الإستراتيجية الجديدة التي يعتزم الرئيس الامريكي باراك أوباما تطبيقها في أفغانستان واجهت انتقادا شديدا من جانب كلا الحزبين أي الحزب الجمهوري المعارض وداخل صفوف حزبه الديمقراطي. واقع الحال يدل على أن استراتيجية أوباما ترمي إلى الموازنة بدقة للحاجة إلى تحقيق الغلبة في أفغانستان وفي الوقت نفسه مراعاة التشكك المتنامي في الولاياتالمتحدة في فرص النجاح خاصة في ظل استطلاعات الرأي التي تظهر تزايد معارضة الامريكيين للحرب. لكن إذا منيت استراتيجيته بالفشل ساعتها يمكن للديمقراطيين أن يزعموا أنه ما كان يجب إرسال المزيد من القوات في المقام الاول بينما سيعزو الجمهوريون الفشل إلى تحديد تاريخ مستهدف للانسحاب. ذلك أن الجمهوريين امتدحوا أوباما لاتخاذه قرار زيادة حجم القوات الامريكية في أفغانستان ليصل حجم الوجود الامريكي إلى 98 ألف جندي بعد أن ظلوا طيلة شهور يجأرون بالشكوى من أوباما بسبب بطئه الشديد في موازنة خياراته . بيد أنهم انتقدوه بشدة لوضعه إطارا زمنيا لبدء الانسحاب بدعوى أن تحديد تاريخ لذلك قد يدفع طالبان إلى الاختباء لتفادي القوات الإضافية انتظارا لسحب القوات . وفي هذا الصدد قال السيناتور جون ماكين منافس أوباما في الانتخابات الرئاسية عام 2008 "إن تحديد تواريخ للانسحاب هي مسألة تتوقف على الظروف. والطريقة التي تكسب بها الحروب هي العمل على كسر إرادة العدو وليس الاعلان عن تواريخ انسحابك. فهذا من شأنه إعطاء انطباع أننا ذاهبون إلى هناك لفترة قصيرة من الوقت وما على طالبان إلا انتظار انسحابنا". ديك تشيني نائب الرئيس السابق الذي كان مع جورج بوش سلف أوباما يعارض بشدة تحديد مهل زمنية للانسحاب من العراق فقد وجه انتقادا عنيفا للبيت الابيض لوضعه إطارا زمنيا للانسحاب من أفغانستان. وقال تشيني إن من شأن ذلك إرسال إشارة خاطئة للافغان حيث أن معرفتهم بالخطط الامريكية الخاصة بالانسحاب ربما تجعلهم يرون ثمة فائدة تعود عليهم في المدى الطويل إذا اختاروا الوقوف إلى جانب طالبان. واضاف تشيني في مقابلة مع صحيفة بوليتيكو"هؤلاء العامة .. يبدأون في البحث عن سبل التواءم مع أعدائهم . و يتملكهم القلق حيال عدم بقاء الولاياتالمتحدة فترة أطول والاولاد الاشرار (باقون)". بيد أن أوباما تحسباً لهذا الانتقاد في خطابه الذي ألقاه في الاكاديمية العسكرية في ويست بوينت قائلا إن استراتيجية الخروج ستمثل ضغطا على المجتمع الدولي والحكومة الافغانية لكي يعملا على تحقيق نتائج . رغم هذا الانتقاد الجمهوري لا يزال في وسع أوباما توقع تأييد واسع النطاق من الحزب المعارض الذي ظل لفترة طويلة يدعو إلى الدفع بمزيد من القوات إلى أفغانستان. لكن هذا الاجراء أحدث انقساما داخل صفوف الحزب الديمقراطي وهو حزب الرئيس ذلك الحزب الذي يسيطر على مجلسي الكونجرس. فالديمقراطيون المعتدلون أيدوا خطة أوباما لكن أولئك الذين يجنحون كثيرا إلى اليسار فهم من بين أكبر المنتقدين حيث يفضلون الانسحاب بدعوى أن إرسال المزيد من القوات سيؤدي فحسب إلى انزلاق الولاياتالمتحدة إلى مستنقع طويل . كما يتملك القلق الديمقراطيين في الكونجرس من احتمال فقدهم الاغلبية في انتخابات التجديد النصفي العام المقبل في ظل استطلاعات الرأي التي تشير إلى تراجع تأييد الشعب لهم و للحرب الافغانية. وقال السيناتور روس راينجولد عن ولاية ويسكونسن"يقينا لا زلت وأظن أن زملائي أيضا لا يزالون يتساءلون عن الحكمة في إرسال عشرات الآلاف من الجنود الإضافيين إلى أفغانستان " أما عضو مجلس النواب جيم مكفرن وهو ديمقراطي من ماساشوسيتس فقد قال إن أوباما قد توصل إلى "الاستنتاج الخاطئ . فإذا كنا حقيقة نحارب القاعدة فنحن إذن في البلد الخطأ . فهم انتقلوا إلى باكستان وأنا شاهدت هذا الفيلم من قبل ونهايته ليست سعيدة".