الحياة المنضبطة والنشطة مهمة للصغار والكبار، وتعد من أهم أسباب الصحة البدنية والعقلية، وتوفر الكثير من الأموال والجهود التي تصرف على الرعاية الصحية لكبير السن، والتي تضع أعباء إضافية على الأسرة والنظام الصحي بشكل عام.. علينا أن نركز على الصغار من أجل حياة أسعد حين يصبحون كبارًا.. وأن نهيّئ الظروف المناسبة لكبار السن حتى ينالوا حقوقهم ويساعدوا أنفسهم.. سألوا حكيما صينيا: متى أفضل وقت لزراعة شجرة؟ أجاب: قبل عشرين عاما، وماذا عمن فاته ذلك الوقت؟ أجاب: ليزرعها اليوم. تذكرت هذه الحكمة وأنا أدير حلقة نقاش عن كبار السنّ وحقوقهم في هيئة حقوق الإنسان، بمناسبة اليوم العالمي لكبار السن، والذي حددته الأممالمتحدة في 8 أكتوبر، وترتكز رؤية المنظمة هذا العام على خمسة مبادئ هي: الاستقلالية لكبار السن، ومشاركتهم في المجتمع لما لهم من خبرات وتجارب، وتحقيق الذات ليشعر كبير السن أنه لا يزال يعطي وليس عالة على أسرته والمجتمع، وأهمية رعايتهم ومنحهم الوصول الشامل لكل المرافق داخل بيوتهم وخارجها، كما هو لدى ذوي الإعاقة أيضا، وحفظ كرامتهم، والتأكد أن حقوقهم تصلهم في أي مكان يتواجدون فيه دون استجداء أو تعب. مرحلة الشيخوخة محطة إلزامية يمر بها كل من أمد الله بعمره، لكنها تختلف من شخص لآخر، فالبعض يعاني خلالها من الأمراض المصاحبة لتلك المرحلة، بينما استطاع آخرون أن يجعلوا من تقدم السنّ فرصة للمزيد من النشاط والعطاء والمشاركة والتمتع بالحرية واتخاذ القرارات المناسبة، وهذا يتطلب أمورا كثيرة من أهمها: أولاً: الانضباط والتخطيط بعيد المدى هما سرّ النجاح في كل أمور الحياة، وهما الطريق إلى حياة صحية مديدة بإذن الله، من لديه قوة عزيمة وإرادة وبعد نظر سيتجنب في شبابه المتع المؤقتة المضرة، ويستبدل بها عادات مفيدة، عادات صحية تستمر معه في كل مراحل حياته، الانضباط يعني أن يتناول الشاب الغذاء الصحي وعدم السهر، وتجنب أسوأ العادات المضرة كالتدخين والمسكرات والمخدرات، والمنضبط يعرف كيف يستثمر وقته للمزيد من النجاح والصحة والقوة لتعود عليه فيما بعد بسنين مديدة من النشاط والعطاء والحرية، وهذا يعني أنه ليكون لدينا كبار سن أصحاء في العقل والبدن في المستقبل، علينا أن نركز على فئة الشباب في المدارس والجامعات ليضعوا رؤية بعيدة لما يجب أن يكونوا عليه في الستينات من أعمارهم وما بعدها. ثانياً: تصحيح المفاهيم من أهم وسائل إقناع الناس بأهمية الأخذ بالأسباب المؤدية لعمر صحي مديد، والعمر عمران، عمر يبدأ من الولادة حتى الوفاة، وعمر بيولوجي يقاس بمدى تمتع الكبير بالصحة والنشاط، لكن سوء فهم التوكل والقضاء والقدر يجعل الشخص يتواكل ولا يأخذ بالأسباب، مع أن وسائل إطالة العمر كثيرة، وتختلف من شخص لآخر، ومن مجتمع إلى آخر، وقد أمرنا الله تعالى أن نأخذ بالأسباب، وتوخي الحذر، وإلا أصبح التوكل تواكلاً مذموماً يقود للكسل والعادات المضرة، والعمر الصحي أو البيولوجي هو ما يجب أن نحرص عليه، ونمارس كل ما يسهم في إطالته حتى يقترب من العمر الحقيقي. ثالثاً: كبار السن في كل دول العالم المتقدم لهم حقوق بعد سنّ معينة تبدأ من الخامسة والستين، تُمنح لهم بطاقات تمكنهم من الحصول على الخدمات والخصومات الممنوحة لهم في المرافق العامة، كالمستشفيات ووسائل النقل والمحلات التجارية، وهذا يتطلب تحديث الأنظمة واللوائح التي تكفل لهم ذلك، وتعميمها على المناطق والمحافظات، وبخاصة التي لا يوجد فيها مكاتب لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية. وأن تتولى المحافظة وبالتعاون مع البلديات والجمعيات الخيرية تنفيذ ذلك. رابعاً: وجود أماكن مهيأة يجتمع فيها كبار السن أمر مهم. أماكن تتوافر بها وسائل الترفيه، وممارسة الرياضة المناسبة لهم كمضمار المشي والسباحة وتقوية العضلات، وأن تكون نماذج مصغرة لمركز الملك سلمان الاجتماعي في الرياض. ومن الممكن اختياره داخل الأندية الرياضية التابعة لوزارة الرياضة، التي أقامتها هيئة الرياضة سابقاً، والتي يقتصر استخداهما في الوقت الحاضر على الشباب، وعلى كرة القدم بوجه خاص. يقول المثل: "من تعب في صغره ارتاح في كبره"، كما يمكن أن نقول: "من انضبط في صغره امتلك الحرية في كبره"، الحياة المنضبطة والنشطة مهمة لصغار السن وكبارها، وتعد من أهم أسباب الصحة البدنية والعقلية، وتوفير الكثير من الأموال والجهود التي تصرف على الرعاية الصحية لكبير السن، والتي تضع أعباء إضافية على الأسرة والنظام الصحي بشكل عام، علينا أن نركز على الصغار من أجل حياة أسعد حين يصبحون كباراً.. وأن نهيئ الظروف المناسبة لكبار السن حتى ينالوا حقوقهم ويساعدوا أنفسهم.