قصص نساء حوّلن معرض الكتاب إلى مساحة ضوء وهوية تغدو أروقة معرض الرياض الدولي للكتاب، في كل عام، مرآةً صادقةً للتحولات الثقافية التي تشهدها المملكة، ومختبرًا مفتوحًا لطاقات الإبداع السعودي في مختلف مجالات الفكر والفن. هنا، تتقاطع الحكايات الإنسانية مع التجارب الأدبية والفنية، في مشهد يفيض بالحياة ويختصر رحلة مجتمع نحو الوعي والمعرفة. وسط الزحام، لا تبدو الكتب مجرد سلعة معروضة على الرفوف، بل نبضًا متجددًا يحمله كتّاب ومبدعون ومصممون يرسمون ملامح هوية ثقافية جديدة، توازن بين الأصالة والانفتاح، وبين الخيال والواقعية. في أحد الأجنحة التي تموج بالحركة والنقاش، تتحدث الكاتبة الدكتورة وفاء الطجل بوعي المربي ومسؤولية المثقف، مؤكدة أن أدب الطفل ليس هامشًا ترفيهيًا، بل هو ركيزة لبناء جيل قارئ يمتلك الوعي والخيال والهوية. ترى الطجل أن القصة الموجهة للطفل لا بد أن تجمع بين الجمال والرسالة، وأن تؤسس لعلاقة وجدانية مع القراءة، لا تفرض الوعظ بل تزرع القيم بخفة الفن وصدق العاطفة. في حديثها ت نكشف رؤية أعمق لأدب الطفل كأداة لتشكيل المستقبل، لا كنوع أدبي محدود. وفي جناح آخر، تتحدث الكاتبة والطبيبة فوزية المالكي عن روايتها "على مائدة المرض"، وهي شهادة أدبية طافحة بالإنسانية، كتبتها من رحم الألم ومن عمق تجربتها في مرافقة المرضى. المالكي لا تكتب عن المرض بوصفه حالة طبية، بل كرحلة روحية تكشف عن جوهر الإنسان في لحظات ضعفه وقوته، وتعيد تعريف العلاقة بين الطب والأدب، بين التشخيص والعاطفة، بين الجسد والروح. أما الكاتبة عهود القرشي، فتجسد من خلال مبادرتها "صالون الرواية الأولى" وجهًا آخر من الوعي الثقافي الذي ينمو في المشهد الأدبي السعودي. فهي لا تكتفي بقراءة الروايات الأولى للمؤلفين الجدد، بل تسعى إلى بناء بيئة حوارية نقدية تحتضن الأصوات الجديدة وتدفعها إلى التطور. في حديثها تتبدى روح المثقف الذي يرى في العمل الأدبي مشروعًا جماعيًا يتكامل فيه الإبداع والنقد. وفي الجناح الفني المضيء بألوانه الرمزية، تعرض المصممة نوف الدهام أغلفتها التي تحولت إلى لوحات فنية تروي قصص الكتب قبل أن تُقرأ كلماتها. نوف تمثل الجيل الجديد من الفنانين السعوديين الذين منحوا الكتاب روحًا بصرية جديدة، وجعلوا من الغلاف مساحة للتأمل والتعبير، لا مجرد واجهة تسويقية. تجربتها تكشف عن وعي بصري متقدم، يجمع بين التقنية والخيال والرسالة الثقافية. وفي زاوية مفعمة بالضوء والضحك، تلتقط الطفلتان لمار وآلاء حروفهما الأولى في ركن تعليمي تفاعلي، تحت أنظار والدتهما التي تشاركهما الحماس، في مشهد يلخص التحول في فلسفة المعرض. لم يعد معرض الرياض الدولي للكتاب مجرد سوق للكتب، بل أصبح مساحة للّعب والمعرفة والتجريب، ومختبرًا تربويًا وثقافيًا يربط الأجيال بالقراءة عبر التجربة الحية. هكذا يبدو المعرض اليوم: فسيفساء إنسانية تروي حكايات مختلفة تتلاقى في جوهر واحد — الإيمان بأن الثقافة ليست ترفًا، بل فعل حياة يُعاد اكتشافه في كل