توقيع الكتاب في المعارض ليس مجرد حركة قلم على صفحة، بل هو لقاء بين الكاتب والقارئ، بين النص والحياة. في هذه اللحظة الصغيرة، يتجاوز الكتاب كونه ورقًا وحبرًا، ليصبح جسراً يربط بين شخص كتب النص وبين من قرأه وتأثر به. القارئ لا يلمس الكتاب فقط، بل يلمس تجربة الكاتب ويشعر بأنه جزء منها، وأن كلماته صارت حيّة في واقع ملموس. هذا الحدث يحمل في طياته تقديرًا حقيقيًا للإبداع. المؤلف الذي قضى شهورًا أو سنوات في صياغة نصه وإعداد كتابه يجد في هذه اللحظة اعترافًا مباشرًا بجهده واحتفاء به وتكريم حقيقي له. ليس مجرد تصديق على وجود الكتاب، بل اعتراف بقيمة الكتابة نفسها، وبقوة الكلمة التي صاغها. التوقيع يصبح طقسًا حسيًا واحتفاليًا، يكرس العلاقة بين الكاتب ونصه، وبين النص والقارئ الذي اختار أن يقتنيه ويقرأه، لحظة ترى فيها التقدير الحقيقي لجهدك وعملك. في المعارض، يتحول توقيع الكتاب إلى فضاء اجتماعي وثقافي، يجتمع القراء والمثقفون والكتاب في مكان واحد، تتلاقى الأفكار، وتُناقش النصوص، ويحتفى بالكتابة كفعل حيّ يتجاوز الورق إلى الحوار والمشاركة. التوقيع إذن ليس مجرد توقيع، بل رمز للتواصل الثقافي المباشر، للاحتفاء بالقراءة، وبالكاتب، ولإبراز حضور الأدب في الحياة اليومية وتفاعله معها وأثره عليها. يمكن القول إن توقيع الكتب في المعارض يعكس جوهر القضية الأدبية نفسها: العلاقة بين الكاتب والقارئ، بين الكلمة والوجود، بين الكتابة والاحتفاء بها. إنه تذكير بأن الأدب لا يكتفي بالقراءة الصامتة أو النصوص الرقمية، بل يحتاج إلى لمس، إلى لقاء، إلى حضور حيّ، إلى تفاعل وتعايش وتغذية راجعة يحس بها الكاتب ويعيش نتائجها. في النهاية، التوقيع على كتاب ليس نهاية الرحلة، بل بداية احتفال بالكلمة وباللقاء الإنساني، لحظة تُذكرنا بأن الأدب تجربة حية تتنفس، وأن كل صفحة تحمل في طياتها الحياة، والاتصال، والتقدير، والشغف الذي يجعل القراءة أكثر من مجرد كلمات مكتوبة، بل احتفاء بالوجود ذاته. ستكون تلك اللحظة خالدة في الذاكرة ومحفزة لمزيد من الإنتاج الأدبي والفكري.