الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
الأصيل
الأنباء السعودية
الأولى
البطولة
البلاد
التميز
الجزيرة
الحياة
الخرج اليوم
الداير
الرأي
الرياض
الشرق
الطائف
المدينة
المواطن
الندوة
الوطن
الوكاد
الوئام
اليوم
إخبارية عفيف
أزد
أملج
أنباؤكم
تواصل
جازان نيوز
ذات الخبر
سبق
سبورت السعودية
سعودي عاجل
شبرقة
شرق
شمس
صوت حائل
عاجل
عكاظ
عناوين
عناية
مسارات
مكة الآن
نجران نيوز
وكالة الأنباء السعودية
موضوع
كاتب
منطقة
Sauress
سيدات الأهلي يتوجن بكأس الاتحاد
نائب أمير منطقة نجران ينقل تحيات القيادة للمرابطين على الحد الجنوبي
المسجد النبوي.. تطييب مليون مصلٍ في رمضان
«البلدية والإسكان» تستهدف زراعة 1,3 مليون شجرة بضواحيها السكنية
شركات طيران آسيوية تثبّت رسوم الوقود رغم مخاطر ارتفاع أسعار النفط
كم تبلغ الأرباح التراكمية لمن اكتتب 1000 سهم في «أرامكو»؟
نائب أمير الرياض يطّلع على مشروعات سدايا
ولي العهد ينوه بجهود أمراء المناطق في خدمة الوطن والمواطنين
«اللاعب الممثل»
المانع إلى رحمة الله
تعليم بيش ينفذ ورشة عمل "التهيئة للاختبارات الوطنية نافس"
أمطار على مناطق المملكة حتى الاثنين
نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس «تعافي» ويطلع على برامج «ترابط»
المنسيّون.. من يكفكف دموعهم؟
نهاية مستحقة ل «شباك السموم»
اكتمال أعمال التدعيم والإنقاذ ل56 مبنى في جدة التاريخية
أجواء روحانية
اكتشاف جديد لعلاج السمنة
أنت مصاب ببكتيريا المعدة الحلزونية!
خبراء: لا ترتب سريرك فور الاستيقاظ !
5 فواكه للتخلص من الإمساك
«الرابطة» تناقش روزنامة الموسم المقبل
وفاتان في حادث خالدة نجران
الهدى يتصدر دوري اليد
حضارة المستقبل
"الدرعية" تكرّم الفائزين في مسابقة تصميم المساجد بمشاركة 539 مُصمماً ومصممة
الجيش الأميركي يدمر أربع طائرات مسيّرة حوثية
النصيحة تنقبل من كل ماجد
رمضان.. أن تضحك كثيراً
190 صاروخًا ضرب أوكرانيا في أسبوع
أمير القصيم يشارك رجال الأمن مأدبة الإفطار
العدوان تجاوز جرائم الحرب
الاتحاد يلتقي الفيحاء.. الأهلي في ضيافة الاتفاق
«ابن شاهر» يتبرّع بكليته لينهي معاناة طفلة لا يعرفها
إدارة العقول
الصالح رئيساً لهيئة تقويم التعليم والتدريب
كلما هكبت هبّت
الأمير سلمان بن فيصل يدشن جمعية ل«الخيل السعودية» في الرياض
شارع عكاظ يجمع شمل «عُتقيّة الطائف»
«سلمان للإغاثة» يوقع اتفاقية تعاون لمشروع زكاة الفطر في اليمن
صالح كامل.. حكاية الشغف والرؤية والبركة
هل أمريكا مختطفة؟
إسرائيل عرفت بهجوم حماس قبل سنة
أسئلة الشعر وعواصم البلدان
غيابات النصر في مواجهة الطائي في دوري روشن
الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يلتقي منسوبي وكالة شؤون التوعية الميدانية بالمسجد الحرام
ولي العهد ينوه بجهود أمراء المناطق لتحقيق التطلعات المنشودة والتنمية الشاملة