ركن، وعلى كل غلاف، وبين كل سطور. أدب الطفل ليس ترفًا تقول الكاتبة والرئيسة التنفيذية لمؤسسة التربويون للنشر د. وفاء الطجل في حديثها ل الرياض إن الكتابة للطفل مسؤولية مضاعفة، فهي لا تقتصر على التسلية أو تقديم قصة ممتعة، بل تتطلب وعيا بما يزرع في وجدان الطفل من قيم ورؤى للحياة. وتقول: "كتابة الطفل ليست مجرد حكاية عابرة، بل مشروع يوازن بين الخيال والجاذبية من جهة، وبين العمق التربوي من جهة أخرى. على المؤلف أن يصنع عالماً يُمتع الطفل، لكنه في الوقت نفسه يترك أثرا في سلوكه وتفكيره. إن أردنا جيلاً محبًا للقراءة ومتمسكًا بهويته، علينا أن نمنحه قصصًا تجعله يضحك ويتشوق ويحلّق بخياله، لكنه يجد فيها نموذجًا للقيم التي يحتاجها لينمو بثقة. وتضيف الطجل أن كثيرًا من قصص الأطفال العربية تظل أسيرة الوعظ المباشر أو الترفيه الخالص، في حين أن التوازن هو التحدي الأصعب. وتوضح: "حين كتبت كتابي بيني وبين أبي، كنت أبحث عن صيغة تُشعر الطفل بالدفء العاطفي والأمان العائلي من خلال حكاية بسيطة وواقعية. القصة حملت لحظات مرح وتواصل، لكنها في عمقها زرعت قيمة الحوار والمحبة بين الآباء والأبناء دون خطاب مباشر أو تلقين. أما عن احتياجات كتاب الطفل العربي ليبقى مؤثرًا في عصر التقنية، فتؤكد الطجل أن التحدي اليوم لم يعد فقط في تأليف نص جيد، بل في ابتكار تجربة قراءة متكاملة. وتقول: "الطفل اليوم يعيش وسط شاشات وألعاب رقمية سريعة الإيقاع، ولذا يجب أن نطور الكتاب ليكون أكثر حيوية. لا يعني ذلك التخلي عن الكتاب الورقي، بل دعمه بالرسومات الجاذبة، والحوارات القريبة من لغة الطفل، وربطه بمحتوى رقمي آمن يثري القصة ويمنحها امتدادًا تفاعليًا. لكن في النهاية تبقى قوة الفكرة والرسالة هي ما يصنع الأثر؛ لأن التقنية أداة، بينما القيم والخيال هما الجوهر. وتختم حديثها بالتأكيد على أن الاستثمار في أدب الطفل العربي هو استثمار في المستقبل: " إذا أردنا جيلاً مبتكرًا، واثقًا من قيمه، وقادرًا على مواجهة التحديات، فعلينا أن نقدّم له كتبًا تواكب عقله ووجدانه. فالقصة التي يقرؤها اليوم قد تشكل راراته وأحلامه غدًا. لحظات الألم تتحول لقوة في حديثها ل"الرياض" تكشف الكاتبة والطبيبة د. فوزية المالكي عن دوافعها لكتابة روايتها الأولى بجزأيها على مائدة المرض، مؤكدة أن الكتابة جاءت من رحم التجربة الإنسانية العميقة التي تعايشها عن قرب مع المرضى كطبيبة، وعن قناعتها بأن الحكاية أحيانًا تملك قدرة على الشفاء النفسي تفوق الوصف العلمي. وتقول: "لطالما كنت أرى في وجوه المرضى قصصًا غير مقروءة؛ وجع يختبئ خلف ابتسامة أو خوف يرافق الأمل. أردت أن أمنح هذه اللحظات صوتًا إنسانيًا، لا تقريرًا طبيًا جافًا. أردت أن يعرف القارئ أن وراء كل تشخيص حياة مليئة بالأحلام والقلق والحب والخوف، وأن الألم يمكن أن يصبح مساحة للتأمل واكتشاف القوة الداخلية. وعن كيفية موازنة السرد بين الجاذبية الإنسانية وغرس رسائل أعمق تقول المالكي: "تعمدت أن تكون الرواية سلسة ومشوقة