختتم استعداده لمواجهة ساحل العاج
شبكة عنكبوتية عملاقة
غدٌ مُشرق
رحلة الحج عبر قرن
عدسة نانوية لاكتشاف الأورام
انطلاق "موسم شتاء درب زبيدة 2025" في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية
المدير الرياضي في الأهلي: غياب توني لأسباب فنية
وزير "البيئة" يلتقي قطاع الأعمال والمستثمرين بغرفة الشرقية
مفتي عام المملكة يستقبل وزير العدل
غرفة القصيم توقع تفاهمًا مع الحياة الفطرية
الدفاع المدني يهيب بأخذ الحيطة والالتزام بالتعليمات مع توقع هطول أمطار رعدية على معظم المناطق
منسوبو وطلاب مدارس تعليم جازان يؤدّون صلاة الاستسقاء
"محافظ محايل" يؤدي صلاة الاستسقاء مع جموع المصلين
محافظ صبيا يؤدي صلاة الاستسقاء تأسياً بسنة النبي واستجابة لتوجيه خادم الحرمين الشريفين
أول اجتماع لمكتب المتقاعدين بقوز الجعافرة
مصرية حامل ب9 أجنة
الثقوب الزرقاء ورأس حاطبة.. محميتان بحريّتان تجسّدان وعي المملكة البيئي وريادتها العالمية
محافظ محايل يزور مستشفى المداواة ويطّلع على مشاريع التطوير والتوسعة الجديدة
ذاكرة الحرمين
استعرض مع ولي عهد الكويت التعاون.. وزير الداخلية: مواجهة الجريمة والإرهاب بمنظومة أمنية خليجية متكاملة
تصفيات مونديال 2026.. فرنسا وإسبانيا والبرتغال لحسم التأهل.. ومهمة صعبة لإيطاليا
القيادة تعزي رئيس تركيا في ضحايا تحطم طائرة عسكرية
وفد رفيع المستوى يزور نيودلهي.. السعودية والهند تعززان الشراكة الاستثمارية
آل الشيخ ورئيسا «النواب» و«الشورى» يبحثون التعاون.. ولي عهد البحرين يستقبل رئيس مجلس الشورى
وسط مجاعة وألغام على الطرق.. مأساة إنسانية على طريق الفارين من الفاشر
طهران تؤكد جديتها في المفاوضات النووية.. إيران بين أزمتي الجفاف والعقوبات
ترمب يواجه ردة فعل مشابهة لبايدن
تعزز مكانة السعودية في الإبداع والابتكار.. إطلاق أكاديمية آفاق للفنون والثقافة
«مغن ذكي» يتصدر مبيعات موسيقى الكانتري
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
أَوَّلُ مَكْتَبَةٍ في حَياتي
الرياض
نشر في
الرياض
يوم 10 - 12 - 2009
حِينَ أستعيدُ طَرَفًا مِنْ ماضِيَّ معَ القراءةِ والكِتابِ يَلَذُّ لِي أنْ أَذْكُرَ أوَّلَ مكتبةٍ عَرَفْتُها في حياتي، فلتلكَ المكتبةِ فَضْلُها الكبيرُ عَلَيَّ إذْ فَسَحَتْ لي أبوابًا مِنَ المعرفَةِ ما كُنْتُ لأحسَبُ أنْ ستُتاحُ لي لولا وقوفي عليها في السّنواتِ الأخيرةِ مِنْ صِبايَ والسَّنواتِ الأولى من الشَّباب، أيْ تلك السّنوات التي تُعَدُّ، حقًّا وصِدْقًا، زهرةَ العُمْرِ، وكانَ ذلك عند اكتهالِ القرنِ الهجريِّ الرَّابِعَ عشرَ، وإذا أردتُ الإفصاحَ والإبانةَ قلتُ عام 1399ه.