Infinix Note 40 Pro 5G - مركز الألعاب القوي بسعر منخفض يبلغ 999 ريال سعودي
المملكة ضيف شرف معرض بكين الدولي للكتاب
انخفاض معدل البطالة بالمملكة ل "4.4%"
أمانة الشرقية تزرع أكثر من 5 آلاف شجرة وتوزع أكثر من 4 آلاف شتلة احتفاء بيوم مبادرة السعودية الخضراء
الأهلي والشباب في نهائي "كأس السيدات"
المملكة رئيساً للجنة "وضع المرأة" بالأمم المتحدة
تحت رعاية خادم الحرمين.. تنظمه جامعة الإمام الرياض تحتضن المؤتمر الدولي «دور الجامعات في تعزيز قيم الانتماء الوطني والتعايش السلمي»
مستشفى الجموم ينتظر الإطلاق
"الشؤون الإسلامية" تدشن برنامجي هدية خادم الحرمين من التمور وتفطير الصائمين في الأردن
محافظ محافظة خباش يدشن مبادرة السعودية الخضراء
نائب أمير تبوك: القيادة تولي عناية قصوى بالأيتام
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
أَوَّلُ مَكْتَبَةٍ في حَياتي
الرياض
نشر في
الرياض
يوم 10 - 12 - 2009
حِينَ أستعيدُ طَرَفًا مِنْ ماضِيَّ معَ القراءةِ والكِتابِ يَلَذُّ لِي أنْ أَذْكُرَ أوَّلَ مكتبةٍ عَرَفْتُها في حياتي، فلتلكَ المكتبةِ فَضْلُها الكبيرُ عَلَيَّ إذْ فَسَحَتْ لي أبوابًا مِنَ المعرفَةِ ما كُنْتُ لأحسَبُ أنْ ستُتاحُ لي لولا وقوفي عليها في السّنواتِ الأخيرةِ مِنْ صِبايَ والسَّنواتِ الأولى من الشَّباب، أيْ تلك السّنوات التي تُعَدُّ، حقًّا وصِدْقًا، زهرةَ العُمْرِ، وكانَ ذلك عند اكتهالِ القرنِ الهجريِّ الرَّابِعَ عشرَ، وإذا أردتُ الإفصاحَ والإبانةَ قلتُ عام 1399ه.
وأنا مَدِينٌ للشَّاعِرِ الحجازِيِّ المبدعِ أحمد قنديل –رحمه الله- في مَيْلي إلى الأدبِ والثَّقافةِ، وذلكَ أنّ هذا الشَّاعِرَ الذي خاضَ غمراتِ النَّظْمِ بالفصحى والعامِّيَّةِ معًا، كانَ قدْ زَيَّنَتْ لي قناديلُه التي يُذيعها في صحيفة "عكاظ" منجَّمةً أنْ أتعلَّقَ بالأدبِ، وبالشِّعْرِ خاصَّةً، وأنْ أجِدَ في نفسي ميلاً إلى الشِّعْرِ السَّاخِرِ الذي فاقَ فيه قنديلٌ وبرزَ، فأخذْتُ أسيرُ على نَهْجِه في نَظْمِ ما ظَننْتُهُ تلك الأيَّامَ شِعْرًا، جِماعُهُ الافتتانُ بالسُّخْرِ الذي كانَ قنديلٌ فارسًا مِنْ فُرْسانِهِ، حِينَ لانَتْ له الكتابةُ في الشِّعْرِ "الحَلَمَنْتيشِيّ" هذا الضَّرب مِنَ الشِّعْرِ الذي وجد له في غير بلدٍ عربيّ ولا سيّما مصْر والسُّودان والحجاز مشايِعينَ وأتباعًا، وحتَّى غدا أحمد قنديل مِنْ السَّابِقينَ والمُجَلِّينَ فيه، فَعُرِفَ شاعِرًا عامِّيًّا ساخِرًا ضاحكًا، ونَسِيَ النَّاسُ أوْ كادوا أنَّه مِنْ أئمَّة الشِّعْرِ الفصيحِ وأقطابِهِ في الأدبِ العربيِّ الحديثِ، وأنَّه ما جَنَحَ إلى الشِّعْرِ العامِّيِّ المنظومِ باللَّهجةِ الحجازِيَّةِ لِنَقْصٍ في آلتِهِ الشِّعريَّةِ، ولكنَّه وجدَ في العامَّةِ، وهو امْرؤٌ فيه