حتى لا يثقلها الطرح الطبي أو الألمي، لكنها في عمقها تطرح أسئلة عن معنى الضعف والقوة، وعن علاقاتنا بأجسادنا وبمن نحب حين يطرق المرض أبوابنا. حاولت أن أجعل القارئ يعيش المشاعر كما هي: لحظات ألم حقيقي، لكن أيضًا ومضات دفء وأمل وإنسانية. أما عما يحتاجه الأدب اليوم ليبقى مؤثرًا في عصر التقنية فتوضح: الإنسان يبقى محتاجًا للحكاية مهما تقدمت التكنولوجيا، لكن على الكاتب أن يكون صادقًا ويقدّم عمقًا حقيقيًا. القارئ الحديث سريع، لكنه ذكي وحساس، ويريد نصًا يلمسه ويشبهه. التقنية قد تغيّر طريقة وصول القصة، لكن جودة الفكرة وصدق المشاعر هما ما يبقيانها حاضرة في ذاكرة القارئ. وتختتم المالكي حديثها بدعوة صانعي المحتوى الأدبي إلى عدم الخوف من طرق مواضيع إنسانية عميقة: "الكتابة عن الألم ليست سوداوية بالضرورة، بل يمكن أن تفتح بابًا للتصالح مع التجربة الإنسانية وتعيد تعريف القوة. على مائدة المرض كان بالنسبة لي محاولة لقول ذلك للقارئ: لسنا وحدنا في مواجهة الألم، ويمكن للحكاية أن تمنحنا عزاءً ومعنى. كسر عزلة الكاتب المبتدئ وسط الأروقة المزدحمة لمعرض الرياض الدولي للكتاب، تمضي الكاتبة عهود القرشي بخطى معتادة تكشف عن علاقة خاصة تربطها بهذا الحدث الثقافي. تقول وهي تتنقل بين الأجنحة المزدحمة: " أزور المعرض بشكل شبه يومي هذا العام. أشعر أنني أمام مساحة ثرية بالكتب والأفكار؛ كل جولة هنا تفتح لي أفقًا جديدًا، فأنا أتنقل بين دور النشر العربية والعالمية وأقتني عناوين متنوعة، لكن يظل شغفي الأكبر مع الروايات، خاصة تلك التي تمثل التجارب الأولى لكتّاب جدد. المعرض منظم بشكل جميل ويمنح القارئ فرصة للتواصل المباشر مع المؤلفين وحضور حوارات أدبية حية، لكن تبقى الأسعار مرتفعة ومبالغ فيها مقارنة بقدرة القارئ العادي. أتمنى أن نرى حلولًا عملية تجعل الكتاب أكثر وصولًا للجميع. هذا الشغف بمتابعة الإصدارات الجديدة، لا سيما الأعمال الأولى، انعكس في مبادرة ثقافية تقودها القرشي ضمن أنشطة النادي الأدبي ، وهي صالون الرواية الأولى. توضح القرشي دوافعها لإطلاق المبادرة قائلة: "حين بدأنا صالون الرواية الأولى في النادي الأدبي كان هدفنا أن نكسر عزلة الكاتب المبتدئ. كثير من التجارب تتوقف عند العمل الأول لغياب النقد البنّاء والدعم المعنوي. أردنا أن نصنع منصة تُقرأ فيها هذه الروايات بجدية، يُطرح حولها الحوار المفتوح، ويحصل كاتبها على تغذية راجعة من نقاد وقرّاء ومحررين. نحن لا نكتفي بالاحتفاء بالإصدار، بل نبحث عن تطويره وصقل صوت الكاتب ليواصل مشروعه السردي بثقة. يعمل الصالون وفق رؤية متكاملة لتمكين الكتّاب الجدد، إذ ينظم لقاءات نصف شهرية تناقش الروايات الأولى لكتّاب سعوديين وعرب، ويقدّم ورشًا مصغّرة حول تقنيات الكتابة السردية والبنية الروائية، ويربط أصحاب هذه الأعمال بدور النشر والمحررين والنقاد. كما يعلن خطته الثقافية بشكل دوري ليواكب الإصدارات الجديدة ويمنحها فرصة الظهور والنقاش. الغلاف فن بصري في أحد الأجنحة