منذ توحيد بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية على يد مؤسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- كان حجر أساسها التنمية وتحسين جودة الحياة، كانت البلاد تعيش الحياة البسيطة فانطلق الملك عبدالعزيز برؤية استراتيجية ثاقبة، كيف تصل المملكة في مصاف الدول المتقدمة وتكون مرجعاً للتقدّم في جميع مجالات الحياة، كان العالم يعيش الحروب والهيمنة والاستعمار، وكان هدف الملك عبدالعزيز حماية الحدود والوطن وأن يعيش المواطن والمقيم والزائر بسلام، فقد وضع له قادة الدول الاعتبار بما يتمتع من حنكة ودهاء، ومع تقدم تلك الدولة المباركة انطلقت التشريعات الأساسية والقوانين التي تساعد على النمو في القطاعات الأساسية الحكومية والخاصة وغير الربحية، وكانت لكل واحد منها تأثيره، والقطاع غير الربحي كان ركيزة أساسية فانطلقت منه المؤسسات والجمعيات الأهلية الأساسية التي تهدف إلى رعاية المحتاجين وتمكين المواطنين وتنوعت الأنشطة ما بين رعاية وتمكين، وفي كل عقد من الزمن كانت تلك الجمعيات تنمو وتزدهر بمباركة وقيادة من أبناء الملك عبدالعزيز، ففي كل عقد من الزمن تزداد الجمعيات عددًا وتأثيرًا، وكانت تُؤسّس بحسب الحاجة المجتمعية، ومع ازديادها صدرت اللوائح التنظيمية والتشريعية في إدارة الجمعيات وجمع التبرعات، كانت بداية الجمعيات يقودها الأمراء والوجهاء في بلادنا المباركة، ومنهم الملك سلمان بن عبدالعزيز كان رئيساً فخرياً لعدد من الجمعيات الأهلية ذات الأثر المستدام عندما كان أميراً للرياض حتى ازدهرت تلك الجمعيات وقدمت العطاءات الإنسانية والممكنات الحياتية للمواطن والزائر والمقيم، والجميع كان ينطلق من التعاليم الإسلامية التي حثت على إطعام الطعام وقضاء حوائج الضعفاء وتلمس احتياجات الأرملة والمسكين واليتيم وتمكين العاجز وغيرها من الحاجات الإنسانية، فمنذ بزوغ فجر الإسلام والموسرون يقضون حوائج الضعفاء والمساكين، ودولتنا المباركة قد جعلت ذلك نصب أعينها فهدفها تحسين جودة الحياة، ومع تتابع تلك المسيرة الخيرية في بلادنا جاءت الرؤية الوطنية المباركة 2030 بقيادة عرابها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وكانت ركائزها وطن طموح واقتصاد مزدهر ومجتمع حيوي، وكان من أهداف الرؤية التكامل بين القطاعات الثلاثة، ووضعت المستهدفات لكل قطاع، والأمير يعلم أن لكل قطاع أثر في التنمية، وقد استهدف تمكين القطاع غير الربحي لتحقيق أثر أعمق، ومع انطلاق تلك الرؤية المباركة توسّعت الجمعيات فقد تجاوزت 5000 جمعية حتى اليوم بأنشطة مختلفة ومتنوعة ما بين الصحة والتعليم والإسكان والبيئة والثقافة والابتكار وخدمة ضيوف الرحمن والإعلام والنقل وغيرها ذات الأولوية المجتمعية، وفي الخط الموازي للنمو صدرت اللوائح التنظيمية والتشريعات لقيادة القطاع غير الربحي من المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، كما حُدّثت اللوائح التنظيمية من التأسيس والإشراف وجمع التبرعات والحوكمة وغيرها، وهذا المركز يقود العمل غير الربحي الاجتماعي من جمعيات ومؤسسات أهلية وصناديق عائلية، ومن اللوائح التي صدرت حوكمة القطاع غير الربحي كما هو في القطاع الحكومي والخاص وهي توفير الأنظمة والآليات والوثائق التي تضبط العلاقة بين أصحاب العلاقة في الجمعيات الأهلية لأجل اتخاذ قرارات تشاركية تخدم المصالح العليا للجمعيات عبر العدالة والمسؤولية والشفافية والمساءلة، ومعاييرها الالتزام والامتثال (يقيس مدى امتثال والتزام الجمعيات الأهلية بالأنظمة واللوائح والضوابط السارية والمنظّمة لأعمالها) عبر 133 سؤالاً، معيار الشفافية والإفصاح (يقيس مدى استعداد الجمعيات الأهلية لنشر المعلومات عن أسباب وجودها وعن أنشطتها المنفذة وبَياناتها المالية واستعدادها لشرح عملياته لأصحاب العلاقة والجمهور) عبر 51 سؤالاً، معيار السلامة المالية (يقيس مدى أداء الجمعيات الأهلية في تقييم الكفاءة والقدرة والاستدامة المالية وكذا تنظيمها المالي) عبر 25 سؤالاً، وبمراقبة المركز الوطني لتلك المعايير أصبح التقييم سنويًا، وهذه المعايير زادت من حوكمة العمل في القطاع غير الربحي، وبالمقارنة العالمية قد لا تجد تلك الحوكمة في البلدان المتقدمة، وتلك الحوكمة ساهمت في تنظيم العمل الإداري الداخلي والمراقبة المالية، فكل ما يخص المؤسسة والجمعية يتم نشره في المنصات الرسمية وبشفافية عالية، وللمزيد من التمكين للجمعيات الأهلية لتحقيق أثر أعمق جاء التأسيس لمنصات التبرعات الرسمية مثل إحسان وشفاء وتبرع ووقفي وجود الإسكان، وهي حلقة وصل ورقابة لتنفيذ المشاريع بين المتبرعين والجمعيات الأهلية وذلك لمزيد من الحوكمة المالية والتمكين، وهذه المنصات تكاد أن تكون فريدة بأنموذج عملها عالميًا، ومع ذلك التيسير زاد عطاء الجمعيات مابين الرعاية والتمكين، وأصبح التنافس بين الجمعيات في تحقيق الأثر المتعمق ورأينا نماذج جمعيات مشرفة داخل وخارج الوطن فقد ساهمت في قضاء الحوائج الرعوية الأساسية وفي التمكين من تعليم وتأهيل وتدريب وتوظيف، فهذه الجمعيات يعمل بها أبناء وبنات الوطن ويقدمون الخدمات الإنسانية بحب وتفانٍ، ونظرًا للنضوج والحوكمة في الجمعيات الأهلية تم تأهيلها للعمل الإنساني الدولي بإشراف مركز الملك سلمان للإغاثة وعملت الجمعيات دوليًا وقدمت عملاً منظماً ومشرفًا للوطن.