حذّر الأخصائي النفسي والاجتماعي الدكتور عماد الفارسي في حديثه ل«الرياض» من تفشّي ظاهرة استجداء التفاعل في منصّات التواصل الاجتماعي، مؤكداً أن هذه الممارسات تُفقد المحتوى قيمته الحقيقية مهما بدا شكله جذاباً. وأوضح أن التسوّل للتفاعل لا يصنع مضموناً، وأن اللجوء إلى العبارات التي تحثّ الجمهور على الإعجاب أو إعادة التغريد «يُضعف الانطباع المهني ويشوّه الرسالة قبل أن تصل»، مشيراً إلى أن التفاعل الحقيقي لا يُستجدى، بل يُكتسب حين يقدّم المحتوى ما يستحق الاهتمام فعلاً. وأشار الفارسي إلى أن استعطاف الجمهور يصنع انطباعاً سلبياً لدى المتلقّي، إذ يشعر بأن الهدف هو جمع الأرقام لا تقديم قيمة، لافتاً إلى أن «من يتسوّل التفاعل يخسر قيمته قبل أن يكسب نقرة واحدة». وشدّد على أن المحتوى القوي لا يحتاج استجداء، داعياً صُنّاع المحتوى إلى التوقف عن طلب التفاعل صراحة، والالتفات بدلاً من ذلك إلى صناعة ما يدفع الجمهور للتفاعل بصدق ومن تلقاء نفسه. وأضاف الفارسي أن دراسات حديثة – منها دراسة لجامعة ستانفورد عام 2023 – أظهرت أن 68% من مستخدمي وسائل التواصل يشعرون بالقلق أو انخفاض المزاج عند ضعف التفاعل، ما يعكس الجانب النفسي لهذه الظاهرة. كما بيّنت دراسة لجامعة أكسفورد (2022) أن من يطلبون التفاعل بشكل مباشر تقل ثقة الجمهور بمحتواهم بنسبة 34%. وأوضح أن هذا السلوك يرتبط بما يُعرف في علم النفس ب«التحفيز الاجتماعي الفوري»، إذ يفرز الدماغ مادة الدوبامين عند تلقي الإعجابات، ما يخلق حالة تشبه «الإدمان الرقمي» تدفع الفرد لتكرار السلوك ذاته سعياً للشعور بالمكافأة. وختم الفارسي بالتأكيد على أن القيمة الحقيقية للمحتوى تُبنى بالمعرفة والرسالة والتأثير، لا بالاستعطاف، وأن الجمهور ينجذب تلقائياً نحو ما يُلهمه ويضيف إليه، لا نحو ما يُطلب منه الوقوف عنده.