الفنية الهادئة داخل معرض الرياض الدولي للكتاب، تتوزع على الجدران عشرات أغلفة الكتب بتصاميم لافتة تجمع بين الرمزية والبساطة، يعلوها توقيع صغير في الزاوية السفلية باسم نوف الدهام مصممة سعودية شابة استطاعت أن تجعل من الغلاف نافذة تشد القارئ قبل أن يفتح الصفحة الأولى. تقول نوف وهي ترتّب لوحاتها بعناية: "بدأت قصتي مع التصميم من هواية طفولية. كنت أرسم أغلفة وهمية لقصص قصيرة أكتبها في دفاتري. لم أكن أدرك حينها أن هذا الشغف سيتحوّل إلى مهنة.تتابع بابتسامة فخر: "درست التصميم الجرافيكي في الجامعة، لكن دخولي مجال تصميم أغلفة الكتب جاء صدفة، حين طلبت مني إحدى صديقاتي الكاتبات أن أصمم غلافا لروايتها. بعد نشرها على وسائل التواصل لاقت تفاعلا كبيرا، ومن هناك بدأ اسمي يُتداول بين دور النشر. خلال خمسة أعوام فقط، تعاونت نوف مع أكثر من 11 دار نشر سعودية وعربية، وصممت أكثر من مئة غلاف لروايات وقصص ومجموعات شعرية. تقول: " كل غلاف بالنسبة لي حكاية. لا أبدأ التصميم قبل قراءة النص أو على الأقل فصوله الأولى. الغلاف ليس مجرد صورة، بل هو لغة صامتة تعبّر عن روح الكتاب. وعن تعاونها مع دور النشر، تقول نوف: "في البداية كان التواصل محدودا عبر البريد الإلكتروني فقط، وغالبا ما تُفرض علي أفكار جاهزة. لكن مع الوقت أصبح هناك ثقة متبادلة. اليوم، أشارك في مراحل النقاش مع الكاتب والناشر حول هوية الغلاف، بل أحيانا أُستشار في العنوان النهائي للكتاب. هذا تطور جميل يعكس احترامهم لدور المصمم كعنصر أساسي في صناعة الكتاب. وتضيف أن المعرض هذا العام يمثل لها لحظة فخر شخصية:"أن أعرض أغلفتي في جناح مستقل وسط كل هذا الحراك الثقافي يعني أن فن تصميم الغلاف بدأ يُقدّر كجزء من التجربة القرائية. الزوار يمرّون ويتحدثون عن الألوان والرموز، وهذا بحد ذاته نقاش ثقافي بصري. وعن طموحاتها القادمة، تقول نوف: "أحلم أن أرى كتبا سعودية بتصاميم محلية تصل إلى رفوف المكتبات العالمية. نملك هوية بصرية غنية تستحق أن تُرى. مساحة للكتاب الشباب وسط الزحام الهادئ لأجنحة معرض الرياض الدولي للكتاب، كانت رهف المفرج تجلس خلف طاولة التوقيع في أحد أركان دار نشر سعودية صغيرة، يعلوها لافتة تحمل اسم روايتها الأولى "ظلّ النافذة". يمر الزوار أمامها في طوابير طويلة، بعضهم يلتفت للعنوان، وآخرون يتوقفون بدافع الفضول، بينما تحاول رهف أن تخفي توترها بابتسامة خجولة، تقلب بين يديها القلم الذهبي الذي أهدته لها والدتها في صباح يوم التوقيع. رهف، ذات العشرينات الأولى، تمثل ملامح جيل أدبي جديد خرج من فضاء الإنترنت إلى دور النشر الورقية. تقول وهي تتذكر بداياتها: "بدأت الكتابة في مدونتي وأنا في المرحلة الثانوية، كنت أكتب خواطر قصيرة عن الوحدة والبحث عن الذات، ولم أتخيل أن تلك النصوص التي كانت تقرؤها صديقاتي ستتحول يومًا إلى رواية مطبوعة يقرأها الغرباء." تضيف بابتسامة يغمرها شيء من الدهشة: "عندما وقّعت أول نسخة اليوم لفتاة صغيرة لا تتجاوز الثانية عشرة