تقول نشرة طب جامعة هارفارد انه منذ أكثر من عقد من الزمن اطلقت دائرة الزراعة الامريكية (USDA) ما يسمى بالهرم الغذائي الذي يعكس ما تراه الدائرة كأساسيات للتغذية الصحيحة. وكان الهرم الغذائي يدرس في المدارس وينتشر في نشرات التغذية وعلى علب الأطعمة في كل مكان، وتقول هارفارد ان من المؤسف ان معلومات الهرم الغذائي لا تؤدي الى الطريق الصحيح الى الصحة لأنها تستند إلى دلائل علمية مهزوزة لم تتغير الا بشكل طفيف خلال السنوات الماضية لتعكس مفاهيم صلة الغذاء بالصحة، ومنذ فترة بسيطة (نهاية عام 2005) غيرت دائرة الغذاء الامريكية الهرم الغذائي لتطرح "هرمي" (My Pyramid) وهو كما تذكر الدائرة (نظام توجيهي تفاعلي) حيث يمكن للفرد التواصل مع مختصين عن طريق الشبكة العنكبوتية وادراج معلومات تتعلق بعمره وبحالته الصحية لمعرفة ما يناسبه هو شخصيا، وتدرج هارفارد المحاسن التي اشتمل عليها الهرم الجديبد "هرمي" الذي: 1- يركز على أهمية محاربة السمنة والبدانة، وهو امر لم يكن يشير اليه الهرم القديم بشكل مناسب، كما ان الهرم الجديد يركز على أهمية الرياضة والحركة للمحافظة على الصحة. 2- يختلف عن الهرم القديم فيما يتعلق بالدهون، ففي الماضي كانت كل الدهون سيئة، اما الهرم الجديد فيركز على أن الدهون المحورة Trans fats هي التي يجب تجنبها قدر المستطاع، كما يجب الحد من الدهون المشبعة، ولم يعد في الهرم الجديد وجود لحد أدنى مصطنع لكمية الدهون التي يتناولها الفرد يوميا، انما يوصي الجديد ان يكون ما يتراوح بين 20الى 35% من السعرات الحرارية من أطعمة دهنية مركزا على المنافع المحتملة للدهون أحادية وعديدة التشبع (مثل زيت الزيتون والزيوت النباتية الأخرى). 3- وبدلا من التركيز على مصطلح النشويات المركبة Complex carbohydrates الذي ليس له معنى حيوي واضح ينصح الهرم الجديد بالحد من السكريات والتركيز على الحبوب الكاملة. ولكن هارفرد تقول ان هذه التحسينات ليست كافية وان الهرم الجديد ماهو الا الهرم القديم مقلوبا على جانبه فللهرم الجديد المساوىء التالية: 1- يذكر انه لا مشكلة من تناول نصف الكمية الموصى بها يوميا من الحبوب على هيئة حبوب مكررة، وهذا امر مؤسف لأن الجسم يتعامل مع الحبوب النشوية المكررة كسكريات، مما يعني سعرات حرارية جوفاء (تفتقر الى المغذيات الطبيعية) تؤثر على عملية الأيض وتزيد من مخاطر الاصابة بأمراض القلب والسكري! 2- وفيما يتعلق بالبروتينات يستمر الهرم الجديد في دمج اللحوم الحمراء ولحوم الدواجن والأسماك والبقول، وما يهم فيها تبعا للهرم القديم هو كمية الدهون حيث ينصح ان تكون اللحوم من لحم هبر قليل الدسم قدر المستطاع، وهذا يتغاضى عن حقيقة أن الدهون نفسها تختلف في أنواعها، كما يتغاضى الهرم الجديد عن الدلائل التي تشير الى أن استبدال اللحوم الحمراء ببروتينات من أسماك ودواجن وبقول ومكسرات له محاسن صحية كبيرة. 3- يوصي الهرم الجديد بشرب ثلاثة كؤوس من الحليب قليل الدسم او اكل ثلاث حصص من غيره من منتجات الألبان يوميا للحد من هشاشة العظام، وهذه خطوة في الاتجاه الخاطىء لأن ثلاثة كؤوس من الحليب قليل الدسم تضيف أكثر من ثلاثمائة سعرة حرارية في اليوم، وهذا يمثل مشكلة كبيرة للملايين الذين يسعون للتخفيف من أوزانهم، كما يعتبر مشكلة للملايين الذين يعانون من عدم تقبل اللاكتوز (سكر الحليب) والذين تسبب لهم مقادير صغيرة من منتجات الألبان مشاكل كبرى، كما تتجاهل هذه التوصية عدم وجود دراسات مؤكدة تربط بين عدم تناول منتجات الألبان وحدوث هشاشة العظام، كما تتجاهل هذه التوصية احتمال زيادة مخاطر الاصابة بسرطان المبيض لدى النساء وسرطان البروستاتا لدى الرجال والمتعلقة باستهلاك منتجات الألبان. ومن المهم التنويه، كما تذكر هارفرد، ان تشكيل او تعديل الهرم الغذائي، وتشكيل أو تعديل التوجيهات التغذوية Dietary Guidelines التي تقوم عليها كثير من مفاهيم وتطبيقات التغذية في الولاياتالمتحدةالامريكية يؤثر على الكيفية التي تصرف بها ملايين الدولارات كل عام على صناعة الأطعمة، وهذا يعني ان اي تغيير على الهرم او على التوجيهات التغذوية ولو كان طفيفا يؤثر على صناعة الأطعمة سلبا او ايجابا، وتبعا للأنظمة الحكومية الامريكية يجب ان تضم الهيئة التي تقوم بالتعديلات على الهرم أو على توجيهات التغذية تغذويين مختصين بطب الأطفال وبالبدانة وبأمراض القلب وبالصحة العامة، واختيار هيئة من هذا النوع ليس بالامر السهل خاصة انه يتعرض لضغوط من هيئات عملاقة مثل مجلس الألبان القومي والمنظمة المتحدة للفواكه والخضروات ومنظمة المشروبات الغازية ومعهد اللحوم الامريكي ومنظمة المواشي القومية ومجلس منتجات القمح.