في قلب التحول العمراني السعودي، تُعد جائزة الأمير عبدالعزيز بن عياف لأنسنة المدن إطاراً فكرياً وعملياً يجسّد رؤية حضارية متكاملة. فهي ليست وسيلة للتكريم فحسب، بل امتداد لفلسفة عمرانية راسخة، وترجمة لعطاء عقود قادها الأمير عبدالعزيز بن عياف، سواء من خلال قيادته لأمانة الرياض او عمله الأكاديمي أو إسهاماته الفكرية حيث تجمع الجائزة بين الماضي والحاضر، وتستلهم مفهوم "أنسنة المدن" الذي طبقه الأمير عملياً، وروح "العمارة السلمانية" التي ساهم في تأطيرها فكرياً، لتنظر نحو مستقبل المدن السعودية كفضاءات إنسانية مستدامة. ارتبط اسم الأمير عبدالعزيز بن عياف بمفهوم "أنسنة المدن" تطبيقاً وتأصيلاً. عرّفها بأنها "تعزيز البعد الإنساني"، للتحول من "المكان الصامت إلى المكان الفاعل" الذي يساعد الإنسان على صُنع مسيرته والجماعة على تشكيل هويتها. تحوّلت هذه الرؤية إلى واقع في الرياض عبر مشاريع رائدة جعلت الإنسان محوراً، مثل إعادة تأهيل وادي حنيفة كنموذج عالمي للبيئة والترفيه، وتطوير المساحات الخضراء وممرات المشاة، وإطلاق المبادرات الثقافية المعزّزة للروابط المجتمعية. انبثقت هذه المشاريع من فلسفة تخطيطية تؤمن بالمشاركة المجتمعية، لتحوّل البيئة العمرانية إلى محفّز للإنسان لصنع الهوية والعيش بسعادة. إذا كانت الأنسنة هي الروح، فإن "العمارة السلمانية" تمثل الهوية والجسد. قدم الأمير هذا المفهوم ك"خارطة طريق للإدارة والتنمية الحضرية" و"منطلق لإحياء الهوية العمرانية"، وليس كطراز محصور. تقوم على ثلاثة أعمدة: 1- الارتباط بالإنسان والأرض والهوية: فهي عمارة ترتبط بالإنسان والأرض والتاريخ والوطنية، محترمة العمران المحلي المميز لكل منطقة. 2- المواءمة بين الأصالة والحداثة: تدمج الأصالة بالحداثة، لاحتواء المعاصرة دون المساس بروح المبنى وانتمائه لمحيطه. 3- استلهام إرث الملك سلمان: انبثقت من الحراك العمراني الذي قاده خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز خلال إمارته للرياض. والعمارة السلمانية ليست "توحيداً للطراز النجدي" أو حكراً على مشاريع عهد معين، بل إطار تخطيطي أوسع يشمل الاعتبارات البيئية والإنسانية. وتظهر تجسيداته في مشاريع مثل قصر الحكم ومركز الملك عبدالعزيز التاريخي وحي السفارات. وأتت الجائزة كحلقة وصل استراتيجية بين الإرث والمستقبل. فهي تكريم للرؤى والإنجازات، وأداة لتحفيز الأجيال على استكمال المسار.. وتهدف إلى: 1- توليد المعرفة: تشجيع بحوث وأفكار تطبيقية تغطي أبعاد الأنسنة الثقافية والإجرائية والجسدية. 2- تأهيل الكوادر: بناء جيل جديد من المخططين والمصممين الحساسين للبعد الإنساني والهوية المحلية. 3- تعزيز الشراكة المجتمعية: عبر مبادرات مثل ورش عمل أنسنة الأحياء، تمكّن السكان من المشاركة في صنع القرار. 4- التكامل مع الرؤية الوطنية: تتكامل مع أهداف رؤية 2030، كبرنامج جودة الحياة، كحاضنة للأفكار التي تخدم الأهداف الكبرى. تمثل الجائزة أكثر من منافسة أكاديمية؛ فهي إعلان عن نضج فكري وعملي.. هي تتويج لرحلة بدأت بتطبيق عملي في الرياض، وتعمقت ببلورة "العمارة السلمانية"، وتتجه الآن نحو المستقبل ببناء قاعدة معرفية وبشرية تحافظ على روح المدينة وهويتها في رحلتها نحو الحداثة.. بهذه الرؤية المتكاملة، تضع الجائزة أسساً لمدن سعودية تكون لبنة في صرح الوطن وموطناً للإنسان.