من عمرها، شعرت أن الحلم أصبح ملموسًا، وأن الحبر الذي أكتب به لم يعد سريًّا." عن تجربتها في المعرض، تصف رهف المعرض بأنه "مدينة من الكتب"، وتشير إلى أن حضور الكتّاب الجدد أصبح أكثر وضوحًا هذا العام. تقول: "أشعر أن المشهد الثقافي في السعودية يتغيّر بسرعة. صار للكاتبات الشابات مساحة أوسع، هناك دعم حقيقي من دور النشر المحلية، وتشجيع من القرّاء الذين يبحثون عن أصوات جديدة تعبّر عنهم بلغتهم ووجدانهم." وتتوقف لحظة لتتأمل الأرفف الممتدة حولها، ثم تضيف بنبرة تأمل: "معرض الرياض بالنسبة لي ليس مجرد مكان لبيع الكتب، بل مساحة لقاء. هنا ترى القارئ وهو يلتقي بكاتب من جيله، وتتشكّل علاقة حقيقية بين النص وصاحبه. ورغم فرحتها الكبيرة، تعترف رهف أن الطريق لم يكن سهلاً، إذ واجهت صعوبة في إيجاد دار نشر تتبنى عملها الأول. "كثيرون قالوا لي إن الروايات الأولى لا تُباع، وإن السوق مزدحم، لكنني كنت مؤمنة بأن لكل صوتٍ مكانه. وعندما وافقت الدار على نشر روايتي بعد قراءتها الكاملة، شعرت أنني أنتمي أخيرًا إلى هذا العالم." تختم حديثها بابتسامة هادئة وهي ترفع رأسها نحو لافتة الرواية خلفها: "الكتابة بالنسبة لي محاولة لترك أثر قبل أن يزول الحبر. المعرض يذكّرني أن الأدب ليس حكرًا على الأسماء الكبيرة فقط، بل هو مساحة تتسع لكل من يملك شيئًا صادقًا يقوله. وبينما تهمّ بتوقيع نسخة جديدة لفتاة أخرى تقترب بخجل، يبدو واضحًا أن رهف لم تعد مجرد مدونة تكتب بصمت خلف الشاشة، بل كاتبة سعودية شابة تخط أول فصول حضورها الحقيقي في المشهد الثقافي السعودي. الكتب التفاعلية وسط أجواء معرض الرياض الدولي للكتاب المفعمة بالكتب والفعاليات التفاعلية، كانت الطفلتان لمار وآلاء تقفان بجانب والدتهما عند ركن تعليمي تفاعلي يدمج اللعب بالتعلّم. بانبهار طفولي، أخذت لمار تقلب المكعبات الخضراء التي تحمل الحروف الإنجليزية، تحاول تكوين كلمات بسيطة بينما تضحك بحماس حين تنجح في تركيب كلمة كاملة. إلى جانبها كانت آلاء تتبع بحذر توجيهات الأم التي كانت تحرص على أن تشاركهما اللعب وتشجّعهما على نطق الحروف والتعرّف على الكلمات. هذا المشهد البسيط يعكس التحوّل الذي يشهده معرض الكتاب في السنوات الأخيرة؛ إذ لم يعد مجرد منصات بيع للكتب، بل أصبح مساحة تفاعلية تهدف إلى غرس حب القراءة والتعلّم منذ الصغر. تقول الأم التي جاءت مع طفلتيها: «أحرص أن أعرّف بناتي على الكتب بطريقة ممتعة، فالمعارض اليوم تجعل الكتاب شيئًا حيًا يمكن اللعب به واكتشافه، لا مجرد صفحات مطبوعة». وجود لمار وآلاء أمام هذا الركن التعليمي يلخص جوهر الرؤية الجديدة لمعارض الكتب؛ الجمع بين المعرفة والترفيه، وإشراك الأسرة في رحلة القراءة. وهو ما يجعل هذه الفعاليات التفاعلية جزءًا مهمًا من صناعة الوعي القرائي، ويؤكد أن الكتاب ما زال قادرًا على منافسة الشاشات حين يُقدَّم بطريقة مبتكرة وجاذبة للأطفال. د. فوزية المالكي د.وفاء الطجل لمار والاء مع والدتهم نوف الدهام رهف المخرج عهود القرشي