دُعابةٌ، غايته وطِلْبَتَه. وما دُمْتُ قدِ لبسْتُ عباءةَ الشَّاعِرِ والتحفْتُ بِشَمْلتِهِ فَلأَبْحثْ عَمَّا يمْلأُ ذَوْقي وعقلي بالثَّقافةِ، ولأُصْبِحْ أديبًا، وأنْ أنْتَهِزَ عُطْلةَ المدارسِ لأكتُبَ وأكتُبَ، وأنْ أهِيمَ في أوديةِ الشِّعْرِ والأدبِ، وأنْ أبحثَ عمَّا يَسُدُّ رَمَقي إلى المعرفةِ وسِحْرِها الأخَّاذِ، وجَعَلْتُ أُفَتِّشُ عنْ هذه الضَّالَّةِ التي استغْوَتْنِي، فكان لِقائي بمكتبةٍ صغيرةٍ نأتْ بنفْسِها عن أعْيُنِ النَّاسِ، واتَّخَذَتْ لَها مِنْ زُقاقٍ ضيِّقٍ في سوقِ "باب شريف" الشَّهيرةِ في جدَّة القديمةِ موقِعًا، وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ غيرَ قليلٍ منْ حَوانِيتِ الْحاكَةِ كانَ يُطِيفُ بها مِنْ كُلِّ جانِبٍ، وأظُنُّ، الآنَ، وقدْ فصَلَنِي عَنْ تلك الأيَّامِ البريئةِ العَذْبةِ ما يزيد على ثلاثينَ عامًا أنَّ حوانيتَ الْحاكَةِ قدْ كانَ لها الفضْلُ في إرشادي إلى تلك المكتبةِ الصَّغيرةِ التي انْزَوَتْ عنْ أعيُنِ النَّاسِ، وقدْ كُنْتُ أبتاعُ طَرَفًا مِمَّا يَعْرضُه أولئك الحاكَةُ مِنْ أَرْدِيةٍ وثياب. لا أعرفُ لِتلكَ المكتبةِ اسمًا، ولا أعرفُ اسمَ صاحبِها، وأحسبُ أنَّني لمْ أُكلِّفْ نَفْسي معرفةَ اسمه، بَيْدَ أنَّ الذي أعرفُه، وكأنَّني أعيشُه الآنَ، أنَّ ذلكَ الرَّجُلَ كانَ ذا سِنٍّ عالِيةٍ، وأنَّ سِيمياءَ الشَّيْخوخةِ قدْ ظَهَرَتْ على وجْهه، وأنَّه كانَ يمانِيًّا، وأنَّ له ابنًا يُساعِدُهُ في تدبير شؤونِ المكتبةِ، وأنَّ تلكَ المكتبةَ تَحْفِلُ بالكُتُبِ التُّراثيَّةِ التي غاصَتْ أشكالُها وألوانُها في ذاكرتي، ولمْ تُصِبْها عوادي النِّسْيانِ، ورُسِمَتْ في ذاكرتي منذُ تلك اللَّحظةِ أسماءُ النَّفَرِ الكرامِ مِنْ علماءِ هذه الأُمَّةِ التي كتبَ لها القَدَرُ أنْ تكتُبَ وتُصَنِّفَ وتقْرأَ، ولنْ أنْسَى ولا أظُنُّني بِناسٍ تلكَ الأسماءَ التي رَسَبَتْ في عقلي وقلبي، كالحافِظِ المُنْذِرِيِّ الذي عَرَفْتُ اسمَهُ في تِلكَ الْمُدَّةِ، وكُنْتُ أرْمُقُ كتابَهُ الضَّخْمَ "التَّرْغيب والتَّرهيب" عِنْدَ كُلِّ زيارةٍ لتلك المكتبةِ الحبيبةِ إلى قلبي، وكُنْتُ أُمَنِّي النَّفْسَ في احتيازِ ذلكَ الكتابِ، ولمْ أكنْ لأستطِيعَ، وأنَّى لِشَابٍّ عانَى اليُتْمَ والكَفَافَ أنْ يَحْتازَ ذلكَ الكِتَابَ وغيرَهُ مِنَ الكُتُبِ التي شَدَّني إليها كُعوبها المذهَّبة وأجزاؤها المتتاليةُ وأسماءُ النَّفَرِ الكرامِ مِنْ مؤلِّفيها، وإنْ أنْسَ فلسْتُ بِناسٍ الحافِظَ ابنَ حَجَرٍ العَسْقلانِيّ وكتابَهُ العظيمَ "تقريب التَّهذيب"، والحافظَ أبا الفِداءِ عِمادَ الدِّينِ إسماعِيلَ بنَ عُمَرَ بنِ كثيرٍ القُرشِيَّ الدِّمشْقِيَّ، وكان يطيبُ لي أنْ أسْرُدَ اسمَهُ بِتمامِهِ كما هُو مَكْتُوبٌ على كتابِهِ الكبيرِ "تفسير القرآن العظيم" الذي