لا يوجد سبب يمنع أن ينطلق ‹تيك توك› أو ‹كلاود فلير› القادم من الرياض

في مقابلة حصرية مع «صحيفة الرياض»، صرح «ماثيو برينس»، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة «كلاود فلير» (Cloudflare)، أن تقدم المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة سار جنباً إلى جنب مع تزايد أهمية الإنترنت. وقال برينس ل»الرياض»: «يحق لكل سعودي أن يفتخر بالنهضة التنموية الشاملة التي شهدتها المملكة خلال الخمسة عشر عامًا الماضية، وهي الفترة الذهبية نفسها التي صعدت خلالها «كلاود فلير» لتصبح رائدة في تقديم أحدث التقنيات عالميًا».
وأوضح أن «كلاود فلير» وسعت وجودها لتلبية الطلب المتزايد في المملكة. وقال: «لقد شاهدنا استمرار نمو استخدام الإنترنت في جميع أنحاء المملكة جنباً إلى جنب مع حالات الاستخدام التجارية، وكجزء من ذلك، تحتاج «كلاود فلير» إلى وجودها في كل مكان يوجد فيه الإنترنت كجزء رئيسي من البنية التحتية». وأشار إلى أن الشركة تمتلك حالياً ثمانية مراكز بيانات مختلفة في المملكة وتواصل تقديم جميع الخدمات التي يمكن أن توفرها عبر هذه المراكز. وأعرب عن فخره بحقيقة أن هناك وزارات حكومية سعودية وشركات كبيرة تستخدم جميعها «كلاود فلير» لتصبح أكثر أمناً وخصوصية وموثوقية وقادرة على أداء أعمالها عبر الانترنت بأعلى مستوى ممكن.
دروس من أحد أكبر «هجمات الحرمان من الخدمات» (DDoS) في العالم
استذكر «برينس» كيف أوقفت «كلاود فلير» واحدة من أكبر «الهجمات الموزعة للحرمان» الموزعة (DDoS) التي تم تسجيلها على الإطلاق هذا العام. وشرح قائلاً: «لنوضح للقراء الذين قد لا يكونون على دراية بهجمات DDoS، هي نوع من الهجمات يقوم فيها المجرم الإلكتروني بإرسال عدد هائل وموزع من الطلبات لشيء ما على الانترنت بحيث لا يستطيع أي شخص آخر الوصول إليه، إن الأمر يشبه إلى حد ما إحداث أختناق مروري». وتابع: «حجم هذا الهجوم لا يمكن تصوره تقريباً. سيكون الأمر كما لو أن كل إنسان على وجه الأرض يضغط على زر التحديث في متصفحه مرتين في الثانية، وهذا هو مقدار حركة المرور التي كانت تستهدف بالفعل».
واكد أن دور «كلاود فلير» هو الحماية من مثل هذه التهديدات. وقال: «نحن فخورون بحقيقة أننا قمنا ببناء الأدوات للتأكد من أنه يمكن حماية أي شخص متصل بالإنترنت من هذا النوع من الهجمات، وأننا الشبكة الوحيدة القادرة على الصمود في وجه هجمات بهذا الحجم. ونواصل الاستثمار في شبكتنا، لأنه وللأسف، نعتقد أن هذه الهجمات ستزداد حجمًا في المستقبل».
بناء دروع حماية للذكاء الاصطناعي
كما سلط برينس الضوء على صعود الذكاء الاصطناعي. وقال إن الذكاء الاصطناعي أمر بالغ الأهمية وسيحول العديد من الصناعات المختلفة، لكن الصعب أننا لا نعرف تماماً كيف؟ وتوقع أن 99 دولاراً من كل 100 دولار تنفق اليوم على الذكاء الاصطناعي تحترق ببساطة، لكن الدولار الواحد قد يتحول الى الفكرة الثورية التالية.
وأوضح ان التركيز في «كلاود فلير» ينصب على توفير البنية التحتية للتجربة وضمان الاستخدام الامن. وقال إنهم يتاكدون من أن الناس لديهم الأدوات التي يحتاجونها لاستكشاف الذكاء الاصطناعي بأكبر قدر ممكن من الكفاءة والتكاليف المنخفضة، وفي نفس الوقت يبنون دروع الحماية لضمان أن يستخدم الناس هذه الأدوات بطريقة آمنة ومسؤولة.
التوسع المستمر في المنطقة
حول أولويات «كلاود فلير» في الشرق الأوسط، قال «برينس»: «نريد الذهاب إلى كل مكان يمكننا فيه خدمة عملائنا وعملاء عملائنا، ونريد أن نكون أقرب ما يمكن من مراكز التجمع السكاني هذه، سواءً لتقديم أفضل أداء ممكن وأيضاً لضمان قدرتنا على مواصلة تقديم خدماتنا بطريقة ميسورة التكلفة - نعم لأكبر الشركات والمنظمات العامة في العالم، ولكن أيضاً وصولاً إلى المطورين الأفراد والشركات الصغيرة التي غالباً ما تتعرض لضعف الخدمة في هذا المجال. ولذا أعتقد أننا سنواصل الاستثمار في المملكة العربية السعودية وفي منطقة الشرق الأوسط الأوسع، حيث نشهد المزيد والمزيد من الطلب على خدماتنا».