وأنا مَدِينٌ للشَّاعِرِ الحجازِيِّ المبدعِ أحمد قنديل –رحمه الله- في مَيْلي إلى الأدبِ والثَّقافةِ، وذلكَ أنّ هذا الشَّاعِرَ الذي خاضَ غمراتِ النَّظْمِ بالفصحى والعامِّيَّةِ معًا، كانَ قدْ زَيَّنَتْ لي قناديلُه التي يُذيعها في صحيفة "عكاظ" منجَّمةً أنْ أتعلَّقَ بالأدبِ، وبالشِّعْرِ خاصَّةً، وأنْ أجِدَ في نفسي ميلاً إلى الشِّعْرِ السَّاخِرِ الذي فاقَ فيه قنديلٌ وبرزَ، فأخذْتُ أسيرُ على نَهْجِه في نَظْمِ ما ظَننْتُهُ تلك الأيَّامَ شِعْرًا، جِماعُهُ الافتتانُ بالسُّخْرِ الذي كانَ قنديلٌ فارسًا مِنْ فُرْسانِهِ، حِينَ لانَتْ له الكتابةُ في الشِّعْرِ "الحَلَمَنْتيشِيّ" هذا الضَّرب مِنَ الشِّعْرِ الذي وجد له في غير بلدٍ عربيّ ولا سيّما مصْر والسُّودان والحجاز مشايِعينَ وأتباعًا، وحتَّى غدا أحمد قنديل مِنْ السَّابِقينَ والمُجَلِّينَ فيه، فَعُرِفَ شاعِرًا عامِّيًّا ساخِرًا ضاحكًا، ونَسِيَ النَّاسُ أوْ كادوا أنَّه مِنْ أئمَّة الشِّعْرِ الفصيحِ وأقطابِهِ في الأدبِ العربيِّ الحديثِ، وأنَّه ما جَنَحَ إلى الشِّعْرِ العامِّيِّ المنظومِ باللَّهجةِ الحجازِيَّةِ لِنَقْصٍ في آلتِهِ الشِّعريَّةِ، ولكنَّه وجدَ في العامَّةِ، وهو امْرؤٌ فيه دُعابةٌ، غايته وطِلْبَتَه. وما دُمْتُ قدِ لبسْتُ عباءةَ الشَّاعِرِ والتحفْتُ بِشَمْلتِهِ فَلأَبْحثْ عَمَّا يمْلأُ ذَوْقي وعقلي بالثَّقافةِ، ولأُصْبِحْ أديبًا، وأنْ أنْتَهِزَ عُطْلةَ المدارسِ لأكتُبَ وأكتُبَ، وأنْ أهِيمَ في أوديةِ الشِّعْرِ والأدبِ، وأنْ أبحثَ عمَّا يَسُدُّ رَمَقي إلى المعرفةِ وسِحْرِها الأخَّاذِ، وجَعَلْتُ أُفَتِّشُ عنْ هذه الضَّالَّةِ التي استغْوَتْنِي، فكان لِقائي بمكتبةٍ صغيرةٍ نأتْ بنفْسِها عن أعْيُنِ النَّاسِ، واتَّخَذَتْ لَها مِنْ زُقاقٍ ضيِّقٍ في سوقِ "باب شريف" الشَّهيرةِ في جدَّة القديمةِ موقِعًا، وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ غيرَ قليلٍ منْ حَوانِيتِ الْحاكَةِ كانَ يُطِيفُ بها مِنْ كُلِّ جانِبٍ، وأظُنُّ، الآنَ، وقدْ فصَلَنِي عَنْ تلك الأيَّامِ البريئةِ العَذْبةِ ما يزيد على ثلاثينَ عامًا أنَّ حوانيتَ الْحاكَةِ قدْ كانَ لها الفضْلُ في إرشادي إلى تلك المكتبةِ الصَّغيرةِ التي انْزَوَتْ عنْ أعيُنِ النَّاسِ، وقدْ كُنْتُ أبتاعُ طَرَفًا مِمَّا يَعْرضُه أولئك الحاكَةُ مِنْ أَرْدِيةٍ وثياب. لا أعرفُ لِتلكَ المكتبةِ اسمًا، ولا أعرفُ اسمَ صاحبِها، وأحسبُ أنَّني لمْ أُكلِّفْ نَفْسي معرفةَ اسمه، بَيْدَ أنَّ الذي أعرفُه، وكأنَّني أعيشُه الآنَ، أنَّ ذلكَ الرَّجُلَ كانَ ذا سِنٍّ عالِيةٍ، وأنَّ سِيمياءَ الشَّيْخوخةِ قدْ ظَهَرَتْ على وجْهه، وأنَّه كانَ يمانِيًّا، وأنَّ له ابنًا يُساعِدُهُ في تدبير شؤونِ المكتبةِ، وأنَّ تلكَ المكتبةَ تَحْفِلُ بالكُتُبِ التُّراثيَّةِ التي غاصَتْ أشكالُها وألوانُها في ذاكرتي، ولمْ تُصِبْها عوادي النِّسْيانِ، ورُسِمَتْ في ذاكرتي منذُ تلك اللَّحظةِ أسماءُ النَّفَرِ الكرامِ مِنْ علماءِ هذه الأُمَّةِ التي كتبَ لها القَدَرُ أنْ تكتُبَ وتُصَنِّفَ وتقْرأَ، ولنْ أنْسَى ولا أظُنُّني بِناسٍ تلكَ الأسماءَ التي رَسَبَتْ في عقلي وقلبي، كالحافِظِ المُنْذِرِيِّ الذي عَرَفْتُ اسمَهُ في تِلكَ الْمُدَّةِ، وكُنْتُ أرْمُقُ كتابَهُ الضَّخْمَ "التَّرْغيب والتَّرهيب" عِنْدَ كُلِّ زيارةٍ لتلك المكتبةِ الحبيبةِ إلى قلبي، وكُنْتُ أُمَنِّي النَّفْسَ في احتيازِ ذلكَ الكتابِ، ولمْ أكنْ لأستطِيعَ، وأنَّى لِشَابٍّ عانَى اليُتْمَ والكَفَافَ أنْ يَحْتازَ ذلكَ الكِتَابَ وغيرَهُ مِنَ الكُتُبِ التي شَدَّني إليها كُعوبها المذهَّبة وأجزاؤها المتتاليةُ وأسماءُ النَّفَرِ الكرامِ مِنْ مؤلِّفيها، وإنْ أنْسَ فلسْتُ بِناسٍ الحافِظَ ابنَ حَجَرٍ العَسْقلانِيّ وكتابَهُ العظيمَ "تقريب التَّهذيب"، والحافظَ أبا الفِداءِ عِمادَ الدِّينِ إسماعِيلَ بنَ عُمَرَ بنِ كثيرٍ القُرشِيَّ الدِّمشْقِيَّ، وكان يطيبُ لي أنْ أسْرُدَ اسمَهُ بِتمامِهِ كما هُو مَكْتُوبٌ على كتابِهِ الكبيرِ "تفسير القرآن العظيم" الذي كتبَ ليَ الله –تبارَك وتعالَى- أنْ أبتاعَهُ في أوَّلِ عهدي بالقِراءةِ، ولكَ أنْ تَعْجَبَ مِنْ تلكَ المغامرةِ التي قادتْ فتًى أُغْرِمَ بأحمد قنديل إلى تفسير ابنِ كثير؟! ولكنْ هكذا شاءَ الله! ولأنَّنِي غَوِيتُ بالشِّعْرِ وأغوانِي وجدْتُ طريقي إلى ما انطَوتْ عليه تلكَ المكتبةُ العظيمةُ مِنْ دواوينِ الشِّعْرِ العربيِّ القديمِ، وكانَ أوَّلُ ديوانٍ ابتعتُهُ في حياتي دِيوانَ النَّابِغَةِ الذِّبْيانِيِّ، بطْبْعةِ دار صادِر ببيروتَ، وأذْكُرُ أنَّني حاولْتُ قراءةَ ذلكَ الدِّيوانَ وارتَسَمَتْ في ذاكرتي جُمْلةٌ مِنْ قصائدِهِ التي أحببْتُها ولَهجْتُ بها لأنَّها تُعِيدُنِي إلى تلكَ السَّنواتِ الغاليةِ منْ العُمْرِ.
وبينَ الشِّعْرِ واللُّغَةِ والفِقْهِ والتَّاريخِ والأخبارِ والنَّوادِرِ وجدتُني أجْمَعُ طائفةً مِنْ كُتُبِ التُّراثِ العربيِّ، لا أعْرِفُ، الآنَ، كيفَ تَهّيَّأَ لها أنْ تجتمِعَ في مكانٍ واحدٍ، وقدْ كُنْتُ حَفِيًّا بِها كُلَّ الحفاوةِ، أرْعاها بعيني، وأُحِيطُها بالعَطْفِ وكأنَّها مِنْ لَحْمٍ وَدَمٍ، وكانَ بيتُنا في مَحَلَّةِ الهِنْداويَّةِ شاهِدًا على مَوْلِدِ مكتبتي الأولَى، ومَنْ أحْبَبْتُ مِنَ المؤلِّفينَ الذينَ شاءتِ الأقْدارُ أنْ يكونُوا مِنَ الصَّفْوةِ الممتازةِ مِنْ علماءِ هذهِ الأُمَّةِ العربيَّةِ، كابنِ كثيرٍ القُرَشيِّ، وقدْ مضَى خَبَرُهُ، والثَّعَالِبِيِّ ومصَنَّفِهِ الأثيرِ لَدَيَّ "فِقْه اللُّغةِ وأسْرارِ العربيَّة" هذا السِّفْر الذي أُعِيدُ إليهِ سِرَّ كَلَفِي بفِقْهِ اللُّغَةِ واللَّهجاتِ، والإمامِ أبي زكريّا يحيى بن محيي الدِّينِ النَّوَوِيّ الشَّافِعِيّ وكتابه "رياض الصَّالِحِين مِنْ كَلامِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِين"؛ والسَّيِّد أحمد الهاشِمِيّ مُصَنِّف كتاب "جواهر الأدب في أدبيَّاتِ لُغَةِ العرب"، ومُؤلَّفِهِ في الْعَرُوض "مِيزان الذَّهب"، وفي الأوَّلِ عَرَفْتُ طائفةً مِنَ الأشعارِ والخُطَبِ والنَّوادِرِ، وفي الآخِرِ وقَفْتُ وجْهًا لوجْهٍ إزاءَ تلكَ المُنَغِّصاتِ العَرُوضِيَّةِ، ثمَّ عَرَفْتُ، بَعْدَ ذلك، ابنَ عبدِ ربِّهِ الأندلُسِيّ وكتابَهُ الباذِخَ "العِقْد الفريد"، وكانَ مِمَّا أغراني به وزَيَّنَه في قلبي وعقلي تلك الحلقاتُ التي بَثَّها التِّلفزيون السُّعوديّ عن ابنِ عبد ربِّهِ وعِقْدِه، وكانَ الممثِّلُ اللُّبْنانِيُّ العظيمُ رشيد علامة رافِدًا كبيرًا في نشأتي الثَّقافِيَّةِ ومَيْلي إلى التُّراثِ، وإنَّني لأعْجَبُ لِلُبْنانَ وأبنائهِ الذين زَيَّنَ لي في الماضي نَفَرٌ منهم حُبَّ العربيَّةِ وتُراثَها، وها هو ذا لُبنان وها هُم ثُلَّةٌ مِنْ أبنائها يزيِّنونَ لأبنائنا وبناتِنا ألوانًا لا يرضاها الخُلُقُ القويمُ ولا الذَّوْقُ السَّليمُ، وسبحانَ الله الذي خلَقَ وفَرَّقَ!
وبعْدَ ذلك بمُدَّةٍ يسيرةٍ عرفْتُ كِتابَ "تَذْكرة الْحُفَّاظ" للحافِظِ الذَّهَبِيّ، وأعجبُ العَجبِ أن يستهويني، في تلك السَّنوات، كِتابٌ في تراجِمِ حُفَّاظِ الحديثِ وطَبَقَاتِهِم، وجَعَلْتُ أقرأُ ما تَيَسَّرَ لِي مِنْ هذا السِّفْرِ، وإنْ كُنْتُ لَمْ أُتِمَّهُ فلا أقلَّ مِنْ أنْ عَرَفْتُ طَرَفًا مِنْ تِلكَ العُلُومِ التي كانَ عليها مدارُ العِلْمِ العربيِّ الإسلامِيِّ قرونًا متطاوِلةً.
ضَرَبْتُ في القِراءةً يَمْنَةً وَيَسْرَةً، وطَوَّفْتُ في آفاقِها صُعودًا وهُبُوطًا، ولَمْ يكُنْ لِي مِنْ مُرْشِدٍ يأخُذُ بِيَدِي. والآنَ، وأنا أستعِيدُ تلكَ التَّجْرِبَةَ أحمدُ الله –تبارَكَ وتعالَى- على أنْ لم يكُنْ لِي مَنْ يُرشِدُنِي إلى ما يجِبُ أنْ أقْرأَهُ وما لا يجبُ، وأنَّ تلكَ الْحَيْرَةَ وذلك الاحتطابَ في غابةِ الكِتابِ وَطَّنَا نَفْسِي على أنْ لا أكتَفِيَ بجانِبٍ ما مِن المعرفةِ، وأنَّ تلكَ الحَيْرَةَ كانتْ رحيمةً بِي، وأنَّ ذلك الاحتطابَ كان كريمًا مَعي وقَدْ وقفَا بِي، في أواخِرِ سنواتِ الصِّبَا وبواكيرِ الشَّبَابِ، على تراثِنا العربِيِّ الخالِدِ. أمَّا تِلكَ المكتبةُ التي استمرَّتْ صِلَتي بِها مُدَّةً مِنَ الزَّمانِ حتَّى بعدَ أنْ غادرْتُ مراتِعَ الصِّبا- فلَها الفضْلُ، وأمَّا صاحبُها اليمانِيّ، وقدْ عَرَفْتُ قَبْلَ زَمنٍ ليسَ باليسيرِ أنَّهُ قدْ تُوُفِّيَ إلى الله، فإنَّنَي أدْعو المولَى –جلَّ وعَزَّ- أنْ يرحمَهُ وأنْ يُثيبَهُ، وها أنَذَا أُعِيدُ الفضْلَ إليهِ أنْ فَسَحَتْ لي مكتبتُهُ العظيمةُ تلكَ صِلَتي بتراثِنا العظيمِ وثقافَتِنا الزَّاهِيَةِ التي لَمَّا تَزَلْ تَشُدُّني إليها، وتُنْزِلُ بِي ألوانًا مِنَ الدَّهَشِ والفِتْنَةِ والخلابةِ. وذلك حديثٌ آخَرُ.
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
أبلغ عن إشهار غير لائق