كتبَ ليَ الله –تبارَك وتعالَى- أنْ أبتاعَهُ في أوَّلِ عهدي بالقِراءةِ، ولكَ أنْ تَعْجَبَ مِنْ تلكَ المغامرةِ التي قادتْ فتًى أُغْرِمَ بأحمد قنديل إلى تفسير ابنِ كثير؟! ولكنْ هكذا شاءَ الله! ولأنَّنِي غَوِيتُ بالشِّعْرِ وأغوانِي وجدْتُ طريقي إلى ما انطَوتْ عليه تلكَ المكتبةُ العظيمةُ مِنْ دواوينِ الشِّعْرِ العربيِّ القديمِ، وكانَ أوَّلُ ديوانٍ ابتعتُهُ في حياتي دِيوانَ النَّابِغَةِ الذِّبْيانِيِّ، بطْبْعةِ دار صادِر ببيروتَ، وأذْكُرُ أنَّني حاولْتُ قراءةَ ذلكَ الدِّيوانَ وارتَسَمَتْ في ذاكرتي جُمْلةٌ مِنْ قصائدِهِ التي أحببْتُها ولَهجْتُ بها لأنَّها تُعِيدُنِي إلى تلكَ السَّنواتِ الغاليةِ منْ العُمْرِ.
وبينَ الشِّعْرِ واللُّغَةِ والفِقْهِ والتَّاريخِ والأخبارِ والنَّوادِرِ وجدتُني أجْمَعُ طائفةً مِنْ كُتُبِ التُّراثِ العربيِّ، لا أعْرِفُ، الآنَ، كيفَ تَهّيَّأَ لها أنْ تجتمِعَ في مكانٍ واحدٍ، وقدْ كُنْتُ حَفِيًّا بِها كُلَّ الحفاوةِ، أرْعاها بعيني، وأُحِيطُها بالعَطْفِ وكأنَّها مِنْ لَحْمٍ وَدَمٍ، وكانَ بيتُنا في مَحَلَّةِ الهِنْداويَّةِ شاهِدًا على مَوْلِدِ مكتبتي الأولَى، ومَنْ أحْبَبْتُ مِنَ المؤلِّفينَ الذينَ شاءتِ الأقْدارُ أنْ يكونُوا مِنَ الصَّفْوةِ الممتازةِ مِنْ علماءِ هذهِ الأُمَّةِ العربيَّةِ، كابنِ كثيرٍ القُرَشيِّ، وقدْ مضَى خَبَرُهُ، والثَّعَالِبِيِّ ومصَنَّفِهِ الأثيرِ لَدَيَّ "فِقْه اللُّغةِ وأسْرارِ العربيَّة" هذا السِّفْر الذي أُعِيدُ إليهِ سِرَّ كَلَفِي بفِقْهِ اللُّغَةِ واللَّهجاتِ، والإمامِ أبي زكريّا يحيى بن محيي الدِّينِ النَّوَوِيّ الشَّافِعِيّ وكتابه "رياض الصَّالِحِين مِنْ كَلامِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِين"؛ والسَّيِّد أحمد الهاشِمِيّ مُصَنِّف كتاب "جواهر الأدب في أدبيَّاتِ لُغَةِ العرب"، ومُؤلَّفِهِ في الْعَرُوض "مِيزان الذَّهب"، وفي الأوَّلِ عَرَفْتُ طائفةً مِنَ الأشعارِ والخُطَبِ والنَّوادِرِ، وفي الآخِرِ وقَفْتُ وجْهًا لوجْهٍ إزاءَ تلكَ المُنَغِّصاتِ العَرُوضِيَّةِ، ثمَّ عَرَفْتُ، بَعْدَ ذلك، ابنَ عبدِ ربِّهِ الأندلُسِيّ وكتابَهُ الباذِخَ "العِقْد الفريد"، وكانَ مِمَّا أغراني به وزَيَّنَه في قلبي وعقلي تلك الحلقاتُ التي بَثَّها التِّلفزيون السُّعوديّ عن ابنِ عبد ربِّهِ وعِقْدِه، وكانَ الممثِّلُ اللُّبْنانِيُّ العظيمُ رشيد علامة رافِدًا كبيرًا في نشأتي الثَّقافِيَّةِ ومَيْلي إلى التُّراثِ، وإنَّني لأعْجَبُ لِلُبْنانَ وأبنائهِ الذين زَيَّنَ لي في الماضي نَفَرٌ منهم حُبَّ العربيَّةِ وتُراثَها، وها هو ذا لُبنان وها هُم ثُلَّةٌ مِنْ أبنائها يزيِّنونَ لأبنائنا وبناتِنا ألوانًا لا يرضاها الخُلُقُ القويمُ ولا الذَّوْقُ السَّليمُ، وسبحانَ الله الذي خلَقَ وفَرَّقَ!
