يعيش فريق الفتح السعودي هذا الموسم حالة غريبة من التناقض؛ أداء قوي ومقنع داخل المستطيل الأخضر، يقابله نتائج لا تعكس حجم ما يقدمه الفريق من جهد ومستوى. مشهد يتكرر أسبوعًا بعد آخر، ليترك جماهير النموذجي في حيرةٍ بين الإعجاب بما يرونه من كرة جميلة، والقلق من غياب الحصاد الحقيقي. من يشاهد مباريات الفتح يلحظ مدى الانضباط التكتيكي والتنوع الهجومي الذي يقدمه الفريق، بقيادة جهاز فني يعرف كيف يجهّز لاعبيه لكل خصم. الفريق يصنع الفرص، يسيطر في فترات طويلة من المباريات، ويجبر المنافسين على التراجع. لكن ما إن تصل المباراة إلى لحظات الحسم، حتى يضيع الفوز بأخطاء فردية أو سوء تركيز أمام المرمى. الفتح من أكثر الفرق التي تُهدر فرصًا محققة، وهو ما جعله يفقد نقاطًا ثمينة كانت كفيلة بوضعه في مراكز متقدمة. هذا الضعف في اللمسة الأخيرة، رغم جودة الأداء، جعل من الفتح فريقًا "يخيف" منافسيه بالأداء، لكنه "يُربك" جماهيره بالنتائج. ما يُحسب للفريق هو الروح القتالية التي لا تغيب، حتى في أصعب اللحظات. اللاعبون يقاتلون حتى الدقيقة الأخيرة، لكن كرة القدم لا تعترف فقط بالمجهود، بل بالفعالية والذكاء في التعامل مع تفاصيل المباراة. ومن هنا تأتي حاجة الفتح إلى "نضجٍ ذهني" يُترجم الأداء إلى فوز. جماهير الفتح تُدرك أن فريقها يلعب كرة ممتعة، لكنها لم تعد تكتفي بالمديح. فالمستوى الجميل دون نتائج أصبح عبئًا نفسيًا على اللاعبين والجماهير معًا، فالمتعة لا تُغني عن النقاط، والنتائج وحدها هي التي تصنع الحضور والمكانة. الفتح يملك الأدوات، لكن ما ينقصه هو التركيز في التفاصيل الصغيرة: إدارة المباراة، إنهاء الهجمات، وتجنّب الأخطاء في الدقائق الحاسمة. وإذا استطاع تصحيح هذه الجوانب، فسيكون الفريق من أبرز مفاجآت الموسم، لأنه يمتلك مقومات النجاح الفني الحقيقية. ختاماً: الفتح اليوم فريق يُخيف بأسلوبه وأدائه، لكنه يحتاج إلى اللمسة الأخيرة التي تُترجم الجمال إلى نتائج. فالمستوى وحده لا يصنع المجد، والنقاط هي من تكتب التاريخ، وإذا واصل الفريق على هذا النسق مع تحسين الحسم، فقد نرى الفتح يعود ليكون "النموذجي" فعلًا... أداءً ونتيجةً. حسين العبدالسلام