نصيحة للشركات الناشئة السعودية
أشاد «برينس» باستثمار المملكة في المواهب والتعليم. وقال إن المملكة قامت باستثمارات مهمة واستراتيجية للغاية في الطلاب، لمساعدتهم على فهم أهمية مجالات مثل الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي.
ومستذكراً رحلة «كلاود فلير» نفسها، قال: «عندما بدأنا «كلاود فلير» لأول مرة، اعتقدنا أن عملاءنا الأوائل سيكونون من منطقة الخليج القريبة من سان فرانسيسكو، حيث بدأنا. بينما اتضح أن عملاءنا الأوائل، في الواقع، الكثير منهم كانوا قادمين من دول جنوب الصحراء الأفريقية وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط، الأماكن التي كانت بحاجة حقاً إلى الحصول على خدمات إنترنت أسرع وأفضل».
وكانت رسالته لرواد الأعمال السعوديين واضحة: بناء شركة صغيرة صعب بقدر بناء شركة كبيرة، لذا اذا أتيح لك الاختيار فاختر القدرة على بناء تلك الشركة متعددة الجنسيات الكبيرة القادمة. ويمكنك فعل ذلك حقاً باستخدام الأدوات المتاحة لدينا اليوم، من أي مكان في العالم. لذا فقط تأكد من انك تضع نصب عينيك شيئا يمكن أن يكون مهما، ليس فقط هنا في المملكة، ليس فقط في هذه المنطقة بأكملها، ولكن في جميع انحاء العالم بأكمله. ولا يوجد سبب يمنع أن ينبثق «التيك توك» أو» كلاود فلير» القادمان من الرياض.
الاستعداد لتحديات أمنية جديدة
تناول «برينس» أيضاً المخاوف المتعلقة بتقنية خداع «التشفير ما بعد الكم» (Post-quantum cryptography) والذكاء الاصطناعي. وقال إنه اذا كان لديك هاتف ايفون او اندرويد جديد اليوم، وتتصل بموقع موجود على «كلاود فلير»، او كنت تستخدم اي من خدماتهم، فانت محمي في الواقع، حتى لو اعلن شخص ما عن جهاز كمبيوتر ما بعد الكم غدا.
ولكن مع الذكاء الاصطناعي، حذر من أن إشارات الثقة التقليدية تضعف. وقال إن مجرد أن يتصل بك شخص ما ويبدو صوته مثل صوت ابنتك، أو مجرد وجود شخص يجري مكالمة فيديو تبدو مثل المصرفي الخاص بك لا يعني أن هؤلاء حقيقيون. وأضاف أنه سيتعين علينا أن نثق بآذاننا وأعيننا بشكل أقل، وسيتعين علينا في الواقع الاعتماد على أنظمة يمكن التحقق منها بشكل اكبر.
NET Dollar : دعم نموذج عمل جديد للإنترنت المدعوم بالذكاء الاصطناعي
اختتم «برينس» بالحديث عن إطلاق «كلاود فلير» ل NET Dollar، وهي عملة مستقرة جديدة تهدف إلى دعم المعاملات الصغيرة عبر الإنترنت. وشرح قائلاً: «العملة المستقرة هي عملة رقمية من المفترض أن تظل مستقرة بشكل لا يصدق بمرور الوقت، والغرض منها هو تسهيل المعاملات الموثوقة بشكل أكبر باستخدام نظام أقل تكلفة من بعض الأنظمة المالية التقليدية».
وأعطى مثالاً على كيف يمكن للوكالات الذكية الاصطناعية ان تدفع الطلب على مثل هذه المدفوعات. وقال إنه إذا كان شخص ما يقرأ نشرتك الإخبارية وكلف وكيله الذكي بقراءة كل الأخبار العربية ثم تلخيصها له، فيجب أن تحصل على تعويض مقابل ذلك. وأضاف أنه من غير المرجح أن يدفع الناس اشتراكاً كاملاً لكل من هذه الخدمات الإخبارية، ولكن إذا أمكن لهذا الوكيل أن يدفع مبلغاً صغيراً جداً في الاف المعاملات، فقد يكون ذلك أفضل للمستخدم، وقد يكون في الواقع أفضل للصحفي.
وقال «برينس» إن مهمة «كلاود فلير» تظل ثابتة. «نحن فقط نريد جعل الإنترنت أفضل. يجب أن يكون للإنترنت أفضل أنواع البنية التحتية للدفع، وإذا كان هناك شخص آخر يوفر تلك البنية التحتية للدفع، فهذا جيد. لكننا أردنا التأكد من أن شركة واحدة على الأقل تركز على بناء بنية تحتية للمدفوعات للوكلاء عبر الإنترنت، لأننا نرى بالفعل أن هذا سيكون جزءاً كبيراً من المستقبل».