وبعْدَ ذلك بمُدَّةٍ يسيرةٍ عرفْتُ كِتابَ "تَذْكرة الْحُفَّاظ" للحافِظِ الذَّهَبِيّ، وأعجبُ العَجبِ أن يستهويني، في تلك السَّنوات، كِتابٌ في تراجِمِ حُفَّاظِ الحديثِ وطَبَقَاتِهِم، وجَعَلْتُ أقرأُ ما تَيَسَّرَ لِي مِنْ هذا السِّفْرِ، وإنْ كُنْتُ لَمْ أُتِمَّهُ فلا أقلَّ مِنْ أنْ عَرَفْتُ طَرَفًا مِنْ تِلكَ العُلُومِ التي كانَ عليها مدارُ العِلْمِ العربيِّ الإسلامِيِّ قرونًا متطاوِلةً.
ضَرَبْتُ في القِراءةً يَمْنَةً وَيَسْرَةً، وطَوَّفْتُ في آفاقِها صُعودًا وهُبُوطًا، ولَمْ يكُنْ لِي مِنْ مُرْشِدٍ يأخُذُ بِيَدِي. والآنَ، وأنا أستعِيدُ تلكَ التَّجْرِبَةَ أحمدُ الله –تبارَكَ وتعالَى- على أنْ لم يكُنْ لِي مَنْ يُرشِدُنِي إلى ما يجِبُ أنْ أقْرأَهُ وما لا يجبُ، وأنَّ تلكَ الْحَيْرَةَ وذلك الاحتطابَ في غابةِ الكِتابِ وَطَّنَا نَفْسِي على أنْ لا أكتَفِيَ بجانِبٍ ما مِن المعرفةِ، وأنَّ تلكَ الحَيْرَةَ كانتْ رحيمةً بِي، وأنَّ ذلك الاحتطابَ كان كريمًا مَعي وقَدْ وقفَا بِي، في أواخِرِ سنواتِ الصِّبَا وبواكيرِ الشَّبَابِ، على تراثِنا العربِيِّ الخالِدِ. أمَّا تِلكَ المكتبةُ التي استمرَّتْ صِلَتي بِها مُدَّةً مِنَ الزَّمانِ حتَّى بعدَ أنْ غادرْتُ مراتِعَ الصِّبا- فلَها الفضْلُ، وأمَّا صاحبُها اليمانِيّ، وقدْ عَرَفْتُ قَبْلَ زَمنٍ ليسَ باليسيرِ أنَّهُ قدْ تُوُفِّيَ إلى الله، فإنَّنَي أدْعو المولَى –جلَّ وعَزَّ- أنْ يرحمَهُ وأنْ يُثيبَهُ، وها أنَذَا أُعِيدُ الفضْلَ إليهِ أنْ فَسَحَتْ لي مكتبتُهُ العظيمةُ تلكَ صِلَتي بتراثِنا العظيمِ وثقافَتِنا الزَّاهِيَةِ التي لَمَّا تَزَلْ تَشُدُّني إليها، وتُنْزِلُ بِي ألوانًا مِنَ الدَّهَشِ والفِتْنَةِ والخلابةِ. وذلك حديثٌ آخَرُ.
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
أبلغ عن إشهار غير لائق